في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    ((المدرسة الرومانية الأجمل والأكمل))    من يبتلع الهلال… الظل أم أحبابه؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالفيديو.. رجل سوداني في السبعين من عمره يربط "الشال" على وسطه ويدخل في وصلة رقص مع الفنان محمد بشير على أنغام الموسيقى الأثيوبية والجمهور يتفاعل: (الفرح والبهجة ما عندهم عمر محدد)    كامل إدريس يصدر توجيهًا بشأن الجامعات.. تعرّف على القرار    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير المالية فى حوار لا تنقصه الصراحة: نعد للمرحلة الثانية من تطوير الاقتصاد السوداني

أقرَّ وزير المالية والاقتصاد الوطنى الزبير احمد الحسن بأن العقوبات الاميركية على السودان المستمرة منذ عشر سنوات، كانت لها آثار سالبة على الاقتصاد، ومنعت البلاد من تطبيع علاقاتها مع البنك وصندوق النقد الدوليين، كما حرمتها من الاستفادة من برنامج إعفاء الديون وتمويل البنك الدولى والمنح الاوروبية. وقال الحسن فى حواره هذا مع «الصحافة» ان السودان تمكن من خلال توجهه إلى شركاء فى الاقليم والمنطقة العربية والهند والصين وماليزيا، من تخفيف آثار العقوبات، مشيرا الى ان الحكومة تسعى الى رفعها عبر حوار مع الادارة الأميركية. وذكر ان وزارته شرعت فى اعداد تقرير شامل عن الشركات الحكومية التى ينبغى تصفيتها، لانها تعمل فى أغراض غير ذات أولوية. ودافع وزير المالية عن الخصخصة، ووصف الحملة ضدها بأنها غير عادلة، مؤكدا انها تجرى بشفافية. وقال إن دراسة أعدها بنك السودان ووزارة المالية توصلت الى أن الصادرات السودانية لم تتأثر بتراجع سعر صرف الدولار امام الجنيه السودانى، لافتا الى ان الصادرات تعانى من مشكلات هيكلية. وتاليا نص الحوار: هناك اتفاقيات سلام تمت سواء فى جنوب السودان أو شرقه أو دارفور... ما آثار هذه الاتفاقيات على الاقتصاد السودانى؟ - الأثر الأول المباشر أن هذه الاتفاقيات من الناحية المالية أدت إلى إعادة تخصيص الموارد فى الدولة، وأعطت نصيبا من الايرادات لإعمار ما دمرته الحرب فى الجنوب. وبموجب ذلك انسابت موارد تساهم فى تنمية الجنوب، وكذلك بالنسبة لدارفور وشرق السودان هذا العام، حيث تم إنشاء صندوق إعمار دارفور، وساهمت الحكومة فيه بصورة مقدرة. وأيضا صندوق تنمية شرق السودان، وأعتقد أن ذلك يسهم فى تطور المناطق الأقل نموا بإعطائها برامج خاصة فى قطاعات الصحة والتعليم والمياه والطرق وغيرها. وأيضا هذه الاتفاقيات وتحديدا اتفاقية الجنوب التى أوقفت الحرب، أوجدت مناخا جيدا للاستثمار يقوى الاقتصاد القومى، لأن مساهمة الجنوب فى الاقتصاد خلال الفترة الماضية كانت قليلة بسبب ظروف الحرب التى لم تكن تسمح بانتاج زراعى أو خدمى أو أية حركة تجارية. عقد تحت رعاية وزارة المالية أخيراً مؤتمرا لتشجيع الاستثمار فى الجنوب ... هل حقق أهدافه؟ - كان المؤتمر عبارة عن ملتقى بين رجال الاستثمار فى الشمال والجنوب، هدفه الرئيسى أننا كنا نريد سماع رأى القطاع الخاص فى مناخ الاستثمار فى الجنوب، حتى نساهم فى معالجة المشكلات، وهدفه الثانى تحفيز رجال الأعمال فى القطاع الخاص فى السودان للمساهمة من خلال الاستثمار المباشر فى تنمية الجنوب. واعتقد أن النقاش الذى تم والتداول الصريح للمشكلات القانونية واللوجستية والمؤسسية فى الجنوب وما تم حولها من حوار كان مفيدا، وبالنسبة لسعينا فى تحفيز المستثمرين على اختلاف مناطقهم للاستثمار فى الجنوب فإنه يحتاج لبعض الوقت. وهذه ضربة البداية فقط ، فاللقاء وحده لن يشجع المستثمرين للذهاب إلى الجنوب، ونحتاج لعمل آخر مباشر مع حكومة الجنوب وحكومة الوحدة الوطنية لتحفيزهم، لأننا متأكدون من أنه مهما زاد رصيد حكومة الجنوب من الموارد لن تستطيع القيام بأدوار اقتصادية مهمة فى تحريك الموارد الزراعية والمعدنية والصناعية، وإيجاد فرص عمل من خلال المنشآت الاقتصادية التى يتم إنشاؤها، ولن تستطيع حكومة الجنوب القيام بذلك وحدها، ولا حتى بدعم المانحين الذى يكون فى الخدمات الأساسية، أما الاقتصاد الكلى فيحتاج لوجود القطاع الخاص كمساهم رئيسى فى الاستثمار. إلى أى مدى تم تنفيذ اتفاق قسمة السلطة والثروة بين الشمال والجنوب؟ - الاتفاق كان واضحا ومفصلا بصورة كافية، وتم بصورة كاملة حتى الآن، وينص على أن 50% من البترول المنتج من جنوب السودان يخصص لحكومة الجنوب، ونعتقد أن الآليات التى نصت عليها الاتفاقية من لجان مشتركة وفنية تجتمع دوريا كل شهر للتعرف على حجم الانتاج ومناطقه، وتشرف على التوزيع وتصيغ قراراتها. وكان لتلك اللجان دور كبير فى أن تستمر العملية بصورة شفافة. ومن جانبنا التزمنا بالمعلومات عن البترول وانتاجه الشهرى والسنوى والتوزيع والحصص، ونعلنها فى الموقع الاليكترونى الخاص بالوزارة. وقد ساهم ذلك فى إخماد أصوات كثيرة تقول إن الجنوب لم ينل حقه من الحقول الاتحادية، وأن هناك كميات لم تعط لهم، وكل ذلك قد تجاوزناه الآن بوجود هذه الآليات، ولكن لازلنا نعانى من أن الجزء الثانى من الاتفاقية فى قسمة الثروة وهو الايرادات القومية، أى الجمارك والضرائب والقيمة المضافة، فإن الأداء فيها ضعيف، وتحتاج إلى جهد وتنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب. وقد عقدنا لذلك عدة اجتماعات، وتم الاتفاق حسب الاتفاقية على أن الحكومة الاتحادية تقوم بالجباية، وهناك آلية لتوزيع الايرادات عبر حساب مشترك فى بنك السودان بجوبا. ونأمل قبل نهاية هذا العام أن يتم حسم المشكلات اللوجستية فى محطات الجمارك والضرائب، وننشئها وندرب لها الكوادر الكافية، وأن تجد حكومة الجنوب حصة معتبرة من الايرادات هى الآن فاقد بسبب عدم وجود نظام معتمد فى العمل، والحكومة من واجباتها القومية المساهمة فى مشاريع التنمية بالجنوب، والآن نعمل على مد شبكة الكهرباء من خزان الروصيرص إلى جنوب السودان، ويتم العمل فى طريق الجبلين، الرنك، ملكال. ونعمل أيضا من خلال صندوق المانحين، حيث نساهم ب 66% والصندوق ب 33% فى تأهيل خط السكك الحديدية المتجه إلى مدينة واو الذى خربته الحرب وتم تطهيره من الالغام. وهناك أيضا برنامج تأهيل النقل النهرى من خلال خصخصته وتحويله إلى شركة تساهم فيه حكومة الجنوب بتنازل من الحكومة القومية عن نصيبها، إضافة لمساهمتنا فى الجنوب بدعم التعليم العالى ومحاربة الأوبئة والقيام بتطعيم الثروة الحيوانية، كل هذا زيادة على القسمة المذكورة فى اتفاق السلام، وهو من مهام الحكومة القومية التى تقوم بها فى الجنوب. وكيف تنظر لمستقبل الاقتصاد السودانى على ضوء كل التحديات التى تواجهه؟ - على ضوء قراءة السنوات العشر الماضية والخطة الخمسية للاقتصاد السودانى، واستصحابا للواقع الحالى الموجود والمشكلات التى تعوقه، فإننى أرى أن الاقتصاد السودانى سيستمر فى النمو المرتفع، وتطوير البنيات الأساسية، وتحسين الخدمات وزيادة الانتاجية ودعم الاقتصاد. وهذه هى أهم أهداف الخطة الخمسية فى المرحلة القادمة. واعتقد أنه بجهد كبير نستطيع تجاوز العقبات الماثلة، والآن نسعى لتحقيق المرحلة الثانية من تطوير الاقتصاد السودانى، بعد أن تحقق الاستقرار الاقتصادى وأصبح نموه عاليا، وتم توفير موارد الاقتصاد من خلال برنامج استخراج النفط الذى مكن من أن يتم انجاز كبير فى مجال العمل التنموى وتحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارية، ونتطلع إلى أن يكون مناخ الاستثمار فى السودان بعد التحسين الذى تم فيه بحجم الفرص المتاحة، وإزالة العوائق التى تواجه المستثمرين وانسيابهم إلى السودان. واعتقد أيضا أن إحلال السلام بدارفور سيساهم فى جذب الاستثمارات الى السودان، وتحسين مناخ الاستثمار فيه. يشهد السودان طفرة فى مجال البنية التحتية.. لكن هل يمكن أن ينعكس التحسن الاقتصادى على حياة المواطن السودانى الذى لازال يعانى، وهناك هوة كبيرة بين احتياجاته وما يصبو إليه، وبين الظروف التى يعيشها فعلا؟ - اعتقد أن ذلك قد بدأ يحدث فعلاً، ولو قارنا بين ما كان فى السابق من حال المواطنين والآن، نجد أن الدخل قد ارتفع خلال الخمس سنوات الماضية إذا قارناه بالأجور، كما أنه تم خلق فرص عمل من خلال البيئة الاستثمارية الجاذبة، مما أدى إلى تخفيض مقدر فى البطالة التى كانت نسبتها عالية، وأيضا من خلال ما تم من برامج فى قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب خلال السنوات الماضية، والسنوات القادمة ستشهد مزيدا من التركيز على برامج محاربة الفقر والبرامج الاجتماعية والخدمية فى القطاعات المختلفة التى تمثل الاحتياجات غير المتوفرة فى المناطق النائية. وماذا عن آثار العقوبات الاقتصادية الأميركية على مصالح السودان واقتصاده.. وهل تطمحون إلى اختراق هذا الحظر؟ - لا شك أن العقوبات التى استمرت على السودان منذ عام 1997م ولمدة عشر سنوات، كانت لها آثار سالبة فى عدة مجالات، أولها أنها منعت السودان من تطبيع علاقاته مع البنك الدولى وصندوق النقد الدولى. وقد أدى ذلك لمنع تنفيذ السودان لبرامج اقتصادية ممتازة مع صندوق النقد الدولى. ورغم سداد السودان لكافة التزاماته إلا أن العقوبات الأميركية منعت تطبيع العلاقات حتى لا يستفيد السودان من برنامج إعفاء الديون وبرامج تمويل البنك الدولى، وكل ذلك ترك أثرا كبيرا ورئيسيا على السودان، كما أثرت العقوبات الأميركية على حركة التمويل والمنح من أوروبا للسودان بدرجة كبيرة خلال الفترة الماضية، لأن معظم مؤسسات التمويل الأوروبية والمؤسسات الحكومية تقوم بدعم الصادرات الأوروبية إلى الدول النامية. وبالرغم من