ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الأشباح .. السجل الخفي ل «سي. أي. أيه» الحلقة الحلقة الخامسه
نشر في الرأي العام يوم 02 - 10 - 2009

هل خلقت ال «سي. أي. إيه» حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وهل عزفت الولايات المتحدة على وتر طالبان كورقة للترهيب أو التأديب. أسئلة يجيب عليها كتاب حروب الاشباح -السجل الخفي لل «سي.اي إيه».. لإفغانستان.. ولابن لادن.. لمؤلفه ستيف كول .. كتاب يتجلى فيه الدور غير الاعتيادي لل «سي.اي إيه» في قصص بيع الصواريخ وإعادة شرائها.. وقصص ضباط وكالة الاستخبارات الامريكية.. وصراعاتهم التي تفسر الحروب السرية التي سبقت «11/سبتمبر».. وتورط رؤساء.. ودبلوماسيين.. في فرع جديد يُسمى مكافحة الأرهاب .. كتاب حائز على جائزة بوليتزر المرموقة مرتين.. وهو من أكثر الكتب مبيعاً في العالم.. ------------------------------------------------------------------------------------------------ مذكرة القلق كتب رئيس تحليل القضايا السوفيتية في وكالة الاستخبارات المركزية، أرنولد هوليك، مذكرة تعبر عن بعض القلق، وأرسلها إلى الأدميرال ستانفيلد تورنر، مدير مركز الاستخبارات المركزية. خشى هوليك أن يكون نظام تراقي الشيوعي متحللاً، وحضّ السوفيت على التدخل. وقد يقود التوغل السوفيتي، كلاً من باكستان وإىران، وربما الصين، إلى زيادة الدعم السري للثوار الأفغان، فيضطر الجنرال ضياء الحق في باكستان، إلى ان يطلب من الولايات المتحدة مواجهة السوفيت علناً، أو القضاء على الجيش السوفيتي المنتشر على طول الحدود الباكستانية، وقد هدد هذا السيناريو باندلاع الحرب العالمية الثالثة مع احتمالات مريعة بالتصعيد النووي. أما بالنسبة إلى موقف موسكو من الشيوعيين المتخبطين في كابول، فختم هوليك قائلاً أنه في بعض السيناريوهات «لا بد من ان يتحضر السوفيت للتدخل، ممثلين الفريق الحاكم». وبينما كانت ال «سي. آي. إيه» وال «كي. جي. بي» مندفعتين إلى الأمام في ذلك الربيع، اطلعت كل منهما على دوافع الأخرى، لكن لم تفهم أي منهما حسابات الثانية بالكامل. طلب عملاء الخدمات السرية في قسم الشرق الأدنى في مركز ال «سي. آي. إيه» الرئىسي في لانغلي، من مصادر باكستانية وسعودية، دراسة ما يمكن فعله في الأراضي الأفغانية. وشعر بعض ضباط ال «سي. آي. إيه»، بأن الوكالة تتخذ المبادرة. وتبدو دراسة خطة تحرك سرية أفغانية لهؤلاء العملاء في الشرق الأدنى، عملاً استثنائياً، لكنه كان مغرياً في تلك الفترة الكئيبة والدفاعية والخاملة التي تمر فيها ال «سي. آي. إيه». فضحت تحقيقات الكونغرس الأولية التي نشرت منذ بضع سنين على نطاق واسع، مؤامرات الاغتيالات التي قامت بها الوكالة في كوبا، والعمليات السرية المشينة التي نفذتها في امريكا اللاتينية، وأسراراً أخرى مروعة. فانقلب الشعب الامريكي والكونغرس على ال «سي. آي. إيه» بعدما كانا حانقين، معاً، عليها جراء إساءة الحكومة استعمال قوتها بعد «ووترغيت». أصبحت البيئة السياسية معادية لعمليات الوكالة. تم حظر الاغتيالات رسمياً وقانونياً بموجب أمر تنفيذي. كما تم سن قوانين، واتخاذ إجراءات جديدة لضمان سيطرة الرئاسة والكونغرس على أعمال ال «سي. آي. إيه» السرية. لكن هذه الإصلاحات أثارت الغضب والفوضى داخل لانغلي بين جهاز الجواسيس المحترفين، وبين الذين رحبوا ببعض هذه التغييرات. كانت