مدخل: منذ أن انشق العقيد عبد الله جبريل (تِك) عن حركة العدل والمساواة في أبريل 2004م لم تتوقف الانشقاقات والتصدعات وقد وصف يومها د. خليل إبراهيم العقيد عبد الله جبريل بالعمالة والانصياع لمبادرات السلام التشادية وبعد ذلك انشق المهندس محمد صالح حربة متهماً خليل بموالاة المؤتمر الشعبي ومحمد صالح حربة يشترك مع خليل في الانتماء للزغاوة الكوبي ولكن يختلف معه في الخلفية السياسية وقد مثل البيان الذي أصدره محمد صالح حربة رئيس القيادة الثورية، ثورة حقيقية داخل العدل والمساواة يومذاك، ولم ينتهي عام 2006م إلا وقد انشق الدكتور إدريس إبراهيم أزرق في أديس أبابا وشكل هيكلاً موازياً لهيكل حركة العدل والمساواة برئاسة د. خليل ثم أنشق عن الحركة بحر إدريس أبو قردة ومعه تاج الدين بشير نيام وذلك عقب انشقاق القائد العام لقوات الحركة عبد الله بندة أبكر ثم عاد للسودان منشقاً عن العدل والمساواة إبراهيم يحى والي غرب درافور الأسبق وذلك بعد أن أتى إليها عبد الرحم آدم أبو ريشة وكلاهما أتي مقتنعاً بالسلام وعدم جدوى الحرب ولم تمض الأيام حتى انشق عن الحركة أيضاً عبد المجيد دودة ابن قبيلة الأرنقا ومعه حوالي سبعمائة فرد بمنطقة جبل مون وكلبس وسربه وأخيراً أعلن آدم علي شوقار انسلاخه عن العدل والمساواة في أديس أبابا. لم يترك د. خليل هذه الانقسامات تمر مرور الكرام فوقعت مصادمات وتصفيات ميدانية حاول فيها د.خليل أن يصفي خصومه في الميدان وكان أبرز تلك المحاولات المصادمات بين العدل والمساواة وقوات عبد الله بندة من جانب وبحر أبوقردة من جانب آخر وأفظع المذابح كانت مذبحة العدل والمساواة ضد أبناء الميدوب في يوم 1/1/2009م والتي أشرف عليها د. خليل بنفسه. الآن تواترت الأنباء عن خلافات حادة داخل العدل والسماواة في الميدان وعن حرب توشك أن تندلع بين العرب وغير العرب من ناحية وبين الجميع وعشيرة د. خليل من ناحية أخرى. وهي امور نحاول التدقق فيها بتروي... وثائق خطيرة: لم يكن (smc) بعيداً عن رصفائه من المراكز الإعلامية في استخدام الوثائق والتي تعتبر الأداة الاكثر فاعلية وتأكيداً للمعلومة. ووثائق (smc) فيما نحن بصدده عبارة عن تقرير أداء العمل السياسي للمتحركات بحركة العدل والمساواة في الفترة من (25/5 -13/9/2010م)، التقرير مذيل بتوقيع محمد آدم محمد ممثل رئيس الحركة بالميدان ومعنون لرئيس الحركة بصورة للقائد العام... وهو عبارة عن سبع صفحات من الورق المسطر (فلسكاب) مكتوبة بخط واضح ويسرد الحركة العسكرية للمتحركات وتقارير الأداء للعمل السياسي والعسكري ويفصّل المشاكل الداخلية والتي تحدث أثناء الاجتماعات ويطالب بحلول لها. ويفصل التقرير خطة الحركة في الاتصال بالقيادات القبلية وغير ذلك ويذكر الأسماء كاملة والتواريخ وغير ذلك، ومن أخطر ما ذكره التقرير هو ما ورد في صفحة (5) بقوله (هناك بعض الملاحظات التي أثرت في العمل السياسي من خلال العمل العسكري، وهى عدم رغبة القيادة العسكرية في التعاون مع العمل السياسي ومحاولة عزل العمل السياسي عن النشاط الميداني وبالتالي عدم التشاور والتنسيق. إلى جانب أخطاء في إدارة العمل الإداري العسكري لضبط الإمداد وتسرب الأسلحة والآليات والغنائم وهروب الجنود.. وعدم الاستفادة من الانتصارات الكبيرة في توسيع دائرة الأراضي المحررة والتمسك بموقع واحد...