شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    إلى متى يستمر هذا الوضع (الشاذ)..؟!    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتائج وتداعيات أنفصال جنوب السودان

﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)﴾
يتوفع الكثيرون أن جميع مشاكل السودان التى ظل يعانى منها منذ أو قبل الأستقلال مثل سوء أدارة البلاد وعدم أستغلال الموارد والطاقة وضعف البنية التحتية وضعف علاقة الأطراف بالمركز والخلافات الدينية والقبلية واستضعاف الأقليات والقهر السياسى وتوزيع الثروة والسلطة وغيرهاسوف تحل أعجازيا بالأنفصال.
فى الواقع ما سيحدث هو أن شمال السودان وهو الخاسر الأكبر سوف ينفصل حاملا الجزء الأكبر من أرض البلاد(وبالمقابل سيفقد العمق الأفريقى) ونصف مشاكله وموارده وينطبق الأمر ذاته على الجنوب الذى سينفرد بالبترول والتدخل الاجنبى والحروبات القبلية التى بدأت بوادرها تطل قبل أن يتم الأنفصال والحدود الشائكة مع دول الجوار وسيفقد الأتصال تماما مع الشمال الأفريقى.
أما الأنفصال نفسه فسيأتى بالكثير الكثير من النتائج السلبية جدا والتداعيات الخطرة ليس أقلها تمزق البلاد تماما و ضياع الهوية والوطن الواحد وضياع فرصة أستغلال الموارد المتعددة كاملة وسنتعرض لذلك فيما يلى
سيكون ترسيم الحدود أهم وأكبر نقاط الخلاف بين طرفى السودان لأنه من الطبيعى أن يسعى كل طرف للحصول على حصة أكبر من الأرض وخاصة مناطق ابار البترول التى تقع على نقاط حدودية تماما وسيعمل كل طرف على ضمها له لضمان الثروة النفطية.أذن ترسيم الحدود وتوزيع عائدات الثروة البترولية مع الديون الخارجية الضخمة سوف تسبب الكثير من الخلافات فيما يختص بنصيب كل جانب من الديون والبترول والأرض ومن عليها من قبائل رعوية تتنقل صيفا وشتاء من جانب الخر سعيا وراء المرعى والماء
يقضي الإنفصال على فرصة إستثمار الموارد الإقتصادية كامله وموارد الطاقة و المساحات الزراعية والأيدي العاملة المدربة و الخبرات الفنية وستكون الجنوب دولة ذات مناخ وجغرافية واحدة ، كما يحرم الشمال من غنى التنوع المناخي والجغرافي بالجنوب وبالتالي يقضي على إمكانيات إستثمارية واسعة تقوم على هذا التنوع
هناك أيضأ تعقيدات الجنسية والأقامة والممتلكات للجنوبيين بالشمال والشماليين بالجنوب.فهؤلاء (السودانيون) أستقر كل منهم فى منطقة الاخر لفترات وطويلة أسسوا خلالها أعمالا واموالا واملاكا وندمجوا فى حياتها الجتماعية بشكل تام مما يجعل ترتيب أوضاع جديدة فى ظل دولتين منفصلتين لحياة هؤلاء السودانيين أمر فى غاية الصعوبة.وينطبق هذا الوضع على القوى السياسية ذات النشاط الممتد فى الطرفين مثل الحركة الشعبية ذات الكوادر الشمالية الكبيرة والحزب الشيوعى السودانى وحتى حزب الؤتمر الحاكم وكيفية عضويتها وستمرار أداءها مستقبلا.
قيام دولة ديكتاتورية متحكمة وغير ديمقراطية فى الجنوب بهدف السيطرة على التمردات السياسية والقبلية الداخلية(على الأقل) مع وجود دولة شمولية للمؤتمر الوطني في الشمال فى ظل غياب المؤسسية والشفافية ،و مبدأ المحاسبة والإنفراد بالسلطة بشكل أو بآخر وسيؤدى الى تغييب تام للمواطن السودانى شمالا وجنوبا و يحتم إنتشار الفساد في الدولتين.
