ظل البروفيسور محمد عثمان صالح قاسماً مشتركاً في أغلب صحف الخرطوم طوال الأيام الفائتة منذ حديثه المنفي بشأن تكفير الموقعين على ميثاق «الفجر الجديد» بكمبالا، فقد أثار حديثه ذاك جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والسياسية والفكرية قبل أن يفلح البروف أخيراً في إثبات عدم صحة ما نُسِب للهيئة من تكفير للموقعين على وثيقة كمبالا وعكسه بطريقة غير صحيحة، موضحاً أن ما صدر عن الهيئة هو أن الذي يحكم بفصل الدين عن الدولة ولا يرضى بالحكم بما أنزل الله، فإنه يقع في المحظور الذي يؤدي للكفر، ثم عزز الأمين العام لهيئة علماء السودان ما ذهب إليه بالعديد من الآيات القرآنية التي قال إنها عقيدة المسلمين التي يفتي بها علماء الأمة. وكان عدد من وسائط الإعلام قد تناقل من وكالة السودان للأنباء خبراً مفاده خروج من يوقع على وثيقة «الفجر الجديد» عن الملة، وتزامن ذلك الخبر مع توقيع لرئيس حزب الوسط الإسلامي د. يوسف الكودة مع بيان مع القوى الموقعة لميثاق «الفجر الجديد» اتضح فيما بعد أنه لم يتضمن موافقة الكودة على فصل الدين عن الدولة، وبالتالى خروجه من دائرة التكفير التي حاول البعض إقحامه فيها، كما حاول هو إقحام هيئة علماء السودان ضمن علماء السلطان، ليتضح خطأ جميع تلك الأحكام المتسرعة. وفيما ما زالت مجالس المدينة تقتات من هذه القضية التي طغت على ما عداها من قضايا أهم، فإن البعض أصبح يتساءل عن الأمين العام لهيئة علماء السودان البروفيسور محمد عثمان صالح الذي كان محوراً لأغلب ما نُشر في هذه القضية رغم نجاحة اخيراً في إزالة الغبش عن ما نُسِب للهيئة من تكفير لم يصدر منها في الواقع. البروفيسور محمد عثمان صالح، هو من العلماء الذين يحظون بمكانة رفيعة واحترام وافر في الأوساط الإسلامية، فهو يتكئ على معرفة دينية عميقة اكتسبها من خلال دراسته وتدريسه في جامعة أم درمان الإسلامية إلى جانب دراساته المتعددة، خاصة في المملكة المتحدة التي نال فيها درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة أدنبره العريقة في ستينيات القرن الماضي. اهتمام البروفيسور محمد عثمان صالح بالعمل العام منذ كان طالباً، فقد رأس إتحاد طلاب جامعة أم درمان الإسلامية، وبعد الإنقاذ عمل مديراً لذات الجامعة لمدة عشر سنوات، وقبلها كان وزيراً للتربية بجنوب كردفان. فهو من الداعمين بشدة للإنقاذ، فقد قال في حوار سابق معه انه يدعمها بالمال والدم. ويرى أنها نجحت في رفع الشعارات الإسلامية وفي تفجير طاقات المجاهدين. رغم فشلها في المحافظة على وحدة السودان، وفي تفجير طاقات الإنتاج، وفي إقناع القيادات الحزبية ذات الخلفيات الدينية. وعلى النقيض من بعض العلماء، يرى محمد عثمان صالح ان الشريعة مطبقة في السودان، خاصةً فيما يتصل بتطبيق الحدود الشرعية والمنازعات والمواريث. ويقول إنّ الحريات الموجودة في البلاد لا يوجد نظيرها في أي بلاد مجاورة. وارتبط، البروفيسور محمد عثمان صالح بهيئة علماء السودان التي ارتبطت بدورها بفتاوى عدّها البعض بأنها تبدو مراعية للسلطان خاصة تلك المتعلقة بسفر الرئيس أو المظاهرات، واخيراً الموقف من وثيقة «الفجر الجديد»، وهو الأمر الذي جعل البعض يتحدث عنهم - على احترامهم - بوصفهم علماء سلطان. ولكن البروفيسور عثمان صالح الذي لا يتقاضى راتباً من عمله في الهيئة، قدم مرافعة متماسكة بالزميلة (المجهر السياسي) نقتبس من مرافعته تلك ما يلي: (نحن لا نأتمر بأمر أحد، وما الذي يعيب إذا كان السلطان يسير على الشريعة ومع ذلك نحن لسنا في جيب أحد).