في المقابلة الصحفية الرشيقة التي أجراها زميلنا «وولدنا» الاستاذ فتح الرحمن شبارقة مع القائم بالأعمال الأمريكي البرتو فيرنانديز الذي وصفه شبارقة وبحق أنه «مركب مكنة سفير» قال البروتو عندما سئل عن حجم الاستثمار الأمريكي في السودان: «الأولويات الأمريكية في السودان إنسانية وسياسية وليست اقتصادية، الاستثمار الأمريكي ليس مهماً في السودان اليوم، فأمريكا تختلف عن أصدقائنا في الصين والهند الذين لهم اهتمامات اقتصادية أكثر من أي أشياء أخرى في السودان» لقد كان الشبارقة موفقاً في سؤاله أيما توفيق وكان السفير «أقصد القائم بالأعمال» صريحاً في إجابته أيما صراحة فوصفه للأولويات الأمريكية في السودان بأنها إنسانية وسياسية وليست اقتصادية يجعلنا نخشع قائلين: «هنا سجدة التلاوة» أو نصرخ بلغة الشعر قائلين: «هنا بيت القصيد» أو نهتف بالسودانية «هنا الكتلة» وإن شئت الفُصحى قل: «هنا مكمن الداء» فليت الأولويات الأمريكية في السودان كانت اقتصادية، فالإقتصادية هي الأشمل لأنها تحتوي على الإنسانية داخلها فالصين مثلاً التي يرفض السيد القائم بالأعمال طريقة تعاملها مع السودان وان قدم لذلك بكلمة أصدقائنا هل أضرت بالسودان عندما استثمرت فيه وأقامت مشروعات عملاقة بدءاً من استخراج النفط مروراً بكوبري حنتوب ومصانع الغزل والنسيج وانتهاء بسد مروي؟!! هل أفادت إنسان السودان العادي أم أضرته؟ مواطن الجنوب الذي تدعي أمريكا حبها له وحمايتها له، هل استفاد من البترول الذي استخرجته الصين أم تضرر؟؟ أين المساعدات الإنسانية التي قدمتها امريكا وهي تُحسب بالمليارات؟؟ القاصي والداني يعلم لعبة المساعدات الإنسانية ومن هو المستفيد منها، نحن نسأل سيادة السفير أيهما أحسن للإنسان أن تطعمه «بالملعقة» أم تعلمه كيف يصنع غذاءه؟ شركة شيفرون التي بدأت الاستثمارات البترولية في السودان لو أنها واصلت عملها ولم تنسحب لأصبح الجنوب مثل المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، لا بل فاقها بالخضرة والغابات الكثيفة، فما أجمل أن ترتفع مداخن الآبار مع الطرق المعبدة والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب والعمائر الشاهقة مع المطر النازل، ولكن أمريكا تريد المساعدات الإنسانية والسياسية وطبعاً بالتعريف الأمريكي للإنسانية وللسياسة.. «ونواصل إن شاء الله».