الرابطة نوري بطلاً لكأس السودان المحلي كريمة مروي    شاهد بالفيديو.. وصفت نفسها بأنها "ترند مصر الأول".. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تحيي حفل زواج مصري وتغني وترقص على طريقة راقصات مصر    فينيسيوس يطلب الصفح من جماهير ريال مدريد    بعثة نادي الاتحاد تغادر إلى ود الحداد لخوض أولى مباريات الدوري التأهيلي وسط اهتمام إداري وإعلامي كبير    والي الجزيرة يعلن تدريب المستنفرين على الأسلحة الثقيلة    كامل إدريس يؤكد الإهتمام بدعم وتطوير القطاع الزراعي    السودان يحذر من خطر نشر الميليشيا الفوضى في الإقليم بشكل واسع وتنسيقها مع حركات سالبه    مباحثات"سودانية مصرية" وتأمين على هدف    حي العرب ربك يغادر الى الدويم    أبولولو.. أعوذ بالله    منى أبو زيد تكتب: قراءة في مواقف وفرص المفاوضات في السودان    الإمارات دولة محتضنة وراعية وداعمة للإرهاب...الفاشر لن تكون المحطة الأخيرة من الإنتهاكات    جثث النساء تناثرت في الطرقات...أكثر من مليون نازح (ناجي) من الفاشر نحو المجهول    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    لدينا بدائل نتمنى ألا نضطر لاستخدامها في السودان..رسائل تحذيرية لمستشار ترامب    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    "جاء الوقت الذي أضع فيه عائلتي في المقام الأول".. فنانة سودانية معروفة تفاجئ جمهورها وتعلن إعتزالها الفن وتقرر الهجرة لفرنسا بصورة نهائية    محمود الخطيب يكشف أسباب أداء الأهلي في كأس العالم للأندية ويؤكد: "ريبيرو مرحلة وانتهت"    إليسا تحتفل بعيد ميلادها في لبنان بحضور نجوم الفن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    4.5 مليون فرنك مكافأة لكل نادٍ رواندي بسبب مشاركة الأندية السودانية في الدوري    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    تفاصيل استشهاد المراسل الحربي آسيا الخليفة.. لجأت لمبنى مفوضية العون الإنساني بعد أن اشتد بهم الخناق والمليشيا طالبت بتسليمها لكن زملائها رفضوا ودافعوا عن شرفها حتى استشهدوا جميعا    الدوري الممتاز 7 يناير بدون استثناء    لاعبو ريال مدريد يطاردون يامال.. والشرطة تتدخل    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهلال والمريخ... أندية للبيع وهوية للإيجار!
نشر في كورة سودانية يوم 26 - 09 - 2025


عبدالعزيز المازري
الهلال والمريخ... أندية للبيع وهوية للإيجار!
الهلال والمريخ اليوم يشبهان تمامًا حال بعض من يتولى أمر الرياضة في بلادنا... كلٌ يغني على ليلاه، لكن الفارق أن ما أوصلنا إلى هذا الدرك ليس فقط سوء الحظ أو قسوة الظروف، بل غياب الفكر وطمس الهوية. الهلال جاء بمجلس منتخب، صحيح أنه وجد بعض من يعشق المدرجات ويعرف نبض الجماهير، لذلك ظلّ ملتصقًا بالحياة الرياضية وحافظ – ولو نسبيًا – على وجوده. أما المريخ، فعاش مراحل قاسية جدًا شهدت تكتلات وصراعات داخلية أنهكت النادي وأبعدته عن مكانته، حتى كاد أن يفقد معناه.
لكن وسط هذا الواقع المظلم تبرز شخصيتان تلخصان الحكاية: النمير في المريخ، والعليقي في الهلال. كلاهما قاد ناديًا كبيرًا في مرحلة حساسة، وكلاهما – رغم اختلاف الوسائل – ساهم في ضياع الهوية. النمير تسلّم المريخ في وقت العاصفة، لكنه لم ينجح في تحقيق المأمول، ومع ذلك فإن الكارثة الحقيقية لم تكن في الإخفاق الفني، بل في فقدان الفريق لعناصره القوية ورموزه التاريخية. المريخ تخلّى عن لاعبيه الكبار، وأصبح يعتمد على مجموعة باهتة لا تشبه اسم النادي، فضاع الإرث، وأصبح الطريق نحو العودة طويلًا ومليئًا بالأشواك.
في المقابل، لم يكن ما فعله العليقي في الهلال أقل ضررًا، بل كان نسخة أكثر خطورة من التجربة المريخية. بدأ مشروعه الاستثماري بوجه اقتصادي بارد، وأقصى اللاعب الوطني لصالح الأجنبي الذي يلعب لنفسه ويعرض نفسه للبيع. استُبعد القادة، وتُركت روح الفريق تتآكل، حتى تحوّل الهلال إلى سوق مفتوح للشراء والبيع. لم يعد الفريق يمثل الجماهير، ولم تعد الألوان تعني الانتماء، بل أصبح الشعار مجرد واجهة لاستثمارات أشخاص.
