ميسي يسجل هاتريك ويتوج ب"الحذاء الذهبي"    جواز السفر لم يعد حلما.. أميركيون يتخلون عن جنسيتهم    الطاهر ساتي يكتب: من يرُيد سلاماً..!!    السودان..انتحار موظف أجنبي وفرض سيّاج من السرية حول الحادثة    مسؤول مصري يكشف عن تحرّكات لإيقاف حرب السودان    التوقف الدولي وغرف الإنعاش    أخطَاء دُيوف هَل تَحدث في السِّر؟    المسابقات تعاقب التحرير وتعتبره خاسراً أمام النيل وتوقف لاعبه لمدة عام    شاهد بالصور والفيديو.. بعد توقف دام لأكثر من عامين.. مطار الخرطوم يعود رسمياً للعمل ويستقبل أول طائرات ركاب    شاهد بالفيديو.. عرسان الموسم "أحمد ولينا" يتشاركان الرقص على أنغام فنانة "دلوكة"    شاهد بالفيديو.. عرسان الموسم "أحمد ولينا" يتشاركان الرقص على أنغام فنانة "دلوكة"    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    شاهد بالفيديو.. بعد ظهورهما في الحفل الضجة.. الفنانة ندى القلعة تتحدث عن الفنان محمد بشير: (حمودي دا ولدي والله) والأخير يرد: (في احترام الكبير وفي أصول) وساخرون: (شريف الفحيل ما بنوم الليلة)    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    شاهد بالفيديو.. بعد ظهورهما في الحفل الضجة.. الفنانة ندى القلعة تتحدث عن الفنان محمد بشير: (حمودي دا ولدي والله) والأخير يرد: (في احترام الكبير وفي أصول) وساخرون: (شريف الفحيل ما بنوم الليلة)    المريخ والهلال يطلبان المشاركة في الدوري الرواندي    الإمارات: إصدار وثيقة العودة في حال فقدان جواز السفر لحاملي الإقامة الذهبية مجاناً وخلال 30 دقيقة فقط    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    رحيل ليونيل ميسي فجّر أزمة "ركلات حرة" في برشلونة    فينيسيوس يقتحم قائمة الأغنياء خلف رونالدو وميسي    يامال وراء تراجع برشلونة عن ضم جوهرة البرازيل.. واللاعب يرد عمليا    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    وزارة الثقافة والإعلام والسياحة توضح أسباب غياب بيانات الناطق الرسمي    الوجه المظلم للأدوات الرقمية في العمل    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    القبض على الفنانة عشة الجبل    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    ولاية الجزيرة تُصدر قرارًا بإيقاف التعاملات النقدية وتفعيل التحصيل والسداد الإلكتروني    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    محل اتهام!!    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    السودان يدعو العرب لدعم إعادة تعافي القطاع الزراعي في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بالقاهرة    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)    قوات الطوف المشترك شرق النيل تدك اوكار الجريمة بدائرة الإختصاص وتوقف (56) أجنبي وعدد من المتهمين    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    احبط تهريب أخطر شحنة مخدرات    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



19 يُوليو: فُتُوقٌ بِانْتِظَارِ الرَّتْق!
نشر في حريات يوم 20 - 07 - 2016

تلزم الإشارة، بمناسبة الذِّكرى الخامسة والأربعين لحركة 19 يوليو بقيادة الرَّائد هاشم العطا عام 1971م، إلى أن كتباً كثيرة، دَعْ ما لا حصر له من المقالات، قد صدرت، حتَّى الآن، في توثيق وتحليل مقدِّماتها، ووقائعها، وتبعاتها. من أشهر تلك الكتب، بل ربَّما أهمُّها (الحزب الشِّيوعي والمؤامرة الفاشلة في 19 يوليو) بقلم العريف (م) عثمان الكودة، و(19 يوليو: إضاءات ووثائق) بقلم د. عبد الماجد بوب، و(شهادتي للتَّاريخ: أحداث الجَّزير أبا 1970م وحركة 19 يوليو 1971م) بقلم الرَّائد (م) عبد الله إبراهيم الصَّافي، و(حركة 19 يوليو 1971م: التَّحضير التَّنفيذ الهزيمة) بقلم الرَّائد (م) عبد العظيم عوض سرور، و(انقلاب 19 يوليو 1971م: من يوميَّة التَّحرِّي إلى رحاب التَّاريخ) بقلم د. عبد الله علي إبراهيم، و(عنف البادية: وقائع الأيَّام الأخيرة في حياة عبد الخالق محجوب) بقلم د. حسن الجزولي، فضلاً عن الكتاب واسع الرَّواج الذي وضعه اللبناني فؤاد مطر بعنوان (الحزب الشِّيوعي السُّوداني: نحروه أم انتحر)، والذي افترعه بمضاهاة انقلاب الضُّبَّاط الشِّيوعيين والدِّيموقراطيين في السُّودان عام 1971م مع انقلاب الضُّبَّاط السُّوريين القوميين الاجتماعيين في لبنان عام 1962م.
