القوز يعود للتسجيلات ويضم هداف الدلنج ونجم التحرير    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الإرصاد في السودان تطلق إنذارًا شديد الخطورة    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(التفاصيل الكاملة) القوانين الجديدة... نذر مواجهة بين الإسلاميين والثوار
نشر في كوش نيوز يوم 19 - 07 - 2020

انشغلت الأوساط السياسية السودانية منذ الأحد الماضي، بالإعلان عن تعديل للقوانين السودانية وصياغة قوانين جديدة، الغالبية مؤيدة لتعديل هذه القوانين باعتبارها مقيدة للحريات، وقمعية صاغها نظام ديكتاتوري أسقطه الشعب بثورة شعبية، وأن إكمال إسقاطه يستوجب تغيير قوانينه.
وبينما يرى المطالبون بالحكم المدني، أن التعديلات أبقت على بعض القوانين ذات الطابع الديني، يرفضها الإسلاميون والمتطرفون، ويعتبرونها نهاية لمشروعهم السياسي القائم على «استغلال الدين».
يرجع أصل القوانين الدينية في السودان إلى سبتمبر 1983 عندما أصدر الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري، حزمة قوانين أطلق عليها اسم قوانين «الشريعة الإسلامية»، ونصّب نفسه بموجبها «أميراً للمؤمنين». ومن ثم، نكّل عن طريقها بمعارضيه، بعدما ساعده على صياغتها وتنفيذها عدد من الإسلاميين، على رأسهم زعيم الإخوان السودانيين الدكتور حسن الترابي.

معارضو النظام وقتها أطلقوا على تلك القوانين مسمى «قوانين سبتمبر»، وطالبوا بإلغائها عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت النميري في أبريل 1985، إلا أن حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي المنتخبة، والتي خلفت النميري لم تسارع إلى إلغائها، رغم تصريحه الشهير «قوانين سبتمبر لا تساوي الحبر الذي كتبت به».
وعندما انقلب الإسلاميون بقيادة حركة الإخوان «الحركة الإسلامية»، على النظام الديمقراطي في 30 يونيو 1989، سارعوا إلى إدخال تلك القوانين تحت ما أطلقوا عليه اسم «القانون الجنائي لسنة 1991»، وأضافوا إليها سلسلة قوانين قيدت الحريات، وحطت من شأن المرأة، وكفّرت الخصوم السياسيين.

إلغاء فعلي لبعض «قوانين سبتمبر»
وتعد التعديلات على القوانين والقوانين التي أصدرها وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري وصادق عليها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، إلغاءً فعلياً لبعض «قوانين سبتمبر»، وهو الأمر الذي لقي ارتياحاً شعبياً واسعاً. لكن الإسلاميين والمتطرفين وأتباع النظام المعزول، أثاروا ضجة كبيرة، وحاولوا استغلال الحس الديني عند المواطنين لتحويل موقفهم من القوانين إلى «معركة دينية»، وإلغاء ل«شريعة الله»، وفتح المجال أمام الفجور والخلاعة.
من جهة ثانية، اعتبرت التعديلات على القوانين والقوانين التي أجازها المجلس التشريعي المؤقت – المكوّن من مجلسي السيادة والوزراء مجتمعين – ونشرت في الجريدة الرسمية «الغازيتة» الأحد الماضي، خطوة صحيحة باتجاه إلغاء «قوانين الديكتاتورية» وإتاحة الحريات، وإنصافاً للكثيرين الذين تعرضوا للظلم باسم تلك القوانين السيئة الصيت، والسيئة التطبيق.
في الجريدة الرسمية 13 يوليو الحالي نشرت «قانون التعديلات المتعددة»، ومعها «قانون مفوضية إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية لسنة 2020»، وتعديل «قانون مكافحة جرائم المعلوماتية لسنة 2020»، وتعديلات جوهرية على القانون الجنائي لسنة 1991».