سوف تعاني دولة شمال السودان من صعوبات خطيرة أبرزها احتمالات تصاعد حركات التمرد خاصة وأن بعض أطراف دارفور المتمردة قد طالبت جهرا بحقها فى حق تقرير المصير أسوة بجنوب السودان .. و رغم أن دارفور لاتهم أمريكا كالجنوب لأفتقارها لمميزاته اللأقتصادية والجغرافية ولأسباب دينية كذلك ، ولكن زيادة مشاكل شمال السودان الداخلية تعد نصرا من أجل بناء جنوب السودان على حساب شماله،.
كما أن الإنفصال سوف يعمق مشكلة المناطق الثلاث (أبيي وجبال النوبة والنيل الأزرق)، ففي حال دعم الحركة الشعبية لإنفصال هذه الناطق سوف يتطور صراع دموي وطويل بدأت نذره منذ الآن برفض أبناء المسيرية لقانون إستفتاء أبيي ولقرار التحكيم بلاهاي وهو غير ملزم من ناحية قانونية سوى لأطرافه (الحكومة والحركة الشعبية). فلا دينكا نقوك ولا المسيرية كانوا طرفاً في النزاع، وبالتالي لم يصدر حكم التحكيم في مواجهتهم. أما منطقة النيل الأزرق وجبال النوبة، فتوهم المؤتمر الوطني مقدرته على فرض دولته عليهما ، فسوف يقود حتماً إلى حروب أخرى، خصوصاً إذا أحست المنطقتين بتخلي الحركة الشعبية عنهما عند أو بعد الإنفصال.
أذا انفصل الجنوب بعائدات بتروله والتي تساوي حالياً حوالي 80% من كل عائدات البترول (تبلغ عائدات البترول بصورة عامة حوالي 60% من موازنة الدولة الاتحادية، وأن الانفصال يعني خروج أكثر من نصف هذه النسبة من الموازنة العامة بعد 2011م خاصة وأن أمريكا حريصة على أن يدخل بترول أبيى فى نطاق حود دولة الجنوب). وعليه ستحدث ثغرة أقتصادية كبيرة فى الشمال وسيصبح دولة فقيرة جدا وعبئًا اقتصاديًّا على دول الجوار ومنظمات الأغاثة أذا تدهور الوضع بدون هذا البترول.
وستفشل الحكومة فى تنفيذ تعهداتها المبرمة فى أتفاقية السلام تجاه تأهيل وتنمية مناطق دارفور والنيل الزرق وجنوب كردفان وغيرهامما سيجلب عليها مشاكل سياسية ونزاعات أقليمية سافرة.وقدلا تتمكن الحكومة أيضا من سداد نصبيها فى ديون البلاد الذى يبلغ مجمله64 مليار دولاروسيجر هذا العجز المالى الى الكثير من المشاكل اللأقتصادية أقلها ضياع فرصتها فى الحصول على أى قروض جديدة . ولمعالجة هذا التدهور الأقتصادى سوف تضطر الدولة لزيادة الضرائب والرسوم الجمركية دون أن تزيد الأجور بنفس النسبة، وهذا يعني زيادة العبء المعيشي على الطبقات المتوسطة والضعيفة التي ظلت تعاني لسنوات من الضائقة المعيشية ولم تتحسن أحوالها حتى بعد تدفق عائدات البترول.
دولة الجنوب دولة تسبق مشاكلها الناتجة عن الأنفصال الأنفصال نفسه ونخشى أن يأتى كأمتداد وتواصل لها .أول وأقرب مشاكل الجنوب هى الحرب الأهلية القبلية خاصة بين الدينكا والنوير ومناطق ابيى البترولية حيث المسيرية والدينكا نقوك وهناك أيضأ الخلافات السياسية بين الأحزاب الجنوبية البالغ عددها 70 حزبا وهناك 200 مجموعة عرقية تتنازع السلطة فيما بينها من ناحية وبينها وبين الأحزاب والعسكر من ناحية أخرى وهذا الوضع المهدد بالأنفجار وهذه الخلافات والتعقيدات السياسية والعرقية والحزبية ستجعل بناء وأدارة الدولة القادمة على قاعددة تعددية أمر فى غاية الصعوبة مما سيدفع بالحركة الشعبية لأقامة دولة ديكتاتورية طاغية حتى تفرض الأمن والنظام.
