الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الأشباح..السجل الخفي ل «سي. أي. أيه» الحلقة (31)
سر إعجاب رجال المخابرات والسياسة في واشنطن بطالبان..!!
نشر في الرأي العام يوم 20 - 01 - 2010

هل خلقت ال «سي. أي. إيه» حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وهل عزفت الولايات المتحدة على وتر طالبان كورقة للترهيب أو التأديب. أسئلة يجيب عليها كتاب حروب الاشباح -السجل الخفي لل «سي.اي إيه».. لإفغانستان.. ولابن لادن.. لمؤلفه ستيف كول .. كتاب يتجلى فيه الدور غير الاعتيادي لل «سي.اي إيه» في قصص بيع الصواريخ وإعادة شرائها.. وقصص ضباط وكالة الاستخبارات الامريكية.. وصراعاتهم التي تفسر الحروب السرية التي سبقت «11/سبتمبر».. وتورط رؤساء.. ودبلوماسيين.. في فرع جديد يُسمى مكافحة الأرهاب .. كتاب حائز على جائزة بوليتزر المرموقة مرتين.. وهو من أكثر الكتب مبيعاً في العالم.. ---- باشر ببار ببذل الجهود. جهز علناً في اكتوبر 4991م، قافلة تجريبية تحمل أقمشة باكستانية، أمل ان يوصلها من كيتا إلى تركمانستان ليحاول عرض طموحات باكستان الجديدة. وصلت القافلة إلى الحدود الافغانية فوق قندهار، بينما بدأ الملا عمر وتنظيم طالبان حملتهما الدعوية في المنطقة. كانت المصالح الباكستانية التجارية تكمن في تزويد طالبان بالأموال والأسلحة على أمل فتح طرق قندهار السريعة. ربما كان أسياد التبادلات التجارية هم من ساعد طالبان أثناء توغلها العسكري الأول، وليس الحكومة الباكستانية. وفي بلدة سبين بولداك الحدودية، حيث توقفت الشاحنات أثناء رحلتها، قام قائد أفغاني موالٍ لمسعود بتقديم مفاتيح مخزن أسلحة كبير تدعمه ال «آي. أس. آي» قرب البلدة لطالبان مقابل مبلغ نقدي ضخم. تم إنشاء المخزن في العام 1991م، من أجل استلام الأسلحة والذخائر المتدفقة عبر الحدود من قبل ضباط الاستخبارات الباكستانية الذين حاولوا الالتزام بالمهلة القصوى للتمويلات الخارجية للحرب الأفغانية. وقد ضمت الأنفاق السبعة عشر التابعة لمخزن سبين بولداك، كمية أسلحة تكفي عشرت الآلاف من الجنود. فضحت طالبان العملية في أواسط شهر اكتوبر، فقد وجهت نداءات علنية إلى المتطوعين من المدارس المحلية، وسلمتهم أسلحة هجومية مغلفة بالبلاستيك. لم يكن واضحاً ان ساعدهم ببار في عملية تسليم الأسلحة أو التصديق عليها، أو ضباط ال «آي. أس. آي» هم من قاموا بذلك. استفاد ببار بسرعة من قوة طالبان الجديدة. في بداية شهر نوفمبر، عندما اعترضت حواجز تفتيش قافلته التجريبية على بعد ثلاثين كيلو متراً خارج قندهار، استدعى طالبان للتدخل من أجل تحرير شاحناته. نفذوا ذلك بسهولة تامة. قام الملا نقيب الله وأمراء حرب آخرون من قندهار متحالفون مع مسعود، بزرع الرعب في المنطقة لأعوام من دون منازع، وفجأة، في غضون أربع وعشرين ساعة فحسب، انتقلت طالبان إلى وسط قندهار واستولت على المدينة بأكملها. سيطر الملا عمر على المقر الرئىسي التابع للحاكم الإقليمي. تم بناء هذا المقر على شكل قناطر بواسطة حجارة رملية على مقربة من ضريح أحمد شاه دوراني. لم يتمكن نجيب الله وحلفاؤه من مقاومة المهاجمين الشبان والمندفعين، فتلاشوا بكل بساطة. في أواسط شهر نوفمبر، لم يسيطر مجلس شورى طالبان الذي يضم ستة أعضاء على قندهار فحسب، بل على مطارها أيضاً حيث استولى على ست طائرات قتالية من نوع ميغ «12» وأربع مروحيات شحن من نوع «مي 71». وضعت طالبان يدها على دبابات وناقلات جند مدرعة. كما أعلنت رفع