* وفي الأخبار أن طالبا اعترف بسرقة أجهزة إلكترونية وقوارير عطور من منزل سيدة، وعلل ارتكابه جريمته بأنه كان في حاجة المال لدفع الرسوم الدراسية. * وذكر الطالب عند مثوله أمام محكمة المدينة بالحاج يوسف بأنه كان في حاجة للمال لإكمال الرسوم الدراسية، وأنه فشل في الحصول عليها بعد سفر شقيقه لإحدى الولايات، فقرر أن يسرق حتى يتحصل على المال. * حقيقة لم أجد التعليق المناسب علي هذا الخبر الصادم، والذي يفترض أن يحاسب أول من يحاسب عليه وزير التربية والتعليم، لأنه لو كان هذا الحدث في أي دولة أخري لقامت الدنيا، ولتدخلت منظمات حقوق الطفل والأسرة، ولكن لأننا في السودان فكله جائز ووارد وحسبنا الله ونعم الوكيل. * في السابق وقبل مجئ الحكومة الحالية بتعاقب وزراؤها بمختلف سحناتهم وتوجاهتهم الدينية والسياسية، لم يكن هناك أي طالب مهجس بدفع رسوم الدراسة ، وكانت الأسر تكتفي بشراء ملابس المدرسة والأحذية وشنطة الدراسة(فارغة)، لأن المدرسة كانت تلتزم بكتب وكراسات وحتي أقلام التلميذ والطالب، ولم نكن نسمع أن طالبا (مدَ يده) أو (طوَل يده)لسداد رسوم الدراسة لأنه لم يكن في حاجة إليها من الأساس. * وعقب مجئ الإنقاذ تغير الحال للأسوأ، وصار الهم الأكبر للأسر هو (كيفية )تعليم الأبناء ومن (أين)يتم ذلك، حتي صار همَ المعيشة يأتي مع هم التعليم في مرتبة واحدة، خاصة مع تدهور مستوي المدارس الحكومية وإتجاه الأُسر حتي الفقير منها إلي المدارس الخاصة رغم الإرتفاع الجنوني في رسومها. * الأستاذ بات ضيفا خفيفا علي التلاميذ وفي أحيان كثيرة يتغيب دون محاسبة وذلك كله بسبب الدروس الخصوصية أو إرتباطه بالعمل في أكثر من مدرسة في آن واحد نسبة للضغوط الإقتصادية التي يعيشها، المدارس نفسها باتت تتسول أولياء الأمور لصيانة ما تلف من أثاث أو أسوار وحتي لتوفير مياه الشرب للتلاميذ. * الكتاب المدرسي إنعدم، وحتي لو وُجد فيكون بأسعار لا تستطيعها كل الأُسر، والكراسات أصبحت ميزانية قائمة بذاتها بعد زيادة عدد المواد المقررة والحشو الذي تمتلئ به الكتب دون فائدة تذكر. * الحصص الإضافية صارت إلزامية لجميع الطلاب، ورسومها فرض عين علي كل طالب وتلميذ والويل والثبور لمن يتخلف عن دفعها، (فالجلد) هو أبلغ رد، وإحضار ولي الأمر في حال عدم السداد والمنع من الحصص هو الخيار الثاني والثالث. * كل هذا يحدث في معظم مدارس السودان وتحديدا الخرطوم صاحبة الحظوة أو هكذا يفترض أن تكون، ورغم ذلك فالوزير تلو الوزير سمع بما يحدث و(سردب)، لأنه ليس في يده القلم، وليس بإمكانه إصلاح ما أفسده أسلافه. * لذا فلا نستغرب إذا تكرر ما حدث مع آلآف التلاميذ ، وكون أن يعفي التلميذ من عقوبة السجن ويكتفي القاضي بانزال عقوبة الجلد عليه ففي اعتقادي فيه ظلم كبير عليه لأنه ضحية ظروف لم يكن طرفا فيها، وكنت أتوقع قبل إصدار الحكم علي التلميذ المغلوب علي أمره أن يستدعي القاضي وزير التربية والتعليم ويقوم بعرض ما حدث عليه ومطالبته برفع هذا الأمر علي أعلي مستويات الدولة والإعتذار للتلميذ المذكور وحل مشكلته فورا حتي تكون سابقة ربما أسهمت في رفع الظلم والفقر عن مثل هؤلاء التلاميذ، وعالجت مشاكل الرسوم الدراسية الإجبارية. * وأخيرا جدا، برأيكم من يستحق الجلد، التلميذ أم لذي فشل في حلحلة مشاكل التعليم في السودان ؟؟!!