تدل نوعية تصرفات الكاتب، الجمهوري، المتعصب، إبراهيم عيسى، أنه يقوم بأعمال استخبارية، وشبه استخبارية خبيثة. لعله مدرب فيها تدريبا جيدا، ومتعامل مع أجهزتها من قديم، وعلى ذلك تدل ملاحقاته التجسسية لشأني الخاص الذي لا يهمه. ولا أدري ما الذي يهمه، بل ما هو المهم أساسا، إن كان كتاب (التجديد الإسلامي: الرأي والرأي الآخر)، الذي أفخر بتأليفي إياه، مرصودا في قائمة مؤلفاتي أم لا. والذي أذكره جيدا هو أن أصحاب الجائزة، الباذخة، التي يتحدث عنها، طلبوا مني سيرة ذاتية، تكون على صفحة واحدة لا تتعداها. ولأن صفحة واحدة لا تتسع لرصد جميع كتبي وبحوثي، لم يظهر فيها ذلك الكتاب ولا غيره بالضرورة . والذي أذكره جيدا كذلك أن الشخص الذي كان موكلا بمساعدتي في الطباعة، راجع السيرة الذاتية، وطلب مني أن أختصرها مجددا، وأن اشطب منها بعض السطور، حتى تقف عند الحد المحدود. وهذا هو كل ما كان من الشأن الذي يلاحقه هذا الشخص الفتان، فأرجو أن يكون قد تبين له الأمر الآن. كتاب أفخر بتأليفه وأفيده أن كتاب (التجديد الإسلامي الرأي الآخر) موجود فى متن كل سيرة ذاتية مطولة لي، لأنه كتاب أعتز به، كما قلت، ولا أنكره ولا أتنكر له. وأفيده أن هذا الكتاب مذكور أيضا على الصفحة الأخيرة من آخر مؤلفاتي (شكوى وجواب شكوى: دراسة وشرح) الذي صدر العام الماضي، وذلك ضمن عدد مختار من قائمة مؤلفاتي اتسعت له تلك الصفحة. وأفيده بأن جل ما أبديته من آراء في ذلك الكتاب لم أتراجع عنه. وإنما تراجع من تراجع عن أفكاره وآرائه، التي لم يكن جادا في طرحها ومتابعتها وتطويرها منذ البدء. ونبذها واستعاض عنها بأفكار وآراء شاطحة، شبيهة من بعض النواحي، بشطحات الدجل الجمهوري، وشبيهة من ناحية أخرى بدجل الحركات العنصرية الإرهابية. وأفيده بأني عازم على إيراد أكثر مادة هذا الكتاب، ضمن كتاب لي أرجو أن يرى النور قريبا، بعنوان (المعارك الظافرة والخاسرة) التي خاضها ذلك الزعيم المتخبط. وفي تناول هذا المعنى قال الكاتب الجمهوري:" حينما رُشح د. محمد وقيع الله لنيل جائزة سعودية (جائزة الامير نايف العالمية للسنة النبوية والدراسات الاسلامية المعاصرة في دورتها الثانية)، آثر - حين قدم سيرته الذاتية - أن يحذف مؤلفه (التجديد..الرأي والرأي الآخر) من ضمن مؤلفاته، وهو أمر يقدح في صدقيته وشجاعته، إذ كان من الأولى أن يذكره ضمن جهده ويذكر تغير موقفه عن ما ورد في المؤلف من تأييد لآراء الترابي وتحسين لها، ولكنه آثر الهروب عبر الأبواب الخلفية من تحمل نتيجة عمله خوفا على ذهب المعز الذاهب!". وقد رددت على هذه الخرَّاص المتقوِّل آنفا بأني لم أتراجع عن آرائي التي سجلتها في ذلك الكتاب عن التجديد الإسلامي وأهميته. ولماذا أتراجع عنها من دون سبب منطقي علمي وجيه يدعوني إلى التراجع عنها؟! فأنا، بحمد الله تعالى، لا أكتب إلا ما أقتنع به، ولا يرغبني ذهب، ولا يرعبني رهب. ومال الجائزة الذي تتحدث عنه، ولعلك تحسدني عليه، ما زال محفوظا، بحمد الله تعالى، لم يتبدد. وإن أردت صدقة منه، جدنا لك بها، حيث لا