جميع الحواجز عن الطرقات السريعة وتجريد جميع المليشيات الأخرى من الأسلحة، وإخضاع جميع المجرمين للعقوبات الإسلامية السريعة، وقامت بإعدام عدد من عناصر المليشيات من دون محاكمتهم بغية إثبات وجهة نظهرها. أصبحت بنازير بوتو فجأة قائدة فصيل أفغاني جديد. أملت ان تتمكن طالبان من تأمين سلامة فتح طرقات تجارية إلى آسيا الوسطى، إلا أنها اعتبرت طالبان مصدراً لبعض التعقيدات. حالة فوضى تعاملت الاستخبارات الباكستانية مع حليف واحد من الباشتون، هو حكمتيار، كان مكتب ال «آي. أس. آي» المعني بالشؤون الأفغانية في حالة فوضى. فقد عينت قيادة جيش راولبندي جنرالاً علمانياً متأثراً بالبريطانيين، اسمه جافيد أشرف قاضي ليترأس ال «آي. أس. آي» فقد قاد سلف قاضي- الداعية الإسلامي الملتحي جافيد نصير الاستخبارات باتجاه التدين العلني، لذا طلب كبار ضباط الجيش الآن من قاضي إعادة ال «آي. أس. آي» إلى الطريق الصحيح» من خلال التخلص من الإسلاميين العلنيين. فأبعد قاضي الضباط الذين تمت ترقيتهم في عهد نصير، ما أثار صدمة المكتب الأفغاني. كانت علاقته مع حكمتيار في حالة فوضى، فقد قادته معتقدات نصير الشخصية والمتقدة نحو جدالات دينية غامضة مع حليفه المزعوم. كان من المفترض ان تساعد ال «آي. أس. آي» حكمتيار في ممارسة الضغوط على «ثعلب بانشير»، وهو الأسم الذي أطلقه قاضي على مسعود. لكن، بدلاً من ذلك، اختار جافيد نصير خوض معارك دينية. كانت مصالح ال «آي. أس. آي» على المحك أكثر من مصير حكمتيار بذاته. ففي العام 4991م، اعتمدت الاستخبارات الباكستانية على مخيمات التدريب الإسلامية في الأراضي الأفغانية التي يسيطر عليها حكمتيار من أجل دعم جهادها السري الجديد في كشمير التي تخضع للهند. ودربت الشبكات الدينية والسياسية من حوله المتطوعين الأجانب، وشحنتهم إلى كشمير. وتذكر بوتو ان ضباط الاستخبارات الباكستانية أخبروها مراراً أنهم لا يستطيعون خوض حرب كشمير السرية، مستعينين بمقاتلي كشمير وحدهم، فعدد المقاتلين الفطريين الفعليين لا يكفي لسفك دماء القوات الهندية. كانوا بحاجة إلى متطوعين أفغان وعرب، وإلى ملاذ لمخيمات تدريب المقاتلين على أراضي أفغانستان. عقد هذا الوضع العلاقة الجديدة بين ال «آي. أس. آي» وطالبان. صمم الملا عمر على تحدى حكمتيار من أجل الفوز بالسلطة بين الباشتون. ففي حال وجهت الاستخبارات الباكستانية دعمها في اتجاه عمر، ستعرض حرب كشمير السرية للخطر. وقد أراد العمداء الباكستانيون الذين عملوا بشكل وثيق مع حكمتيار من بيشاور، لأعوام عديدة، الإبقاء على حليفهم الذي يتعاملون معه منذ وقت طويل. لكن مكتبي ال «آي. أس. آي» في كيتا وقندهار المعنيين بشؤون السياسة السرية في جنوب أفغانستان، اصبحا مهتمين بطالبان، وذلك وفقاً لتقارير جمعتها ال «سي. آي. أيه» في وقت لاحق. يذكر قاضي ان «الفجوة التي أحدثها في قندهار» حثت رئىس ال «آي. أس. آي» على لقاء بعض زعماء المليشيات الجديدة. فدعا وفداً من طالبان إلى مقر ال «آي. أس. آي» الرئىسي في راولبندي. رفض الملا عمر السفر، لكن مجموعة بارزة حضرت الاجتماع. رفعوا أقدامهم القذرة المنتعلة الأحذية وجلسوا على وسادات الكنبات شابكين أرجلهم كما لو كانوا يجلسون على الأرض. كانت أجسام بعضهم تنقصها أطراف بينما زود آخرون بأرجل أو أيد اصطناعية. ويذكر قاضي: «صُعقت لمعرفتي أنهم ظهروا حرفياً من داخل القرى»، وشكلوا، في ما يشبه السخرية، ناتج النظام الثقافي «العالي المستوى» الذي صممته بريطانيا