روايات محاولات سيطرة عرمان على قطاع الشمال - التي تناولتها صحف الخرطوم- حال صدقت الروايات، اثارت جملة من استنتاجات الكثيرين حيال مستقبل قطاع الشمال في ظل مشاريع عرمان السلطوية طبقاً للاشاعة.. كثيرون يذهبون الى أنها ليست المرة الاولى التي تنطلق مثل تلك الاشاعات بهدف خلق نوع من الازمات والانشقاقات داخل قطاع الشمال والتشويش على عضويته بحكم صعوبة اتصالاها فيما بينها بحكم طبيعة العمل السري ومن ثم صعوبة الاستوثاق من المعلومات وما يرشح من اشاعات، ويشير مراقبون الى أن الجهة المستفيدة من تلك الحالة هي الخرطوم الرسمية بحكم العداء المعلن بين الطرفين.. صمت الحركة ازاء الامر وعدم القدرة على القطع به، اثار حيرة المراقبين ورجح بعضهم ان تكون الاشاعة بفعل فاعل وذات بصمة امنية لاقتفاء آثار الاتصالات وكادر الربط في سياق سيناريو الحكومة المرسوم لتصفية ما تسميه بالطابور الخامس ونوع من الحرب النفسية لخق الربكة في صفوف مقاتلي الحركة بعد التهاب المعارك بين الطرفين الفترة الماضية، فيما يذهب آخرون الى أن الامر أكبر من التخطيط الامني وصياغة اشاعة ، وربما يكون في سياق ترتيب الحركة لاوضاعها.. رصيد عرمان السياسي بحسب رأي الكثيرين واقترابه منذ بواكير عمله السياسي ونبوغه حد تمثيله خطاب الحركة ابان قرنق وما بعده، بالاضافة لوضوح رؤيته التي جعلته يغادر منذ وقت مبكر صفوف شيخ اليسار السوداني الى خط الكفاح المسلح، مثل لدى الكثيرين قيمة (الامل والتغيير) سواء لدى جماهير الحركة أو لدى منسوبيها فقدم كمرشح للرئاسة في آخر انتخابات بالبلاد، بالاضافة لاختياره مؤخراً رئيساً لوفد تفاوض الحركة، ما اسس لاتساق الطموح مع المستقبل.. فيما يذهب محللون محسوبون على اليسار السوداني والمعارضة الوطنية، الى أن قيمة ياسر الحقيقية تكمن في منحه العمل المسلح والقطاع البعد القومي بحكم أنه يمثل أرفع شخص شمالي يوجد في صفوف الحركة والجبهة من بعد، ويرون أن للرجل بصمته في الحركة الشعبية، فهل يمكن لياسر قيادة الحركة؟!! طبقاً للمراقبين فان بداية إجابة السؤال ، تتمثل في معرفة حالة الحركة في ظل قيادة الاخرين، مؤكدين على رفض ربط قضايا الحركة وحمل السلاح في مواجهة الخرطوم، بالشخوص أو الحسابات الشخصية، مفضلين التعامل مع الأمر انطلاقاً من الوقائع والسياقات التاريخية لحمل السلاح في مواجهة السلطة المركزية. يرى المحلل السياسي أبو القاسم حسين المقرب من دوائر قطاع الشمال أن الحركة في عهد الحلو على سبيل المثال خسرت كثيراً مقارنة مع من سبقوه في قيادة المنطقة أو القطاع، وقال ل(الرأي العام)(طبقاً لمتابعاتي ونقاشاتي مع أبناء النوبة، فهناك قناعة بأن الحلو يفضل أن تكون القيادة لأبناء قبائل الجبال الشرقية، ما خلق تهميشاً لأبناء الجبال الغربية، لذا تجد أن دورهم في الحرب ليس كبيراً رغم رفضهم للحكومة وخروجهم كقبائل). ويستشهد حسين على حديثه بوجود عدد كبير من أبناء المسيرية بقيادة (أبو السرة) رفضوا الانخراط في الصفوف تحت قيادة الحلو، بالإضافة لوجود العديد من أبناء النوبة الرافضين منذ وقت مبكر لقيادة الحلو مفضلين جلاب باعتباره قائداً ميدانياً لا يشق له غبار بحسب وصفهم، بالاضافة الى أن الحركة في ظل قيادة عقار لم تخلُ من الهزات بسبب كثرة ترحال مالك أو تفضيله مقاليد العمل التنظيمي في يدي عرمان والحلو ، ما خلق بينه وبين جسم الحركة بعدا يصعب معه تفهم قضايا ومشكلات المقاتلين ، بالرغم من الاستقرار البارز بحكم ايمان منسبي القطاع بمعركتهم... تلك التحليلات وما يتبعها من أحاديث توحي بأن ثمة (كروكي) معدا لانقسام داخلي في الحركة أو الجيش الشعبي هناك، يحتاج لمهندس تنفيذ، وهو الأمر الذي يقلل منه العديدون ممن كانت لهم علاقة بالقطاع في وقت سابق بأن الأمر ليس جديداً ومشكلات الحركة ومتاعبها ليست داخلية بقدر ما أنها خارجية تتمثل في ترجمة خطها في اسقاط النظام عملياً، و الوعي بالقضايا. تتعدد الأسماء والقضية واحدة، هكذا يبدو المشهد بين أبناء الحركة الشعبية، رغم تفضيلهم النظر للأمر بعيداً عن حسابات العرق والجهة لصالح المشروع السياسي وقضاياه التي يطالبون بمعالجتها، ملخصين الاختلاف أن وجد بين قياداتهم في أن ياسر يدين بالولاء للخط لا للاشخاص وليس الأصل، رافضين محاولات التركيز على الجانب الاثني في قيادة مشروع سياسي، معتبرين ذلك محاولة من الوطني لزرع بذور الفرقة والشتات بين أبناء التنظيم الواحد مهما تناقضت تياراته، وبحسب أحدهم فإن عقار أو الحلو أو عرمان سيظلون من أبطال السلام ورمزاً للحكمة، مدللين على ذلك بنجاح الحركة في حشد القوى السياسية والحركات المسلحة في خندق واحد.. الخرطوم ترى أن قطاع الشمال برمته مصنوع والهدف منه توسيع دائرة الازمات سواء في جنوب كردفان أو النيل الازرق وأن استراتيجيته شد أطراف السودان الشمالي وفق مخططات جوبا في صراعها مع الخرطوم، الامر الذي أعتبره المحلل السياسي المقرب من دوائر المعارضة ايهاب محمد الحسن نوعاً من الاختزال المخل ومحاولة لربط الحرب بالشخوص خصوصاً بعد أحداث أب كرشولا وأم روابة وتصاعد الابخرة في دارفور، وقال (إن ذهب أي من قيادات القطاع أو تبدل باخر أو جاء عرمان فان ذلك لا يغير في الخط فهناك آخرون) وأضاف(قرنق ذهب فهل ماتت الحركة الشعبية ؟ كذلك الحلو إذا ذهب فإن ذلك لن يؤثر إلا في أذهان المتوهمين والآملين في ذلك، لكنه عملياً سيكون لصالح تماسك أكبر وبالتالي اتساع أكبر لرقعة الحرب). عموماً عرمان بعدائه المعلن ومواقفه الحادة يظل أخطر القيادات على الخرطوم ، وربما ذلك ما اسس لانطلاق الاشاعة أو الرواية، فهل يصبح مستقبل الحركة بين يدي عرمان ؟