تجوز الزكاة لغير المسلمين. وأقول لك إنه لم يرشحني أحد لنيل تلك الجائزة، لا هيئة، ولا جمعية، ولا جامعة، ولا شخص مفرد. فهذا كذب محض من جانبك. أو على أخف التقدير هو تدليس منك. وإنما أنشأت بحثا خصيصا لنيل الجائزة. ومن ضمن المتطلبات كنت قد سئلت أن أعرف نفسي لهيئة الجائزة، بنبذة مختصرة، لأنهم لا يعرفونني، وأنا لا أعرف أحدا منهم. فكانت تلك السيرة الذاتية المختصرة التي قرأتها أنت بروحك الاستخبارية الكريهة. السنة التشريعية وغير التشريعية وفي تناول الكاتب لما ورد في كتاب (التجديد الإسلامي: الرأي والرأي الآخر) قال:" في هذا الكتاب أورد وقيع الله تجديد الترابي المعتمد على التفريق بين السنة التشريعية والسنة غير التشريعية، والذي اعتمد عليه د. الترابي في إبراز آرائه التجديدية، والذي استبعد مستندا عليها، الحديث النبوي الصحيح سندا ومتنا من مجال العمل به ". وفي قوله هذا طرف من الصحة يرافقه طرف كذب. صحيح أن الترابي يفرق بين السنة التشريعية وغير التشريعية، اهتداء بحديث:" أنتم أعلم بشؤون دنياكم ". ولكنه لا يستبعد الحديث النبوي الصحيح سندا ومتنا من المجال التشريعي، كما زعم الكاتب المتخبط العجول. إنه يستبعد فقط ما يندرج في مجال:" أنتم أعلم بشؤون دنياكم"، مما يكون في دنيا الزاعة، ودنيا الطب، ودنيا الهندسة، ونحو ذلك من التخصصات العلمية الفنية، من المجال التشريعي. وفي ذلك الكتاب انتقدت الترابي على زعمه أنه يقوم بتأصيل موضوع التفرقة بين السنة التشريعية وغير التشريعية. وحجبت عنه هذا الشرف الرفيع، عندما ذكرت أن بعض الأئمة، تعرضوا لهذه المسألة قبله، واجتهدوا في تأصيلها، منهم الشيخ الإمام عبد الوهاب خلاف. وبعد أن تخطى الكاتب الجمهوري، موضوع السنة التشريعية وغير التشريعية، على هذا النحو الخاطئ، عاد يغالط، ويقول:" قدم د. الترابي تجديده بثمن باهظ التكلفة، إذ تمثل الثمن في القول بعدم العصمة النبوية في الأمور غير التشريعية - حسب اعتقاده - الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه ليتجاوز الترابي الأحاديث النبوية الصحيحة متنا وسندا بحجة أنها وردت في أمور غير تشريعية، ومنها حديث الذباب المعروف والوارد في صحيح البخاري، وقدَّم الأستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع الإسلامي وهو (باختصار أرجو ألا يكون مخلا) الانتقال من نص فرعي في القرآن خدم غرضه حتى استنفده إلى نص أصلي في القرآن مدخر لحياة الناس اليوم ". الضلال الجمهوري المبين فهو يظن أن شيخه الضال الذي قامت دعوته على مسخ الإسلام وطمسه، أهدى من رأي الترابي في السنة التشريعية وغير التشريعية. وأما رأي شيخه الضال، فهو يقوم على نسخ القرآن المدني كله، والتخلص التام منه، باعتبار أنه استنفد معناه، ولم يعد صالحا لإنسانية القرن العشرين، وبالطبع القرن الحادي العشرين. وقد ذكر الشيخ الضال أن الاعتماد في مجال التشريع الإسلامي الحديث، في عهد رسالته الثانية، ينبغي أن يؤخذ من القرآن المكي، الخالي بطبيعته من التشريع. فاعجب لهذيان هذا الشيخ!