في باكستان. «لم تكن لديهم أدنى فكرة عن الشؤون الدولية، أو ما يشبه ذلك، بل مجموعة أفكارهم غريبة. الأمر الوحيد الذي اكتشفته هو ان نيتهم كانت حسنة». حث وفد طالبان قاضي على سحب الدعم الذي تقدمه ال «آي. أس. آي» إلى القادة الأفغان، أمثال حكمتيار. كانت وجوههم شابة وملتحية، إنما الندوب التي غطتها، وملامحها التي ذبلت، أعطتها عمراً يفوق عمرها. أعلنوا ان القادة الأفغان الآخرين تسببوا في دمار البلاد، وأرادوا «شنقهم جميعاً، جميعاً» كما طلبوا مساعدة ال «آي. أس. آي» اللوجستية، أرادت طالبان استيراد البنزين من باكستان، وسعت إلى الحصول على إعفاء من القوانين التجارية. ويذكر قاضي انه وافق على الأمر. قالت بوتو في الأشهر التي تلت أول اجتماع ل «آي. أس. آي» وطالبان، ان المطالب التي وجهتها الاستخبارات الباكستانية من أجل تأمين دعم سري لحفائها الجدد تزايدت تدريجياً. تذكر بوتو أنها «تورطت شيئاً فشيئاً في المسألة». «بدأ الأمر مع كمية قليلة من النفط، ثم تحول إلى الأسلحة» وبعض قطع الغيار من أجل الطائرات والدبابات التي استولت عليها طالبان. وطالبت ال «آي. أس. آي» لاحقاً بامتيازات تجارية تؤدي إلى زيادة في ثروات طالبان ورجال الأعمال الأجانب الذين قاموا بتمويلها. «ثم أصبحت المسألة تتعلق بالأموال»، مباشرة من الخزينة الباكستانية. طالب ضباط الاستخبارات الباكستانية، كل مرة، أثناء العام 5991م، بالمزيد من المساعدات السرية، قالوا إنهم بحاجة إلى التمويل من أجل الوصول إلى سلطة تفوق سلطة طالبان. واشتكى عمداء ال «آي. أس. آي» لبوتو بسبب عناد قادة طالبان الذين لا يتبعون النصائح العسكرية السياسية التي تقدمها باكستان. قالت الاستخبارات الباكستانية لبوتو إنه من خلال تأمين الأموال النقدية وقطع الغيار العسكرية، يستطيعون ضمان بقاء طالبان إلى جانب باكستان في وقت بدأت فيه بتحدي مسعود. قالت بوتو: «بدأت الموافقة على تقديم الأموال»، «وما إن أُعطيت الضوء الأخضر، حتى تدفقت عليهم الأموال.. لا أعرف ما هو المبلغ الذي حصلوا عليه، لكنه كان كبيراً. كان لديهم تفويض مطلق». إمدادات سرية في ربيع العام 5991م، أصبحت هذه الإمدادات السرية علنية عبر جنوب أفغانستان. أرسلت ال «آي. أس. آي» ضباطاً من الباشتون وقادة عسكريين منفيين من أجل الانضمام إلى تنظيم طالبان. بينما بدأ ضباط الجيش الأفغاني والشيوعيون السابقون والموالون لشاهنواز تناي، بإصلاح دبابات طالبان وطائراتها ومروحياتها. أعلن القادة المحليون البارزون في شرق أفغانستان، أمثال جلال الدين حقاني، أنهم يدعمون طالبان. ودعمت الأموال والأسلحة والشاحنات والإمدادات التي تم شحنها عبر الحدود الباكستانية، المحادثات السياسية، كما تدفق المقاتلون المتطوعون من المدارس الحدودية، وعندما سقطت هيرات بيد طالبان في شهر سبتمبر، كانوا قد بلغوا نقطة اللا رجوع. سيطرت ميليشا عمر ودراني علي جنوب أفغانستان بكامله، وأعلنت نيتها التوجه نحو كابول. شعرت بنازير بأنها بدأت تفقد سيطرتها على السياسة الأفغانية الجديدة. لم ترغب في ان تدعم الاستخبارات الباكستانية طالبان في تقدمها العسكري نحو كابول. رأت بوتو أنه على باكستان استغلال قوتها المتزايدة واستعمالها كمحرك جديد في المفاوضة حول إنشاء حكومة أفغانية ائتلافية. وافقها بعض أفراد الجيش وال «سي. آي. أيه» والرأي، لكن طالبان لم تكترث لهذه الفوارق الدبلوماسية الباكستانية. فقد بقيت على رأيها: لم ترغب في التفاوض مع قادة أفغان آخرين. أرادت