شهدت أسعار السلع خاصة الاستهلاكية زيادة جديدة قبل دخول شهر رمضان لتضاف إلى الزيادات السابقة التي جعلت الأسعار تصل إلى معدلات خيالية، وهو ما جعل أجراس الإنذار تقرع في آذان الجهات المسؤولية لأدراك الوضع ومحاولة كبح جنون الأسعار التي احترق بنيرانها المواطنون خاصة ذوي الدخل المحدود. خلال هذا الاستطلاع يقف المركز السوداني للخدمات الصحفية مع أهل الشأن على أسباب الزيادات الكبيرة في الأسعار والمعالجات الممكنة لإرجاع الأمور إلى نصابها وإيقاف محاولات فئة تريد أن تستغل المواطن لتحقيق الأرباح الفاحشة. نظرية السوق ارتفاع الأسعار بنظرة اقتصادية مجردة هو فعل متعلق بنظرية ثابتة تحكم حركة السوق وآلية معمول بها عالمياً، حيث أن السوق يعتمد على نظرية العرض والطلب. وهناك مجموعة مؤثرات ومؤشرات داخلية وخارجية تتحكم في ارتفاع الأسعار حيث أن المعروض من السلع الاستهلاكية والإنتاجية هو الذي يحدد السعر والقدرة هي التي تخلق ارتفاع الأسعار. فمحلياً نجد أن الإنتاج هو أساس عرض السلعة وكذلك مؤشر لارتفاع وانخفاض التضخم، أما خارجياً فإن الأزمة الاقتصادية العالمية لها أثرها المباشر في ارتفاع الأسعار في السلع. التحرير.. متهم أول د. بابكر محمد توم رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني يرى ضرورة أن يكون هنالك تنظيم في الأسواق، فسياسة التحرير الاقتصادي لا تعني ترك الحبل على الغارب بل تعني المنافسة وزيادة العرض وزيادة المؤسسات العاملة في كل مجال وإتاحة الفرص المتساوية وزيادة المنافسة دون تدخل من الدولة، إلا من خلال التنظيم للمنافسة والرقابة الواعية والإشراف المشجع والتقييم ودراسة أحوال السوق من حين إلى آخر، والتدخل الإيجابي وهذا التدخل يتم من الحكومة الاتحادية أو الولائية. ويقول توم: كذلك يجب أن تكون لدينا مؤسسات تضمن وجود منافس ومنظم لحركة السوق وهذا من صميم سياسة التحرير الاقتصادي. وحول ارتفاع أسعار السلع المحلية من خضروات ولحوم قال توم إن هذا الارتفاع يعود للموسم، فبعض السلع هذا ليس موسمها، وهنالك صعوبة في وصول الماشية للأسواق مثلاً لذلك هنالك ارتفاع في أسعار اللحوم، وهذا لا يتم علاجه إلا بترشيد الاستهلاك والتعامل مع هذا الوضع. أما مواد البناء فإن سبب ارتفاع الأسعار هو ارتفاع الدولار وذلك ينطبق على كل السلع المستوردة، فيجب أن نكون مدركين لهذا الوضع تماماً وهو شح النقد الأجنبي، فقد كان في المتوسط 13 مليار نزل إلى 8 مليار في المتوسط ثم إلى 6 في المتوسط في السنة، والدولة من أجل تقليل الاستيراد قامت بزيادة الجمارك فلابد من تغيير النمط الاستيرادي. أكثر من سبب؟ الحاج يوسف اليمني عضو اللجنة الاقتصادية بالمجلس عزا ارتفاع أسعار السلع المحلية من خضر وفاكهة إلى الموسم والحرارة المرتفعة في الصيف التي أدت إلى كثير من الذبول وحرق كثير من الخضروات كالطماطم والبامية وغيرها، وبالتالي أدى إلى ارتفاع أسعارها، وأيضاً التكلفة الباهظة لإنتاجه عن طريق البيوت المحمية كل ذلك أسباب أساسية أدت إلى ارتفاع أسعار هذه السلع ارتفاع جديد، وأيضاً نجد أن اللحوم قد ارتفعت أسعارها نسبة لزيادة الصادر وقلة الوارد من مناطق الإنتاج وارتفاع أسعار العلف. أما السلع المستوردة في اعتقادي أن ذلك يعود لارتفاع سعر الدولار وقلة المعروض في الأسواق، وتحجيم الاستيراد لبعض السلع من بعض الإجراءات من جانب المواصفات والمقاييس التي أدت إلى تكدس كثير من السلع في الموانئ. ونحن