المتامل لهذا العنوان يرى فيه كثير من القسوه فى الوصف للحال الذى الت اليه احوال السودان البلد العزيز على نفوسنا جميعا وفى جميع المناحى والاركان ولكن اقول لهؤلاء اننى اكثر منكم حزنا لهذا الوصف والتعبير ولكن انبه الى ان ذات الامر وهو التدارى والمحاباه والمجامله والامبالاه وعدم وصف الامور بما تستحق اصلا لهو من احد الاسباب التى ادت للتمادى من البعض والتردى المتواصل فى كثير من القضايا والمسلمات الى ان وصلنا الى ما نحن فيه اليوم من الاوضاع التى يحزن لها القلب وتدمع لها المآقى ونضرب بسببها الاكف على بعضها ونعض السبابه ان ليت الذى مضى يعود بل ليتنا كنا اشد وقفه فى الاشاره للتراجع والتردى فى المناحى التى نحن بصددها اليوم ... ولكن هيهات هيهات فقد مر الزمان وضاعت الفرصه وتضاعفت مسافات الشقاق عن اصول الاشياء واقومها واجملها بل افضل ما هو منها وما كان ولن يكون وعلى انفسنا جنينا بالاهمال تاره والتناسى اخرى والتساهل والتغاضى احايين كثيره لاننا نحن السودانيين هكذا شيمتنا الصفح والتسامح والتناسى حتى فى الجروح والقصاص برغم انها صفات كريمه فى بعض الجوانب غير انها ادت بنا الى ما نحن فيه اليوم وهاكم الدليل والبرهان لبروز عورات هذا البلد فى شتى الجوانب السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والاخلاقيه والثقافيه.. لنبدأ بالجانب السياسى والذى هو الدعامه الاساسيه لمعضلات هذا الوطن والقاسم المشترك لكل صنوف التردى فى الجوانب الاخرى ومعروف فى قواميس السياسه انه لا دين لها ولا منوال ثابت حيث تنبنى اساسا على المصالح والاطماع ونظريات القوه ومراكز القوى فى العالم وذلك منذ ان بدات هذه الكره الارضيه تتشكل وتظهر للوجود فى شكل دول وكيانات سياسيه لها وضعها بين وبين بعضها بل فلنقل مع بدايه التاريخ الحديث لهذا العالم الذى يغلب على دورانه ودوراته السياسيه الصراعات والفتن والحروب ولا اريد الخوض فى مجالات المسببات والدواعى لكل ذلك فقط اشير لان كل الذى يدور فى السياسه الدوليه ينعكس بالضروره او يفرض احيانا على بعض الكيانات او قد تجد تلك الكيانات نفسها منساقه الى تلك التكتلات والتجمعات بداعى الحمايه او ذياده القوه والتاثير واحيانا لحاجه فى ان تسد نواقص المتطلبات لدوران عجله الحياه فيها من تلك الدول ذات الحظوه والامكانيات الاكبر فى كل النواحى الماديه والعلميه الفكريه او البشريه وقد يكون الرابط الايدلوجى هو الغالب فى تلك التحالفات اكثر من الروابط العرقيه والاصل واللغه والمصير الواحد والتى اصبحت شعارات تزين متاحف التاريخ السياسى بعد ان كانت هى اساس الروابط ولا ادل على ذلك من حالنا نحن العرب اليوم فهناك روابط بين بعض الدول العربيه والغرب اقوى وامتن من تلك التى مع جيرانها العرب . اعود واقول ان كل هذا السرد هو ما ادى بتارجح وتذبذب سياسه هذا السودان منذ استقلاله وتعدد الانظمه المتعاقبه على الحكم فيه من ميل للشرق تاره ثم للغرب اخرى ثم لا هذى ولا تلك ثم كان الحكم العقائدى المتصف بالعزل والتذمت ومحاوله اسلمه الكون الامر الذى اشار اليه ديننا الحنيف مخاطبا رسولنا الكريم عليه افضل الصلاه واتم التسليم (انك لن تهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء) وصدق من قائل ولكن