ذلك شق السودان طريقه خلال العشرة أعوام الماضية وخرج باقتصاد نموه عالٍ، وعالج إشكالاته وخرج من حالة خلل كبير جدا فى ميزان المدفوعات، إلى تحسن كبير وتوفر للنقد الأجنبى، مع زيادة استثمارات البلاد الأجنبية من خلال توجه السودان إلى شركاء فى الاقليم والمنطقة العربية والهند والصين وماليزيا. ولكن لايزال أثر العقوبات الاقتصادية ماثلا بالرغم من كل ذلك. ويسعى السودان لإزالة هذه العقوبات، وذلك من خلال حوار مستمر، وكان يجب أن ترفع هذه العقوبات عن السودان مباشرةً بعد توقيع إتفاقية السلام، ولكن تطورات أحداث دارفور أصبحت شرطا إضافيا، ثم كان مفترضا أن يتم رفعها بعد اتفاق أبوجا، ولكن ما حدث من انحراف فى قضية اتفاق أبوجا الذى حضرته الولايات المتحدة والدول الأوروبية ووقعت عليه بصفتها شاهدا، وكان المفترض أن تقنع غير الموقعين على الاتفاق من حركات دارفور المسلحة، أدى الى تدخل القوات الدولية، وهذا أخر كثيرا في حل مشكلة دارفور، وبالتالى تطبيع علاقات السودان مع الولايات المتحدة الأميركية، ومازال السودان فى حوار مع الادارة الأميركية فى هذا الشأن باعتباره دولة نامية وفقيرة، وشعبها يتأثر بجميع هذه العقوبات. هناك اتجاه للخصخصة فى السودان وتصفية الشركات الحكومية ...إلى أين وصل الأمر؟وماذا حققت الدولة مما تمت خصخصته ؟أيضا هناك تساؤلات فى الشارع السودانى حول استفادة المسؤولين وأقاربهم من هذا الأمر، وأنه ليست هناك شفافية فى عمليات الخصخصة؟ - الخصخصة أو التصرف فى مرافق القطاع العام كما نسميه، اتجاه بدأ منذ سياسة التحرير الاقتصادى عام1992م، وننفذ هذه السياسات منذ «15» عاما، ومجلس الوزراء هو الذى يشرف على هذا البرنامج، ونحن بصفتنا لجنة عليا للتصرف فى مرافق القطاع العام برئاسة وزارة المالية، وفيها عدد من الوزراء والمسؤولين والمراجع العام للدولة ومحافظ البنك المركزى، فهذه اللجنة تشرف على تنفيذ قرارات مجلس الوزراء في ما يتعلق بالخصخصة، ولا تكون مسؤولية وزارة المالية، حيث تقدم مقترحات يجيزها مجلس الوزراء ويقوم بالتوجيه لتنفيذها، وجميع عمليات الخصخصة التى تمت كانت من خلال الاعلان عنها فى الصحف واتاحة الفرصة للتنافس، وفى بعض الأحيان فى ظل ظروف السودان الاقتصادية وتأثره بالحرب فى الجنوب ودارفور، وعلى الرغم من الاعلان فى الصحف والترويج لها، لكن الاقبال دائما كان ضعيفا، مثلا الخطوط الجوية السودانية طرحناها للخصخصة فى عام 2001م، وقدمت عدد من الشركات عطاءات، لكن عروضها كانت ضعيفة جداً وصلت إلى عشرة ملايين دولار وأحيانا تقل، ومن شركات غير معروفة وليست لديها قدرات مالية. وفى مثل هذه الحالة تحدث إعادة تفاوض أو البحث عن مستثمرين، ولكن المنهج المتبع أن نبدأ بطرح المؤسسة المعنية بالخصخصة للمنافسة الحرة بين الجهات المختلفة، وتم تحويل بعض المؤسسات إلى شركات مساهمة عامة، وقد تمت أكبر عملية خصخصة فى التسعينيات لشركة الاتصالات وتحويلها لشركة «سوداتل»، وتم طرح أسهمها للجمهور، والدولة تدريجيا تنازلت عن حصتها حتى وصلت 26%، وأيضا بنك الخرطوم وبنك النيلين تم طرحهما فى شكل عطاءات بصوررة مفتوحة، وهناك كثير جدا من المؤسسات التى تمت خصخصتها وكان برنامج الخصخصة جزءا من الإصلاح الهيكلى الرئيسى، وقد نجحت الدولة في برنامج الخصخصة وتواصل فيه الآن، لأن هناك العديد من المتغيرات فى موازنة العام الماضى، والموجهات