واشتمل «قانون التعديلات المتعددة» أيضاً على عدد من التعديلات في قوانين أخرى، مثل قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991، والقانون الجنائي لسنة 1991، وقانون الأحزاب السياسية لسنة 2007، وقانون الأمن الوطني لسنة 2010، وقانون المرور لسنة 2010، وقانون جوازات السفر والهجرة لسنة 2015، وقانون النيابة العامة لسنة 2017.
وتضمنت التعديلات المادة (27)، وتتعلق بتنفيذ حكم الإعدام، ولقد حُذفت منها عبارة «أو بمثل ما قتل به الجاني»، ومنعت إعدام من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، والذي بلغ السبعين من العمر، ما عدا جرائم الحدود والقصاص والجرائم الموجهة ضد الدولة والجرائم الواقعة على المال العام.
أيضاً، أزيلت من القانون الجنائي المادتان (78 و79) على التوالي وتتعلقان بشرب الخمر والإزعاج، عبارة «أو يحوزها أو يصنعها»، وقصرت التعامل في الخمر على غير المسلمين، وأبقت على تجريم التعامل بالخمور على المسلمين.
وجرمت المادة المعدلة (125) إهانة العقائد الدينية، وأضيف لها «كريم المعتقدات» وألغت عقوبة الجلد غير الحدّي، بينما ألغت المادة 126 تماماً، وهي تتحدث عن «عقوبة الردة»، وأدخلت بديلاً لها مادة تجرّم تكفير الأشخاص والطوائف ورميهم ب«الردة».

ويعد التعديل على المادة (141) من القانون الجنائي وتتعلق ب«تشويه أعضاء الأنثى»، المعروف ب«ختان الإناث»، في حين ألغت المادة (148) وتتعلق بالشذوذ، عقوبة الجلد والإعدام، وأقرت عقوبة السجن بما لا يتجاوز سبع سنوات، وألغت عقوبة الجلد عن المادة (151)، وتتعلق بالأفعال الفاحشة، في حين ألغت المادة (152) وتتعلق بالأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب، تجريم الزي، وحصرت العقوبة على الأفعال الجنسية التي تضايق الشعور والحياء العام، مثلما استثنت المادة (153) المواد ذات القيمة الأدبية والفنية والعلمية والثقافية والتراثية، من عقوبة الأفعال الجنسية التي تضايق الشعور العام، وألغت الفقرة التي تعاقب على احتمال ممارسة الدعارة والتكسب وتقديم الخدمات الواردة في المادة (154) من القانون الجنائي.
وألغى التعديل المواد (50، و51، و52، و53) من قانون الأمن الوطني لسنة 2010، وهي مواد كانت تعطي الجهاز صلاحيات واسعة، في القبض والاحتجاز للأشخاص، وتعطي حصانة لأعضاء الجهاز والمتعاونين معه، وتمنع مصادرة ممتلكاته، في حين قصرت المادة (25) المعدلة سلطات الجهاز على طلب المعلومات أو البيانات أو الوثائق أو الأشياء من أي شخص، والاطلاع عليها أو الاحتفاظ بها.
وحذفت التعديلات المادتين (12 و13) في قانون الجوازات والهجرة والجنسية، وتمنعان الزوجات أو النساء المطلقات من اصطحاب أطفالهن لخارج البلاد، إلا بموافقة الزوج أو الوصي الشرعي، وسمحت لهن باستصحاب أطفالهن دون حاجة إلى إذن. كذلك ألغت «تأشيرة الخروج» من البلاد، أو شهادة الاستيفاء، في حين تم تشديد العقوبات على جرائم المعلوماتية في تعديلات قانون جرائم المعلوماتية، إضافة إلى قانون مفوضية إصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية، والذي يمكن من إعادة إصلاح النظام الحقوقي والعدلي، وإزالة تمكين الإسلاميين في الأجهزة القضائية والعدلية.

جدل صاخب
وأثارت هذه القوانين والتعديلات بعيد صدورها جدلاً صاخباً، ورغم أنها لقيت قبولاً شعبياً واسعاً، فإن «الإخوان» والمتطرفين، شنّوا هجوماً كاسحاً عليها واعتبروها «إلغاءً لشرع الله»، وهددوا تبعاً لذلك بإسقاط الحكومة الانتقالية واعتبارها حكومة «كافرة»، ووعدوا بتنظيم اعتصامات واحتجاجات ضدها، في حين حاج البعض بأن إصدار مثل هذه القوانين يتطلب «برلماناً» منتخباً.
ورداً على اتهامات ودعاوى هذه المجموعات، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الخميس، عقب لقاء جمعه ب«جماعة أنصار السنة المحمدية» الدينية، إن حكومته لن تمس الحدود، وإنها حريصة على «المحافظة على إرث وقيم الإسلام، واحترام المبادئ والشعائر الإسلامية، دون المساس بأي من حدود وكليات وأهداف الدين».
وأكد حمدوك، خلال اللقاء، حرص حكومته على معالجة قضايا السلام والاهتمام بمعاش الناس، وأشاد بمساهمة الجماعة ورؤيتها في الإصلاح الوطني الشامل. وأكد وفد الجماعة وقوفه مع الحكومة الانتقالية، و«اتباع منهج المناصحة للإصلاح، متى ما لزم الأمر، والعمل على رتق النسيج الاجتماعي وإحلال السلام وتعظيم حرمة الدماء».

وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة فيصل محمد صالح قال ل«الشرق الأوسط» أمس، إن القوانين التي صدرت لم تحقق مطالب الكثيرين؛ لأن التغييرات الكبيرة منوط بها المجلس التشريعي، و«نحن حكومة مؤقتة لذلك لم نجر تعديلات كبيرة».
وأوضح أن تعديلات وزير العدل تهدف لمواءمة القوانين مع الوثيقة الدستورية، وأضاف «لا يمكن أن تكون لديك وثيقة دستورية تقرّ بعض الحقوق وهناك قوانين تتناقض معها». وتابع «ما فعله ليس فيه إصلاح قانوني حقيقي بهذا المعنى، ولا يحتوي على ما يقوله الإسلاميون، بل دعاة المدنية يرون أن القوانين لم تتضمن مراجعات كبيرة مطلوبة، هو كما أعلن والتزم بذلك. أن المطلوب هو تعديل هذه القوانين بحيث لا تتعارض مع الوثيقة الدستورية».
وأقر صالح بأن القضايا الأكبر، مكانها المؤتمر القومي الدستوري والبرلمان المنتخب؛ لذلك التزم الوزير بجعل الوثيقة الدستورية هي الوثيقة الأساسية. ونفى تعارض التعديلات مع قيم المجتمع، وقال «فيما يتعلق بموضوع (الدعارة) على سبيل المثال، هناك مادة لغتها غير قانونية – يرجح ويحتمل – لكن قانون تحريم الدعارة موجود وقائم. أما موضوع الخمر، فقد نص الدستور السوداني على احترام المعتقدات والتعدد والتنوع وكل الأديان، وفي الوقت ذاته تحرم الخمر بقانون على غير المسلمين، هذا تناقض أزالته التعديل القانونية».

موقف طائفة الأنصار
طائفة «الأنصار الدينية»، التي يتزعمها رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، قالت في بيان أمس، إنها تؤيد بعض التعديلات على القوانين أجملتها في القتل قصاصاً بمثل ما قتل به، باعتبارها محل اختلاف فقهي، وكذلك اعتبرت إهانة العقائد قضية ممنوعة شرعاً، وحد الردة رغم أنها جريمة منكرة، لكن لا يوجد نص يؤكد اعتبارها عقوبة دنيوية. واعتبرت تجريم «التكفير» ووصف المخالف بالردة ضرورة شرعية ومصلحة وظنية، ودرءاً للفتن بين الجماعات، وتسميماً للأجواء وإثارة الفتنة التي تؤثر على التسامح الاجتماعي.
وشدد بيان الطائفة على أن «ختان الإناث» عادة وليس حكماً شرعياً، وهو ما جعل بلداناً إسلامية كثيرة لا تمارسه، إضافة إلى أضراره الصحية على النساء، واستندت في ذلك إلى فتوى دار الإفتاء المصرية التي اعتبرته «حراماً شرعاً».

وانتقد بيان الأنصار تساهل القانون فيما أطلق عليه «الممارسات المصادمة لقيم المجتمع والمفسدة للأخلاق»، ودعا للتشدد في تجريمها، ورغم أنه لم يحددها، لكن الواضح أنه يقصد المواد التي تتعلق بالأزياء والأفعال الفاضحة. كما انتقد البيان تحديد عمر التكليف 18 سنة، فتحاً لباب لإفلات المكلف من المساءلة، استنادا إلى أن الشرع يعتمد البلوغ للتكليف، ودعا لتحريم الخمر صناعة وحيازة وتعاطي، بشكل مغلظ، وقصر العقوبة بشأنها على المسلمين دون غيرهم فيه أضرار اجتماعية وصحية واقتصادية ونفسية.
ودعت الطائفة إلى إرجاء ما أسمته «القضايا الخلافية المرتبطة بالمقدّسات» للمؤتمر القومي الدستوري، ل«أنها تحتاج إلى حوار هادئ، يقرب الشقة ويعمل للوصول إلى رؤية مشتركة حولها». بيد أن الطائفة اعتبرت فلسفة المشرّع في التعديلات وحصر عقوبة الجلد على الجرائم الحدية، نوعاً من أنواع الاتساق مع المواثيق الدولية التي تمنع العقوبات القاسية.
وأيدت الطائفة إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وقالت «تجد منا التأييد لأن هذا ما ظللنا نطالب به، والحريات المطلوب عدم تقييدها هي الحريات المنصوص عليها في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان المتعلقة بصيانة الكرامة الإنسانية».

