من خلال «1228» كلمة قدم الدكتور صالح عبد القادر صالح (الرأي العام، السبت 15/12) مقالا جميلا بعنوان (الترابي والدعوة لمقاطعة الانتخابات) شاركت تحليلاته واستقراءاته وتنبؤاته وأسلوبه المتمكن وتقليبه للأمر على مختلف وجوهه للوصول إلى احتمالات ما يبغيه الدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي من الدعوة لمقاطعة الانتخابات القادمة. ومن مجمل ما ظننت أنني خرجت به من مقال الدكتور أدلف إلى الخطوة التالية، وهي الخطوة التي يمكن أن تستقر بمعارضة الدكتور الترابي للحكم الحالي وللانتخابات إلى نهاية مأمونة. فالمؤتمر الشعبي، كما وصفه الدكتور صالح، (حزب صغير الحجم كبير التأثير)، وليست هناك مؤشرات تقول إن هذه المعادلة ستتغير بعد الانتخابات، ولذلك يُتصور أن جزءاً كبيراً من أسباب رفض الدكتور الترابي للمشاركة في الانتخابات القادمة هو تأكيد صندوق الانتخابات لفكرة أن المؤتمر الشعبي حزب صغير فعلا. من قبل راجعت الحركة الشعبية في جرد شامل لعلاقاتها مع الأحزاب في الحكم والمعارضة .. وراجعت علاقتها بخصمها العنيد المؤتمر الوطني، وكان عليها أن تختار بين موقف عاطفي يدفعها للاستمرار في علاقتها السلبية بخصمها العنيد فتخسر وربما يخسر السودان، أو تجد مخرجا ايجابيا، فترتفع فوق الخصومة لتدفع المركب في خطوات نحو السلام الآمن، واختارت الطريق الثاني. المؤتمر الوطني بالنسبة إليها كان حزبا راسخ الأقدام، متفاعلاً مع المجتمع، يملك الجدية ومفاتيح الصمود في وجه الأعاصير، ولذلك اختارته. لكن كان أحد مخاوفها الرئيسية أن يبتلع المؤتمر الحركة بقوة جذبه وتأثيره كما ابتلع أحزابا كثيرة تحالفت معه فبهتت صورتها في الساحة. وكانت إحدى القراءات السياسية لمعارضة الحركة لكل خطوات ومواقف الحكومة السياسية أنها كانت مجبرة على ذلك لتأكيد بقائها في الساحة مستقلة عن تأثيرات المؤتمر الوطني. المؤتمر الشعبي سيظل في غنى عن إثبات أي شيء لتأكيد استقلاليته، ولن يواجه أية مشكلة إذا قيل إنه ذاب في المؤتمر الوطني أو أن المؤتمر الوطني ذاب فيه بحكم أنهما في الأصل فرعان لشجرة واحدة. تشير كثير من الاستقراءات إلى أن نتائج الانتخابات القادمة ستسجل أغلبية واضحة لشريكي نيفاشا، قد يختلف الناس في هذا وقد يتفقون، ولكن ما دام التوقع الأول يشير لذلك فإن التحالف مع أحد هذين الشريكين غالبا يكون أحد مطامح الأحزاب الجادة الراغبة في مواصلة دورها السياسي بإيجابية. مقولة السيد الصادق المهدي التي تشبه حوارات (المتضادين) سياسيا بأنها تشبه حوار الذئاب .. أتجرأ واستثني منها حوار المؤتمرين (المتشاكسين) الوطني والشعبي، فهما كانا في الأصل حزباً واحداً، وفي تقديري أنه لا أحد في الساحة يفهم عقلية الترابي وطريقة تفكيره وإدارته لمعاركه السياسية أكثر من تلاميذه الذين يشكلون الآن المؤتمر الوطني. وبعد .. هي دعوة ستجد معارضة في البداية لكنها ستضيف إلى قوة الحزبين قوة أخرى غير مرئية هي قوة المتقاعسين الذين هربوا من الميدان عندما رأوا آمالهم تتبدد بالخلافات، وهم عدد لا يستهان به، يا ترى هل يحتاج ذلك لتأكيد؟