السماء تمطر على شاطئ ما في بلدة صغيرة تبدو مهجورة تماما ، فهي مثل غيرها من المدن تمر بظروف اقتصادية صعبة، والجميع غارق في الديون ، ويعيش على السلف ، فجأة يأتي رجل سائح غني إلى المدينة و يدخل الفندق ويضع 100 دولارًا على كاونتر الاستقبال ، ويذهب لتفقد الغرف في الطابق العلوي من أجل اختيار غرفة مناسبة ، في هذه الأثناء يستغل موظف الاستقبال الفرصة ويأخذ المائة دولار ويذهب مسرعًا للجزار ليدفع دينه ، الجزار يفرح بهذه الدولارات ويسرع بها لتاجر الماشية ليدفع باقي مستحقاته عليه ، تاجر الماشية بدوره يأخذ المائة دولار ويذهب بها إلى تاجر العلف لتسديد دينه ، تاجر العلف يذهب لعاهرة المدينة لتسديد ما عليه من مستحقات متأخرة… غني عن الذكر أنها هي أيضاً أصبحت تعرض خدماتها عن طريق السلف نسبة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة ، عاهرة المدينة تركض مسرعة لفندق المدينة (حيث يعمل موظف الاستقبال في أول القصة) والتي تستأجر فيه الغرف الخاصة لخدمة زبائنها وتعطي لموظف الاستقبال المائة دولار،موظف الاستقبال يعود ويضع المائة دولار مرة أخرى مكانها على الكاونتر قبل نزول السائح الثري من جولته التفقدية ، ينزل السائح والذي لم يعجبه مستوى الغرف ويقرر أخذ المائة دولار ويرحل عن المدينة… ولا أحد من سكان المدينة كسب أي شيء، هكذا ، أيها السيدات والسادة ، تدير حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية اقتصاديات العالم !!! هي طرفة بعث بها أحد أصدقائي ألي عبر بريدي الاكتروني، ويمكن “سودنتها” مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، والهبوط المدوي للجنيه “المسكين”؛ وفي الذاكرة ترن احدى مقولات اقتصاديي “الانقاذ” ساعة “شعارات براقة وطنانة”، لو ” ماجات الانقاذ كان سعر الدولار بقى عشرين جنيه!. وياترى ماذا يقول هذا المسؤول اليوم بعد أن وصل السعر إلى 3 ألف جنيه؟؟. المعروف أن بنك السودان المركزي أعلن سياسة نقدية جديدة رفعت سعر الدولار الأميركي بنسبة 16.29% ليقفز السعر الرسمي إلى نحو 2.9 جنيه سوداني مقابل الدولار، وذلك في أكبر انخفاض للعملة السودانية منذ سنوات وقبيل إجراء استفتاء تقرير مصير الجنوب الغني بالنفط. وبسبب ” النفط” وحلم الثراء السريع أهملت الحكومة النشاطات المنتجة؛ كالزراعة وحولت أكبر مشروع زراعي في أفريقيا إلى ” حالة من البؤس والفقر”، وهو الذي كان من أهم مصادر “العملة الصعبة”، فيما تشكو المصانع لطوب الأرض، بسبب فواتير الكهرباء، والأتاوات،والضرائب، والجمارك، فتحول السودان كله إلى مستهلك” يستقبل “الالكترونيات”، و”الابرة”، و”الطماطم”، وحتى ” أطباق البيض الورقية”!. فيما تحول السودانيون إلى استهلاكيون، يعتمدون على “القروض”، و”أقصاد البنوك” للبناء، وللسيارات، وربما “الزواج”، فصار اقتصادنا مثل ” الزبدة” ستقطع أي أداة تتحرك فوقه اوصاله، وهي هنا ستكون صدمة “انفصال الجنوب”، أو “فاتورة الحرب” حال تجددها حيث أكدت درسات علمية أن فاتورة الحرب ستكلف العالم حوالى 100 مليار دولار أميركي. لقد صارت شرائح كبيرة من السودانيين تدور في فلك البنوك، والقطط السمان التي حولت حالنا إلى ذات الطرفة، أي أصبحت دائرة المال تدور “مفرغة” على طريقة ” طاقية دا في رأس دا”، وهي ظاهرة في “الشيكات” ويبقى إلى حين السداد، أو “الممات” وهكذا أيها السيدات والسادة تدير ” قطط الانقاذ السمان ” اقتصاد السودان!.