العنوان أعلاه ليس مركبة في الكميات الرياضية بحيث تعني حاصل ضرب الكميتين في بعضهما البعض ،لكنها خطر آخر يقتحم علينا سماحتنا ووهم يتلبس بعضنا ،بعد أن تعجبنا لما يفعل في مصر وقلنا إن الشعب السوداني معافى تماماً من تجاوز ثوابت الدين لتبرير العنف وإزهاق الأرواح وإحراق المساجد ،فها هي الأخبار تأتينا من مدينة الكاملين في ولاية الجزيرة التي ترقد قريباً جداً من مدينة الخرطوم تشكو هذه النوعية من العنف الديني الذي لا يرضاه عاقل أو متدين مهما كان ،دعونا نختلف كما نشاء على فهم النصوص وتأويل غير المحكم منها ،لكن طالما أن الخلاف في الأفكار والإعراب عنها بالكلمات والجمل وليس العنف ،فلا يمكن أن يكون التعبير عن الخلاف الفكري بقوة المادة أو بصراع الأجساد بدلاً من جدال العقول ،فاللسان وحده هو سلاح الفكرة وليس حد السنان ، وليس من الدين في شيئ مهما اختلفنا أن نختلف على كتاب الله كمسلمين ،ذلك أنه موحد النص مجمع عليه حفظه الله من كل تحريف فقال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) لا تختلف رواية عن أخرى أو قراءة عن أختها من القراءات العشر الصغرى إلا بالقدر الصوتي الذي يسمح بالتعدد العرقي والتباين البيئي بين أهل الإسلام وبما يستوعب كل التنوع الذي كان موجوداً قبل الإسلام في لغات ولهجات القبائل العربية في قبائلها وأوطانها في اليمن والحجاز والشام ،فكيف إذاً نفسر العدوان على كتاب الله وأهله ،فكتاب الله (المصحف الشريف) تعرض لعمليات حرق منظمة في مدينة الكاملين حيث وجدت المصاحف محترقة في مسجدين ،كما سبق ذلك إحراق خلوة للقرآن الكريم ،وأهل الخلاوى الذين هم أهل الله وخاصته ،كما تم إحراق عدد من السجادات والمكيفات ومكبرات الصوت في المسجدين ،فهذا يجعلنا نتساءل عن مغزى هذا الفعل هل المستهدف هو القرآن أم المصاحف أم دور العبادة أم المصلون في تلك المساجد ؟ حاشية : حق لنا أن نتخوف من نشوب موجة جديدة من العنف المتبادل الذي يستهدف الإنتماء المذهبي أو المنهج الفكري سيما بعد أن تعالت موجة الفعل المفتعل في تأجيج الصراعات الطائفية في جل بلدان العالم العربي كجزء من مخطط يستهدف نسف الاستقرار ،ولا تزال في أذهاننا أحداث مسجد الثورة مطلع التسعينيات ومسجد الجرافة مطلع الألفية الثالثة ،ومن بعدها حوادث الإعتداء على القباب واشتباكات ميدان المولد في العام السابق بين توجهين مختلفين ،فأياً كان ظاهر الأمر أو دوافع الفاعل فإن ذلك ينم عن نقص في التفقه والتفكر وعن سوء فهم وتفسير لنصوص القرآن الكريم والسنة يستوجب رعاية من الجهات المسئولة عن الشئون الدينية ويتطلب معالجة أساسها الحوار والإقناع قبل العقاب والملاحقة الجنائية ،مع الأخذ في الاعتبار الأحداث المفتعلة التي يقف وراءها من يقف.