ال «سي. آي. إيه» تقوم بأعمالها وفقاً للتعليمات الرئاسية التي تشكل في بعض الأحيان خطراً كبيراً على حياة العملاء المتورطين، فقرر عدد كبير ممن في لانغلي الرحيل. ويسود الآن في واشنطن شعور بأن الوكالة لطالما كانت منظمة إجرامية، وثقباً أسود من المؤامرات المشينة. ويعتقد ضباط في ال «سي. آي. إيه» أن رد فعل الشعب والكونغرس العنيف في العام 9791م، تجاوز ميزان الإساءات الأصلية. في تلك الفترة، أرسل جيمي كارتر فريقاً من ضباط لا ينتمون إلى الوكالة، يقودهم أدميرال في البحرية، يدعي تورنر، لحثهم على استعادة لياقتهم. وأصدر تورنر، بهدف تخفيض ميزانية ال «سي. آي. إيه» قصاصات زهرية لجمع نقاط ضباط الاستخبارات الذين يعملون في الخدمات السرية، وكانت عمليات صرف الضباط الفعلية الأولى في تاريخ الوكالة. وبدت الأمور داخل مديرية العمليات، كأنها تدهورت إلى أدنى مستوياتها. وبينما كان الضباط في قسم الشرق الأدنى التابع ل «السي. آي. إيه» يدرسون الخيارات في أفغانستان ذلك الربيع، أعلنوا ان الجنرال ضياء الحق في باكستان قد يكون مستعداً لتقديم دعمه السري الضئيل إلى الثوار الأفغان. إلا ان الجنرال كان قلقاً من ان الباكستانيين «لا يستطيعون المخاطرة بإثارة غضب السوفيت» من خلال زيادة الدعم للثوار ضد الشيوعية، إلا في حال التزمت الولايات المتحدة حمايتهم من أي عملية انتقام سوفياتية. بلغت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وباكستان الدرك السفلى في العام 9791م، إلا أن ال «سي. آي. إيه» أبقت على شبكات اتصالها مع إسلام آباد مفتوحة. وفهم ضياء الحق أنه مهما عمل جيمي كارتر بصرامة على فضحه علناً بسبب سجله البائس في ما خص حقوق الإنسان، أو بسبب برنامجه النووي السري، فقد كان يملك تأثيراً سرياً في واشنطن من خلال ال «سي. آي. إيه». أما الانتصار الذي حققه الخميني في وقت سابق من تلك السنة، فقد أدى إلى خسارة محطات تنصت الكترونية امريكية حيوية متمركزة في إيران، وموجهة ضد الاتحاد السوفيتي، وافق ضياء الحق على اقتراح قدمته ال «سي. آي. إيه» يقضى بتحديد مواقع إنشاءات جديدة في باكستان. وكان هذا نوعاً من تعدد الطبقات، موجواً على مر السنين في العلاقة الامريكية - الباكستانية. ففي الستينيات، حلقت طائرة التجسس «يو 2» الامريكية الأولى سراً خارج قاعدة بيشاور الجوية. وفي بداية السبعينيات، كان هنري كيسينجر قد استخدم وساطة باكستانية ليصوغ انفتاح السري على الصين. أما من جهته، فقد رأى ضياء الحق ان العمليات السرية هي الوسيلة الأضمن لمتابعة سياسته الخارجية الاقليمية، وأهدافه العسكرية. فباكستان كانت قد خسرت نصف أراضيها أثناء الحرب مع الهند قبل ثماني سنين، كان هذا البلد صغيراً مقارنة بالهند، وضعيفاً كثيراً، ليتمكن من تحدي جيرانه بالقوة العسكرية. ففضل ضياء الحق الضرب ثم الاختباء. مساعدات سرية ترأس نائب مستشار جيمي كارتر للأمن القومي، دايفد آرن، جلسة سرية ثانية للجنة التنسيق الخاصة في 03 مارس للبحث في مسألة المساعدات الامريكية السرية والمباشرة للثوار الأفغان. جاء ذلك بعد أسبوعين على اتصال كوسيجين الهاتفي المحرج مع تراقي. شرح دايفد نيوسم من وزارة الخارجية، للمجموعة، أن إدارة كارتر تسعي الآن إلى «عكس نزعة السوفيت الحالية ووجودهم في أفغانستان، لنبرهن للباكستانيين اهتمامنا وقلقنا إزاء التدخل السوفيتي، ولنثبت للباكستانيين والسعوديين وغيرهم عزمنا على وقف أمتداد التأثير السوفيتي في العالم الثالث». لكن، ما هي الخطوات التي لا بد من اتخاذها؟ أيجب ان يزودوا الوحدات العسكرية الأفغانية المتفككة بالأسلحة والذخائر؟ وكيف سيكون رد فعل السوفيت؟ طرح ارون السؤال الأساسي: «هل سنستفيد من دعم الثورة ومساعدتها؟ أم ان خطر استفزاز السوفيت كبير جداً؟». قرروا الاستمرار في دراسة خياراتهم. في غضون أيام، تبع ضباط الجيش الأفغاني في جلال آباد مثال إسماعيل خان، وتسلحوا ضد الشيوعيين، وقتلوا مستشارين سوفيت. وركب القادة الأفغان دباباتهم وهدروا في اتجاه خطوط الثورة، وأعلنوا تحالفهم مع الجهاد. وجاء الرد السوفيتي الدموي سريعاً في شمال جلال آباد، في قرية في مقاطعة كونار المعروفة باسم كيرالا، قامت قوات حكومية أفغانية بمؤازرة مستشارين سوفيت بذبح مئات الرجال والفتيات. وبينما انتشرت اخبار هذا الإعدام وإعدامات أخرى في ريف أفغانستان، بدأت وحدات من جيش الحكومة ترتد وتفر من المعركة. وما هي إلا فترة أسابيع قليلة في ذلك الربيع، يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، حتى ذاب الجيش الذي يقوده الشيوعيون مع الثلج، بينما انزلق المجندون في اتجاه الوديان الصخرية وجبال الصنوبر، حيث وحدات المجاهدين الثوار «المحاربين المقدسين» بدأت تستولي علي مساحات شاسعة من الأراضي التي لا نزاع عليها. تابع معظم المحللين في ال «سي. آي. إيه» ووكالات استخباراتية امريكية أخرى، التنبؤ بأن القوات السوفياتية لم تغز من أجل قمع الثورة ومع اقتراب فصل الصيف، رصدت ال «سي. آي. إيه» شحنات ن المروحيات المهاجمة من الاتحاد السوفيتي إلى أفغانستان، وانتقدت بشدة تدخل المستشارين العسكريين السوفيت المتزايد على الأرض. لكن محللي لانغلي غادروا بوليتبورو، محاولين التخفيف من التدخل المباشر، تماماً كما فعلت السفارة الامريكية في موسكو. وتنبأت شبكة سرية من السفارة في 42 مارس، بأنه «نظراً إلى الظروف المتوقعة، سيتفادى الاتحاد السوفيتي على الأرجح مساندة جزء رئيسي من المعركة ضد التمرد». عكست الشبكة بدقة الوضع داخل الكرملين. شكل أندروبوف من ال «كي. جي. بي» بالإضافة إلى غروميكو وأوستينوف، فرق عمل في ذلك الربيع، لدراسة الأزمات الطارئة في القيادة الشيوعية الأفغانية. ولم يبد أي من احتمالاتهم مثيراً للاهتمام. وأكملوا تقريراً سرياً جداً من أجل بريجنيف في 82 يونيو. واستنتجوا ان الثورة الأفغانية كانت تكافح بسبب «التراجع الاقتصادي، وعدد الطبقة العاملة الصغيرة»، وضعف الحزب الشيوعي المحلي، بالإضافة إلى أنانية القادة الأفغان. حرر فريق أندروبوف رسالة إلى «المعلم العظيم» تراقي، تحثه على وقف النزاع مع خصومه. وطلبوا منه إدخال المزيد من الرفاق في القيادة الثورية، والتخفيف من حدة موقفه تجاه الإسلام. ونصحوه بالعمل على توظيف رجال الملا وفقاً لجدول الرواتب الشيوعي، و«إقناع الغالبية المسلمة بأن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.. لن تؤثر سلباً في معتقدات المسلمين الدينية». أما من جهته، فقد فضل تراقي استعمال السلاح. أراد ببساطة، ان تواجه القوات السوفيتية الثوار. في ذلك الاسبوع في واشنطن، نصح مستشار الأمن القومي زبيغنيو بريجنسكي- وهو ابن دبلوماسي بولندي نُفيت عائلته عند الغزو النازي، ولاحقاً الاحتلال السوفيتي لبولندا- الرئيس كارتر بتقديم دعم سري «غير مميت» إلى