تأخذنى من حينٍ سياسى إلى حينٍ صحفى بعض الوظائف وموقعها الهيكلى ووصفها الوظيفى... فألجأ إليها فى لحظة تأمّل للإمساك بتلابيبها والنظر إليها من الواجهات الستّة... وربما انفذ إليها من زاوية خفيّة فأُمْعِنُ فيها تأمّلاً من الواجهة السابعة! سيلاحقنى القرّاء بأعينهم حتى يصلوا منّى إلى أمثلة لهذه الوظائف وهيكلها ووصفها الوظيفى فلا أجد لهم أمثلة غير تلك التى فى الصحافة والسياسة! أقدّم لكم مثالاً عمليّاً بمناسبة إقتراب تشكيل وزارى قادم لحكومة ستعمل تحت عنوان جديد لمرحلة بَسَطت جديدها, وهى وظيفة الوزير الاوّل... الوزير الأوّل وظيفة سياسيّة وتنفيذيّة... ووَصْفْها الوظيفى الدقيق أقل من رئيس الوزراء وأكثر من وزير مجلس الوزراء... فالوزير الأوّل هو أكبر الوزراء, ليس أكبرهم سنّاً لكنْ أكبرهم دوراً... وهو أعلاهم فى السلّم البروتوكولى لمجلس الوزراء ولكنّه ليس هو رئيس الوزاء... وتأخذ بهذه الوظيفة السياسيّة والسياديّة بعض الدول أهمها المملكة المغربيّة... ففى المغرب مَلِك ووزير أوّل! السودان بوضعه ووصفه الدستورى القائم ليس فيه رئيس لمجلس وزرائه... ففى الدستور السودانى الماثل, رئيس الجمهوريّة ونائباه هما أعلى سلطة تنفيذيّة ويشغلون المساحة التى يتحرّك فيها رئيس الوزراء... ولكنّ السودان مع تطورّاته الإداريّة المتسارعة بلغ نقطة الوزير الأوّل... السودان الآن أقرب من أى وقت (إنقاذىٍ) مضى ليتقدّمَ إلينا الوزير الأوّل! تشدّنى ايضاً وظيفة فى هيكل العمل الصحفى إسمها المحرّر العام... والمحرّر العام هو صحفى شامل وليس شموليّاً يقع فوق سكرتير التحرير وتحت مدير التحرير... هذه الوظيفة الصحفيّة ليست مُشْهَرَةً فى الصحافة السودانيّة اليوميّة, وإن كانت تحتاجها فى وضعها الراهن... المحرّر العام محررٌ يضبط سبكة الصحيفة وجرعتها التحريريّة وربّما لا يكتب شيئاً بنفسه لكنّه يحرّر الصحيفة بعد أنْ يكتبها الجميع... لذلك أقدّم هذه الوظيفة وهذا الصحفى إلى صناعة الصحافة السودانيّة! السياسة والصحافة ِاخوة (أعدقاء) لكنّهما من المِهَن اللتين تنتظران روح الفريق الواحد... روح الفريق فى السلطة التنفيذيّة هى الوزير الأول, وفى الصحافة هى المحرّر العام... فكلاهما مثل فريق كرة القدم, الوزير الأول والمحرر العام فى كلٍ منهما لاعب الإرتكاز!!