ومع أن بعض واضعي هذه المؤلفات أنفسهم من قادة الحركة، ورغم كلِّ ما بُذل فيها، وفي التَّحقيقات حولها، من جهد، والقيمة العالية للكثير من جوانب هذه المؤلفات، واتِّفاقها الذي لا تخطئه العين على رصد وتمجيد تفاصيل البسالة والبطولات التي أبداها الشُّهداء، مدنيين وعسكريين، إلا أنها لم تخلُ، أيضاً، من ثقوب تثير الاستغراب في ثوب الرِّواية والتَّحليل، وإن بدرجات متفاوتة، مِمَّا كان متصوَّراً تلافيه بحكم فروق الوقت، وأزمنة التَّأليف، واختلاف تواريخ الإصدار. وفي ما يلي نبرز من بين هذه الثُّقوب، على سبيل المثال، خمسة أساسيَّات:
(1) عدم الاستقرار على وضوح تام بشأن موقف الحركة من الدِّيموقراطيَّة الليبراليَّة، في معنى الحريَّات العامَّة والحقوق الأساسيَّة، وما إن كان ذلك هو موقف عسكرييها، أم موقف الحزب السِّياسي الذي آزرها؛ فهي، على الأقل، ورغم اشتمال خطابها على التَّبشير بتلك الحريَّات والحقوق، قد اكتفت بإطلاق سراح المعتقلين الشِّيوعيين وحلفائهم من سجون النميري، بينما أبقت على عناصر الأحزاب الأخرى رهن الاعتقال! ويقع على النقيض، تماماً، من ذلك خيار الحزب الذي اتُّهم بتدبيرها، حيث ظلَّ قائده عبد الخالق محجوب يبدي، طوال الوقت، حرصاً على توسيع قاعدة المشاركة الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة في السُّلطة الجَّديدة التي كان من المقرَّر أن تنبني على أنقاض انفراد البورجوازيَّة الصَّغيرة بالسُّلطة تحت رئاسة النِّميري، فصرف وقتاً وجهداً مقدَّرين، خلال الفترة ما بين 19 22 يوليو، في التَّشاور حول تشكيل الحكومة الجَّديدة، ليس، فقط، مع أهل اليسار، بل ومع قادة ورموز أحزاب الأمَّة، والاتحادي الدِّيموقراطي، وأقطاب المستقلين، حتَّى لقد عدَّ النِّميري مطالبة عبد الخالق بإشراك الصَّادق المهدي في ذلك التَّشاور خيانة ل (الثَّورة)!
(2) عدم إيراد أيِّ تفسير مقنع لإحجام قادة الحركة عن استغلال مخاطبتهم للموكب الجَّماهيري الذي احتشد لتأييدهم بميدان القصر يومذاك، وإعلان اختطاف القذَّافي لطائرة الخطوط الجَّويَّة البريطانيَّة القادمة من لندن إلى الخرطوم، وعلى متنها اثنان من أهمَّ قادة ورموز الحركة، بابكر النور وفاروق حمدالله، وإجبارها على الهبوط بمطار بنينة ببنغازي، تمهيداً لتسليمهما، لاحقاً، للنميري الذي لم يتردَّد في إعدامهما! لقد كان حريَّاً بقادة الحركة، والحزب، والنِّقابات، حتَّى لو لم يكن ثمَّة موكب، أن يعملوا على استنفار جماهير الشَّعب كي تهبَّ للخروج إلى الشَّوارع، والتَّعبير عن غضبها ورفضها العارمين إزاء عدوان القيادة الليبيَّة السَّافر ذاك، فكيف بتلك الجَّماهير يخفى عنها الأمر، بينما هي أصلاً تملأ الشَّوارع برايات وهتافات التَّأييد للحركة؟!