الرئيسية التى وضعتها وزارة المالية أن هناك عددا كبير من المؤسسات الحكومية نشأت فى المركز والولايات، ينبغى تصفيتها من خلال لجان تفصيلية ومسح بمرافقة المراجع العام، مع حصر هذه الشركات. ونعد الآن تقريرا شاملا عن الشركات التى ينبغى خصخصتها، وجزء منها شركات حكومية تعمل فى أغراض غير ذات أولوية. أما ما يقال عن الخصخصة فهو غير صحيح. وهناك حملة غير صائبة تحاول إفهام الرأى العام أن بقاء القطاع العام شىء رئيسى وأساسى وجيد للاقتصاد، لكن كل القراءات العالمية والمحلية تشير إلى أن الحكومة لا تصبح تاجرا ولا مصنعا ولا مقدم خدمة، وكل ذلك عمل استثنائى مرحلى، وأحيانا إذا سلمنا بأهمية وجود القطاع العام، يجب أن نحفز القطاع الخاص ليشارك. وسياستنا فى خصخصة القطاعات الاستراتيجية، أن تبقى الدولة فيها شريكا بمقدار 25 -30%، وهذا تم فى النقل النهرى والخطوط الجوية السودانية وفى قطاع الاتصالات، لكن لغير هذا الغرض سياسات الخصخصة هى الاتجاه الصحيح للاقتصاد السودانى. وماذا عن تخفيض أسعار الصرف للدولار مقابل العملة المحلية، هل أثر على المصدرين وعائدات التصدير غير البترولية؟ - قوة سعر صرف الجنيه السودانى مقابل الدولار هى تصحيح للاقتصاد، ومؤشر إيجابى بأن الاقتصاد أصبح أقوى مما هو عليه، وأن احتياجاتنا من النقد الأجنبى تم بناؤها بصورة أفضل مما كانت عليه. وهناك حديث يدور حول الآثار الاقتصادية لقوة الجنيه، هل تؤثر سلبا على الصادرات السودانية، وقد أكدت دراسة قام بها بنك السودان ووزارة المالية أن الصادرات السودانية لم تتأثر حتى الآن بصورة تحتاج إلى تدخل فى سعر الصرف، فالصادرات السودانية تعانى من مشكلات هيكلية فى الانتاج وقلته، وعدم وجود التقانات والبحوث. وإذا توفر ذلك لن تكون أسعار الصرف هى العائق. وعلى الرغم من ذلك نعالج بعض الأشياء، فقد تدخلت الدولة عندما تأثر القطن بسعر الصرف خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وقدمت دعما للمزارعين، ولكن سياستنا مع تحرير الجنيه مقابل العملات الأجنبية أن يتم بتدرج، وذلك من خلال برنامج متدرج لبنك السودان، على أساس أن يتدخل لتلقي الصدمات الكبيرة أو ينقص سعر الصرف. واعتقد أن هذه السياسة نجحت فى تخفيض سعر صرف الدولار تدريجيا حتى وصل حاليا الى 2.5 جنيهات للدولار. وهذا التخفيض تم خلال ثلاث أو أربع سنوات نتاجا لهذا الدور الكبير. كيف تنظرون للمشكلات الكبيرة فى مجال الانتاج الزراعى رغم النفرة لخضراء؟ - الانتاج الزراعى فى السودان تقليدى، ويقوم جزء كبير منه على مساحات القطاع المطرى الذى يتأثر بالمناخ السودانى الذى يعتمد على الأمطار التى تتراوح بين معدلات عالية ومنخفضة، وهو تقليدى فى التقانة، وفى الشق الحيوانى السودان يمتلك أكبر قطيع فى المنطقة، لكن أصحاب هذا القطيع لا يربونه بغرض السوق، بل باعتباره مظاهر اجتماعية، إذ لا بد أن يكون للرجل قطيع كبير، فمثلا فى جنوب السودان يدفع مهرا للزواج ولا يباع