محمد عبد الله برقاوي [email protected] استطيع وربما أكون محقا أو مخطئا في اجتهادي ، أن اصنف الجماعة الذين انحشروا في شقوق النظام الانقاذي وهو في خريفه الأخير و أرذل عمره ، بانهم ثلاثة أصناف ، الأول هم الذين جاءوا الى الحفرة بلا تاريخ يمكن أن يدفن معهم ومن البديهي أن ينتهي مستقبلهم عند حد هذا الحلم القصير، والثاني من جاءوا بحكم انتهاء صلاحيتهم في السن بتاريخ هو بلا مستقبل منتظر ، سينتهي بمراسم دفنهم مع النظام، أما الصنف الثالث فقد صعدوا الى أسفل حفرة المشاركة بلا تاريخ يخشون عليه ، ولا مستقبل يرتجونه ، فرضيوا لأنفسهم فرحين بسيارة السلطة وبيارقها ودراجاتها النارية التي تتقدمها وهم قد انجعصوا فيها غير مصدقين ويعلمون بقناعة تامة أنها لن تسير بهم كثيرا لأنها بلا بنزين الصلاحيات التى تّمكن صاحبها من قطع مشوار طويل ! من هذا النوع الأخير ، الحاج آدم يوسف نائب الضرس الذي بات يتراجف سوسه من تسرب عرديب حركة الشارع اليه، وقد تزحزحت حشوته المؤقتة خوفا من كماشة يد الثورة ، حيث لن تقيه مسكنات تخوين الثوارمن مصير الخلع بواسطتها قريبا باذن الله ! فالرجل جرّب المناصب قبل أن يتحول الى مناضل مؤتمر ومتأمر شعبي على الأنقاذ مع شيخه الذي فقد القصر ، واستمرأ لقب السجين بين الحين والحين ! ذهب الحاج آدم واليا للشمالية قبل المفاصلة ، فركله أهلها البسطاء ثأرا لكرامتهم وقد دخل عليهم باستعلائه الكيزاني ، ولم يرفضوه لاعتبارات جهوية ، فهم قوم لاقول فيهم غير الخير، فقد أكرموا الناس من كل فج وحدب على أرضهم وفي أحضانهم ، فلا زالت دمعات نسائهم النبيلات تشع في ذاكرة العيون ، حينما سالت حرى وهم يودعون في ألم قوافل أخوتهم الجنوبيين الى دولتهم الوليدة ، بعد أن اقاموا بين ظهرانيهم أهلا لاضيوف، وذهبوا ولازالت في ألسنتهم طلاوة اللهجة النوبية بشتى نغماتها ولازال بعضهم يتحسس تحسرا بانامله هناك في غابات الجنوب أوتارطمبور الشمالية فيستحلبها حنينا كحليب المودة الذي رضعه من أثداء نسائم السافل ! وحينما تاهت بالحاج آدم دروب الضياع في صحاري الحياة التي ضاقت قاسية عليه في ممرات عيشها ، لم يجدعنده مقتنى أغلى عن شرفه لبيعه، غير ولائه لشيخه ، فتلك هي القطعة الثمينة التي تفيد أرفف متحف الانقاذ لاستعراضها شماتة في حرقة حشا عرابها الذي اصبح في نظرها مثل حصان طروادة الخشبي بعد أن أنجز مهمته ! فأدخلوا الحاج آدم يوسف نكاية بشيخه المغبون أصلا ، تحت ذريعة تمثيله أهل دارفور ، وهو ليس كذلك ، اذ لم يعرف عنه أنه شارك يوما في مفاوضات ابوجا ولا الدوحة وحتى بعد توليه النيابة الخاوية ، لم يذهب لدافور لأنه لن يجد البيعة من أهلها الكرام ، الذين يتأفف شرفاء قادتهم أمثال الدكتور أحمد ابراهيم دريج من الوثوب الانتهازي الذي لا يخدم مصالحهم كمكون له قضية بجذور تاريخية لا جدال فيها ! ولعل اكتشاف مني أركو مناوي لخدعة ( الردفة ) خلف سرج النظام بلا مهماز ، خير درس استوعبه الأحرار من أهلنا الدارفوريين وبنوا عليه مواقفهم التي لا تزحزحها العظمة الناشفة ، وقد يسيل لها فقط لعاب عبدة الجاه والمال والسلطان في نظرهم الثاقب! ولو أن الحاج آدم صمت دهرا ، وظلّ ساكتا ومنكّبا على كد عظمته دون نباح خلف مسيرة المجد التي انطلقت يوم الجمعة العظيم ، لما تذكره قلم ولا خطر ببال عاقل ، لكنه نطق كفرا يستوجب وضعه في علبه الصدئة ليدفن على بينة في مكب الثورة مع كل الكيزان التي باتت حقيقة تسمم أزيار الواقع المعاش ذلا في ظلال الوطن ، فنحن نريد ماءها صافيا بعد أن نكرد عنها الطحالب والبكتريا الضارة ، ونغسلها بمحريب الحرية الزاكي ! بالأمس اجتمع بصحفيي المؤتمر تجار القلم الذي يتقيأ كذبا ، وسرد عليهم فرية سيناريو ارتباط حركة الشارع بتمويل أمريكا واسرائيل ، وطلب منهم تخفيف تمثيلية نقد أو نصح الانقاذ في هذه الظروف أى بالواضح والصريح المفتشر أن يشّكروا العروسة با عتبارهم دلاكات لها بما ليس فيها من محاسن ! لم يبثهم خوفا أ وحرصا على مستقبل الوطن ولم يتحدث عن صيانة