رأيان في التعديلات
من جهته، يقول الكاتب النور حمد، بحسب مقال منشور في وسائط إعلام محلية، إن إبطال «مادة الردة» وإبطال حق الرجل منع الزوجة المسافرة أو المطلقة، اصطحاب أطفالها، «إنجازان باهران لا مراء فيهما» بوجه من يعترضون على عدم التشريع من دون مجلس تشريعي، وأن تعديل القوانين يحتاج إلى «مشاركة واسعة وتفويض شعبي، ولا ينبغي أن تقوم به النخب».
وجوّز حمد حق النخب في تعديل القوانين لأنها أتت بثورة شعبية، شعاراتها «حرية سلام وعدالة». ووصف الاعتراضات بأنها «شكلية»، بقوله «ينطوي هذا النوع الشكلي الإجرائي من الاعتراضات، على رفضٍ دفينٍ مبطَّنٍ للثورة ولشرعيتها، بل على عدم اعترافٍ بها، لا يفصح عن نفسه بوضوح».
واستطرد حمد قائلاً، إن الوثيقة الدستورية توافقت عليها كل قوى الثورة، ممثلة في جماهير الثورة، وفي قوى الحرية والتغيير، وفي الحكومة الانتقالية بقسميها، هي دستور الفترة الانتقالية الذي شهدت عليه القوى الإقليمية والدولية. وتابع «كأني بالمعترضين يقولون: ليس من حق الثوار تغيير أي شيء تركته الإنقاذ، حتى يأتي المجلس التشريعي المنتخب... ينطوي هذا المنحى، في تقديري، على رغبة دفينة في إلغاء الثورة، إلغاءً تاماً».
حمد يعتبر الثورة الأصل، لأنها قلبت الطاولة على النظام القديم برمته، و«أول ما تجري إزالته من تركة الإنقاذ المثقلة، إنما هو القوانين غير الدستورية، التي حرس بها النظام المدحور شموليته، واتكأ عليها لينكل بالمعارضين السياسيين، وليبسط بها هيمنة الذكور المطلقة على الإناث».

ويقول محمد حسن عربي، المحامي وعضو سكرتارية تجمع المهنيين، إن السودان ورث عن النظام البائد «ترسانة من القوانين المقيدة للحريات والمهدرة للكرامة الإنسانية»، وإن تقييم القوانين التي تصنف بإهدار الحقوق والكرامة والتي في حاجة إلى إلغاء يبلغ عددها 160 قانوناً.
وأوضح عربي، أن التعديلات جاءت بمبادرة من وزير العدل نصر الدين عبد الباري، الذي أدارت وزارته حولها نقاشاً مهنياً حقوقياً حول سبل الوفاء بتوفيق القوانين مع الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية.
وأوضح عربي، أن النقاشات توصلت لضرورة إجراء تعديلات عاجلة بموجب قانون التعديلات المتنوعة، تقوم على الموائمة بين حقوق الإنسان والتشريعات السودانية السارية. وتابع «شاركنا في اللجنة القانونية في الورشة التي نظمتها الوزارة لاقتراح، وإجازة مسوّدة التعديلات المتنوعة، على هدى الرؤية المقدمة بشأن إلغاء التقييد لحقوق وحريات الإنسان، وصيانة كرامته». وأوضح أن قانون التعديلات المتنوعة، تتبع عقوبة «الجلد» في القانون الجنائي في غير جرائم الحدود، وقال بإلغائها أينما وجدت، مضيفاً «العقوبة الحدية المقررة بالجلد لا تتجاوز شرب الخمر والزنا والقذف، وبالتعديلات لم يعد متاحاً إيقاع عقوبة الجلد في القانون الجنائي».