الثوار الأفغان، كان بريجنسكي يعتقد أن فرص إحراج السوفيت في العالم الثالث قليلة جداً. وها قد برزت واحدة الآن في أفغانستان. وقد تكون المخاطر مقبولة. كانت خطة بريجنسكي تقوم على تسوية تربط بين البراهين غير المحلولة داخل لجنة التنسيق الخاصة: ستقوم الولايات المتحدة بضخ المساعدات إلى الثوار الأفغان، لكنها لن تزودهم بأي أسلحة الآن. كتب كارتر في يوليو 9791م، اسمه على قانون رئاسي مطلوب بموجب القانون الحديث الذي يهدف إلى ضمان سيطرة البيت الأبيض على عمليات ال «سي. آي. إيه». ووفقاً للنظام الجديد، وفي حال حاولت ال «سي آي. إيه» الالتزام بعمليات خاصة» معدة للتأثير في الظروف السياسية الخارجية- المعارضة لعملها التجسسي اليومي، أو سرقة الأسرار، فعلى الرئىس «وضع قانون» يؤكد العمل السري هو برعاية الأمن القومي الامريكي، أو إعلان ذلك رسمياً وخطياً، كما يجب على الرئيس إخطار قادة الكونغرس بأكملهم بقراره. سمحت اكتشافات كارتر لل «سي. اي. إيه» بإنفاق مبلغ «005» ألف دولار على العمليات الدعائية والنفسية، بالإضافة إلى تأمين معدات لاسلكية ومساعدات طبية وأموال نقدية للثوار الأفغان. ولجأ استخباريو ال «سي. آي. إيه» في قسم الشرق الأدنى، إلى الوسطاء في ألمانيا وبلدان أخرى، لإخفاء تدخلهم، وبدأوا ذلك الصيف بشحن المعدات الطبية والأجهزة اللاسلكية إلى باكستان، حيث سلموها إلى أجهزة استخبارات ضياء الحق، لتوزيعها على الثوار الأفغان. بدت في ذلك الوقت كأنها بداية صغيرة. وعلى الرغم من دعوة موسكو إلى التعقل، بدأ القادة الماركسيون في كابول استهلاك أنفسهم، في أواخر الصيف، كان «المعلم العظيم» تراقي خصومة مميتة مع أحد أعضاء الحزب الشيوعي، حافظ الله أمين، وهو تلميذ سابق فاشل من جامعة كولومبيا في نيويورك، ومهندس قيادي في الثورة الأفغانية الشيوعية العام 8791م،. واستنتج كل منهما علي الفور أنه يجب على الآخر الرحيل. وقد تمكن أمين من طرد تراقي من مكتبه في سبتمبر. وأمر بعد بضعة أسابيع بقتله. فمات «المعلم العظيم» رمياً بالرصاص داخل مجمع محصن في كابول. أثار ارتقاء حافظ الله أمين مأساة هزلية من الشكوك والحسابات السياسية والأمنية داخل صفوف ال «كي.
جي. بي» فعملاء ال كي. جي . بي» العاملون في مقر كابول، أبقوا تراقي وأمين ضمن جدول رواتبهم لأعوام، وكانوا يقابلون عملاءهم السريين في بعض الأحيان في سيارات مركونة إلى شوارع المدينة. وبعد ان اكتسب أمين السلطة، أصبح ديكتاتورياً. فمن بين الانتهاكات العديدة التي قام بها، سعيه إلى الحصول علي السلطة من ال «كي. جي. بي» لسحب مبالغ مالية من حسابات أفغانستان الخارجية، التي تملك ودائع بقيمة «004» مليون دولار. ووفقاً لسجلات ال «كي جي بي»، فقد استاءت قياداتها الاستخبارية، وأملت تشويه سمعته، فنشرت إشاعات مضللة مفادها ان امين عامل في ال «سي. آي. إيه». شائعات الخريف ارتدت هذه الشائعات في الخريف، على ال «كي. جي. بي» في قضية «تضليل» غريبة، وهو التعبير المستعمل من قبل الجواسيس لوصف الحملات الدعائية الكاذبة التي تتسرب عائدة لإرباك البلد الذي أطلق الإشاعة في المقام الأول. ولأسباب ما زالت غامضة حتى الآن. عقد أمين سلسلة من اللقاءات الخاصة في كابول مع دبلوماسيين امريكيين. وعندما علمت ال «كي. جي. بي» بهذه اللقاءات، خشى ضباطها ان تكون إشاعاتهم الخاطئة حول أمين صحيحة، ونشرت الهند ذلك الخريف