نحن بنى البشر فى زماننا هذا اقوى عزيمه فى ذلك وسنهدى او نعذب الامريكان والروس وليس الامر بيدهم فى شى !!! هذا الامر الذى جر علينا تكالب الامم والذين لم يرضوا لنفسهم ذلك الوعيد والتهديد او صدقه بعضهم وبدات المعاناه التى كنا نحن من اوقدنا نارها واصبحنا نرمى اللوم على من عادانا واكرر القول لى فى مقال سابق لماذا لم ينقلب العالم على دوله الاسلام ومهبط الرسالات ويغزو بيت الله الحرام منارة واشعاع ديننا الحنيف ؟؟الم يك اسهل لهم من واد الاسلام من منبعه وكان اسهل لهم من تشتيت الجهود على كل العالم الاسلامى المنتشر فى اصقاع الكون وبالاخص نحن ؟؟ وكان مرد ذلك كل ما نحن فيه من عذابات تجرجرت الينا ونحن منها براء وهى نتاج السياسات والشعارات التى رفعت وليتها طبقت كما هى فى اصولها وبشفافيه وصدق ودون نفاق او محاباه فيقينى ان الله ناصر من ينصره وهذا وعده ولكن ..... هل نصرنا الله حقا وانزلنا دينه فينا شرعا سمحا على القوى قبل الضعيف ؟؟ على الحاكم قبل المحكوم؟؟ ووالله لو كان الامر كذلك حقيقه ما خزلنا ولا صار امرنا اليوم فى هذا النفق السيلسى المظلم والذى لا يرى الضؤ فى اخره نسبه للكيد والمكر والنفاق السياسى ما ظهر منه وما بطن وما يحاك فى النهار واناء الليل من الاخ لاخيه المسلم لا لشى بل هى اطماع الدنيا الزائله ومفاهيم السياسه التى تعمى البصائر عن كل ما من شانه التآلف والتكاتف والمحبه والاخاء والتسامح وكلها التعاليم التى نادى بها هذا الدين الحنيف ولكن اين هى واين نحن منها حقا؟؟ اما انكشاف العوره الاقتصاديه فلا اظن اننا فى حاجه لكبير عناء او تعب لاظهار ذلك التعرى الاقتصادى الذى نحن فيه اليوم بعد ان كنا فى التقييم العالمى حتى الامس القريب سله غذاء العالم فصرنا سله فضلات العالم وعذرا لانها الحقيقه فقد اصبحنا ننتظر ان يتجود علينا العالم بالمعونات والتسول لبيوتات النقد العالمى لشطب ديوننا التى اتت بسبب قصور السيلسلت والتخطيط وعدم التجرد والاخلاص فى الانجاز للمشاريع حتى تنتج وتثمر لتغطى القروض والديون حتى اصبحت خدمه الديون اعلى من الديون ذاتها وتضاعفت سنه بعد اخرى ونحن فى فاشل التخطيط وسؤ ناتج المشاريع وصرنا تحت رحمه تلك الديون وما يلى ذلك من سياسات التنازلات والتبعيه والاملاءات التى تتبع تلك التخليات من اصحاب الديون والتى تنخر فى نخاع السياده والكرامه لهذا البلد رغما عن انف اى متشدق بغير ذلك او متحسر فما هو خلف كواليس السياسه وفى اسرار ملفات ويكيلكس ما ذبح على النصب من تلك القيم التى ضاعت وضاع معها كل ما كان من الموروثات والثوابت وعلو الشان والهيبه وسياده الدوله.. والسوق والاسعار والانفلات فى سعر الجنيه واستيراد اللحوم فى بلد به اكثر من خمسه اضعاف عدد سكانه روؤس ماشيه والاف الهكتارات البور من خصب الاراضى ومياه جاريه لم يستغل منها الا حوالى 43% فى افضل الاحوال وعطاله بلغت ال40% ايدى عامله ومتعلمه فى غالبها ونحن نتشدق باننا سنخفض الاسعار بالاستيراد وانظروا كيف هو حال الدولار ونحن نركض خلفه وهو طائر فى السماء ونريد ان نحمله اكثر واكثر باستيراد متذايد ويومى لسلع كان المفترض ان نكون اول من نصدرها للعالم وبما نرى من اسعار لان العالم كله فى حاجه لنا ان نحن اتقنا وفعلنا نشاط ما نملك من موارد وامكانيات فى شتى الضروب والمجالات الاقتصاديه والصناعيه..