وأذا تخطينا تشكيل دولة الجنوب السياسية والعرقية والحزبية سنجد أن بناء خدمة مدنية فاعلة وأنشاء بنية تحتية صلبة ومستقرة ومؤسسات دولة قادرة على تصريف اللأمور وأنشاء نظام قضائى نافذ وخدمات طبية مؤهلة وغيرها من مؤسسات الدولة الحديثة أمر أقرب للمستحيل بسبب نقص الكوادر وضعف التعليم والخبرة والفقر وضعف التمويل والحروب الطويلة ألى حد يصعب معه أعادة العسكر الان للحياة المدنية.
تأتى بعد ذلك مشكلة الوضع الجغرافى شديد الأنغلاق وعدم وجود منفذ بحرى للخارج مما يجعل النقل الجوى الطريق الأمثل لأتصال الجنوب بالعالم الخارجى والذى سيظهر عدم جدواه عند نقل البترول الجنوبى لأسواق العالم الخارجى وحينذاك ستظهر صعوبة هذا الأنحشار والأنغلاق وستكون الخيارات محدودة وليست فعالة مثل ترحيل بترول الجنوب وتصفيته عبر أنبوب ومصافي ميناء بورتسودان إذا جاء الانفصال بصورة تسمح بذلك وبالطبع سيضع الجنوب ألى حد ما تحت رحمة الشمال أو تشييد خط للسكة حديد من الجنوب إلى ميناء ممبسة الكيني و بناء مصفاة لتكرير البترول خاصة بها في الجنوب ، ولكن إنشاء مثل تلك المشروعات يستغرق ما لا يقل عن ثلاث سنوات وهو خيار غير عملي بالأخذ في الإعتبار التكلفة ومايدور حول نضوب البترول خلال ستة أعوام قادمة فقط. .يقطع الإنفصال التواصل المباشر بين دولة الجنوب والعالم العربي ويجعل محيطها أفريقياً صرفاً،.
و نخشى كذلك أن يشجع الأنفصال على تكرار التجربة في دول أفريقية عديدة تعاني من صراعات قبلية وعرقية مثل السودان، كون انفصال الجنوب السوداني لو تم سيخلق سابقة خطيرة في أفريقيا.
مشكلات بناء دولة في الجنوب بالبدء من مواقع متخلفة، تستدعي الإستعانة بالخارج، والدول المستعدة للدعم دائماً لها أهداف إستعمارية وشروط لاسبيل لتفاديها في حال البناء من الصفر او البدء من مواقع متخلفة، ووجود مثل هذه الدول الحتمي بدولة الجنوب لن يشكل خطراً على إستقلالها وسيادتها هي فقط، بل سيشكل خطراً دائماً على دولة الشمال أيضا.ًوأتوقع بناء قواعد عسكرية أمريكية وإسرائيلية في جنوب السودان بعد انفصاله؛ مما سيجعل كل إفريقيا تحت رحمة هذه القواعد وستفقد الدول العربية الإفريقية ثقلها الإفريقي وخاصة مصر.. وهذا ما يفسر شدة تحمس الأمريكيين لانفصال جنوب السودان.