مستنداً مفاده انه عندما عاش أمين في نيويورك، انضم إلى المؤسسة الآسيوية التي لطالما كانت على اتصال بال «سي. آي. إيه» ومع مرور الأسابيع، فكر بعض ضباط ال «كي. جي. بي» في احتمال ان يكون امين جاسوساً امريكياً ارسل للتوغل داخل الحزب الشيوعي الأفغاني. كما جمعوا تقارير تفيد ان امين يبحث عن تسوية سياسية مع الثوار الإسلاميين في أفغانستان. بالطبع، كانت هذه المقاربة التي ألحت على ال «كي. جي. بي» من موسكو في وقت سابق من تلك السنة. والآن، فجأة، بدأ الوضع مريباً. خشى ضباط ال «كي. جي. بي» ان يكون أمين يسعى إلى تقديم الخدمات إلى امريكا وباكستان. قامت ال «كي. جي. بي» بإرسال تحذير خطي إلى بريجينيف حول أمين في أكتوبر. وخشيت رئاسة كابول حصول «تبدل مقصود» في السياسة الأفغانية الخارجية «الى اليمين»، أي في اتجاه تحالف أقوى مع الولايات المتحدة، التقى أمين بالقائم بالأعمال الامريكي مرات عدة، لكنه لم يصرح أبداً عن موضوع هذه المحادثات في اجتماعاته مع الممثلين السوفيت. أما من جهتهم، فقد رأي الامريكيون في كابول ان امين ديكتاتور خطير، واعتبروه مسؤولاً جزئياً عن مقتل أدولف دابز، السفير الامريكي في أفغانستان، الذي اختطف واردي في غرفة في فندق في كابول العام 9791م. وبرغم ذلك كان الدبلوماسيون الامريكيون داخل السفارة على علم بالإشاعات التي تفيد بأن أمين عمل في ال «سي. آي. إيه». أثارت هذه المسألة الكثير من القلق والإرباك بين صفوف دبلوماسي وزارة الخاررجية في السفارة ، حول ما إذا كان السفير دابز، قبل مقتله، طلب من رئيس مركز ال «سي. آي. إيه» وجهاً لوجه، التأكد من صحة هذه الشائعات، وتم التأكيد له أن أمين لم يعمل قط لحساب ال «سي. آي. إيه». وفقاً لما قاله بروس امستوتز، الذي كان نائب دابز في ذلك الوقت، وأصبح القائم بالأعمال بعد وفاته. وقال لاحقاَ ضباط في قسم الشرق الأدنى التابع لل «سي. آي. إيه» الذين كانوا ليترأسوا أمين لو كان مذكوراً ضمن جدول الرواتب، إنهم لم يكونوا على علاقة به عندما عاش في نيويورك، ولا بعد ذلك، باستثناء بعض المحادثات العابرة التي أجروها في حفلات دبلوماسية، ولم تظهر أي أدلة تعارض هذه التأكيدات. التقي أمستوتز في ذلك الخريف المصيري، بأمين سراً خمس مرات، ويذكر أمستوتز بعد أعوام، ان هذه المحادثات كانت غير مجدية، وبعيداً عن انجرافه وراء الولايات المتحدة، وجد أمستوتز القائد الأفغاني الشيوعي عدائياً وعنيداً. كان امين قد فشل مرتين في امتحانات الدكتوراة في كولومبيا. ووفقاً لتقديرات امستوتز، فقد أثار هذا الإذلال غضبه وحقده تجاه الامريكيين. ركز ضباط ال «سي. آي. إيه»،الذين يعملون في مركز كابول، معظم جهودهم على الأهداف السوفيتية، وليس على الشيوعيين الأفغان، فكانت المهمة الأساسية في كابول تقضي بسرقة الأسرار العسكرية السوفيتية، وخاصة الكتيبات التشغيلية التابعة لأنظمة الأسلحة السوفيتية، مثل الطائرة المقاتلة «ميغ 12». كما حاولوا إضافة عملاء من ال «كي. جي. بي» ودبلوماسيين من الحزب الشيوعي إلى لائحة رواتب الوكالة. ولهذه الغاية، انضم ضباط استخباريون من ال «سي. آي. إيه» إلى مباراة دولية بين الجواسيس والدبلوماسيين يرعاها الألمان في كابول. لم يكن الضباط يقضون أوقاتاً طويلة في جمع المصادر الأفغانية، وتقديم تقارير عن السياسات الأفغانية السرية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.