وجه خبراء اقتصاديون وأكاديميون انتقادات حول حديث فلوكر الأخير أمام مجلس الأمن، وقالوا إنه لم يكن أميناً في حديثه، مضيفين أنه جاء بأجندات سعى من خلالها إلى إجهاض الوضع السياسي في السودان، موضحين أنه يهدف بتصريحاته الكارثية إلى تأجيج نار الفتنة، مشيرين إلى أن فولكر أول من يعرف أن وعود الغرب بالمساعدات أكاذيب ولن تتحقق، لافتين إلى أن الجهات الداعمة للسودان لها موجهات من جهات دولية في إطار تقديم أي دعم للسودان. حديث فولكر وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، قال أمس الأول إن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في البلاد تتدهور بسبب غياب الحكومة منذ إعلان الجيش إجراءات بشأن السلطة في 25 من أكتوبر الماضي، وما تلا ذلك من احتجاجات واسعة طالبت بالحكم المدني، وأكد بيرتس على أن السودان معرّض لخطر خسارة المليارات من الدعم الخارجي، بعد إيقاف مدفوعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمانحين الرئيسيين الآخرين وانخفاص الصادرات، وأوضح أن السودان يواجه أيضاً خطر تفويت مواعيد نهائية حيوية وضعها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدعم الاقتصادي والمالي الدولي، وشطب نحو 50 مليار دولار من ديونه في إطار مبادرة تخفيف ديون البلدان الفقيرة "هيبك". إيقاف الدعم وقال الأكاديمي والمحلل السياسي د. عثمان أبو المجد إن التقرير الذي قدمه فولكر لمجلس الأمن هو من أجل تحسين صورته كمندوب للأمم المتحدة في السودان، معتقداً أن فولكر فشل في أداء مهامه في السودان، قائلاً إنه جاء بأجندات سعى من خلالها إلى إجهاض الوضع السياسي في السودان وإيصال السودان إلى هذا المرحلة التي نحن فيها الآن، وبرر ذلك لأن فولكر كممثل للأمم المتحدة من أجل دعم النظام المدني كان بإمكانه أن يساهم بصورة مباشرة عبر المانحين وصندوق وبنك النقد الدوليين لدعم السودان اقتصادياً، وتابع: لكن إن يتباكى باعتبار أن السودان فيه انقلاب ويحرض الجهات الخارجية لإيقاف الدعم عن السودان ويقول إن الاقتصاد السوداني في انهيار أعتقد أن ذلك يؤكد إن هنالك أجندات خارجية يسعى من خلالها فولكر لإجهاض النظام السياسي الموجود في السودان، موضحاً أن الحجة كانت في عملية الحكم المدني. تنفيذ أجندات يوضح أبو المجد أن في الأيام المقبلة سيتم تعيين رئيس مجلس وزراء ووزراء تكنوقراط يمثلون الجانب المدني، مبيناً أن هذه الخطوة ستدحض مثل هذه الافتراءات التي تؤكد أن هناك انقلاب وحكم عسكري، وأكد أن التقرير الذي قدمه فولكر هو من أجل تثبيت أركانه ووجوده في السودان ليواصل في تنفيذ الأجندات والخطط التي أتى بها من أجل عيون الجهات التي منحته الثقة للقيام بعمل قد لا يؤدي لدعم الاستقرار في السودان. إنعاش الاقتصاد ويرى أن هناك جهات خارجية تلعب دور كبير جداً في إجهاض الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري في السودان، ويعتقد أن المبادرة التي قدمت من فولكر كانت فيها نوع من الإقصاء والسعي لتقسيم الفرقاء السودانيين وليس جمعهم على كلمة سواء، وطالب السودانيين بضرورة أن ينبذوا الفرقة والشتات ويحاولوا دعم المبادرات التي قدمت من قبل جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات القومية والإدارة الأهلية لصياغتها في مبادرة واحدة ليستطيعوا من خلالها الوصول لكلمة سواء والى ميثاق يمكن أن يجمع السودانيين ولا يفرقهم ومن ثم المحاولة للعمل