تأثير قيام دولة الجنوب الجديدة على دول الجوار والعالم العربى الدول الأفريقية ستعترف مضطرة بالدولة الجديدة على الرغم من خوفها من أن تطالب أقاليمها وقبائلها التى تعانى من ظروف مماثلة بألنفصال أو الأستقلال عن الوطن الأم. ويأتي ذلك الإعتراف تحت ضغط القوى الغربية من جهة وبتغليب ما تراه النخب الحاكمة في إنفصال الجنوب حاجزا أمام ما تعتبره خطرا من تمدد الثقافة العربية والإسلامية من جهة أخرى. بعض من دول الجوار ممثلة في الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى سترى في دولة الجنوب، بحكم جغرافيته وديمغرافيته والتوجه السياسي لقادته الجدد، مهددا لإستقرارها بتغليب وترجيح قيام ذلك الكيان المستقل كفة أحد الأطراف المتصارعة داخل تلك الدول على الأخرى. يوغندا وكينيا ظلتا على مدى تاريخ التمرد في الجنوب ثم خلال الفترة الإنتقالية لإتفاقية السلام الشامل عاملتين بشكل مباشر مكشوف من يوغندا ومستتر من كينيا على إنفصال جنوب السودان. فيوغندا لديها مطامع إقتصادية وأهداف أمنية وسياسية فى الجنوب ربما ترقى للسعي لفصل إقليم الإستوائية بغرض توسعة المجال الحيوي ليوغندا وإحتواء سعي حركة جيش الرب لفصل شمال يوغندا وصولا إلى إحياء كيان ما عرف بدولة اللادو. وكينيا تبدو أكثر حظا في إستمرار إستثمارها لقيام دولة الجنوب بحكم طبيعة العلاقة التاريخية والمستمرة للقيادة السياسية الجديدة في الجنوب بكينيا وفاعلياتها السياسية والفكرية.
أما بالنسبة للعالم العربى فالكل يعلم تماما أن دولة الجنوب ستقوم تحت حمابة أمربكا ورعايتها وأذا أقامت قواعد عسكرية به سوف تنمكن من رصد كل التطورات و التحركات العسكرية العربية وخاصة في ومصر واليمن والسعودية, وستتمكن من رصد الطيران الليبى وحصاره أيضا أذا أرادت.وستكون كل المجالات الجوية والتحركات فى دول الجوار العربية مكشوفة تماما لأمريكا .وستنتهى فكرة الوحدة الأفريقية تماما بوجود أمريكا فى الجنوب السودانى.
ولا ننسى الحركات المتطرفة وخاصة القاعدة التى تلاحق أمريكا فى كل مكان وستجد من يمول نشاطها بين المسلمين الرافضين للتواجد الأمريكى بالقارة.
ويمكن للقاعدة أن تنقل نشاطها الى الصحراء الليبية حاليا بسبب قربها من السودان.
ويعلم الجميع أن بن لادن قد عاش فى السودان منذ أواخر الثمانينيات وحتى عام 1996 قبل أن يذهب لأفغانسيان ويبدأ تنظيم القاعدة في عام 1991، ومعلوم أيضا أن معظم تفجيرات أوغندا وكينيا ضد سفارتى أمريكا في التسعينيات هذه هناك قامت بها عناصر تتبني الفكر القاعدي.
وهناك تخوف من أنتقال عدوى الأنفصال الى الوطن العربى)حدث بالفعل فى تونس قبل أن أنهى هذا المقال) خاصة فيما يتعلق بأوضاع الأقليات مثل أقباط مصر وماكان من أمرهم الأسبوع الماضى بالاسكندرية وتفجير الكنيسة فى بغداد مما أدى ال ظهور (ملف حماية المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط) وأزمة تقرير مصير دولة الصحراء بين البوليساريو وحكومة المغرب وأزمة الأقلية الأمازيغية ولا ننسى ذوي الأصول الأفريقية الموجودين في جنوب موريتانيا. في أكتوبر الماضي 2010 قال أوباما إن الملف السوداني يشكل "أحد أولوياتنا ويتطلب انتباهنا"، لأنه في حال اندلعت حرب بين الشمال والجنوب في السودان، سيؤدي هذا لخلق بؤرة نزاع في هذه المنطقة الأفريقية، مما يترتب عليه تمدد النشاطات الإرهابية إلى تلك المنطقة ولن تسلم الولايات المتحدة الأميركية من خطر هذا التمدد الإرهابي في هذه المنطقة.
سيشكل هذا التمدد الإرهابي خطراً كبيراً على الأمن القومي الأميركي وسيجد الفكر القاعدى الذى ينمو دائما فى ظل الفوضى(أفغانستان والصومال) أرضا ملائمة حال أنفصال الجنوب بمساعدة بعض الظروف الخاصة مثل ملاحقة المحكمة الدولبة للرئيس البشيرو واستمرار العقوبات علي شمال السودان فقط دون الجنوب و السعي لفصل أقاليم أخري في دارفور أو في شرق السودان عن الخرطوم.
