من اجلك ياوطن 8 جمال ناصر الوقيع لماذا التراجع في الصناعه في السودان ؟؟؟
كلَّما أَمعنت النظر في أَمر هذه الأُمَّة، لاحظتُ، بكلِّ أَلَمٍ، أَنَّها تنحدرُ نحو الانقراض التدريجيِّ منذ فترةٍ طويلة وكلَّما تقدَّمَ الزمن، ولا سيَّما إذا قارنا جمودَها المحزِن أَو تراجُعَها المؤسِف بالحركة المتفجِّرة التي يَجري بها العالَمُ المتقدِّم نحو الأَمام بسرعةٍ هائلة، الأَمر الذي يؤدِّي إلى زيادة الفجوة الحضاريَّة بين الطرفَين، وبالتالي إلى ما يُلاحَظُ، اليومَ، بكلِّ وضوح، من التبعيَّة السياسيَّة والاقتصاديَّة والعِلميَّة والثقافيَّة التي تَزيدُ من التخلف؛ وهكذا تعود هذه الدورةُ القاتلة إلى تكرار نفسها. وهذا ما سأشرحه في عدَّة مناسبات تالية. حتى بعض المنجزات التي حققتها هذه الأٌمَّة، وخاصَّةً الاستقلال، تحوَّلَتْ، فيما بعد، إلى استبدادٍ من جانب السُّلطات الحاكمة، وإلى تبعيَّةٍ داخليَّة، أَو تبعيَّةٍ خارجيَّة واستعمارٍ جديد بثوبِ معاهدةِ تعاون "عسكريٍّ" أَو اقتصاديٍّ أَو ثقافيٍّ أَو تطبيع… إلخ.وأُبادرُ إلى القول إنَّ مُنطَلَقاتي، في بحث هذا الموضوع الشائك، قوميَّةٌ وإنسانيَّة تحرضُ على السعي إلى إيجادِ وسيلةٍ للخروج من هذه الأَزمة. ولئن تعرَّضتُ لعلامات انقراض هذه الأُمَّة، فما توخَّيتُ إلاَّ التنبيهَ والإنذارَ قبل فَوات الأَوان، فضلاً عن شَحْذ الهِمَم وتكريسِ الجهود والحثِّ على التوصُّل إلى حلولٍ عمليَّةٍ يمكنُ أَن تُنقذَ الموقف؛ كان السودان في سابق العهد القديم وياللاسف من الدول المنتجه التي كانت تحذو حذوا في الانتاج الصناعي بدأت في السودان صناعة السكر وزراعة مساحات شاسعه من الاراضي وكانت صناعة السكر تحتل اهميه كبيره في الاقتصاد السوداني انذاك حيث ان قوامها هو استغلال الميزة التنافسيه التي يملكها السودان في انتاج السكر والمتمثله في الموارد الطبيعيه (الارض والمياه ) كما انها من الصناعات ذات القيمه المضافه العاليه لارتباطها وتكاملها مع الزراعه وصناعة السكر حاليا اصبحت تواجهها مالآت لايعلمها الا الخالق سبحانه وتعالي فقد اصبح السكر للتصدير والمواطن لاينال حصته الكافيه كما في السابق بل وقد اُهملت ولم تعد كثوره صناعيه كما كانت سابقا وقدا كان السودان يحتل المرتبه الاولي في زراعه القطن وانتاجه عربيا وافريقيا فقد كانت مساحات شاسعه من مشروع الجزيرة مغطاة بالذهب الابيض (القطن) وكان عماد الاقتصاد السوداني وبناءً عليه انشئت مصانع الغزل والنسيج في الخرطوم بحري والحاج عبد الله ومارنجان وبورتسودان وكانت نهضه زراعيه وصناعيه بمعني الكلمه كانت المحالج والمصانع ومزارع القطن وجني القطن وجهة قوميه للصناع والزراع في ذلك الوقت وكان كثيرا من المواطنين يشتغلون بالمصانع بهمة ونشاط وكانت عماد البيوت وعماد الاقتصاد فما الذي حدث حتي انهارت الزراعه والصناعه في عهدنا الحالي واغلقت المصانع التي ازدهرت في وقت كان يعاني فيه العالم من شح الموارد الصناعيه وكانت كثيرا من الدول التي