الجاد لإنعاش الاقتصاد السوداني في الفترة التي تبقت من عمر الفترة الانتقالية. أجندات خارجية وأبدى د. المجد أسفه قائلاً: الجهات الداعمة للسودان لها موجهات من جهات دولية في إطار تقديم أي دعم للسودان، وأوضح أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت وعدت بتقديم 700 مليون دولار للسودان ولم تفِ بحجة البيان التصحيحي الذي تم وصفه بالانقلاب، ويعتقد أن الجهات التي لها رغبة في حقيقية في دعم الاقتصاد السوداني لما ترددت لحظة واحدة، وقال إن قضية الاقتصاد السوداني مرهونة بأجندات خارجية تؤثر بصورة مباشرة بالأمن القومي السوداني، أما أن يكون أو لا يكون، حتى على مستوى شطب بعض الديون في مبادرة تخفيف الديون البلدان الفقيرة "هيبك"، ويرى أن موضوع الدعم غير معني بقضية الحكومة سواء كانت مدنية أو عسكرية، وتابع: لكن في واقع الحال أرى أن الحكومة الحالية مدنية وتكنقراط، إلا أنه أعاب عليها إطار تكوين آليات التي تسير دولاب الدولة كالمفوضيات والمحكمة الدستورية، ومجلس النيابي الأعلى ومجلس القضاء الأعلى وغيره من التي تمثل رأس الرمح في النظام المدني. تحسين الاقتصاد واعتبر د. المجد أن كل هذه الأشياء تدخل في إطار تنظيم نظام الحكم في السودان، معتقداً أن الخطة تسير، آملاً خلال الأيام القادمة اختيار رئيس الوزراء واختيار الوزراء وهم بلا شك مدنيين، وقال إن الحكومة السابقة التي ترأسها حمدوك هي حكومة محاصصة خاصة بأحزاب معينة، مبيناً أن هناك أحزاب تم إقصاؤها على مستوى قوى الحرية والتغيير، مؤكداً أنه ما أثر سلباً على الوضع الاقتصادي من خلال السياسات التي وضعت، وقال إن هذه الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في تحسين الاقتصاد على الرغم من الوعود التي قطعت سواء كان عبر صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو المانحين ووالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بما في ذلك الدول الخليجية والتي يتم تحريكها من قبل مؤسسات دولية، متوقعاً أن تكون امتنعت عن تقدم دعماً مباشراً لإنعاش الاقتصاد السوداني. مشاريع مستقبلية ويشير إلى أن هناك تصريح لوزير المالية السعودي بعد زيارة البرهان بعدم وجود نية أو خطة أو وعود لدعم الاقتصاد السوداني بصورة مباشرة وإنما هي عبارة عن اتفاقيات تمت في إطار الاستثمارات المستقبلية في المشاريع التي يمكن أن تكون ذات عائد مشترك بين الدولتين، لافتاً إلى أن ذلك يؤكد بأن الاقتصاد السوداني مستهدف سواء كان في الداخل أو الخارج، سائلاً الله أن يكون الشعب السوداني والحكومة المرتقبة بأن تعتمد على الذات، معتبراً أنه إنعاش للاقتصاد السوداني من خلال الموارد الموجودة ودعم الإنتاج، لافتاً إلى أن هناك موارد معدنية وزراعة وثروة حيوانية، قائلاً إنها إمكانيات إذا استغلت استغلالاً حقيقياً وبرقابة خاصة الذهب نستطيع تحسين الاقتصاد وينعكس ذلك على المواطن السوداني، وانتقد طريقة تحسين الاقتصاد عن طريق رفع الدعم وبعض السلع التي تهم المواطن في معاشه والخدمات التي يستفيد منها، ويرى أنها سياسات خاطئة، متمنياً من الحكومة القادمة النظر بعين الاعتبار وإيجاد حلول عاجلة لتحسن الوضع الاقتصادي وترفع عن كاهل المواطن هذه المعاناة التي يعانيها في ظل الظرف الراهن. تهمة وضحية بينما يقول الأكاديمي د. محمد عثمان عوض الله إن فولكر لم يكن أميناً في حديثه وكان فظاً بدرجة تجافي حتى الأعراف الديبلوماسية، وأضاف