على الرغم من سجل السودان المعروف فيما يتصل بعلاقاته بالجماعات المُتطرفة وتعاونه الإقليمي في هذا الشأن والذي بَاتَ إحدى النقاط المُهمّة التي تحتج بها الخرطوم على الدوام في مسألة العُقوبات الأمريكية وضرورة رفعها، رغم كل ذلك، إلا أنّ ثمة شيئاً مفقوداً فيما يتعلق بتعاون الخرطوم نفسها مع مَن هُم بالداخل، وأعني تحديداً، ملف أسر الطلاب الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أتابع عن كثب جهود ومحاولات بعض هذه الأسر التي طرقت أبواباً عديدة للحصول على إجابة عن سؤال واحد، هل أبناؤهم على قيد الحياة أم لا، لكن هذه الأُسر فشلت تماماً في الحصول على إجابة. السجل المُعلن بشأن تعاون الخرطوم في ملف الإرهاب يُؤهِّلها تماماً لتوفير كل الإجابات، ابتداءً من السؤال: مَن يقف وراء تفويج الشباب إلى هذه المَحَارق، ومن يقدم له العون ابتداءً من التحرك بأمان وصولاً إلى الخُروج الآمن عبر بوابات مطار الخرطوم الدولي، السجل المُعلن للخرطوم والتي تُباهي وتحتج به في مُرافعاتها لضرورة رفع العُقُوبات يجعلها الآمر الناهي في هذا الصدد، على أقل تقدير فيما يلي تجنيد الطلاب لصالح تنظيم (داعش)، لكنّ هذا ما لم يحدث، روى أحد آباء الطلاب المُلتحقين بهذا التنظيم أنّه وفي خضم مُحاولاته مع السُّلطات المعنية لعودة ابنه، شعر وكأنّ هذه السُّلطات تأخذ منه المعلومات بدلاً عن توفيرها له، في إشارة لانعدام المعلومات لدى هذه الجهات المُختصة، أو كأنما لا تريد أن تتعاون مع الأُسر. وكيل وزارة العدل، عباس الرزم، الذي نقلت (الشروق نت) حديثه، يقول إنّ بلاده اتخذت العديد من الخطوات العملية والفعّالة في مُكافحة التطرف، من خلال أساليب فكرية وحوارية وليست أمنية فقط، حيث أثبتت الأخيرة، أي الأمنية، عدم نجاعتها في العديد من التجارب، حديث الرزم كان خلال ورشة بالخرطوم لتطوير استراتيجية مُكافحة ومنع التطرف العنيف بالقرن الأفريقي وشرق أفريقيا ترعاها الإيقاد.*لكن الرزم الذي ركّز ورَاهَنَ على الحَل عبر التحاور الفكري، ربما لا يعلم أنّه أيضاً غير ناجع، والتجربة شاهدة في الذين عاودوا اعتناق الأفكار المُتطرِّفة بعد حوارات مطولة مثل هذه. وبعيداً عن أيِّ الحلول أنجع، كيف تحوّلت الخرطوم لأرض مؤتمرات لمُكافحة التطرف بينما تُفوّج مجموعات ومجموعات إلى أرض الخلافة، وتعلم أسر بعض هؤلاء الطلاب، مَن هُم وراء تفويج أبنائها وأين كان يتردد بعضهم، ومع مَن مِنَ الشيوخ وفي أي مساجد، بينما لا تستطيع الخرطوم أن تقدم إجابة واحدة في هذا الملف. [email protected]