شنقهم. بدأت بوتو التساؤل إن كانت ال «آي. أس. آي» تطلعها على جميع التفاصيل حول مساعداتها السرية لطالبان. فعندما سافرت بوتو إلى طهران، اندفع الرئيس الإيراني علي أكبر رفسنجاني الذي يدعم مسعود، في اتجاهها في اجتماع خاص، واشتكى بغضب بسبب المساعدة السرية التي تقدمها ال «آي. أس. آي» إلى طالبان. زعم رفسنجاني ان الجيش الباكستاني أرسل قوات متنكرة إلى أفغانستان من أجل المحاربة إلى جانب طالبان. أخذت بوتو على حين غرة، وأنكرت الأمر في البداية، لكن لاحقاً، عندما علمت بأن مسعود احتجز ضباطاً باكستانيين في سجنه داخل مخيمات الحرب، تساءلت عما تجهله حتى الآن. لكن طموحات ال «آي. أس. آي» كانت أعظم من سعيها إلى تحقيقها. عانى الجيش الباكستاني مشاكل مادية خطيرة في العام 5991م، وطالب باستلام حصة الأسد من الميزانية الباكستانية، لكن مع توقف الإمدادات الامريكية بسبب قضية الأسلحة النووية، لم يبق ما يكفيه. رزحت البلاد تحت عبء الديون، واستنزف سباق الأسلحة مع الهند جميع الموارد. أصبحت ال «آي. أس. آي» بحاجة إلى مساعدة وإلى رعاة إسلاميين أثرياء من الدول العربية في الخليج الفارسي، تماماً كما احتاجت إليهم في الثمانينيات. أعتبر مركز السفارة في إسلام آباد ان ظهور طالبان لغز أفغاني منعزل. حقق الدبلوماسيون الامريكيون في العاصمة الباكستانية وبيشاور، في إشاعات وتقارير متناقضة غير قادرة على تمييز مصادر تمويل طالبان. وقال قنصل بيشاور لواشنطن في برقية سرية أرسلها في 3 نوفمبر 4991م، بينما أحكم الملا عمر سيطرته: «تتميز طالبان بكونها أداة باكستانية وأداة محاربة لباكستان في الوقت نفسه». وقال السفير إنه «من المرجح» ان طالبان تلقت مساعدات من «عدد من المصادر، بمن فيها باكستان»، لكن «داعميها قد يدركون أنهم ولدوا نمراً مستعداً أتم الاستعداد لتنفيذ أعمال مستقلة، ولن تقبل بأن تكون أداة في يد أي كان». أرسل السفير إلى
«آي. أس. آي» تقريراً حول طالبان، إلا أنه أقر بأن «جذور الحركة وغاياتها ورعاتها.. بقوا غامضين». وأرسلت برقية أخرى في نوفمبر 4991م من بيشاور إلى واشنطن، تقتبس بسخرية كلمات أغنية فريق الروك «هو»، فتقول عن طالبان: «تعرفوا إلى المدير الجديد.. هل سيكون مثل المدير القديم؟». كما أفادت برقية القنصل ان معدات الحركة العسكرية، التي أفرغ بعضها حديثاً من الصناديق، بدت ك «مصادفة غريبة»، وأشارت إلى ان باكستان تتدخل سراً كما تدخلت مع حكمتيار في السابق معززة قوته. وحذر عبد الحق دبلوماسياً امريكياً قائلاً: «يبدو ان الشيوعيين دمروا أفغانستان في البداية، ثم جاء دور الأصوليين، والآن قد يقضي رجال الملالي علينا». لم تكن وزارة الخارجية جاهزة للقفز إلى استنتاجات مماثلة. ففي التقارير التي أرسلتها في ذينك الخريف والشتاء، حول نشوء طالبان، وصفت الميليشيا مستخدمة كلمة «لغز»: «لا يخدم حصرياً المصالح المبنية والراسخة»، إنما يتمتع بدعم شعبي عالمي. ومع امتداد طالبان غرب قندهار في تشكيلات عسكرية معقدة، نقلت السفارة الامريكية ان «استعمالهم الدبابات والمروحيات، يشير بكل تأكيد إلى وصاية باكستان، أو تحكمها المباشر». وبرغم ذلك، بقى مدى تدخل باكستان وطبيعة هذا التدخل «موضع شكوك». فسافر الدبلوماسيون الامريكيون إلى قندهار في 31 فبراير 5991م، من أجل مقابلة قائد طالبان. بدأت الجلسة بصلاة تدعو إلى هداية الملحدين إلى الإسلام. رفض القائد الإجابة عن اسئلة طرحها الامريكيون حول قيادة طالبان أو تنظيمها. فأرسل المسؤولون