في زمن مضي قضي بعض الحرامية والمهووسين والذين بداخلهم عقد(جمع عقدة)،على حديقة الحيوانات بالخرطوم،التي لم تكن فقط معلماً سياحياً،بل واحدة من مصادر الدخل القومي،وقام فوق مكانها برج القذافي،ولم نر بالأعين المجردة أي قرش دفع للموازنة العامة تحت مسمى ثمن أرض الحديقة،ولكن البرج ناطح السحاب بأموال الشعب الليبي المنهوبة آنذاك. نظرت كما نظر غيري لمساهمة برج القذافي(وهو الإسم الأصلي)في الموازنة العامة فلم أجد أثراً،وفي ضرائب الأعمال فلم أصادف رقماً،وفي الناتج القومي الإجمالي كان الحاصل(صفر)،ومع ذلك تعقد الندوات والورش الحكومية في دهاليزه بالأموال الطائلة،وينزل ضيوف الحكومة فيه ويأكلون ويشربون من المال العام،وهو مال منتزع من المواطنين الفقراء تحت تهديد السلاح. وفي زمن الطفيلية الفاسدة،تحول فندق السودان الحكومي فجأة لمقر شركة بترولية صينية،والفندق الكبير الحكومي صار ملكاً لشركة آسيوية،وانهدت مباني وزارات حكومية على النيل لتتحول لشقق فندقية،وما خفي أعظم. وسينما النيل الأزرق تحولت لثكنة عسكرية،لاعتبارات يفهمها السدنة والتنابلة،وشرق السينما وعلى النيل نهضت على أراضي حكومية شركة بتروناس الماليزية،وفي كل حين لا يقول الحرامية،كم من العمولات قبضوا،وكيف تتحول الأراضي والمباني الحكومية إلي الجهات الخاصة في غمضة عين. وعلى جروف النيل الأزرق أيضاً صودرت المزارع من ملاكها لبناء الشقق الرئاسية،والتي تحولت ملكيتها لاحقاً لشركة قطرية،ثم السفارة الأمريكية،وعلى مساحة كبيرة أيضاً يجري بناء النادي المملوك لجهاز الامن. وقال كبير السدنة من قبل أنه ليست هنالك أية منشأة مقدسة،أمام بلدوزر مخطط الخرطوم الهيكلي،الذي يريد تحويل شارع النيل لفنادق ومطاعم وشاليهات وربما(كباريهات)من أجل ان تنعم الطفيلية الفاسدة بالهواء العليل،والطعام الفاخر،شاء اهل الخرطوم الفقراء أم أبوا. في هذا السياق نوقشت مسالة (مسح)جامعة الخرطوم من الوجود،وتطفيش الطلبة،وهدم المكتبة والمعامل،فالمصالح الطبقية أهم من التعليم،والحديث عن الوطنية او التاريخ لا مكان له من الإعراب لدي أتباع(حسن البنا)،ودوننا مدارس حنتوب وخورطقت ووادي سيدنا التي مسحت من الخارطة التعليمية. ولأن الأرض بالخرطوم هي مستودع الثروة،فإن مكان دار الوثائق على شارع الجمهورية،يتحول الآن لبرج يتبع لشركة خاصة،وهدمت مستشفي الخرطوم للإستيلاء على الأرض،وفي كل مرة،يطرد الفقراء بحجة سكنهم العشوائي،وتقوم على مكانهم أبراج فاخرة،يسكنها الأغنياء،أو تؤجر لجهات حكومية،بأسعار عالية.. وفي غمرة النهب المتواصل،لا يهم تحطيم هذه المؤسسات،طالما كانت الأرض التي تحتها تضاعف ثروات وأرباح الحرامية. يستمر الفساد على هذا النحو،لأن القوانين مفصلة على مقاس الحرامية،ولأن المثل السوداني(حاميها حراميها)يستمر في بلادنا إلي حين إشعار آخر. عندما تحكم البلدان(العصابات)فإنها تمسح الجامعات،خاصة إذا كانت مهد الثورات والإنتفاضات. [email protected]