ممتلكات الدولة وأرواح المواطنين ومقتنياتهم الخاصة من المباني والسيارات أو يتطرق لحق الناس في التظاهر السلمي مع السير في انضباط يحفظ كل الذي ورد عاليه ، بحكم الدستور الذي لم يجلس على كرسيه جيدا ليقرأ سطورا منه! وباعتباره خارج اطار صورة صانعي القرار بالتأكيد لا يستطيع بالتالي أن يتحدث عن تصور ما للخروج من ازمة الاقتصاد أو ضائقة المعايش الخانقة وهو ما اعترف به لمذيعة دبي بانه لم يستوثق مما قاله وزير مالية حكومتة حول افلاس السودان في خطاب الميزانية أمام البرلمان ، والصراحة راحة ! مثلما ترك زنقة نظامه المستجد فيه حاليا وقفز في مؤتمر الصحفيين ، مولولا و نائحا على مستقبل الحركة الاسلامية من موجة انتقام العلمانيين والشيوعيين في حالة سقوط النظام ، وانهم سيقيمون محاكم التفتيش لابادة الاسلاميين ! وهو ان كان يعرف التاريخ فمحاكم التفتيش أقيمت في عصور الجهالة الوسطي وفي غمرة سيطرة الدين على تفاصيل ومفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في أروبا ، حينما كان رجاله من الكهنة والقساوسة يبتزون عواطف المواطنيين الدينية وخوفهم من المجهول ومصيرهم في العالم الآخر ويعطوهم صكوك الغفران باحجام وضمانات ، حسب المال أو الذهب الذي يشترى به المؤمن جنته ! ولم تنهض دول الغرب الا بعد تخطيها ذلك الحاجز السميك من التخلف ، فقفزت الى دائرة النور والعلم والنماء بالقدر الذي يراه الآن الحاج آدم ان كان يبصر، و هو الذي يعتقد واهما ان تلك الدول التي لامست المريخ مرورا بالقمر بفضل الاعتدال الديني والوعي العلماني الذي فتح الأبواب واسعة أمام كل ضروب العلوم والفنون مشرعة على كل قبل التقدم والنماء بديمقراطية حقة بلغت درجة العدالة والمساواة والحرية على الأقل في حدها المعقول للانسان وفقا لادائه واجباته التي ينال بموجبها حقوقه كاملة وأولها كمال المواطنة ذاتها! وهو الذي يتحدث عنها لجهله من قاعة المؤتمر العنصري ، وبغض النظر عن اتفاقنا مع سياسات تلك الدول من عدمه! باعتبارها من يتأمر عليه مع شباب الانتفاضة وتحسده على ماهو فيه من تقعر وتخلف وتنطع وفساد وحروب وتدهور اقتصادي ، قعد بالوطن في المرتبة الثالثة ضمن قائمة الدول الفاشلة في العالم بأسره بعد الصومال والكونغو ، وهي الحقيقة التي لطمته بها مذيعة تلفزيون دبى وقد حاصرته بأسئلة جريئة وحقائق دامغة جعلته يتلعثم ، ويسعل مرتبكا ، مسببا لنا فضيحة اعلامية مدوية، جعلتنا حقيقة نستحي أن يكون نائب رئيس جمهوريتنا بهذا القدر من الضحالة والسطحية ، وهو ما اعتبرناه في ذات الوقت حافزا للتعجيل باسقاط هذا النظام الذي قصّر من رقبتنا ونحن الذين عرفنا في المحافل الدولية بان دول العالم كانت تقف اجلالا لخطبائنا الذين انحنت لهم المنابر التي خاطبوا الدنيا منها بكل اللغات الحية ! ان ما كنتم ولا زلتم تقومون به انتم الان يا سيادة نائب الضرس المخلخل ، قد فاق سلوك محاكم التفتيش قولا قبيحا و فعلا مشينا واثما كبيرا ، بمراحل ، لانه بكل أسف يتم انتحالا لاسم وشريعة دين حنيف ، عاش أهل وطننا منذ الأزل سيراعلى سلوك وسطيه طريقه ، فنما فينا مجتمع متسامح ، حتى جئتم كالسرطان ، وفتتم تماسك خلاياه ، وأسوأ ما يحز في النفوس ليس انهيار الاقتصاد الذي يمكن استعادة عافيته ولا تردى واحتكار السياسة المقدور على ترتيق ثقوبها ولا ضياع الأرض التي يمكن استعادة لحمتها بالتراضي والتوافق ، ولكنها الأخلاق التي ذهبت تحت خط الفقر الذي غرستموه و بفعل الظلم الذي ضربتم أطنابه في كل ركن ، و مقررالجوع الذي نحتموه خارطة في أيام البطون ! ولكن رغم ذلك ، فرجال السودان الأحرار ونسائه الفاضلات ، أبدا ماذهبوا ، وان ذرفوا من الغبن دمعا من خلائقه الكبر ، فانهم قادمون وقد تحركوا نحوكم بلا خوف! وربّ ضارة نافعة لان ذلك الدمع مختلطا بدماء سالت وستسيل فداء للوطن العزيز وشعبه الغالي ، سيفيض بحورا مع فرحة الغد الأتي ليذهب بمراكب عهدكم المشققة الى غير رجعة تزفكم لعنات التاريخ والجغرافيا والانسانية كلها! والله ناصر الحق .