تمكن وفد السودان المفاوض فى أديس أبابا برئاسة إدريس عبد القادر أمس الأول من تسجيل نقطة لصالحه و تحقيق اختراق كبير فيما يلى اولوية الاجندة التي على أساسها يبدأ التفاوض،حيث توصلت كل الاطراف بما فيها الآلية الافريقية و المراقبين من الدول المعنية بملف التفاوض بين الخرطوموجوبا و المنظمات المراقبة الى ان الملف الامني يجب ان يكون الاولى بالحسم. في حديث سابق ل (الرأي العام ) قال عبدالرحيم حمدي وزير المالية السابق ومهندس سياسة التحرير الأقتصادي : ( أتحدى من يقول ان السلع التى رفعت الدولة يدها عنها تواجه مشكلة فى الوفرة أوالأسعار ) مدافعا عن سياسة التحرير الاقتصادي وزاد قائلا ) أؤكد أن السلع التي تواجه إشكاليات وارتفاعا في أسعارها في الوقت الراهن هي السلع الأربع الرئيسية:( القمح والأدوية والسكروالدقيق) بسبب تدخل الدولة فى تحديد الأسعار وهذا ما نشهده الآن في سلعة السكر. واسفرت اجتماعات اللجنة المصغرة التي شكلتها الوساطة بمقر التفاوض من النظر في مقترحين احدهما يتضمن حسم الملفات الامنية اولا قبل الدخول في ملفات القضايا الاخرى فيما يشمل المقترح الثاني حسم الملفات كلها بالتزامن بجانب الاتفاق على الوضع النهائي في ابيي وفقا لاتفاق اديس ابابا في يونيو الماضي و الذي نص على تشكيل ادارية ومجلس تشريعي و شرطة مشتركة ،وتقرر على اثر ذلك ان تلتئم اللجنة السياسية الامنية المشتركة التي يرأسها وزيرا الدفاع فى البلدين و تضم فى عضويتها وزراء الداخلية و الخارجية ورؤساء الاجهزة الامنية و هيئة الاركان و مديري الشرطة و الاجهزة الامنية اليوم الاثنين بمقر التفاوض فى اديس ابابا حيث يقود وفد السودان في اجتماعات اللجنة الفريق مهندس عبد الرحيم محمد حسين .وستنظر اللجنة فى مسألة الحدود و نقاط المراقبة و مواقع الارتكاز و المناطق منزوعة السلاح بجانب ايواء و دعم الحركات المتمردة .وبحسب المعلومات الواردة من اديس ابابا فان وفد الحكومة المفاوض قد سجل اعتراضا قويا لدى الوساطة بعد دفع مفاوضي دولة جنوب السودان بخريطة متضمنة لمنطقة هجليج و مناطق اخرى لاعتمادها كمرجعية فى التفاوض فى النزاع الحدودي .وبنى وفد السودان اعتراضه على ان الخريطة تفتقر للمرجعية باعتبارها غير معتمدة من الجهات الدولية المعروفة فى رسم خرائط البلدان وفق المعايير الفنية و طلب وفد السودان بالرجوع الى حدود 1956 . و لفت الانتباه الى ان السعى لاقحام خرط جديدة من شأنه ان يعرقل المفاوضات . بعض المصادر قالت ل(الرأي العام) ان الصراع الذي يدور بين السودان وجنوب السودان امني فى المقام الاول وانه لا الاممالمتحدة و لا مجلس السلم و الامن الافريقي و لا كل الاتفاقيات الموقعة ترغب فى ان يستمر الصراع الامني بين الدولتين اضافة الى ذلك فان وجهة النظر العملية في قرار مجلس الامن الدولي رقم 2046) تشير الى ضرورة التدافع باتجاه ايجاد حلول للمشكلات وفقا للمصالح .. و بحسب اللواء محمد نعمة الله فان القضية الاساسية فى ما يدور بين الخرطوم و جوبا هو تدافع و صراع مصالح باعتبار ان كل دولة تبحث عن مصالحها .و رأى نعمة الله انه لا توجد مصالح تحقق بصورة كاملة و ان التدافع يقتضي التنازل بعض الشىء ،و يمضي الى تأكيد انه من ناحية مصلحية بالنسبة للسودان فان بدء التفاوض بالملف الامني يعد اولوية، كما ان كل الاستراتيجيات يكون اساسها امنياً و عسكرياً و من ثم تتجه نحو المصالح الاقتصادية الاخرى ، و فى تقديره انه اذا لم يعالج الاصل فى المشكلات وهو الملف الامني فان السعى لحل اي ملف آخر يكون غير ذي جدوى .. و يرى ان الاصل فى حسم الملفات يجب ان يكون للجوانب الامنية و العسكرية و من ثم الدخول فى حل ملفات الخلاف الاخرى . و يجب الاشارة هنا الى ان اتفاق نيفاشا الشامل الذي امن على اعطاء الجنوب حق تقرير المصير مبني على ان حدود 1/1/1956 هي الحدود الفاصلة بين الدولتين .و يشير اللواء نعمة الله الى انه لقيام اية دولة لابد من توافر ارض محددة ،سكان و شعب و فى تقديره فان اتجاه دولة الجنوب لاحتلال مناطق خارج حدود 56 و تضمينها فى خريطة جديدة دفعت بها للوساطة يعتبر خرقا واضحا لاتفاق السلام الشامل اضافة الى ان الخطوة تمثل خروجا عن اجماع الاتحاد الافريقي ,وفى تقدير اللواء النعمة انه لا يمكن ان تقوم دولة غير معروفة الحدود باعتبار ان هذه الخطوة تمثل سابقة خطيرة و مدعاة للفوضى . أما فيما يلي حرص دولة الجنوب على اعطاء الاولوية للملف الاقتصادي ، ترى مصادر مطلعة ان قيام اية دولة جديدة فى العالم يجب ان يكون لديها سند اقتصادي ترتكز عليه و ان ما اقدمت عليه دولة الجنوب من اغلاق لانبوب النفط المصدر الرئيسي لدخلها القومي و سعيها لتخريب نفط السودان من خلال احتلالها لمنطقة هجليج النفطية وهي خطوة همجية اعتبرت بعض المصادر ان تأثيرها ربما يكون قد امتد الى سوق النفط العالمي بجانب تأثيره على مصالح الصين الشريك الاستراتيجي للطرفين .و قيادة دولة الجنوب عندما شعرت انها اخطأت خطأ فادحا فى حق دولة الصين سعى رئيسها لمعالجة ما اقدم عليه بالذهاب الى بكين .اضافة الى ذلك فان ما اقدمت عليه دولة الجنوب افقدها ايضا المجتمع الدولي و الاقليمي وحتى الوسطاء الذين هم على علم تام بما قام به السودان من خطوات باتجاه انهاء الصراع بما فيها اعطاء الجنوب حق تقرير المصير الذي على أساسه قامت دولته .اذن كل المعطيات تتوافق مع اتجاه السودان المطالب بحسم الملف الامني اولا ومن ثم اتخاذه مدخلا لتأمين الحلول لكل الملفات العالقة الاخرى مع دولة جنوب السودان . و حاليا باتت كل الظروف مهيئة لان يبدأ التفاوض بالملف الامني اولا قد تليه او تتزامن معه بقية الملفات العالقة الاخرى بين الخرطوموجوبا بما يضمن التوصل لاتفاقيات مستدامة مع دولة الجنوب أطول دول الجوار حدودا مع السودان .