استطيع أن أقول إنه وعلى وجه العموم، فإن برنامجي الانتخابي وجد من القبول أكثر مما وجده من الرفض، وبداهة فإن هناك أمورا كثيرة سألتفت إليها قبل وبعد فوزي شبه المؤكد (ولا يزعجني قيام المؤتمر الشعبي بترشيح عبد الله دينق نيال من منطلق أنه أفريقي قح، ويمثل ترشيحه سابقة في تاريخ السودان.. فأنا لست من كمبوديا بل “أقحح” من الاستاذ عبد الله في أفريقيتي وأتكلم واحدة من أقدم لغات أفريقيا ومثله تعرّبت ونهلت من الثقافة العربية والإسلامية).. المهم.. أنا شاكر ومقدر لكل من عقب على مقالاتي الترشيحية مادحا او قادحا، فمن قدحوا في برنامجي فتحوا عيني على ثغرات فيه.. ولكن هناك أشخاصا لابد من وضعهم في قائمة سوداء من بينهم خالد المنصور (السعودية) الذي بعث إلي برسالة فلفل فيها برنامجي، ولم يجد فيه شيئا إيجابيا، بل استنتج انني مشروع ديكتاتور، وشاركه الرأي أبو مهند عبد الجبار (السعودية أيضا) ولسوء حظ كليهما فإنني صديق شخصي للدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي، وأمامهما مهلة أسبوع للحس كلامهما البايخ وإلا.. عليهما بتدبير المال لشراء سيارتي أمجاد ليعملا عليها عقب عودتهما الوشيكة الى الوطن (شكرا للأخ عبد الله الفاضل على تعقيباته الإيجابية ولكن أن تحويل المناطق الزراعية الى هولندا “واسعة أوي”). أرجو ألا يعطي كلامي أعلاه انطباعا سيئا عن كيفية تعاملي مع خصومي، فالإجراءات بخصوص هذين الشخصين ستكون سابقة لجلوسي على كرسي الرئاسة، وبعد الفوز “يا جبل ما يهزك ريح”.. وبما أنني سأجمد علاقات السودان الخارجية فإنني سأغلق مطار الخرطوم (وأشلعه) حتى قبل ان يكتمل المطار الجديد، على ان تستمر السفريات الدولية عبر المطارات الإقليمية، سأجعل نصف مساحة المطار حديقة عامة تحقيقا لحلم الصديق ابن البلد الكلس البرفيسور محمد عبد الله الريح (الذي يعاني من “الحساسية” منذ الستينيات) وسأسفلت النصف الآخر ليصبح ساحة للمظاهرات.. يعني لن تكون هناك مظاهرات تجوب الشوارع على كيفها وتعطل حركة المرور، بل يجتمع مثيرو الفتنة والشغب في ذلك الميدان ما بين الخامسة مساء ومنتصف الليل ويلعنوا خاش أي شخص او دولة.. وسيكون في الميدان جهاز تنسيق يتولى الحجوزات كي لا - مثلا - تكون هناك مظاهرة تهتف: ظافر ظافر أبو الجعافر.. وأخرى تردد: غادر باكر يا أبو الجعافر.. في نفس الوقت. وسأمهل أصحاب الحافلات والتاكسي 18 شهرا ليتخلصوا من الصناديق الكئيبة التي لا تصلح حتى لنقل توابيت الموتى، ويؤسسوا شركة للنقل داخل وما بين المدن والقرى بالشراكة مع أية جهة يختارونها.. وسأوقف استيراد السيارات لخمس سنوات.. أريد أن أجعل الدراجات النارية (المواتر) وسيلة مواصلات شعبية بحيث يمتلك كل بيت واحدة منها على الأقل.. نستورد الدراجات بالجملة وتطرح بهامش ربح هزيل لأن الجمارك عليها ستكون رمزية.. لن أصرف مليما واحدا على شارع أو طريق جديد بل سأنشئ إدارة للمطبات والحفر مهمتها ترقيع ما هو موجود من شوارع “ام طرقة واحدة” التي تتقشر وتتفكك مع أول هبشة أمطار.. الأولوية في مجال النقل للسكك الحديدية والنقل النهري.. وقد عاهدتكم على أنني سأعمل قدر طاقتي لتحقيق الرفاهية بالعودة بالبلاد الى الوراء خمسين سنة على الأقل.. أتذكر بحسرة كيف أن والدي رحمه الله كان كلما سمع صفارة قطار مشترك الأُبيِّض عندما يدخل اللفة عند دار الرياضة في كوستي كان يصيح: يا ولد جيب الإبريق.. كان القطار يمر يوميا عند تلك النقطة في موعد صلاة العصر ولم تكن هناك مايكرفونات في المساجد وكان الكثير من سكان كوستي يعرفون مواعيد الصلاة من صفارات القطارات (يقال إن مرشحا في انتخابات برلمانية في دائرة كوستي كان واثقا من الفوز ولكنه سقط بجدارة فأقام ليلة سياسية ونزل في الناس شتائم: يا أهل كوستي أسقطتموني أسقطكم الله في جب سحيق يا أولاد ال.... وبعدها خرج ولم يعد، ولعله أكثر “أمانة” من مرشح في منطقة الحصاحيصا شرع قبل الانتخابات في حفر الآبار ووضع أحجار الأساس لمدارس ومراكز صحية وفور سقوطه جاء بالبلدوزرات ومسح بالمباني والآبار الأرض).