منه إلا قليل، وبرنامج النفرة الخضراء عمل لتوفير التمويل للبنيات الأساسية وترقية البحوث والتقانات الزراعية، كما تم الاتفاق خلال اللجنة الوزارية المصرية السودانية المشتركة تم الاتفاق على زيادة التعاون فى المجال الزراعى، وبموجب ذلك سافر وفد من وزير الزراعة ووزير الدولة للمالية ومدير مشروع الجزيرة إلى مصر قبل شهرين، وتم الاتفاق على برنامج مساعدات مصرية للسودان، حيث يسعى السودان لانتاج سلع لعرضها فى السوق المصرية، وهناك دعم للمشاريع الزراعية من خلال توفير التمويل أو التقاوى الزراعية المحسنة. وتم الاتفاق على إنشاء مزارع تجريبية بمشروع الجزيرة، وأعتقد أن هذا القطاع يحتاج لمثل هذا التعاون مع عدد من الدول، وهناك بداية تعاون مع الصين فى القطاع الزراعى، وقد ذهب وفد من السودان لحضور المعرض الزراعى فى الصين، وهناك تفاوض للدخول مع السودان فى شراكات زراعية، وكل ذلك لإخراج الزراعة فى السودان من القطاع التقليدى والتقنيات القديمة إلى التحديث، لأن الزراعة صارت بشقيها النباتى والحيوانى عملية صناعية أكثر منها تقليدية. هناك شكاوى من مصدرى اللحوم الحية والمذبوحة من الضرائب التى تؤدى الى ارتفاع الأسعار وتصبح غير قابلة للمنافسة؟ - هذا صحيح وقد كان نقاشنا أو موضوعنا الرئيسى فى اجتماع القطاع الاقتصادى، انتهاج طريقة لمعالجة مشكلات الصادرات غير البترولية، ومن الاشكالات الرئيسية وجود رسوم ولائية على السلع باعتبار أن هذا النشاط يقع تحت اختصاص الولايات. وقد ألغت الدولة فى السنوات الماضية الضرائب الزراعية وعوضت الولايات عما فقدته من هذه الضرائب. وقد بدأت العام الماضى باتفاق مع الولايات المنتجة للثروة الحيوانية فى إصدار قرارات بإلغاء عدد من الضرائب والرسوم على الحيوانات، وحتى الرسوم مقابل التحصين فى الصحة وغيرها، ورسوم الموانىء تم الغاؤها فى الأسبوع الماضى حتى نشجع التصدير لموسم الهدى فى السعودية. ونتوقع أن تعرض هذه الأمور لتتم فيها معالجة جذرية. صرحت بأن الإشراف على المال العام سيكون لوزارة المالية وحدها.. هل تم ذلك فعلا أم لازالت هناك جهات اخرى تتصرف فى المال العام؟ - ينص القانون على أن وزارة المالية هى المشرفة على المال العام، لكننا فى كل خطة وبرنامج نعمل على محاصرة الانفلاتات التى تتم. وقد قامت وزارة المالية هذا العام بجهد كبير فى هذا الشأن، وخصصت برنامجا كبيرا جدا لتطوير الأنظمة المالية والمحاسبية يؤدى إلى الشفافية فى عرض الموازنة على المستويات الصغرى والدنيا. وتم إصدار العديد من المنشورات في ما يتعلق بالمحاسبين والمراجعين. وكان لها أثر إيجابى كبير أدى لإزالة معظم المشكلات بوزارة المالية، لكن وزارة المالية عبر اللوائح هى المسؤولة عن المال العام على مستوى الحكومة الاتحادية، لأن الولايات صارت لها سلطة يعتمد عليها، ونواصل فى هذا العمل لأن هناك جزءا كبيرا منه يحتاج لتأهيل وتدريب الكوادر حول المسائل الادارية. تحدثت عن الشفافية فى توزيع عائدات البترول.. هل تدخل جميع عائداته فى الميزانية العامة، أم يوضع بعضها فى حسابات خاصة؟ - كل عائدات البترول تباع فى عطاءات معروفة ومفتوحة، وكل ثلاثة أشهر تورد فى حساب يسمى الايرادات القومية. ومن هناك يتم التوزيع لمستويات الحكومة المختلفة، ولا يتم تجنيب أية من أموال البترول فى أى حساب آخر. هل أنتم راضون عن حجم الاستثمارات العربية فى السودان؟ - بمقياس التطور الذى حدث فيها نعتقد أنه تطور كبير، فقد قفزت من «500» مليون دولار قبل ست سنوات إلى ما يتجاوز المليار دولار حاليا، لكن بحجم الامكانيات والموارد المتاحة فى السودان أمام الدول العربية، اعتقد أنه مازال أمام الدول العربية شوط كبير حتى تحسن من أداء استثماراتها فى السودان. بالنسبة للعلاقات السودانية المصرية كيف يمكن أن يتحقق تكامل أكبر بين البلدين فى المجالات الاقتصادية؟ - أعتقد أن الحركة الاقتصادية بين السودان ومصر واضحة من خلال التطور الكبير فى ميزان المدفوعات بين البلدين. وإن كان ذلك لصالح الجانب المصرى بدرجة كبيرة. ويعكس هذا التطور الآن حجم واردات السودان من مصر التى تجاوزت ال «600» مليون دولار وكانت لا تتعدى ال «50» مليون دولار لعدة سنوات. وعن حركة الطرق فالآن هناك طريق من بورتسودان إلى الحدود المصرية أوشك على الانتهاء، وأيضا الطريق من دنقلا إلى حلفا، وهناك طريق بالبر الغربى إلى داخل السودان، وهذه جميعها وسائل للربط الاقتصادى بين السودان ومصر، وهى شرايين رئيسية تربط البلدين، وهناك بعض المستثمرين المصريين بدأوا فى تأسيس مصرف والدخول فى صناعة السكر والاسمنت. واعتقد أنها بداية، ونسعى لتشجيع المصريين، ونلفت أنظار الجميع إلى أن هناك فرصا للاستثمار فى السودان، وأيضا الملاحظ وجود عدد كبير من العمالة المصرية فى مجالات التشييد وغيرها، وهذا أمر إيجابى. وهل هناك أى اتجاه للتعاون فى مجال زراعة القمح الذى يحتاجه البلدان؟ - نأمل أن يتعاون معنا الإخوة المصريون من خلال اللجنة المصرية السودانية فى هذا المجال، وتحسين المناخ الاستثمارى، وتحفيز القطاع المصرى الخاص للدخول معنا فى هذا المجال. والآن هناك مستثمرون من الدول العربية والخليجية دخلوا للتعاون معنا فى هذا المجال. وسنقدم لهم كل التسهيلات اللازمة. وبرامجنا للاكتفاء الذاتى من القمح أملت علينا إصدار حزمة من السياسات لدعم هذا المحصول، بتقليل التكلفة على المزارعين وتخفيض قيمة السماد إلى 25% تتحملها الدولة نيابة عنهم. وندعو الاخوة المصريين والعرب إلى الاستفادة من هذه الفرصة. لاحظنا أن هناك اتجاها من بنوك كبيرة نحو السودان؟ - فى الأعوام الثلاثة الماضية شهد السودان دخول أربعة أو خمسة مصارف مشتركة أو أجنبية. وكان لها أثر إيجابى فى الاقتصاد السودانى. وخطتنا هى الدعوة لدخول المصارف الكبيرة، واستطعنا فى الملتقى الخليجى أن ندعو مؤسسات كبيرة للاستثمار فى السودان. وقدم السودان حوافز فى هذا الجانب، ورأس مال المؤسسات المصرفية لا يقل عن مليار دولار. وخطتنا هي السعى لإيجاد شركاء من المؤسسات المصرفية الوطنية القائمة. وقد بدأ ذلك بالفعل، فلدينا البنك الأهلى السودانى دخل بنك العودة شريكا فيه، وبنك بيروت دخل شريكا فى البنك السودانى الفرنسى، وهى بداية لكى تجدد المؤسسات القائمة الضخ لرأسمالها. *نقلا عن صحيفة الصحافة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.