الامريكيون برقية إلى واشنطن بعد الاجتماع، قالوا فيها ان قادة الحركة بدوا «مدربين، لكن ساد شعور بالمكر وبالخيبة». كانت بداية سلسلة طويلة من الأكاذيب والمراوغات، لكن الحكومة الامريكية كانت تملك مصادر في المنطقة، فتمكنت من التعمق في القضية. كانت للملحقين في مركز ال «سي. آي. أيه» وفي وزارة الدفاع، أولويات أخرى. ولم تعد الحرب الأفغانية مسألة مهمة تستدعى جمع المعلومات. مساعدات سرية سمحت بنازير بوتو سراً بتقديم المساعدات إلى طالبان، إلا أنها لم تعلم الامريكيين بذلك، زارت واشنطن في ربيع العام 5991م، حيث قابلت الرئىس كلينتون، وروجت لطالبان كقوة موالية لباكستان، قادرة على إرساء الاستقرار في أفغانستان. وأثناء محادثاتهم مع كلينتون، قالت بنازير: «لم تحتل أفغانستان مكانة مهمة في جدول أعمال أي كان». كانت البلاد «مسألة منتهية». لكنها وجدت آذاناً مصغية عند مسؤولي الطبقة الوسطى الذين استمعوا إلى رسالتها حول احتمال إرساء السلام على يد طالبان. كذبت بوتو ومساعدوها مراراً على مسؤولي الحكومة الامريكية وأعضاء الكونغرس، بشأن حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدمتها باكستان إلى طالبان. فأفاد أحد تقارير وزارة الخارجية في تلك الفترة، أنه أثناء اجتماع في واشنطن مع المسؤول في وزارة الخارجية، ستروب تالبوت، قام وزير الخارجية في حكومة بوتو ورئىس ال «آي. أس. آي» بإنكار المعلومات التي أفادت ان باكستان قدمت الدعم العسكري إلى طالبان». حذر تالبوت في رده من أن سياسات باكستان في أفغانستان، قد تؤدي إلى «نتائج غير منتظرة»، لأن مجموعات مثل طالبان «لا يمكن السيطرة عليها». كذبت بوتو على السيناتور هانك براون، وعضو الكونغرس تشارلز ويلسون، أثناء مأدبة غداء في إسلام آباد، وقالت لهم إن الحكومة الباكستانية «تدعم الأمم المتحدة وليس طالبان أو أفغانستان». قررت بوتو أن تهدئة الجيش والاستخبارات الباكستانية أهم من التحدث بصراحة ووضوح مع الأصدقاء الامريكيين. كان عدد المسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض وال «سي. آي. أيه» ووزارة الخارجية، المتابعين للشأن الأفغاني، ضئيلاً نسبياً، إلا أنهم تقبلوا رواية طالبان: إنها قوة تطهير تتعدى الحدود الجغرافية، وتهدف إلى توحيد الباشتون وابتكار قاعدة جديدة للسلام. رحب الاختصاصيون المحليون في وزارة الخارجية، الذين تأثروا بداعمي طالبان المحبين للغرب أمثال قرظاي، بظهور ميليشيا قد توحد من جديد قبيلة الباشتون المنقسمة. ويذكر أحد المسؤولين البارزين ان مجلس الأمن القومي قد اعتبر طالبان في مراحلها الأولى «قوة تستطيع وضع حد للفوضى». كما استنتج محللو ال «سي. آي. أيه» ان طالبان قادرة على إحلال الاستقرار في أفغانستان. قد تتمكن طالبان من الحد من سفك الدماء بين الفصائل، ومن تهريب المخدرات، بينما تسعى إلى تهيئة ظروف جديدة من أجل إجراء محادثات سلام واقعية. وعبر بعض محللي ال «سي. آي. أيه» عن إعجابهم بالسرعة التي حققت فيها طالبان انتصارات عسكرية. لكن طالبان بدت كفريق أفغاني خاص لا يتمتع بأي أهمية كبرى، فلطالما أعربت الحكومة الامريكية عن لا مبالاتها بطالبان. وعندما حاول السيناتور براون، وهو ديمقراطي من كولورادو، تنظيم مبادرة جديدة خاصة بالسياسة تجاه أفغانستان، اصطدم «بحائط صمت» داخل وزارة الخارجية. يذكر قائلاً: «ليس لأنهم لا يدعمون طالبان، بل لأنهم لا يريدون الالتزام».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.