إنهم فتية آمنوا بقضايا وطنهم وعرفوا أين مبلغهم ، فخرجوا على الظلم وتمردوا على الطاغية ، ثم قرروا مواجهة الظالم ومنازلة الطاغية لرفع الظلم وإزالة البغي وإرساء قواعد العدالة والحرية ، فلا يفل الحديد إلا الحديد . كل الشرائع السماوية والأعراف الإنسانية والقوانين الدولية تبيح للإنسان الدفاع عن النفس ورفع الظلم ومنع الضرر. فالله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي : "أني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " . نحن نعيش اليوم في زمن صار فيه المسلمون اشد الناس ضرراً بالإسلام وأكثر أمة يماثل خطراً على حياة المسلمين . فصار المسلم لا يخشى على حياته إلاّ من المسلم ، وأمامنا مشاهد وملايين من المسلمين والعرب يلجئون إلى أوروبا وأميركا هرباً من بطش سلطانهم و فراراً من جور حكامهم . هؤلاء الفتية قد بلغ عددهم اليوم سبعين ألف مقاتل . جلهم ولد أو ترعرع طوال سني الإنقاذ . وأغلبهم حرموا من كل مقومات الحياة وذاقوا جميع صنوف المعاناة فقرروا إما أن يكونوا أو لا يكونوا . هؤلاء الفتية يقودهم شاب اسمر اللون ، باسم الوجه ، قوي من غير غلظة و لين من غير ضعف ، لا تغره المال ولا تغريه السلطة ولا ترهبه التهديد ، عشق ساحات الوغى وأحب ميادين القتال ، دوماً يتقدم جنوده في المعارك بهامة عالية وراس مرفوع إلى السماء وجبهة تغازل النجوم وعيناه متجهتان صوب الخرطوم رغم بعد المسافة وكثرة الغيوم ، فقدم دروساً في فنون القتال وسطر تاريخاً بأحرف من النضال . الفريق عبد العزيز الحلو ، اسم سما في ميادين الوغى وعلا فوق سماوات الدجى ، تذوق مرارت الظلم ونهل من كؤوس الاضطهاد ، وعرف معاني السخرة ، وخبر دروب الاسترقاق في وطن بناه أجداده وحافظ عليها أسلافهم من بعانخي وتيراب وآدم دبالو . ورأى كثيرون من بني جلدته قد استكانوا للظلم و استسلموا للمذلة وخضعوا للاضطهاد واعتبروا أن هذا هو قدرهم والسخرة هو مصيرهم . وشاهد آخرون قد صاروا معاولاً للطاغية وخداماً للمسترقين وعوناً للجلادين . يقاتل الحلو ورفاقه الميامين اليوم من أجل مشروع الفجر الجديد ونحو سودان جديد يقوم على أسس العدالة والمساواة ، ويعتمد على مبادئ القانون . وهذا المشروع ليس ملكاً لأحزاب أو حكراً لحركات أو خاصاً بمجموعات أو شخصيات ، و إنما هو مشروع وطن متكامل ، يحمل في طياته نقاط مفصلية تساهم بشكل فعال في حل الأزمة السياسية السودانية . لقد تناول هذا المشروع أمهات القضايا الوطنية التي تحقق السلام العادل والحل السياسي الشامل والتحول الديمقراطي الكامل في دولة مدنية تقوم على أسس العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والاعتراف بالتنوع العرقي والثقافي والديني . جنود الجبهة الثورية يحملون اليوم مشاعل الحرية وراية النضال من أجل وطن يضم الجميع بعد أن فشل جميع النخب السودانية في مخاطبة جذور الأزمة السودانية ومعالجة مسبباته ، بل و صاروا جزءً من الأزمة وأصبحوا عقبة كئودة في طريق الإصلاح السياسي .