ومن أبرز التحديات التى تواجه امريكا أذا انفصل السودان هو نشوء دولة إسلامية في السودان الشمالى خاصة وأن القاعدة تبحث عن موطىء قدم انشاطها كخطة بديلة اذا تمكنت الوساطة بين أمريكا وطالبان قبل خروج القوات الأمريكية من أفغانستان وتأثير هذا المحتمل علي إخراج القاعدة من كهوفها في أفغانستان.وشباب الوطن الصومالية تجاهر بعلاقتها بالقعدة وولائها لها وتهدد بإرسال أسلحة لإخوانها في اليمن لو تدخلت أمريكا هناك عسكريا.وهناك نشاطات ارهابية للقاعدة في المغرب العربي ومالي والجزائر، كلها تقلق الأمريكان بشدة بسبب الخطط الأمريكية للسعي للاعتماد علي نفط أفريقيا مستقبلا، والتخطيط للاعتماد علي 25% من الواردات الأمريكية من أفريقيا.
أن اتفاقية السلام الشامل التي وقعت عام 2005 في أبوجا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية أغفلت الشأن المائي وتركته ضمن برتوكول قسمة السلطة وليس الثروة. وبسبب أغفال أمر هام متعدد النتائج وخطر التداعيات كهذا الشأن المائى ستواجه الدولتين بالسؤال الصعب حول إقتسام حصة السودان من مياه النيل وكيفية توظيف الحصص بإعتبار إحتياجات النهضة الزراعية ومشكلات الري والتنافس الدولي على موارد المياه بالأخذ في الإعتبار مشكلة ندرة المياه عالمياً. حساسية هذه المسألة أكبر لدولة الجنوب لأن موارد دولة الشمال من النيل الأزرق أكبر من مواردها من النيل الأبيض، واحتياجات الجنوب ستكون في إزدياد في حال وجود تنمية زراعية لاتعتمد الري المطري وتأخذ في إعتبارها عامل التغير المناخي ،
وموارد السودان المائية تتكون من مياه الأمطار والمياه السطحية والمياه الجوفية وتقدر كمية المياه العذبة السطحية المتجددة ب 149 مليار متر مكعب 80 فى المائة منها عبر الحدود من دول المنبع و20% من الأمطار وتصل إلى 1042 مليار متر مكعب سنويا معظمها فى الجنوب. وتقدر المياه الجوفية بحوالى ستة مليارات متر مكعب سنويا ولا يتعدى المستخدم منها 1.2 مليار متر مكعب سنويا
سيشكل قيام الدولة الجديدة تهديد حقيقي لأمن مصرالمائى لانها تعتمد على نهر النيل اعتمادًا كاملاً في حياتها ،وسوف تكون هذه الدولة مثل السودان أى أنها دولة منبع ومصب ومجرى وستتقاسم معهما بالمرجعية القانونية التاريخية جزء من الحصة التي ظل السودان يتقاسمها مع مصرفقط منذ توقيع إتفاقيتي مياه النيل .هذه الدولة الوليدة ستستخدم مياه النيل في صناعتها المستقبلية المدعومة أمريكيّاً مما يجعل تقدير أحتياجها صعبا ولكنه سيكون بالتأكيد مرتفعا، ويمكن أيضا أن تستخدمها كسلاح وجه مصر متى أرادت أمريكا ذلك.