أن فولكر أراد أن يصب مزيد من الزيت على النار بتصريحاته المنحازة لصالح الجهة التي تسبب في الأزمة بتبرئته منها وتلبيس التهمة إلى الضحية، ونفى أن يكون تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب غياب حكومة كما ذكر، موضحاً أن سبب التدهور هو مخلفات الحكومة السابقة بسبب تسييسها للعدالة وانحرافها عن دولة القانون وتمزيقها للنسيج الاجتماعي بتطاول الاعتقالات وموت المعتقلين داخل السجون وفصل الآلاف من الكفاءات من الخدمة المدنية، مؤكداً أن ذلك أهدر حقوقهم وأفقر المؤسسات وتجلى ذلك في الأداء البائس والنتائج الكارثية التي هي سبب الأزمة الحالية، قاطعاً أنها كانت حكومة لإنتاج الأزمات ولم تستطع الحكومة الحالية علاج الأزمات التي ورثتها. طعم للخديعة ويرى أن فولكر يهدف بتصريحاته الكارثية إلى تأجيج نار الفتنة بدعم وحماية المظاهرات التخريبية التي تدمر البنية التحتية للدولة وتعطل عمل المؤسسات وتخلق الفوضى والهلع والعنف ضد المواطنين، وقال في حديثه ل"اليوم التالي" إن فولكر أول من يعرف أن وعود الغرب بالمساعدات إنما هي أكاذيب لا ولن تتحقق، وتابع: إنما مجرد وعود يستخدمونها ككرت للابتزاز والتضليل وطعم للخديعة. إدارة معقدة إلى ذلك قال الباحث والمحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، إن الأزمة الاقتصادية في السودان مستمرة منذ نحو أربعة أعوام مع عدم استقرار سياسي وأمني، موضحاً أن ذلك أثر على مجمل الأوضاع الاقتصادية في السودان، منوهاً إلى إيقاف مؤسسات التمويل الدولية ومساعداتها وقروضها للسودان، مؤكداً أنه ما جعل الحكومة تلجأ إلى التمويل بالعجز، ويشير إلى أن إدارة الاقتصاد السوداني معقدة ومتداخلة لكن يمكن جعلها سهلة، وقال في حديثه ل"اليوم التالي" إن ذلك يتم بتشخيص العوائق والتحديات بالاقتصاد الجزئي في كل قطاع، إضافة إلى سن القوانين والتشريعات مع تسهيل الإجراءات وزيادة الحوافز بكل قطاع وذلك لتحسين بيئة الأعمال انتعاش الاقتصاد السوداني، إلى جانب تحقيق السلام، قائلاً إن فاتورته مكلفة جداً وهو ما يزيد من تعقيدات المشهد، لافتاً إلى أن ذلك سيؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي والأمني في البلاد. رؤية واضحة وينوه د. هيثم إلى أن من أسباب الأزمة الاقتصادية عدم استقرار الحالة الأمنية والسياسية في البلاد وتغيرات الجهاز التنفيذي للدولة في العام عدة مرات، إضافة إلى عدم استقرار دولاب العمل وتولي أمر البلاد لقيادات لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي مع عدم وجود أي خبرات وكفاءات لطرح وتنفيذ رؤية واضحة لانتشال وتصحيح الوضع الاقتصادي، إلى جانب عدم اهتمام موازنة العام الحالي بزيادة الإنتاج والإنتاجية من خلال رفع أسعار الكهرباء والخدمات التي تدعم الإنتاج. إصلاحات قاسية ويبين د. هيثم أن المواطن السوداني يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة مع موجة ارتفاع كبيرة في أسعار الخدمات والمنتجات نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بشكل حاد مؤخراً، وقال إن تدهور الجنيه يأتي بعد حزمة إصلاحات اقتصادية قاسية متعجلة دون توفر وسائل نجاحها ودون تخطيط مسبق، مضيفاً أن هذه الإصلاحات أقرتها الحكومة الانتقالية لمعالجة الوضع الاقتصادي، وتلبية لشروط صندوق النقد الدولي، مؤكداً أنها إصلاحات كلفت المواطن السوداني مشقة على مشقة، في ظل وضع اقتصادي قاسٍ وصعب بالأساس.