أحد السياسيين ممن رمت بهم “الأقدار"، هكذا في طريق السياسة السودانية، وهو طريق ملئ بالمطبات " والمصارف المفتوحة" بروائحها المعروفة كما حال الشوارع في ولاية الخرطوم، هذا السياسي يخرج علينا بتصريح يطالب فيه “السودانيين “بالاستعداد للحرب"!. وليته يقود فيلقاً بنفسه، لا أن يجلس في بهو فيلته الأنيقة، يتابع الأخبار عبر الفضائيات، والشبكة الالكترونية، ثم يخرج على الملأ ليحدثنا عن انتصارات، أو يبرر لنا هزائم، وفي الحالتين لا ناقة لها فيها ولاجمل، بل هو حب الظهور، والتهريج، ودفع الناس إلى المهالك. وليت أمثال هؤلاء السياسيين يدعوننا لتوظيف طاقات البناء " لا “الهدم"، ويحركون فينا صنع الحياة، لا حب “الفناء"، ويفجرون الطاقات الخلاقة، والايجابية للتعمير، لا تلك الطاقات المدمرة للتخريب، وللتقتيل مثلما تفعل “الوحوش". وليت هؤلاء؛ وبما فيهم الحكام يعرفون أن شعوب السودان أمام معارك أكبر من تلك التي يروج لها بعضنا لنكره بعضنا البعض، ولنقتل بعضنا البعض بدم بارد. ومعركتنا هي مع " الجوع"، ولحسن حظ من يستمتع بالدمار فإن التقارير الدولية صنفت السودان ضمن بين الدول العشر الأكثر عرضة لنقص الطعام والمجاعة، وهي الكونغو وبوروندي وإريتريا والسودان وأثيوبيا وأنغولا وليبريا وتشاد وزيمبابوي!. ولم نسمع من هؤلاء قرع جرس انذار، أو الاصابة بحالة هلع، هكذا السودان بلد المليون ميل مربع “مع وقف التنفيذ" حتى بداية العام المقبل، وما يتمتع به من موارد ومساحات صالحة للزراعة تصل إلى حوالى مائتي مليون فدان، تتمدد فوق أرض سهلية، منبسطة، وتحتضن أطول أنهار الدنيا في حزن، على حالنا، وبؤسنا،وفقرنا، وجوعنا، وبؤس ساستنا الذين يريدون ان يقودوننا كالأغنام قوداً نحو جحيم الحرب، ويضبون طبول الحرب، وكثير منهم ما خبروها، لكنهم يرقصون فوق جثث الشباب والنساء والأطفال والشيوخ في حالة أشبه بالعته. وووسط هذه التقارير " المتشائمة" يدعونا السيد وزير المالية “للكسرة، والعواسة" ومعظمنا لا يعرف حتى طاحونة الدقيق، لكنهم يعرفون “المرحاكة"، فمثل هؤلاء لا حاجة لهم للتذكير بالكسرة، والعواسة، لكن من يحتاجون هم الذين ربما يبحثون عن “الجاتوه" بعد اختفاء الرغيف على طريقة ميري انطوانيت. ووزير المالية ذاته يؤكد يقول لنا (كنا نعيش قبل النفط، ونقدر أن نعيش إذا فقدنا جزءاً كبيراً من دخل النفط) وذكرنا أن أن الانفصال سيفقد الموازنة القومية 70% من احتياطي النفط و50% من نصيب الشمال من عائدات النفط ، ولتغطية العجز بشرنا الوزير بتبني سياسات تخفيض الواردات وزيادة الضرائب الجمركية وترشيد الصرف الحكومي، وللمفارقة فإن الوزير يقول (وجدت أننا نستورد ما يساوي أكثر من تسعة مليارات دولار كل سنة، منها مليار للسيارات، وقرابة مليارين للقمح، ومائة مليون دولار للزيوت، وقرابة مائة مليون دولار لأثاث، ومثلها لفواكه ولعب أطفال، وسلع كمالية) ، وللقارئ أن يلاحظ " ملياران لاستيراد القمح في هذا البلد الزراعي، أو كما أشارت أرقام وزير الزراعة إلى أن بلادنا تستورد سنوياً حبوباً بمليار وسبعمائة مليون دولار. وأشار إلى إن بين جملة مبالغ استيراد الحبوب (600) مليون دولار تذهب لسد الفجوة في القمح. وفي ذات الوقت كان يجب أن يفكر “المهرجون" وقارعو طبول الحرب في كيفية توفير اما نحتاجه من مليارات الدولارت لاستيراد القمح لسد الفجوة المتوقعة. من أين أتى هؤلاء؟. وكيف يفكرون؟. وهل يطلقون القول على عواهنه " مزايدةً في سوق السياسة والنخاسة؟.