العديد من المحللين أدلوا بدلوهم بشأن قصف مدينة « كادوقلي « بدوشكا المتمردين المنتمين لحكومة الجنوب دماً ولحماً وتاريخاً بالرغم من اتفاق التعاون بين دولتي السودان لم يطبق بعد والأجواء الصافية التي خلفها مما حقن أملاً جديداً في أوردة الناقمين على الاتفاق.. الذين يرون أن الاتفاق جمعهم ثانية بأناس لفظهم الاستفتاء الذي أفضى للانفصال الذي تمخض عن جنس خال من الشوائب ( العكّر ) على زعم ( فريق ) محدود يسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بهذا المفهوم حيث ( التجزئة ) الحادث يجعل نسبة المسلمين تفوق التسعين بالمائة ... متناسين مشكلات السودان المتراكمة التي تحتاج لوجه الإسلام الحضاري الذي يتبلور في معان سامية وصلتها الحضارة الغربية بعد حروب دامية شاملة أسلمتها لمعايير راقية في حقوق الإنسان والكرامة والحرية والمساواة . أما ( الفريق ) الآخر الشاذ أيضاً يسعد لبعض الانفلات الأمني وسط كادوقلي حتى يخلط الأوراق في اتفاقية التعاون ( الهشة ) التي تحاول أن تثبت أرجلها في أرض غير ممهدة .... حيث ( التربص ) مرافق للاتفاقية التي تحرسها حتى الآن إرادة القيادتين في البلدين .... وتجد ما دون القيادة العليا من لا يعجبه هذا التوازن والبحث عن المصالح التي تقي الاتفاقات من الكيد والمحاولات اليائسة سواء من قطاع الشمال أو من جهات وأحزاب أخرى تساند النقاء العرقي والابتعاد عن ( الترلة ) مثقوبة الإطارات . قضية جنوب كردفان والنيل الأزرق ... تحتاجان إلى ( فرفرة ) مولانا أحمد هارون الذي ناهض قذائف الدوشكا بمؤتمر كادوقلي الذي جمع الشتات الحزبي في تلك المنطقة على فهم متقدم ... ( لا لسيطرة حزب واحد ... ثم لا للحرب ... ثم نعم للحوار ). تبدو هذه شعارات براقة ولكن ما توصل إليه المؤتمر من مقترحات لا يمكن لأية تسوية قادمة حتى مع حاملي السلاح أن تتجاوزها لأنها ببساطة مست المشكلة بجوانبها كافة ... حيث ادخال طيف واسع من أبناء المنطقة الذين يرفضون لغة السلاح ومن غير المنتمين للحزب الحاكم ... وبينهم من أساطين المعارضة للمؤتمر الوطني ... حيث الوالي يدرك أن المعارضة وإن تطاولت جداً وجه آخر لعملة الحكم الصالح ولذا الاختلاف لا يفسد للود قضية . وفي اعتقادي أن نجاح مؤتمر كادوقلي رغم القصف خرج بتوصيات مهمة وعاجلة دفعت للقيادة السياسية بالبلاد لتنظر فيها سريعاً ... لأن سلامة التقدير تكمن في امتلاك الفعل والمبادرة أسوأ العواقب للحركات التي تمتلك مشروع نهضوي أن تترهل بفعل الحكومات التي جاءتها بفعل ثوري خلاّق سواء بفعل حناجر الشعوب الهادرة أو على أسنة الرماح بعد ما ذاقت الويلات من سيطرة حكومات باطشة ... هذا ليس مسوغاً على التغيير على ظهر دبابة الذي اثر فيما بعد تحولاً ديمقراطياً مدنياً قد يعيب عليه البعض أنه طال انتظاره !!! اتفاقية التعاون بين دولتي السودان .... ذكر فيها الكثير وتحتاج دائماً الى سعة أفق لتجاوز عقبات التفاصيل وتربص المتربصين بها .... أما ما حدث في كادوقلي أخيراً ما هو إلا اختبار بسيط لصمود اتفاقية التعاون وفي اعتقادي أن النجاح كان حليف هذا الاختبارالذي تعقبه امتحانات قاسية وصعبة للغاية بالرغم من فشل المؤتمر الوطني في اطلاق التصريحات المتسرعة والعاجلة التي تنم عن عدم نضج كاف... فمثلاً عرض سلفاكير للتوسط بين حكومة السودان وقطاع الشمال الذي قوبل بالرفض من غير إبداء أسباب ، مع ان الوقت مناسب للغة دبلوماسية ترتدي شكل المناخ المتاح عقب اتفاقية ... نعلم أن الوقت غير ملائم للواسطة ولكن مفردات الرفض ايضاً غير مريحة في وقت يحتاج الى شكل ندي للغة .... رغم تورط قطاع الشمال في الدماء والخيانه الوطنية وتجاوزه للقضايا المناطقية الى قضايا قومية كبرى ... يمكن أن تعالج ضمن مشروع الجمهورية الثانية على طريقة الحزب الحاكم أو الاصلاح السياسي في مفردات المعارضة بطوائفها كافة . المهم أن تواصل مجموعة مؤتمر كادوقلي فعلها المثابر حتى يؤتى أُكله .... سواء من الروتين في التعامل مع القضايا الساخنة .... أو في انتظار قطار التفاوض الذي لم يستو بعد على الجودي .... لأسباب يدركها الثلاثي ( مالك ، الحلو ، ياسر ) ... لكن هناك اشارة يجب على حكومة الجنوب مراعاتها .... أن تخرج من الكلام ( المعلب ) الدبلوماسي لتعدد على طاولة التفاوض او أجهزة الإعلام التدابر التي قامت بها إزاء تلك الارتباط بين الفرقتين التاسعة والعاشرة والجيش الشعبي لدولة الجنوب ... ندرك أن قضية فك الارتباط بين الفرقتين التاسعة و العاشرة والجيش الشعبي لدولة الجنوب ... ندرك أنها قضية شائكة ومعقدة لكن تواصل الدوشكا وسط كادوقلي لا تعبر عن قوة قطاع الشمال بقدر ما تبين أن الحبل السري ما زال متيناً لم يقطع بعد الولادة « القيصرية « !!!!