التطور الاعلامي اللاهث في سبيل تقديم خدمات إعلامية جاذبة، بات ديدن العالم في سباقه المحموم نحو إمتلاك الفضاء، وصارت القنوات الفضائية تتوالد وتتكاثر وتنشطر بصورة شبه يومية، فبين قنوات رسمية وأخرى خاصة، وبين الشاملة والمتخصصة تختلف وجهات النظر في تحديد الأفضلية.. والسودان ليس بمنأى عن هذا السباق الاعلامي، فقد بدأت فيه موجة القنوات الاذاعية «اف ام» بالانتشار قبل فترة، وتبعتها اخيراً ظاهرة القنوات الخاصة، وربما المتخصصة، لكن جل هذه القنوات تمارس بثها من خارج السودان وذلك لعدة اعتبارات، ونحاول بقراءة متأنية أن نوجز مدى تأثير البث من الخارج على القناة ورسالتها، اضافة إلى قياس الأفضلية بين القنوات العامة والمتخصصة.. عدم اجازة قانون البث الفضائي السوداني للآن -رغم أن كثيراً من الأخبار نقلت قرب اجازته- يعتبر هو العائق الأول أمام انشاء القنوات الخاصة داخل السودان، إذ يحدد الأطر والضوابط التي يجب أن تراعيها كل فضائية لبث برامجها من داخل السودان، بما ينسجم مع سياسات الدولة العامة أو العليا وفق التوجهات المعمول بها، وعدد من الأشياء التي يجب تحديدها على وجه الدقة، وبالتالى فور اجازة القانون فليس هناك ما يمنع وجود قنوات تبث برامجها من السودان ولكن هذا سيصبح تحت رقابة القانون الذى ستتم اجازته. واجازة قانون البث الفضائى السودانى المستفيد الاول منه القنوات الفضائية الخاصة لانه يقلل تكاليف الانتاج ويضمن لها امكانية البث المباشر للبرامج وهذه ميزة مهمة جدا فى مجال الاعلام لان القنوات فى هذه الحالة تكون مواكبة للاحداث ويمكنها ذلك من سرعة الرصد والمتابعة ومعنى ذلك ان القنوات التى تبث من خارج السودان تنعدم فيها امكانية البث المباشر للبرامج وبالتالى تنعدم فيها المشاركة الجماهيرية وهى من أهم الادوات التى يعتمد عليها الاعلام الحديث خاصة فى مجال تقويم البرامج واداء القناة لانك الآن اذا اردت ان تكوّن رأيا عاما تجاه اية قضية معينة مفتاحك الوحيد هو الاتصال وهذه ميزة تفتقدها القنوات التي تبث من خارج السودان. ولا يذكر الكثير من المتابعين فوائد البث الخارجي في خلق تواصل مع جمهور جديد أو استهداف مجموعات خارجية من البث، أو الاستفادة من امكانية توسيع نطاق البث، إذ تبقى الفائدة الوحيدة هي التطور والتقدم التكنولوجي الموجود خارجياً، لكن حتى هذه الميزة يمكن نقلها ببساطة إلى داخل السودان، وبذا تكاد تنعدم أية ميزات تفضيلية للتواجد الخارجي. إذاً علينا أن نسرع في اجازة قانون البث، لنخفف من كثير رهق يواجه قنواتنا السودانية، ويحد من امكانات منافستها للقنوات الخارجية.. هذا ان اردنا أن نخلق لنا تواجداً في محيطنا الإقليمي على أقل تقدير..