يمكن أن نذكر الاجيال الجديدة بعمر (18-20-25-30سنة) ان الانتخابات العامة في السودان (1953 -1965 -1968) وربما حتى انتخابات (1986) تشكل حراكاً سياسياً حيوياً وذكياً ومنافسة شريفة في اجواء آمنة وسالمة ومطمئنة، لا خوف ولاخشية إلاّ استثناء، وكان الحزب الاتحادي الديمقراطي بوجه خاص يكسبها حيوية وجسارة برموزه التي كانت تتحرك بكافة وسائل النقل من (البنطون) في النيل الى القطار بالسكة الحديد، الى (اللواري) والبكاسي في مناطق نائية، وقد رافقت الرئيس اسماعيل الازهري في جولة في القضارف ، كانت السيارة تطوف في مناطق جافة وجرداء وتحت أشعة الشمس الساخنة، فلا تكييف ولا مروحة، ولمدة ثماني ساعات وكانت الجماهير تصطف في الطرق وتحتشد في الليالي السياسية لتستمع الى الرموز الاتحادية وكان تأثير كلماتها، وعناوين القضايا التي تطرحها وذكاء التعليقات والنماذج التي تقدمها أقوى تأثيراً وتجاوباً وأكثر جذباً وتجاوباً من كل حوارات الفضائيات الرتيبة المنقولة عام 2010م، والعنصر الأهم في أي انتخابات عامة هو الحزب الاتحادي الديمقراطي اللصيق بالجماهير وهمومها والمعبر عن تطلعاتها ، كان كلاهما يعرف الآخر ويحب الآخر ويهتم بالآخر ويؤثر الآخر على نفسه، وكانت الرموز المرشحة في الدوائر الانتخابية في العاصمة تترك مسألة التسجيل والمتابعة والتنظيم للجان الدائرة لأن مهمتها الحراك الى المناطق النائية، في الاقاليم شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً ولم يعرف عن واحد منهم آنذاك متابعته لدائرته وانما جهده بالكامل في دوائر زملائه الآخرين لتأمين الفوز، اذ كان مبارك زروق وخضر حمد وحسن عوض الله ويحيى الفضلي ومحمد أحمد المرضي يتركون دوائرهم تماماً ليتفرغوا لزملائهم او للمرشحين في الاقاليم، بل إن نواباً شباباً آنذاك محمد جبارة العوض (كسلا) وحسن عبد القادر (الأبيض) تركوا دوائرهم لمساندة نصر الدين السيد في الخرطوم بحري، ولقد فاز ثلاثتهم في انتخابات 1968م، كانت الانتخابات العامة برعاية سيادة محمد عثمان الميرغني وبرئاسة اسماعيل الازهري، وبالنسبة للاتحاديين ولرموزهم معركة حقيقية تستخدم فيها أدوات الذكاء والمقدرة والمبادأة والخبرة والحضور والبذل والتضحية، والأهم من ذلك التواصل الحميم والالتفاف والارتباط على حب الوطن والذود عنه. وخذ نماذج وأسماء للفائزين من رموز الحزب الاتحادي الديمقراطي في الانتخابات العامة 1968م حيث فاز ب (101) مقعداً في الجمعية التأسيسية ديفيد سولي (106 الجكو) محمد الحسن عبدالله يس (184) الكبابيش، وجامع علي التوم الكبابيش، عاشوري فرتاك (121) راجا، متيل روك كول (126) رمبيك الغربية، د. دعثمان محمد عبد الله (79) ود مدني، موسى المبارك (28) ريفي الخرطوم، سيد أحمد عبد الهادي (39) مروي، حسين شريف الهندي (178) الحوش الوسطى محمد صديق طلحة (29) ريفي الخرطوم الثانية، موريس لوكي (19) كبويتا، الشاذلي الشيخ الريح دار حامد شرق، يوسف شول (125) رمبيك الوسطى، عبد العزيز عمر عبد الله (145) مساليت الجنوبية، عثمان النعيم طريق ياي - جوبا ، أحمد السيد حمد الخرطوم الشمالية، ابراهيم المفتي الخرطوم الجنوبية، مأمون سنادة بورتسودان، نصر الدين السيد الخرطوم بحري، محمد الخليفة طه الريفي القضارف شمال، محمد أحمد ابو سن (72) رفاعة الشكرية ، وعلي عبد الرحمن وحسن عوض الله وبدوي عبد القادر ومحمد أمين حسين وزين العابدين الهندي ود. محيي الدين صابر.. وغيرهم في الشمال والجنوب رموز مقنعة ومقبولة ومتجردة، أين هم من هؤلاء القادمين من الكوكب البعيد لخوض أخطر وأهم انتخابات عامة في ابريل 2010م.