راشد مصطفي بخيت… استغرق ثلاث ساعات ونيِّف يومياً للتفكير في (جملة)! واحدة للسيِّد الإمام الصادق المهدي عادةً. لذا فإن وتيرة معدلات نبض قلبي تتزايد بشدة عندما يدنوا إلي مسامعي خبر عقد السيِّد الإمام لمؤتمر صحفي كامل الدسم! ليس بالأمر أدني شبهة تهكُم بكلام سيدي (الحلو) معاذ الله، بحسب مرجعية رواية ذاك الأنصاري الذي سافر من القرية النائية لسماع خطاب سيدي، وعاد إدراجه يسكب هتون الدمع لأجل كلام سيده الذي ينهض جدار صعوبته بشدة أمام فهمه.. من فرط الحلاوة! بل علي العكس من ذلك، أُيْقِّنُ تمام التيقن أن الأمور ليست كما تبدو عليه من سهولة ويسر كما يحسبها البعض من المتعجلين الذين خصَّهم السيِّد الصادق في مؤتمره بهذه النصيحة الغالية أدناه: (أقول للمتعجلين إن حسم هذا الأمر قريب ولكن عليهم أن يدركوا أن التونسية قد فاتت لسببين هما زوال عنصر المفاجأة، وغياب مهنية القوات المسلحة ما يجعل السيناريو أقرب إلى الليبية أو اليمنية). وهو يقصد مبادرة الحوار الوطني التي يفترشها حزبه مع المؤتمر الوطني بذريعة الخوف من مآلات الثورة الشعبية في جسد دولة واهنة كالسودان! تأتي رياحينها بعبق الأخبار المبشرة تترى من كل حدبٍ وصوب تنقل (للشَّامَةِ) من الناس روائح الاتفاق بنسبة 85 % مرةً، مذكرةً إيانا بعبقرية سيدي تلك التي أينعت قبيل انتخابات السودان الأخيرة، عندما رهن سيدي خوضه لها بجُملة تسعة شروط؛ أتَّفق فيها مع المؤتمر الوطني لاحقاً علي سبعة! أي بنسبة تقارب ال85% السابقة هذه، ومع ذلك.. لم يخُض سيدي هذه الانتخابات! يا لهذه العبقرية الفَّذة؛ ويا لفرط غباءنا الشديد، إذ لم نفطن وقتها لخيوط هذه العبقرية المغزولة بعناية فائقة، حد أن احتجنا عاماً كاملاً يمضي بشهوره وأيامه المعدودات، لنكتشف أن السيِّد الإمام، فهم وقتها أن ال15% هذه، هي ما لا يستطع المؤتمر الوطني تقديمها لأي شخص كان.. (إماماً) أو حتى (وزيراً للطيران)! طبعاً لم تدركوا بعد وجه العبقرية البائن في هذه النظرية السياسية الجديدة لأنكم مثلي تحتاجون إلي أكثر من ثلاث ساعات لتفكروا في جملةٍ واحدة فحسب، فما بالكم إذن تستعجلون عبارة كاملة كتلك التي وردت عالياً! ذات النسبة السابقة التي خصَّت الانتخابات وقاطعها السيِّد، لا زالت قائمة في حالة الحوار الوطني الشاخصة أمامنا حالياً، والإمام يقلِّب أوراق نظريته الجديدة، ليكتشف أن الثابت في هذه النظرية ونموذجها الباذخ وتفاحة (نيوتن)ها، هو عدم تنازل المؤتمر الوطني عن هذه ال15% بالضبط لأن فيها هلاكه! ولذلك ابتكر سيدي متغيِّراً جديداً للنظرية بجانب ثابت عدم التنازل هذا، وهو (المقالعة)! المقالعة هذه أتممت نقص النظرية البائن ذاك وقامت مقام تفاحة نيوتن تلك، لكن السيِّد الصادق رأى تطويرها وتوسعتها بُداً لتشمل (حقيقة فوات التونسية تحسباً لعدم ركوب الليبية أو اليمنية)! عبقرية هذه التوسعة الباذخة أيضاً أن الصادق المهدي قَنُع من خيرٍ في أن يتنازل المؤتمر الوطني (للإمام)! فقرر أن يجرِّب خيار (وزير الطيران)! ولذلك فهو يعكُف حالياً علي وصيتنا بالتروِّي نحن جملة المتعجلين ممن خصَّهم بالحديث أعلاه، حتى يتفرَّغ هو لاكتشاف خطوط طيران جديدة غير الثلاثة تلك، ربما تقلِّص نسبة ال15% هذه، فتُقَصِّر مسافة الحوار الوطني جيئة وذهابا تحسباً لطولٍ ربما يعتريها بسبب رداءة طقس الحوار الوطني المنفرد بلا مقالعة! قبلنا نصيحة الإمام بكاملها، لكننا نتجاسر هذه المرة لنوصيه وهو الإمام، لأن يُدرك الركعة الأخيرة من صلاة الجماعة الوطنية، لأن فيها فضلُ سبعٌ وعشرين درجة من الصلاة الفردية، وهي من بعدُ ذلك، صلاة (مغيرب) ضيِّقة الوقت، لا تُلْحَق بعد أن تمتلئ صفوفها وينفضُ المصلون! ونريده أن يريحنا ويستريح هو أيضاً بأن يجد أُناساً غيرنا تماماً، يستطيعون فهم عبقريته الصعبة تلك ويقدرونها حق قدرها. فهل يقبل الإمام النُصح؟