اختتم حزب الامة اجتماعات هيئته المركزية التي استمرت يومين امس السبت ، بسحب الثقة من امينه العام صديق اسماعيل وانتخاب امين عام جديد . والهيئة المركزية بحسب دستور الحزب هي الجهاز الأعلى من المكتب السياسي والذي ينتخب الأمين العام المسئول التنفيذي الأول و أعضاء المكتب السياسي ويسائلهم. ووسط جو مشحون بالاستقطاب بين أطراف عديدة انعقدت الهيئة وعايشت انقساما حادا بين مناصري الأمين العام السابق الفريق صديق محمد إسماعيل وبين الذين كانوا يعارضون خطه السياسي أو يختلفون معه تنظيميا، ولم يحسم الخلاف حول تقريره المقدم للهيئة المركزية إلا بالاقتراع السري الذي جرى في وقت متأخر من مساء أول أمس وانتهى فجر السبت وأعلنت نتائجه على ا لمجتمعين رسميا صباح أمس. وبرغم الاستقطاب البالغ بين عضوية الحزب حول الأمين العام الماضي، إلا أن اختيار الأمين العام الجديد بحسب مصادر حزب الأمة جرى بسلاسة وتراض حيث جرى الإجماع عليه من قبل عضوية الهيئة المركزية الحاضرة والتي تزيد عن الخمسمائة عضو من أصل ما يزيد عن ثمانمائة. وشهدت الاجتماعات حضور القسم الأكبر من جماعة (التيار العام) التي فارقت الحزب منذ المؤتمر العام السابع عام 2009م محتجة على زيادات في الهيئة المركزية، ولكنها تجاوزت الخلاف بحضورها اجتماعات الهيئة بدون أي تعديل. وكان من أبرز القيادات التي استأنفت نشاطها بالحزب وحضرت الاجتماع الأستاذ محمد عبد الله الدومة والأستاذ إسماعيل آدم علي إضافة لغالبية عضوية الهيئة المركزية من الطلاب. وعقد حزب الأمة جلسة ختامية مفتوحة مساء أمس تمت فيها تلاوة البيان الختامي، كما خاطبها رئيس الحزب والأمين العام الجديد. وحيا “انفاس السادس من ابريل” وقال إن اجتماعهم “يعد بحق اجتماعا مفيدا وعظيما لأنه بصرف النظر عن خلاف الرؤى امتاز بالمشاركة والمساءلة والشفافية والحمد لله كان الجميع مع اختلاف رؤاهم لا يتعاملون مع بعض كاعداء ولكن كاخوة مختلفين وهذه سنة ينبغي ان نحافظ عليها مهما اختلفت الاراء أن نلتزم ادب الخلاف والاختلاف”. وكشف عن استعراض وفود حزبه بالولايات للمشاكل في ولاياتهم قائلا: تحدثت الوفود من الولايات وتحدثوا بصدق ولكن الذي قالوه يدل على حالة التردي التي تعاني منها البلاد، فقد شكوا في القضارف من أرض مغصوبة- الفشقة- وشكوا في النيل الابيض حالة المجاعة والمحل واختناق الثروة الحيوانية باعتبار أن منفذها جنوبا -وشكوا في شمال كردفان من الآثار السالبة من احداث دارفور وجنوب كردفان وشح موارد المياه بسبب النزوح” وقال “أما جنوب كردفان فصارت حالة حريق تالية لدارفور حتى صاروا يتحدثون عن درفرة جنوب كردفان” وأضاف “تحدثوا في البحر الأحمر عن الاحتقان حول تنفيذ الاتفاقية، وفي الشمالية عن النزاع حول الاراضي المنزوعة” وأشار لمعاناة ولاية سنار الشبيهة بالنيل الأزرق بكثرة النازحين، وتحدث أهل الجزيرة عما حاق بالمشروع. وقال: أما في الخرطوم فالظاهرة الاهم الاستقطاب الاجتماعي بين قلة غنية واكثرية فقيرة. وقال إن هذه الظروف كلها تدل على سوء الحال، وأن هذه التقارير أفضت إلينا بأوجاع السودان. وقال: لقد صار الفهم المتفق عليه ان التغيير واجب وطني لأن استمرار الأحوال كما هي عليه الآن معناه ان نشهد باعيننا تمزيق السودان. ثم تحدث عن اجتماعات الهيئة المركزية وقال إن حزبه سوف يعقد ورشة للنظر في مخرجات الاجتماع لتحضير توصيات للمؤتمر العام القادم. وقال إن المسألة صارت واضحة حول ضرورة قيام نظام جديد ولكن السؤال هو ما هي معالم هذا البديل؟ مطالبا بدستور مؤقت ووضع أساس لدستور دائم، وضرورة كفالة الحريات العامة كجزء من كرامة الانسان، وضرورة السلام في مناطق الحرب والنزاع. وفي ختام حديثه شكر أعضاء الهيئة المركزية وأشاد بما قام به الفريق صديق الذي قال إنه كان ملتزما بالقرارات وغير مقصر في تنفيذها ولكن حصلت أخطاء ومشاكل وعندما سحبت الثقة من تقريره قابل ذلك برباطة جأش ورجولة تقوم مقام النصر وإن فاتها النصر. ثم أشاد بالدكتور إبراهيم الأمين وبدوره في حزب الأمة وبسابق تجاربه العديدة في العمل الوطني والعام ورحب به أمينا عاما لحزب ا لأمة وقال إنه سيكون إضافة لهذا الموقع وإضافة لحزب الأمة في تحقيق أهداف الأمة. من جهته تحدث الدكتور إبراهيم الأمين أمين عام حزب الأمة المنتخب أمس وقال إنه يعتز بتكليفه من قبل الهيئة المركزية للقيام بهذه المهمة ولكنه يحتاج لجهد اي واحد في الهيئة ليتعاون معه خاصة والبلد مهدد في وجوده، الحروب في كل مكان والشعب السوداني ينتظر من حزب الأمة ان يجد المخرج المناسب ويبتعد من حافة الهاوية. وكشف عن أنه كان مشفقا من عقد الهيئة المركزية، ولدى نقاش أمرها في مجلس التنسيق الأعلى وقف مطالبا بتأجيل الاجتماع شفقة مما يمكن ان يصدر عن الاجتماع من خلاف وشقاق يزيد مشاكل الحزب واستدرك “لكن ما حصل كان مختلف وبعيد ولم يكن خيالنا يتوقع أن يخرج الاجتماع بهذا المستوى”. جدير بالذكر ان الفريق صديق اسماعيل كان من داعمي الخط السياسي المهادن للمؤتمر الوطني ، ويؤكد سحب الثقة منه بان الاحزاب الجماهيرية ، رغم التخريب الواسع في صفوفها ، حين تتاح لها فرصة الاختيار الديمقراطي تتخذ وجهة اكثر جذرية في معارضة نظام المؤتمر الوطني ، ويبقي السؤال امام الامين العام الجديد اذا ما كان سيستخلص الدروس الصحيحة من تجربة سابقه ام لا ؟