وهناك مشكلة الخلاف بين دول حوض النيل علي توزيع حصص المياه و استثمارها ، وهو خلاف ظل قائما لسنوات طويلة و سيؤدي انفصال الجنوب ووقوفه جنبا إلي جنب مع باقي دول منابع النيل السبعة ضد دولتي المصب (مصر وشمال السودان)ألى تعميق وتعقيد هذا الخلاف لأن تغيير عدد دول حوض النيل يعنى بالطبع تغيير حجم حصصها من الماء وحدث فى العام الماضى أن وقعت خمسة من دول منابع حوض النيل السبع هي : أثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا في مايو 2010 علي بعض الدول الأفريقة أتفاقا أطاريا يتضمن 40 بندا أخطرها عدم الاعتراف بحصص مصر والسودان في مياه النيل أو حقهما في الموافقة أو الاعتراض علي أي مشروع لدول أعالي النيل يمكن أن يؤثر علي حصتهما من المياه وهو أمر يتعارض تماما مع ما تسميه مصر حقها التاريخى فى ماء النيل المكفول بأتفاقيتى 1959و 1929 (فمثلآ اتفاقية عام 1929 م التى وقعت بين الحكم البريطانى – المصرى فى السودان ودولة مصر , بألأضافة الى أتفاقية مصر مع حكومة السودان عام 1959 م بعد الأستقلال . نصت على أعتمادات مصر من المياه ب 55 مليار متر مكعب أى بمعدل 95% و السودان 15% وأثيوبيا1 % وكينيا 2% و بورندى 5% و الكنغو 1% و تنزانيا 3% ) لذلك قامت مصر بمطالبة الطرفين بضمانات لحصتها من المياه خاصة أن الفقرة 2 من البند (خامساً) في اتفاقية مياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان تعترف "بحق الدول الأخرى المشاطئة للنيل في حصص من مياهه" ، وتنص علي أن (يبحث السودان ومصر معاً مطالب الدول الواقعة على النيل بنصيب من مياهه، ويتفقان على رأي موحد بشأن هذه المطالب، وإذا أسفر البحث عن تخصيص أي قدر من إيراد النهر لأي من هذه الدول، فإن هذا القدر يقتطع مناصفة من حصة الدولتين) ، ما يعني تخوف مصر من اقتطاع دولة الجنوب حصة من المياه التي تصل لمصر حاليا في المستقبل ، في حين أن مصر تعاني أصلا من عجز مائي حالي ومتوقع في المياه وفي نصيب الفرد وتحتاج لأكثر من 22 مليار متر مكعب إضافيا لتعويض هذا العجز مستقبلا.
ومن أسباب قلق مصر الأخرى إعلان الجنوب – رسميا - رغبته في الحصول علي حصته من مياه النيل ، كشريك جديد ومنفصل لدول الحوض فقد قال " الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في نوفمبر 2009 أن جنوب السودان سيصبح الدولة رقم 11 في حوض النيل، وبالتالي سيتم إعادة توزيع حصص مياه النهر بين الدول الأعضاء في ضوء هذا الواقع الجديد علما بأن انفصال جنوب السودان سوف يأخذ معه 45 % من مساحة السودان التي تقع داخل حوض النيل ومعنى هذا ضياع أكثر من20 مليار متر مكعب مياه في منطقة السدود والمستنقعات لان هذه المنطقة سوف تكون داخل حدود الدولة الجديدة وكانت و حكومتا مصر و السودان قد خططتا معا لإدخال هذه المياه إلى مجرى النيل الأبيض ومنها إلى الشمال لتوفير حصص إضافية لمصر والسودان ولكن دولة الجنوب رفضت هذا التخطيط ، وهو رفض غير مبرر من وجهة نظر مصر لأن دولة الجنوب تتمتع بوفرة الأمطارو لديها ما يفي باحتياجاتها تماما وبالتالي لن تحتاج ألى المياه الضائعة فى منطقة السدود والمستنقعات . و تقول مصر أن هذا الرفض يضرها ويمنع زيادة مواردها المائية (أخشى مخاوفها فى هذه النقطة هو أن التدخل في أستغلال-توزيع المياه ليس ترتيبا من دولة الجنوب أو دول حوض النيل بل مخططات أمريكية وإسرائيلية ) . فأسرائيل عانت دوما من نقص المياه العذبة وقد أقدمت على عدة محاولات للحصول على جرء من حصة مصر من مياه نهر النيل ولما فشلت في تنفيذ هذه المشروعات بالتراضي مع مصر لجأت إلى محاولة تنفيذ ذلك بالإجبار والضغط على مصر من خلال تحريض الدول الأفريقية المشتركة معها في مياه نهر النيل على إقامة المشاريع المائية التي ستؤدي إلى تخفيض حصة مصر من المياه وخصوصاً أثيوبيا وقد تكون دولة الجنوب القادمة هى سلاح أسرائيل الجديد للحصول على المياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.