سبقتنا الآن في الصناعه لاوجود لها كان السودان يتصدر القائمه في وقت كان لاتوجد اي نهضة او تطور صناعي حقيقي فقد كانت هنالك مصانع لتعليب الفواكه بكريمه وتجفيف البصل ومصنع تجفيف البان بابنوسه ومصنع الكرتون باروما ومصنع تعليب الفول السوداني (فوفو) الذي اصبحنا نصدره خام وهو يحمل اسم السودان وياتينا لنشتريه مره اخري معلبا (دكوه) من شركات اجنبيه لماذا هل عجزنا عن تعليبه ام عجزنا عن صناعة العلب الفارغه كل هذه المصانع كانت تعمل وبانتاجيه مقدره ولها وزن وحققت كثير من الآمال والطموحات للعاملين بها وللسودان كواجهة حضاريه في ذلك الوقت اما المنطقه الصناعيه بحري التي ازدهرت في حقبه من الزمن واصبحت الآن خاويه علي عروشها ومهجورة تسكنها الخفافيش ومعقل للمجرمين اين مصانع كريكاب وسعد للحلويات المشهوره واين مصانع النسيج السوداني والياباني واين مصانع الصابون والزيوت التي كانت لاتحصي اين مصنع الروبي للبطارات اين واين كنت اذا مررت صباحا في ذلك الوقت تري اصنافا والوانا من العاملين والعاملات الذين يرتدون الازياء الصناعيه في انتظار تراحيل المصانع لتقلهم الي عملهم كان حراك دائما وثورة حقيقه تجعلك تستشعر حجم العمل وطعم النجاح فقد كانت حكومة السودان في ذلك الوقت لا تجعل الفائده من المصانع فقط علي العمال وانما في فترة اجازات المدارس الصيفيه كان هنالك بند يسمى ( بند الطلبه ) يجبر المصانع علي استيعاب عدد من الطلاب للعمل بنصف راتب مما كان يساعد الطلاب في شراء مستلزماتهم الدراسيه للعام الجديد من ملابس وادوات مدرسيه وحق السينما يوم الخميس ويرفع عن كاهل الاسر الكثير من المعاناة ويساعد في تحسين الدخل وتصحيح الوضع للطلاب ويقلل من العطاله في المجتمع فاين هذه الاشياء الجميله واين هذه السياسات التي كانت لها بصمتها في ذلك الوقت لماذا اختفت هذا الموضوع فتح كل جروح الماضي ومآسي بيع مصانع القطاع العام بأبخس الأثمان والتي للأسف عندما بيعت بعطاءات أو بدونها بشرتنا اللجان ان انتاجها سوف يرتفع ويتطور مثل مصانع كناف أبي نعامة وغزل البحر الأحمر ومدابغ الخرطوم والنيل الأبيض والبحر الأحمر والجزيرة ومصنع ساتا وباتا ولاركو للأحذية وغيرها من المصانع وذكروا ان قيمة بيعها سوف تقلل من عجز الموازنات العامة وللأسف الشديد جداً ان كل هذه المرافق الصناعية التي كانت عاملة ومنتجة قبل عشرين عاماً توقفت نهائياً فور بيعها وشرد العاملون بها وهذا ما نخشى حدوثه لمصانع السكر العاملة حالياً وينوي بعض العباقرة التخلص منها وتضييع جهد الرجال الذين خططوا لها وفكروا فيها وسعوا من أجل تمويلها وتنفيذها بصدق ووطنية؟!! من هنا اناشد السيد وزير الصناعه ان يعيد النظر فى هذه السياسات الخاطئه التي دمرت روح الصناعه بالسودان واصلاح ما يمكن اصلاحه وان يحداث ثوره صناعيه حقيقه وتضخ الدماء من جديد فى جسد المناطق الصناعيه واحياء بند الطلاب بالمصانع .( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) والله من وراء القصد ،،،