نعتقد أن من أجل تفادي ذلك وخاصة السلع المستوردة وعند اتخاذ تدابير جديدة للاستيراد، يجب إخطار التجار عبر الاتحادات قبل مدة كافية بالتدابير وإعطائهم مهلة كافية لتوفيق أوضاعه،م لأن التجار يعلقون الصفقات وتصبح ملزمة بالنسبة لهم سواء كانت تحت التصنيع أو في البحر أو في الموانئ. مثل هذه التدابير المفاجئة تؤدي إلى إفلاس كثير من التجار وتدخلهم في مشاكل مالية معقدة سواء في الداخل أو الخارج. الاحتكار والندرة بحسب المسئولين باتحاد العمال فإن ارتفاع الأسعار يؤثر تأثيراً مباشراً على العمال، لأن الأجور لا تقوى على مواجهة ارتفاع الأسعار، ولمعالجة هذا الأمر نص البرنامج الاقتصادي الثلاثي لضرورة تحقيق التوازن الاجتماعي، فدخل الفرد عندما لا يتناسب مع احتياجاته للسلع الاستهلاكية فإنه يعجز من شراء هذه السلع. من الأسباب التي أدت إلى غلاء الأسعار الاستهلاكية وباتت معروفة لدى خبراء الاقتصاد الندرة في السلع بجانب ظاهرة الاحتكار التي ابتدرها التجار في السوق الإجمالي والقطاعي. ومن أهم المعالجات والحلول لهذه المشاكل التي تواجه المواطن في غلاء الأسعار هي استرجاع الجمعيات التعاونية بالمؤسسات والمصالح العامة وفتح نقاط البيع بالأسواق والأحياء السكنية، بجانب دعم المشروعات الصغيرة المنتجة كالدواجن وغيرها من المشروعات المنتجة، ونجد أن اتحاد نقابات عمال السودان ساهم في حل مشكلة ارتفاع الأسعار وذلك بالاجتماع بالجمعيات التعاونية كمؤسسات اقتصادية واجتماعية لتعزز مشاركة الناس كافة وتسهم في القضاء على الفقر. وفي هذا الإطار صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 136/46ع، (دور الجمعيات التعاونية في التنمية الاجتماعية واعتبر العام 2012م عاماً للتعاونيات بما يفضي إلى تعزيز دورها في التنمية. غياب المبررات ويقول الأستاذ عثمان علي البدوي أمين أمانة تنمية الموارد والدراسات الاقتصادية بالاتحاد العام لعمال السودان أن السبب الأساسي في ارتفاع الأسعار هو تحريرها لاعتماده على آلية السوق التي تعتمد على العرض والطب، وكلما زاد العرض زاد الطلب وفي حالة كثرة المعروض توجد ندرة في الطلب وعندما يكون هناك إنتاج تكون هناك وفرة وثبات في الإنتاج. وترجع الندرة في بعض السلع إلى المواسم الزراعية كالخضروات التي تزرع في الشتاء وتقل في الصيف والعكس، بجانب موسم الفيضانات وارتفاع مناسيب المياه الذي يغمر كبيرة جداً من المزارع التي تمد المدن بالخضروات، مؤكداً أن ارتفاع بعض أسعار السلع غير مبرر لأن شركة السكر والمصانع المنتجة لم تقم بزيادة سعر السكر ولكن دخل عامل الاحتكار رغم أن الدولة أصدرت قانون ضد الاحتكار. والتحرير الاقتصادي حسب البدوي يتطلب أن تكون هناك اخلاق للمعاملات التجارية لكن انعدامها يجعل فئة من التجار يحتكرون السلع وهذه ممارسات تؤدي إلى ارتفاع الأسعار للسلع الاستهلاكية. والحل في مثل هذه السلع خاصة المصنعة أن تكون هناك علاقة بين المؤسسات وهذه المصانع، ويمكن أن تسلم من المصانع عبر المؤسسات بأسعار تتناسب مع الأجور والدخل العام للعامل. ويجب تفعيل الجمعيات التعاونية الموجودة الآن بهياكلها وهي غير مفعلة بسبب العجز والقصور في رأس المال حتى تواجه ارتفاع الأسعار. وأبان البدوي أن اتحاد العمال يعتمد في الحل على الشركة التي تعتبر أحد الأذرع الاقتصادية لبنك العمال، لأنه يقوم بتمويل كمية كبيرة من السلع ونعتمد على محاربة احتكار السلع عبر قنوات التوزيع.