هذه مقدمة الطبعة الخامسة من كتاب: ((رسالة الصلاة)) وهو كتاب قد لقي، بحمد الله، وبتوفيقه، إقبالا كبيرا، ولا يزال الطلب عليه يوجب إعادة طبعه.. إن الصلاة كانت، ولا تزال، ولن تنفك أعظم عمل الانسان، ولكن الناس لا يعرفونها.. هم لا يعرفون لها هذا القدر، وذلك لأنهم لا يعرفون كيف يصلون.. .. يقول، تبارك، وتعالى، لنبيه، عن الصلاة: ((وأمر أهلك بالصلاة، واصطبر عليها، لا نسألك رزقا.. نحن نرزقك، والعاقبة للتقوى)) والتقوى ههنا ((الصلاة)) فكأن الصلاة، عندما تتسامى إلى القمة، تكون هي سبب الرزق، وتغني عن الكدح الذي هو السبب المألوف.. ولكن، أي صلاة هذه؟؟ هذه هي الصلاة التي تكون فيها لربك كما هو لك.. هو معك دائما.. فاسأل نفسك: هل أنت معه دائما؟؟ فإن لم تكن، فصل!! فإنك لم تصل!! إنك لم تصل هذه الصلاة، وأنت لم تؤمر بإقامة الصلاة الشرعية إلا لتفضي بك الى هذه الصلاة .. تعلموا كيف تصلون .. لقد صدرنا هذه المقدمة بآيتين هما في الصلاة، وفي الرضا، الذي هو ثمرة الصلاة.. ((وسبح)) الواردة في الآية معناها صل.. وهي من السبح، وهو التصرف، والانتشار، والتقلب في الأرض طلباً للمعاش.. ولقد قال تعالى في هذا المعنى: ((إن لك في النهار سبحا طويلا)) فكأن الصلاة حركة، وإنها لكذلك .. هي حركة من الغفلة إلى الحضرة، ومن البعد إلى القرب، ومن الجهل إلى المعرفة.. وهي يجب أن تكون حركة خلف الله، لا أمامه، في رضا به، لا منازعة له.. وهذا هو معنى قوله، تبارك، وتعالى: ((وسبح بحمد ربك)) وذلك من قوله: ((فاصبر على ما يقولون، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، ومن آناء الليل فسبح، وأطراف النهار، لعلك ترضى)) والرضا هو طمأنينة النفس لما تجد من برد الراحة بسكون جيشان الخواطر المشوشة في