الخ. وكذلك تشرذم القوة إلى اثنيات ومجموعات ذات أهداف قبلية كمجموعة العرب ومجموعة الزغاوة توار وكوبي وبدأت مجموعات أثنية أخرى خوفاً على نفسها تسعى لتجميع أفرادها وترتيب أوضاعها باقتناء الأسلحة الكبيرة مخافة تكرار أحداث يوم 1/1/2009م فى جبل مون. بالاضافة إلى تكرار الهروب الجماعي من المجموعة العربية وبعض القبائل الأخرى. بالإضافة إلى بيع الأسلحة والذخائر والوقود والإمداد وقطع الغيار، ويستمر التقرير في ذكر الصعوبات والمشاكل التي تواجه العمل العسكري وبعد ذلك العمل السياسي وغير ذلك. مجموعة علي وافي.. من خلال قراءة الوثيقة يستطيع المرء أن يعرف أن علي وافي ينتمي إلى القبائل العربية وإلى قبيلة الرزيقات تحديداً حيث يذكر كاتب التقرير اسم علي وافي كثيراً بدءاً من أول التقرير حتى آخره وعلي وافي هذا بحسب التقسيم الهيكلي للعدل والمساواة هو الناطق باسم الجيش وبحسب التقرير فإن كاتبه يستهله بقوله: (لقد تم تكليفي بمهمة أمانة المتحرك اللاحق من فوراوية إلى شرق دارفور) ويذكر اعتراض علي وافي ومجموعته على هذا التكليف في اجتماع رسمي حيث يقول: (وقد دار نقاش حاد اعتراضاً على تكليفي من قبل علي وافي وبابكر والبليل وقد عقب علي وافي على أن تكليفي ينتهي بانتهاء وصول المتحرك إلى شرق دارفور. وكذلك تتحدث الفقرة (ز) عن عقبات العمل السياسي والتي تتمثل بحسب التقرير في ثلاثة أشياء أولها عدم تعاون أعضاء المكتب التنفيذي من أبناء المجموعة العربية وهم علي وافي ومحمد البليل والهادي برمة وبابكر محمدين والتجاني كرشوم وإثارة النعرات القبلية ومحاولة إضعاف العمل السياسي والقيادات في الميدان وقد ظهر ذلك بتسلم مجموعة الأسرى من أبناء الرزيقات بطريقة خفية معلومة وحتى عدم رفع تقارير عن التكاليف التي تلقى عليهم من خلال المكتب وحتى مقاطعة الاجتماعات. ولعلاج مثل هذه الإشكالات قدم التقرير ثمانية توصيات نقرأ منها التوصية الخامسة والتي تنص على (ضرورة التكتلات الاثنية داخل الفرق والمتحركات) لن نخوض كثيراً في توضيح عدم الانسجام الذي يصل لدرجة التطاحن بين مسئولي الحركة ولكننا نستنتج مباشرة أن حركة العدل والمساواة موعودة بإحد امرين إما تصفية علي وافي وكل من معه من أبناء القبائل العربية أو أن علي وافي ومن معه سيحدثون انشقاقاً آخر يضاف لقائمة المنشقين عن د. خليل. الفساد والأثنية.. حينما انفصل محمد صالح حربة عن د. خليل رد ذلك إلى سيطرة أفكار المؤتمر الشعبي على رئيس الحركة ولكن عندما انشق عنه بحر إدريس أبو قردة ذكر ضمن أسباب انشقاقه الفساد المالي والإداري والعنصرية حيث حصر تولي المناصب العليا في الحركة على أهله الذين أصبح لهم الحل والعقد دون مؤسسات الحركة وتكرر هذا الأمر أيضاً في البيان الذي أصدرته مجموعة الدكتور إدريس أزرق وكذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده آدم علي شوقار بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. هذا الفساد يذكره التقرير في أكثر من موضع (بيع الأسلحة والذخائر والوقود والإمداد والإسبيرات) وأيضاً عدم دراية القيادة العسكرية في الميدان بالعمل الإداري وتوزيع المهام، مما جعل تضارب الاختصاصات وتهميش المختصين وتذمر القوة من تصرف القائد وبعض الأركان وخاصة الإمداد والتصرفات غير المنضبطة في التحرك وشعور معظم القوة بالسطوة الأثنية في توزيع المهام والتكليف في إدارة العمل، هو الرؤية السائدة. ضبابية المصير.. التقرير يؤكد أن مسيرة الحركة حافلة بالانقسامات والانشقاقات، التي تعود لثلاثة أسباب.. أولها الفساد المالي والإداري ،وثانيها الأثنية الصارخة داخل مؤسسات الحركة وثالثا وأخيراً أثر المؤتمر الشعبي وسيطرته على توجيه الحركة، ليس من خلال قياداتها فحسب ولكن أيضاً من خلال المنهج الذي يوجه الحركة وهو الأمر الذي جعل بحر إدريس أبو قردة يقول: (حتى أصبح الأمر كأنه رابطة لزملاء جهاد قديم لازالوا يتنادون بأمراء المجاهدين). هذه المؤثرات الثلاث فرضت ضبابية الرؤية على حركة العدل والمساواة والتي لازالت تتأرجح بين السلم والحرب، وفدها في الدوحة يبحث سبل العودة للتفاوض وقواتها تقاتل الحكومة من ناحية، وتتقاتل فيما بينها من ناحية اخرى وتقمع قبائل دارفور مثلما حدث مع الميدوب، كما انه من المرجح أن يحدث مع العرب من ناحية أخرى . كل ذلك ورئيس الحركة مافتى أسير أثنيته وأفكاره وهواجسه عاجزاً عن اتخاذ قرار حاسم.