طوال الأشهر الثمانية الماضية، ظلّ السكان في محلية كوستي في حالة من التوهان، فالمعتمد المكلف علي آدم عليان الذي عيّنه الوالي ظل يتعامل مع القضايا الحيوية باعتباره (مشرفاً) بدون مهام تقريباً، وطال الإهمال، وصمت السلطات المحلية، وتقاعس المعتمد عن القيام بمسؤولياته كاملة صحة البيئة التي تدهورت بشكل مريع في ظل تراجع اداء مشروع النظافة حتى أصبح لا يغطي إلا حوالي 40% من أحياء المدينة التي تبلغ اكثر من (100) حي، يأتي هذا في وقت تراخت فيه السلطات المحلية حتى عن سقاية اشجار النخيل والاهتمام بالحدائق التي أُنشئت الأمر الذي اضطر بعض أعيان المدينة لتوفير المياه للنخيل على نفقتهم الخاصة، وفي عهد عليان عادت المدينة لتعيش في عهده الظلام من جديد بعد ان عادت الحياة لمشروع الإنارة الذي يعمل الآن بطاقة تقل عن «20%»، وشهدت الاجتماعات على قلتها، التي عقدها اعيان المدينة وشبابها مع المعتمد المكلف، جدلاً حول إصرار الأخير على تجاهل القضايا الحيوية بحجة انه (مشرف) التي صارت مثار سخرية لدَى عامة الناس، لا سيما ان المعتمد يتقاضى أتعابه كاملةً على الإشراف وقد نفذ مشروعات تعنى بالكهرباء وردميات طرق لبعض الأحياء الطرفية لأغراض وصفت بأنها انتخابية.. وقبل نحو شهرين عقد ابناء كوستي وأعيانها اجتماعاً بنادي الخريجين لمناقشة قضايا (التنمية المكوعة) لصالح الشمال والإهمال المتعمد لكبرى مدن الجنوب كوستي، ودعا المتحدثون لصياغة مذكرة للوالي وإرسال وفد للمركز لشرح وجهة نظر المواطنين والضغط باتجاه إعفاء المعتمد دون انتظار التعديل الوزاري. وكان والي النيل الأبيض يوسف الشنبلي الذي استشعر خطورة الموقف في كوستي بعد تصعيد المواجهة مع المعتمد المكلف، عقد اجتماعاً مع اللجنة التي تم تكليفها بصياغة المذكرة، ودار جدلٌ ساخنٌ في الاجتماع، في حين كانت المذكرة التي تسلمها الوالي واضحة المعالم، وكانت أبرز المطالب تعيين معتمد من أبناء كوستي بعد نجاح تجربة المعتمد السابق معتمد ربك الحالي العقيد شرطة أبو عبيدة العراقي الذي أحدثَ اختراقات في اتجاه تحريك إنسان المحلية واستقطاب الدعم من أعيان المدينة بعيد سنوات من القطيعة بين المواطنين والمسؤولين الذين تقلدوا مهام إدارة دفة العمل خلال سنوات خلت، وكان الوالي الذي استمع لأكثر من ساعة لمشاكل ومطالب اللجنة وعد الحضور بتنفيذ مطلبهم الرئيسي بتعيين أحد أبناء المدينة معتمداً. وكان من أبرز المرشحين لمنصب المعتمد الرشيد محمد أحمد إبراهيم الذي سبق له العمل منسقاً ومؤسساً للشرطة الشعبية بالولاية، بجانب عبد الواحد ركاب وعبد القادر الخير نقد والقيادي بالحركة الإسلامية كمال قنيف الذي اعتذر منذ الوهلة الأولى، لاحقاً تم إبعاد أبرز المرشحين الرشيد محمد أحمد الذي دفع به الشباب باعتباره خيارهم وانحصرت المنافسة بين عبد القادر الخير نقد وعبد الواحد ركاب، وقد لقي تعيين عبد القادر حالة من الرضاء وسط العناصر الشبابية النشطة وأعيان المدينة، خاصةً انّ الوالي اوفى بعهده اليهم ولم يخذلهم.. ففي نظر الكثيرين إنّ الوالي فعل خيراً عندما حسم الاستقطاب الذي تمّ بين بعض قادة الكباتن الذين كانوا يطمحون في المنصب وأبناء المدينة. وفي كل الأحوال، كما يقول بعض الشباب الذين نشطوا طوال الأشهر الماضية لإصدار قرار بإعفاء المعتمد المكلف قبل إجراء التعديل الوزاري الذي طال انتظاره، ان عبد القادر نقد أفضل بكثير من آخرين يفكرون بعقلية الصراع بين الريف والمدينة و(الجلابة) والغبش، وتواجه المعتمد الجديد جملة تحديات لإصلاح ما أفسده الإهمال المتعمد من قبل المعتمد السابق لقضايا المحلية الجوهرية، غير أنّ أهم التحديات الاستعداد لفصل الخريف نسبةً لغياب السلطات المحلية عن النهوض بمهامها في فتح المصرف داخل الأحياء، وتعمل المنظمة الشعبية لتطوير مدينة كوستي بالتعاون مع وزارة الصحة الولائية في مكافحة الطور المائي بعد أن أكدت العينات التي تم أخذها أن أي تأخير في المكافحة خلال هذا الأسبوع يعني انتشار البعوض بصورة كثيفة وتفشي الملاريا بالإضافة للتايفويد والإسهالات المائية مع التراجع الخطير لأداء مشروع النظافة المعني بإصحاح البيئة، وبدون أن تقدم حكومة دعماً للمعتمد الجديد لمواجهة فصل الخريف، إذ تقل الإيرادات خلال هذه الأشهر من السنة فانه سيكون في موقف حرج للغاية، كما أن الحالة التي آلت اليها اغلبية المدارس في المدينة وتضررها خلال الخريف الماضي وانهيار أكثر من (200) فصل تحتاج لعمل كبير وشاق وإلا فإن مصيرها سيكون الى زوال خاصةً وان غالبيتها لم تصن منذ سنوات. من جهته، اكد معتمد كوستي الجديد عبد القادر نقد في احتفال أقامه أبناء كوستي لاستقباله انه قبل التكليف لاستشعاره حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ودعا في كلمة قصيرة الجميع للعمل معه ومساعدته على تجاوز الفترة الحرجة التي اتى فيها، واشار الى انه سيعمل من أجل إنسان المدينة وريفها بدون عصبية أو جهوية وأنه سيكون منفتحاً على الجميع، ورغم أن خطاب المعتمد القصير اتسم بالرصانة والقوة في طرح رؤيته لحلحلة القضايا الملحة، إلا أنّ ما أفسد دهر سلفه لن يكون من السهولة بمكان أن يصلحه عطار أوانه.