هناك جنود مجهولون ظلوا يعملون ليل نهار بوازرة المالية يحملون كماً هائلاً من الارقام والاوراق والآلات الحاسبة واجهزة الحاسوب تضمهم قاعات واحدة ويتابعون عملهم بعد نهاية الدوام ويظلون بالوزارة حتى الثامنة مساء ليطلعوا قيادات العليا بالوزارة اولاً بأول على نتاج عملهم وعلى الرغم ان موازنة 2009 جاءت في ظل ظروف بالغة التعقيد فالازمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمى قلبت الموازين كافة بجانب تحديات عديدة ومن ثم كان هذا الشكل النهائي للموازنة التي دخلت الآن المجلس الوطني وسط تفاؤل بعض المراقبين ان يحدث تعديل في بعض بنودها لصالح الشرائح الضعيفة من ذوي الدخل المحدود والفئات الفقيرة في المجتمع ولكن يبدو من المناقشات التي تمت حتى الآن والقراءة الاولى التي توصل اليها اعضاء البرلمان والمناقشة التي ستجري يوم غد الاثنين ان آمال الفقراء ومحدودي الدخل ستكون (محلك سر). حاولنا اجراء لقاء مع طارق شلبي وزير الدولة بالمالية وأحد مهندسي هذه الموازنة وهي المرة الاولى التي يشارك في اعدادها بعد توليه هذا المنصب وطرحنا عليه العديد من الأسئلة وجاءت اجاباته صريحة واستهلها بالاجابة علي سؤالنا: ? كيف تنظرون لموازنة 2009ولماذا لجأتم لهذه الخيارات؟ - لو جاز لنا التعبير فهذه الطف موازنة يمكن ان تخرج في ظل الازمة المالية العالمية الحالية التي احدثت آثاراً بالغة لأزمة لايعرف مداها اونهايتها لذلك نرى انها افضل الخيارات باعتبار ان اضرارها اخف على المواطنين. ? وعلى أي اساس تمت هذه الخيارات؟ - بعد مناقشات ومقترحات وسيناريوهات عديدة فاقت ال 100سيناريو منها رفع الدعومات او فرض ضرائب على الزراعة او على ارباح الاعمال اوغيرها من القطاعات لاحظنا حالة الكساد التي تعاني منها العديد من الدول لذلك ليس من الحكمة الاخذ بمثل هذه البدائل لذلك توصلنا لهذه الخيارات ولقد راعينا اخذ الخيارات الاقل تأثيراً مباشراً على المواطنين . ? هناك تراجع واضح في الايرادات العامة بسبب تدني اسعارالنفط عالميا كيف تتم معالجة هذا الامر؟ - بالفعل هناك تراجع في الايرادات «من 23 مليار جنيه الى 18مليار جنيه» وهذا فارق كبير وهو بالفعل يشكل عبئاً اضافياً على الموازنة ولذلك حرصنا في الموازنة على زيادة حجم التنمية على الرغم من تراجع الايرادات المتوقعة لان في اعتقادنا ان تحريك وتشجيع الاقتصاد مطلوب في هذه المرحلة و مهم جدا ويمكن ان يسهم بشكل ايجابي في امتصاص الآثار السالبة في حالة استمرار الازمة العالمية في تحريك الموارد العاطلة لذك نرى ان التنمية وتشجيعها مصدر اساسي لاضافة موارد جديدة للاقتصاد كما لابد من السعي لجذب المزيد من الاستثمارات الهادفة. بالنسبة للقروض والمنح هناك تراجع واضح في معدلها ظهر في الموازنة الجديدة فهل من بدائل ترونها لتدارك هذا الاثر؟ في ظل التخبط الحادث الآن في العالم من الازمة الحالية لن تكون هناك تنمية حقيقية ستكون هناك حالة حذر وترقب لتحريك رؤوس الاموال لفترة معينة ولكن هذا لن يستمر طويلا لان رؤوس الاموال اذا لم تتحرك سوف تتآكل لذلك في اعتقادي ان الفرصة ستكون مواتية للسودان لتقديم فرص حقيقية لجذب رؤوس اموال المستثمرين الكافية والفاعلة لاقامة شراكات استراتيجية، فالتحدي الحقيقي هو كيف نجعل السودان بلداً جاذباً للاستثمارات الاجنبية ولا نعقدها - أي الاستثمارات - بالاجراءات الروتينية التي تنفر المستثمرين سواء أكانت تعقيدات ولائية اومركزية ولابد من السعي الجاد لازالة كافة المعوقات فالسودان بالامكانيات المتوافرة مرشح ان يكون بلداً جاذباً لاستثمارات حقيقية قوية وفاعلة . وما هي الخيارات الاستثمارات المطروحة التي تعتقدون انها لم تستغل بالشكل الكافي عدا الزراعة؟ نعم هناك استثمارات لم تستغل بالشكل الكافي مثل قطاع التعدين الذي في اعتقادي لم يأخذ حظه في الاستثمارات ولدينا ثروة هائلة لم تستغل بعد واعتقد ان الاستثمار في المجال الزراعي ليس فقط في الزراعة وانما لابد من تشجيع مجال الاستثمار في مجال التصنيع الزراعي والسعي الجاد لتذليل كافة الصعاب أمام هذه النوعية من الاستثمارات الهادفة. اجرته : عواطف محجوب