(3) عدم تتبُّع والاستيثاق من الشُّكوك التي احتوشت دور المخابرات البريطانيَّة في واقعة القرصنة الليبيَّة تلك، فالثَّابت أن بريطانيا كانت قد أبدت حماساً كبيراً لمساءلة ليبيا عن ذلك، لكنها سرعان ما انقلبت، بدلاً من تلك المساءلة، إلى حديث التِّجارة، من خلال مراسلات سفيرها المعتمد بطرابلس مع إدارة شمال أفريقيا بوزارة خارجيَّة بلاده حول الفرص التي سيتيحها احتياج الليبيين لشبكة رادار ومشروع دفاع جوِّي، حيث لن يجدوا، برأيه، أسرع ولا أرخص ِممَّا يمكن أن يعرضه البريطانيون!
(4) عدم الاتِّفاق على أهميَّة تقصِّي البيِّنة الحاسمة، رغم السُّهولة البادية في الحصول عليها، بشأن تفاصيل المشاركة في الحركة، قبل هزيمتها، من جانب ضابط كبير أشارت إليه معظم المصادر بالأحرف الأولى (ص ع م)، وخيانته لها بعد الهزيمة، وفضح الأجندة الخاصَّة بذلك الضَّابط، والمتمثِّلة في تآمره على تدبير انقلاب مضاد تورَّط في أحداث ما عُرف بمذبحة (بيت الضِّيافة) التي اتُّهم بها قادة 19 يوليو، بل وحوكموا بجريرتها، زوراً وبهتاناً، مِمَّا صار يعلمه، للغرابة، القاصي والدَّاني، ويسيران بذكره!
(5) وقد يكون أكثر تلك الثُّقوب مدعاة للاستغراب الإفادة العصيَّة على الفهم، والتي أدلت بها نعمات مالك، أرملة عبد الخالق، عن طريق الإنترنت، للكاتب حسن الجزولي، في مارس عام 2005م، ووثَّق لها في كتابه (عنف البادية). لقد أكَّدت نعمات أنها لاحظت، بعد ظهر يوم 19 يوليو 1971م، أن قلقاً ما قد اعترى عبد الخالق عندما لم تقطع إذاعة أم درمان برامجها في وقت معلوم (!) لتبدأ في بثِّ المارشات العسكريَّة المُمَهِّدة لإذاعة البيان الأوَّل للانقلاب (!) مصدر الاستغراب هو جملة الأسئلة التي لا شكَّ في أنَّها ما تلبث، فور الفراغ من قراءة هذا الكلام، أن تتدافع إلى الرَّأس، وفي مقدِّمتها السُّؤالان المركزيَّان: أين كان عبد الخالق بعد ظهر 19 يوليو؟! وأين كانت نعمات؟!
تلك وغيرها فتوق في رواية 19 يوليو ظلت تنتظر الرَّتق بجهد الباحثين والسِّياسيين، مدنيين وعسكريين، طوال السَّنوات الماضية. فليس من المعقول أو المقبول أن تتجمَّد هكذا، دون أن يطالها التَّفسير، أو الشَّرح، أو التَّوضيح، فتضحى، مع كرَّ مسبحة الزَّمن، كما لو كانت صحيحة تماماً، خصوصاً في أعين الأجيال الحديثة مِمَّن لم يكونوا قد ولدوا، بعد، يوم وقعت 19 يوليو، فلا تورثهم، في أفضل الاحتمالات، سوى البلبلة، والحيرة، وتناسل الأسئلة بلا نهاية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.