ورأى عربي، أن إلغاء جريمة الردة والجرائم التي تحاكم الضمير والمعتقدات في الحياة، واعتماد نص بديل يجرّم التكفير، تقدما مهما في طريق رعاية الحقوق الإنسانية، وإقرار بحق الإنسان في الاعتقاد دون وصاية ودون خوف من محاكم التفتيش.
واعتبر عربي التعديلات والقوانين الجديد خلاصة للتطور البشري في «فلسفة التجريم والعقاب»، وخدمة لأهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) بإزالة عدم الوضوح «الدغمسة» عن سن المسؤولية الجنائية وتحديد البلوغ بسن 18 سنة. ورأى عربي أن المشرع اعتمد ما أسماه فلسفة «العدالة الترميمية والمحاكم البديلة في قضاء الأحداث»، وقال «لأول مرة في تاريخ السودان يتم اعتماد (الخدمة الاجتماعية)، كواحدة من العقوبات، خاصة بالنسبة للنساء الحمل والرضع والأمهات».
وكان وزير العدل نصر الدين عبد الباري قد ذكر للتلفزيون الرسمي أن الغرض من التعديلات المواءمة بين القوانين والوثيقة الدستورية، واستجابة لحاجة ملحة بإقرار الحريات وسيادة حكم القانون دون تمييز، وإزالة اللبس والغموض والتعميم في بعض مواد القوانين، وإن الحكومة الانتقالية على رغم الصعوبات ستمضي في إنفاذ هذه القوانين.

الحكومة تواجه ضغوطاً من جهات عدة
* تواجه الحكومة الانتقالية السودانية ضغوطاً داخلية وإقليمية ودولية، لإشاعة الحريات وإلغاء التمييز الديني الموروث من حكومة الإسلاميين المعزولة، وتنظيف سيرة البلد الذي ظل متهماً بدعم الإرهاب ورعايته، ولا يزال اسمه مدوناً في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإقامة حكم مدني وإتاحة الحريات تسعى حكومته للخروج منها.
داخلياً، يطالب الثوار بتصفية تركة نظام الإسلاميين برمتها، ومحاسبة الفساد وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والمنتهكة لحقوق الإنسان، وترسيخ الحكم المدني، وخارجياً يسعى السودان للخروج من التصنيف الذي وجدت الحكومة الانتقالية نفسها محكومة به «دولة راعية للإرهاب».

انتقادات ورفض من أنصار النظام المعزول
تقوم الانتقادات والرفض الذي يشنه أنصار النظام المعزول والإخوان للقوانين والتشريعات الجديدة على ركيزتين، الأولى أنها «حرب على الإسلام»، وإلغاء لشريعة الله، والأخرى أن الحكومة الانتقالية ما ينبغي عليها تعديل القوانين، بل تأجيل ذلك لحكومة وبرلمان منتخب، وترى أنها تعديلات غير شرعية.
وفي بيان للحركة الإسلامية – الاسم المحلي ل«الإخوان» المسلمين – اعتبرت التعديلات في القوانين «تجاوزاً خطيراً، وتغولاً على إرادة الشعب وحقوقه في التشريع، بلا تفويض من مؤسسة دستورية منتخبة»، ومخالفة واضحة لما أطلق عليه البيان «الأعراف التشريعية»، وإسقاطاً لحكم «الشريعة الإسلامية». واعتبرت ما أسمته المساس ب«أحكام الشريعة خطاً أحمر»، وأعلنت أن المساس به يستدعي إسقاط حكومة قوى إعلان الحرية والتغيير، وأن صبرها قد وصل نهايته، ودعت من أسمتهم القوى الإسلامية والحادبين على الدين لإسقاط الحكومة، وحذّرت الحكومة بشقيها المدني والعسكري من المضي قدماً في إنفاذ التعديلات، وقالت بلهجة تهديد واضحة «هذا بلاغٌ للناس وليُنْذروا به... وقد أعذر من أنذر».

لكن المنشور على صفحة «حزب المؤتمر الوطني» المحلول على موقع «فيسبوك»، وجد استهجاناً من معظم المتداخلين. ففي الوقت الذي خرجت من بين مؤيديهم أصوات تدعو لإسقاط الحكومة الإسلامية بسفك الدماء والعنف، سخر معظم المتداخلين من فحوى البيان، واعتبروه عودة ل«ضلال» الإسلاميين القديم، ومتاجرة بالدين، وقالوا إن الأمر لا علاقة له بالدين، بل استغلال له لتحقيق أهداف سياسية، وأنهم لم يستطيعوا الحكم بما أنزل الله كما يدعون طوال فترة حكمهم البالغة 30 سنة، وقال معلق «لن يغش أحد من قبلكم، الناس صاروا يفهمون الدين، وقضيتم 30 سنة لإخراج الناس من دين الله بأفعالكم التي لا علاقة لها بالإسلام».

الخرطوم: أحمد يونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.