مصفوفة تنفيذ اتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان التي وقعت بين البلدين في سبتمبر من العام الماضي نصت ضمن اتفاقياتها التسع على اقرار التعاون في المجال التجاري الذي ينقسم الى نوعين هما تجارة الحدود ، والتجارة الخارجية العابرة للدول، ولكن كلا النوعين من التجارة يتطلب اجراءات مصرفية تضمن حقوق المتعاملين في المجال التجاري بين البلدين ، ولذلك نصت المصفوفة على توقيع اتفاقية للتعاون بين البنوك المركزية بين البلدين والتي دخلت خطوات عملية للتنفيذ بتبادل شفرات المراسلات عبر نظام التحاويل الدولية (الاسوفت) وتوجيه البنوك والصرافات السودانية بالتعامل مع شبكة مراسلين من البنوك بدولة جنوب السودان، ليصبح الطريق ممهدا امام انسياب الصادرات والتبادل التجاري بين البلدين خاصة بعد ان وقعت وزارتا التجارة الخارجية في ختام اجتماعات مشتركة بالخرطوم قبل اسبوعين على محضر اجتماعات تفعيل وتبسيط التعاون التجاري وانزال توجيهات قيادة البلدين في المجال التجاري الى ارض الواقع. وتفيد متابعات (الرأي العام) بان الايام القادمة ستشهد بداية عمليات التبادل التجاري بين دولتي السودان وجنوب السودان عقب التوقيع الاخير على محضر التعاون التجاري بين البلدين والذي يركز على انسياب السلع والمنتجات التي تحتاجها كل دولة من الأخرى، وكان آخرها توقيع اتفاقيات خاصة بين وزارتي التجارة بين الدولتين يتعلق بكيفية استئناف النشاط التجاري، وتذليل جميع العقبات التي تعترض هذا العمل، لكن نجاح هذا الاتفاق الذي يقضي باستمرار النشاط الاقتصادي المشترك، يتطلب من الدولتين التركيز على واقع النشاط المصرفي بينهما ، وازالة اية عقبات تهدد العمل المصرفي ، بينما تباينت آراء جهات رسمية والقطاع الخاص والخبراء والمختصين بشأن تطوير التبادل التجاري بين البلدين . ويؤكد د.عثمان عمر الشريف وزير التجارة استفادة البلدين من استئناف النشاط التجاري ، لحاجة الدولتين للسلع والبضائع المختلفة، مبينا ان الاتفاق الذي وقع بينهما في الفترة الماضية ركز على حل أي معوقات تواجه سير النشاط التجاري في اقرب وقت، وذكر الوزير ان الجانبين اكدا اهمية التنسيق التجاري بعد حسم جميع النقاط الضرورية والسعي الى انشاء معابر ونقاط حدودية وغيرها من الجوانب المهمة الاخرى، واضاف: ان الجوانب المتعلقة بالنشاط المصرفي سيتم التوصل فيها لاتفاق بين الجهات المختصة بالدولتين . وأكد الوزير في حديثه ل (الرأي العام) ان الدولتين ستحققان مكاسب كثيرة من استقرار العمل الاقتصادي وتصدير واستيراد السلع الضرورية . وفي السياق اكد مساعد محمد احمد رئيس اتحاد المصارف السوداني ان الاتفاق الموقع بين الدولتين مؤخرا والمتعلق بفتح المعابر والحدود يعتبر دافعا حقيقيا ويشجع ويسهل انسياب التبادل التجاري بينهما، مبيناً ان مسألة النشاط المصرفي بين الدولتين قضية بسيطة ويمكن حسمها في وقت قصير ، واردف : ( ان اختيار التعامل بالعملة الموجودة بالسودان او الجنوب ، او حتى الدولار لا توجد فيها أي معوقات تؤخر استئناف النشاط التجاري المشترك ). وأضاف مساعد ل(الرأي العام) ان مواصلة العمل وفقا لتجارة الحدود لا توجد فيها اية مشكلات، مضيفا انها تسهم في زيادة انسياب حركة البضائع والسلع الضرورية، واصفا انشاء المعابر والنقاط الحدودية التي سيتم انشاؤها على الحدود ستضاعف من الاستفادة من التبادل التجاري بينهما . وفي السياق أكد د. محمد سر الختم الخبير الاقتصادي ان عدم تحديد التعامل بالنشاط المصرفي بين الدولتين حتى الآن لا يمثل عقبة امام انسياب حركة التجارة بين الدولتين، باعتبار ان هذا العمل يمكن ان يتم حسمه في اقل وقت ، موضحا ان الدولتين يمكنهما فتح خطاب اعتماد بالمصارف والجهات المعنية لاستئناف النشاط التجاري ، وعزا الامر لتساوي العملتين التي يتم التعامل معها بالدولتين وتابع : (لا توجد عملة اقوى من الاخرى) مما يجعل مسألة تحديد عملة للتعامل الموحد قضية بسيطة لا تتسبب في التأخير . وذكر د.سرالختم ل (الرأي العام) ان الدولتين يمكنهما تحديد سعر للصرف يتم بعده بداية التبادل التجاري في الوقت الذي تحدده الدولتان، مشيرا الى ان بداية العمل التجاري يسهم في الوصول للاهداف المطلوبة لكل دولة خاصة عقب حسم القضايا المهمة في الفترة الماضية . وفي السياق وصف الفريق صلاح الشيخ المدير العام السابق للجمارك انسياب حركة التبادل التجاري بين الدولتين بانها تعد خطوة ايجابية للبلدين بشرط ان يتم في المقام الاول التوصل للأمن والاسقرار في الحدود، مبينا بعد وصول الجانبين لاتفاق في الفترة الماضية في كثير من القضايا التي من شأنها ازالة العوائق خاصة على الصعيد التجاري، تصبح قضية واقع النشاط المصرفي المشترك لاتمثل تحديا باعتبار ان المختصين بهذا الامر سيتوصلوا لحل حاسم ولا يتطلب منهم زمنا . لكن د. احمد مالك الخبير الاقتصادي يرى ان الاتفاقيات التي وقعها الجانبان بالدولتين اغفلت جانب تحديد التعامل بنشاط مصرفي موحد ، واعتبر هذا الامر يصعب من عملية انسياب البضائع المتبادلة بين الدولتين ، مشيرا الى ان الاولى كان حسم هذا الملف المهم ، واضاف اذا ارادت الدولتان تنفيذ اتفاق التجارة بالصورة المطلوبة عليهما الاسراع لوضع مسودة جديدة يتضمن فيها اتفاق جديد لمزاولة النشاط المصرفي الذي بدوره يسهل تحقيق فائدة من الصادر والوارد. واضاف ل (الرأي العام) ان من مصلحة البلدين ان تبدأ في اسرع وقت عملية الحصول على المنتجات والبضائع التي تحتاجها كل دولة . وفي السياق اكد جون كواد وكيل التجارة بدولة جنوب السودان ان دولته ملتزمة بتنفيذ اتفاق التجارة الذي وقع مؤخرا مع دولة السودان، مبينا انهم يعكفون في الوقت الحالي على وضع صيغة لكيفية تحديد التعامل بسعر صرف موحد لضمان نجاح تنفيذ الاتفاق بالتالي ضمان تحقيق عائد اقتصادي للدولتين. واضاف كواد ل (الرأي العام) ان مواصلة النشاط التجاري بينهما يسهم في استقرار العلاقات المشتركة .