وهكذا، ما فعله الرجلان – أو لنقل المجلسان – هو قتل هوية ناديين عريقين. ولن تقوم لهما قائمة ما لم يُبنَ المشروع من جديد على أساس وطني صلب. فالهوية حين تضيع لا يمكن شراؤها بصفقة، ولا تُعوَّض بأجنبي مهما كان اسمه، والولاء لا يُستورد من الخارج. الهلال اليوم يعيش نفس ما عاشه المريخ بالأمس، والمريخ يسير في ذات الطريق الذي ضيّع الهلال هويته من خلاله. والنتيجة؟ فريقان تائهان، وأمة كروية لا تعرف من تمثل.
اللافت أن الاتحاد السوداني لكرة القدم يقف متفرجًا على هذه الفوضى التي تمارس باسم الاحتراف. لا ضوابط تحمي اللاعب الوطني، ولا تشريعات تجبر الأندية على استثماره وتطويره. النجم المحلي، مهما برز، مصيره الإعارة أو التجميد، قبل أن يخفت بريقه ويختفي بعد موسم أو اثنين. ولأننا نبحث دائمًا عن الحل الأسهل، نكرر ذات الأعذار: لا نملك أكاديميات، واللاعب غير مؤهل، والمدرب ضعيف... وكلها شماعات نعلّق عليها فشلنا بينما الحقيقة أمامنا واضحة كالشمس: كل إنجازات الكرة السودانية، سواء على مستوى المنتخب أو الناديين الكبيرين، صنعها أبناء البلد لا أقدام الأجانب.
ومع ذلك، نصرّ على الركض خلف السراب. فرقنا مقبلة على منافسات أفريقية بخطط واحدة: تسجيل أكبر عدد من الأجانب، وتهميش أبناء النادي، ثم انتظار معجزة في الملعب. والإعلام بدوره لا يزيد المشهد إلا ضبابًا، فهو مشغول بتزيين الواقع للجماهير وتوزيع جرعات "التمام" و"الأمور بخير" وكأن التطبيل سيحرز هدفًا أو سيصنع بطولة.
الحل لن يكون إلا بعودة أهل الاختصاص، وابتعاد التجار عن القرار. يجب أن نعيد الاعتبار لخبراتنا الوطنية، وأن نمنح أبناء الناديين الفرصة في التدريب والإدارة واللجان الفنية. لاعبونا السابقون يملكون المعرفة والخبرة، ويمكنهم بناء مشروع حقيقي إذا أُعطوا الثقة. فلماذا نغلق الباب في وجوههم؟ ولماذا يقبل خالد بخيت – وهو أحد أكثر من راكموا التجارب – بدور مساعد فقط لأجنبي، بينما يملك ما يؤهله لقيادة فريق بأكمله؟
يجب أن نعيد بناء الثقة في المدرب الوطني كما نعيدها في اللاعب المحلي. فهؤلاء أقل تكلفة، وأشد حرصًا، وأقوى انتماءً. أما أن نبقى أسرى لفكر "التاجر" الذي يحوّل الهلال والمريخ إلى أسواق، فسنظل ندور في حلقة مفرغة كما يدور الاتحاد في مكانه منذ نصف قرن، يذهب زيد ويأتي عبيد، والنتيجة واحدة: لا تقدم ولا تطور.
الحقيقة المؤلمة أن كرة القدم ليست لعبة فقط، بل هوية وثقافة وانتماء. وما لم ندرك هذه الحقيقة، فلن نتقدم خطوة واحدة. فالهلال والمريخ اليوم وجهان لعملة واحدة: إدارة بلا رؤية، وهوية مفقودة، وجماهير تُخدّرها الشعارات.
**كلمات حرة**
* من الصعب أن تبني بيتًا بلا أساس، والأصعب أن تبنيه بهوية ليست هويتك.
* الأندية التي تعتمد على "المعارض" و"الوافدين" لن تعرف الاستقرار أبدًا.
* حين يصبح اللاعب الوطني خيارًا ثانيًا في ناديه، فلا تسأل عن المنتخب ولا عن الكرة.
**كلمة حرة أخيرة**
أخشى أن نصحو يومًا فلا نجد للهلال ولا للمريخ ملامح... فقط ألوان وأسماء، بلا هوية ولا انتماء. نلعب بأقدام الآخرين ونحتفل بأهدافهم ونحزن لخروجهم... أما نحن، فأصبحنا مجرد متفرجين في مسرح صنعناه بأيدينا. والساخر أن بعضنا ما زال يصفق ويقول: "الأمور تمام!"، بينما الحقيقة أن "التمام" الوحيد هو ضياعنا الكامل إن لم نعد إلى أنفسنا قبل فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.