مع الإنتظار والترقب الذي يبديه الشعب السوداني لإعلان الحكومة الجديدة للدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء الفترة الإنتقالية ، ومع الآمال والتوقعات الكبيرة بشأن إصلاح الأوضاع العامة بالبلاد في كافة النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية، والعلاقات الخارجية، كشفت الأوساط الصحيفة عن زيارة مهمة يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لودريان” إلي السودان يوم “الجمعة” السادس من سبتمبر الجاري حاملا رسالة من الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون لرئيس وزراء الحكومة الإنتقالية بالسودان الدكتور عبد الله حمدوك يدعوه فيها لزيارة فرنسا لعقد مباحثات ثنائية بهدف بحث سبل الدعم الذي يمكن أن تقدمه فرنسا للسودان في المرحلة المقبلة. وتعتبر زيارة الوزير الفرنسي الثانية من نوعها لمسؤول أوروبي رفيع للخرطوم، خلال أسبوع، بعد زيارة وزير الخارجية الألماني “الثلاثاء” الماضي، وتتضمن الزيارة بحث آفاق التعاون مع السلطة الجديدة والتباحث حول إقامة علاقات جديدة ومتينة بين باريسوالخرطوم، ومناقشة موضوع دعم السودان إقتصادياً عبر مجموعة (أصدقاء السودان) التي تضم مجموعة من الدول في المحيطين الإقليمي والدولي مثل أمريكا، بريطانيا، ألمانيا، النرويج، السعودية، مصر، الإمارات، قطر وإثيوبيا، كما تشمل الزيارة مناقشة قضية إعفاء السودان من ديونه الخارجية، التي تجاوزت ال “51” مليار دولار ، فضلاً عن دعم فرنسا للحكومة الجديدة في المنابر الدولية. ومن المتوقع أن يبحث الوزير الفرنسي مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك طبقاً للمصادر الصحفية إقامة علاقات متينة على أسس جديدة بين الخرطوموباريس، وهو مايتفق مع دعوة الإنتفاح التي دعا لها حمدوك عند إعلانه عن أهم ملامح السياسة الخارجية لحكومته الجديدة، حيث شدد علي بناء علاقات دبلوماسية تضمن المصالح المشتركة وتحقق الإستقلالية في السياسة الخارجية للسودان بعيداً عن المحاور وتجاذباتها، وذلك تطبيقًا لمبدأ السياسة الواقعية في العلاقات الدولية الحديثة والتي تشير أهم قواعدها ” بأنه ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم ولكن هناك مصلحة دائمة”. وكانت السفيرة الفرنسية بالخرطوم قد نقلت لوكيل وزارة الخارجية السودانية عمر دهب خلال لقاء جمعهما، ترحيب بلادها بالتغيير الذي حدث في السودان والبدء في تشكيل الحكومة الانتقالية، وأكدت دعم بلادها للسودان في المجالات الاقتصادية والتنموية عبر الوكالة الفرنسية للتنمية، لافتة إلى دعم باريس في معالجة ديون السودان. ومن المعلوم أن العلاقات الاقتصادية بين سودانية لفرنسا محكومة بالجزاءات الأمريكية المفروضة على السودان، بسبب إدراجه ضمن اللائحة الأمريكية للإرهاب، ويحتل السودان المرتبة الثالثة في قائمة شركاء فرنسا التجاريين في منطقة أفريقيا الشرقية، بعد دولتي كينيا وإثيوبيا. و ثمّنت الخارجية السودانية الدعم الذي ظلت تقدمه فرنسا للسودان في مختلف المجالات التنموية، والاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الفرنسية للتطورات في السودان ونجاح ثورته السلمية، مما يؤكد الرغبة الفرنسية في تقديم كل الدعم الممكن للحكومة المدنية الجديدة. كما أعربت الخارجية السودانية أعربت عن أملها في أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التنسيق بين البلدين في المجال السياسي، داعية فرنسا لحشد الدعم الدولي من أجل إدماج الإقتصاد السوداني في الإقتصاد العالمي. ويشير المراقبون والمهتمون بالعلاقات السودانية الفرنسية بأن مجالات العلاقة بين الدولتين متمددة، حيث تشمل القطاعات الإقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية، فضلاً عن الدعم التنموي والمساهمات في المجال الإنساني، حيث يتركز حضور المنشآت الفرنسية في قطاع الزراعة (الصمغ العربي)، والأدوية، والنفط، واللوجستية، فضلاً عن التعاون العلمي القائم بين البلدين وهو تعاون عريق، يتطور بفعل عدة برامج تعاون بين معاهد البحوث والجامعات السودانية والفرنسية، كما تمول فرنسا عدة مشاريع للمساعدة الإنسانية والإنمائية، ومنها تأمين الوضع الغذائي وحماية القاصرين في مناطق النزاع، ودعم منظمات المجتمع المدني، والدعم الذي تقدمه الوكالة الفرنسية للتنمية لقطاع الصمغ العربي، وغيرها.