سليمان حامد الحاج ….. أوردت الصحف الصادرة في الثاني من يناير 2012م تصريحات جد خطيرة عن قبيلة المسيرية، وأن شئنا الدقة، بعض من قياداتها. فقد جاء في تصريح لعميد أمراء المسيرية أن أبناءهم قد أعلنوا الاستنفار والتعبئة العامة بعد أن تأكد لهم يقيناً وجود حشود للجيش الشعبي في ثلاثة محاور خارج أبييّ . وأكد أنهم سيردون الصاع صاعين وبعنف غير أبهين بالقوة الأثيوبية المرابطة داخل أبيّي لحفظ السلام بالمنطقة . وأنهم سيستعيدون السيطرة على أبيّي ولن يخرجوا منها للأبد باعتبارها أراضيهم التاريخية. وأن الخطوة التي سيقومون بها لا علاقة لها بالقوات المسلحة(راجع صحيفة أخبار اليوم عدد 2يناير 2012). وكررت صحيفة السوداني ذات التصريح، مع إضافة، أن استعدادهم ناتج لما يمكن أن تقوم به قوات الحركة الشعبية في وقت لاحق،وأن أبيّي ما زالت شمالية وستظل شمالية. يضاعف من خطورة تلك التصريحات ما جاء على لسان وزير الخارجية السوداني علي كرتي في صحيفة التيار أنه لا يرى مؤشرات في الوضع الحالي للتعاون مع حكومة جنوب السودان. وإذا لم يحدث ضغط عليها فلن نتجاوب معنا لحل أي من الملفات العالقة. المثير للدهشة حقاً هو أنه لم يصدر أي تعليق حكومي رسمي عن ما قاله عميد أمراء المسيرية. مثار ذلك أسئلة مشروعة :- هل أصبح أمن البلاد في يد قبيلة من القبائل أياً كان وضعها أو قربها من السلطة؟ ثم ماذا عن الاتفاقات المبرمة وموجهات الإيقاد والوساطة الأفريقية ومقررات كمبالا الأخيرة. وما هو مصير مناشدات الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة لحكومتي جنوب السودان والحكومة السودانية بسحب قواتها من أبييّ وترك حفظ الأمن فيها للقوات الأثيوبية وتعيين الإدارة الخاصة بأبييّ. وفوق ذلك كله ما مصير بروتوكول الذي نصت عليه بنوده اتفاقية السلام الشامل وجاء فيه بالنص في البند(1-1) وحتى (1-2-5-) ما يلي: أبييّ هي جسر بين الشمال والجنوب يربط شعب السودان . وتعرف المنطقة على أنها مشيخات دينكا نقوك التسعة التي حولت إلى كردفان في العام 1905. ويحتفظ المسيرية وغيرها من البدو الرحل بحقوقهم التقليدية يرعى ماشيتهم عبر أبييّ وتدار بواسطة مجلس تنفيذي محلي ينتخبه سكان أبييّ . والى حين انتخابه تعين الرئاسة أعضاء أول مجلس. تقسم صافي عائدات البترول من أبييّ إلى ستة أقسام خلال الفترة الانتقالية كالأتي: الحكومة القومية (50%) حكومة جنوب السودان(42%) وولاية بحر الغزال (2%) وغرب كردفان( 2%) ومحلياً مع دينكا نقوك(2%) ومحلياً مع المسيرية(2%) . ونشر مراقبين دوليين في أبييّ لضمان التنفيذ الكامل لهذه الاتفاقات. هذا البروتوكول والاتفاقات السابقة حددت ملكية منطقة أبييّ سلطة وثروة بين القبائل المختلفة ولم ينحاز إلى أي قبيلة بعينها. مع ملاحظة إن عائدات البترول لم يستفد منها أهل المنطقة الفائدة المرجوة. ولهذا فان حديث العديد من المسؤولين المتنفذين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن أن أبييّ شمالية وستظل شمالية مهما كلفهم الأمر من تضحيات ، يعني أن وراء الأكمة ما وراءها. وأن تصريحات عميد أمراء المسيرية يستبطن ما وراء هذه الأكمة. إن عدم الوصول إلى حل للقضايا العالقة وعلى رأسها قضية أبييّ عبر الحوار السلمي، واستبداله بالتصريحات النارية وردود الأفعال لن يفضي إلى شئ غير اندلاع حرب جديدة خاصة إذا اندلعت بدافع الاستيلاء على مناطق استخراج البترول والمواقع الهامة لاحتياطيه. وكما أشرنا من قبل ، فإن الحرب هذه المرة ستكون أكثر بشاعة من سابقاتها ، لأنها ستمس سكان مناطق في جنوب السودان وغرب كردفان ودينكا نقوك والمسيرية وكافة القبائل التي تقطن المنطقة وتستفيد من قسمة البترول .وستنقل نتيجة للاحتقان والسخط على السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمارسها السلطة إلى كافة أنحاء السودان. إننا نقف ضد الحرب، أياً كانت مسبباتها وندين أي محاولات للتخفي أو التستر خلف أي قبيلة تصبح هي الذريعة لإشعال فتيل الحرب. ونرى أن الحل لأزمة الوطن الشامل بما فيها القضايا العالقة، وبؤر التوتر المتناثرة في كل أنحاء البلاد يمكن حلها عبر الحوار بين جميع قوى المعارضة والحكومة وفقاً للأجندة التي حددتها قوي الإجماع الوطني. أما تمترس الحزب الوطني الحاكم خلف أجندته الخاصة ويطلب من جميع أهل السودان إلا الانصياع لها أو الحرب والقهر، فإنه حتماً سيقود إلى إصرار شعب السودان للإطاحة بالنظام.