ولكنا سترنا النفس الاقتصاديه.. اما فى الجانب الاخلاقى السلوكى وهو اصل العورات فاننا نحزن كثيرا ان نرى ما وصل اليه الحال فى هذا الجانب من الجوانب التى تقاس بها الامم حيث انها الاخلاق ما بقيت وان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا وحسره على منظر الشارع العام فى بلد التقابه واللوح والقلم بلد المتصوفه والزهاد والخلاوى والقرآن والاولياء الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فكفى بالمرء من نظره عابره للشارع العام ومنظر الشباب المنتظر وما يرتدونه من اشكال الملابس التى يظن المرء فى بادى الامر انهم ولدوا بها لولا حقيقه تمدد الجسد مع الايام وحتى الذكور صاروا فى ذات الضيق والحرج من الملابس التى كانت تقتصر على الاناث وليت الامر قد وقف عند ذلك الحد .. وياحسره على شباب بلدى فمن يتجول فى الحدائق والكافتريات يرى ما لا يوصف من اصناف الشباب الضائع المتسكع نهارا وليلا وانظر للسلاسل فى رقاب الذكور واصناف الغوائش والمتدليات من الجيوب والايادى والاصابع وطرائق الحديث وكيفيته وما خفى اعظم من التصرفات والسلوكيات المشروبه والمبتلعه والمشمومه وغير ذلك .. وقطعا ليسو هم كل شباب البلد ولكن يتراى لك انهم الغالبيه العظمى لكثرتهم فى كل الازقه والزنقات والديار والانحاء .. فاين نحن من القيم والمثل والتقاليد السمحه واين سطوه البيت والتربيه وهيبه المعلم وانضباط المدارس والجامعات وكل المؤسسات التربويه التى كانت فينا يوما وما هو هذا الانجراف الخلقى والتربوى والتردى واللامبالاه من قبل الاسر واولى الامر فى هذا البلد وهذا هو الجيل الذى ننتظره لحمل الامانه والسير بهذا البلد مع تعاقب الاجيال فاى مصير ينتظر هذا السودان فى غده؟؟ هذا بخلاف الاخر من السلوكيات والاتو ستوب وخلافه من الانفلات فى الشارع العام دون وازع ولا سلطان ولا نهى ولا امر وما تطالعنا به الصحافه السياره والمواقع العنكبوتيه من الجرائم والسقوط المريع فى كل مناحى الحياه اليوميه . ويقينى ان كل ذلك نتاج طبيعى للتردى والضغوط فى الجوانب الاخرى والتفكك الاسرى لهثا وراء لقمه العيش والمكابده فيها وليتها لم تك من لقمه ثمنها القيم وضياع النفوس والاخلاق... وليس بمنفصل عن ذلك تمزق النسيج الاجتماعى والتباعد الاسرى وادثار تقاليد كانت تمشى فينا نتيجه لضيق ذات اليد من التكاتف والمعونه ومساعده الضعيف وحتى الخروج بافطار رمضان لقارعه الطريق وافطار الجمعه الاسرى الجماعى قد بدا يتلاشى لذات الاسباب وعيش الكفاف ... غير ان كل ذلك ليس مبررا لان نبيع اغلى ما نملك من الشرف والكرامه وعزه النفس ... اما فى الجانب الثقافى فيكفى المرء ان يستمع للخواء الفكرى والثقافى والعاطفى فى الغناء الساقط والفارغ من ابسط المعاتى والقيم وليت شعرى ان يعود بنا الزمن وياتى الفحول امثال جماع وسند وبازرعه واسماعيل حسن والعبادى وغيرهم من امراء ذلك العصر فيستمعون لشاكلة الفنون اليوم ويطاردون حرامى القلوب الذى تلب وصارفى زمان يتغنى فيه لصفه السرقه ايا كانت وغيرها من ساقط وفارغ القول ولا يكتفى الذى سرد هذا اللغو بل يتشدق بان الذى يقيمه لا يقل عن نزار قبانى ووالله لو لى سلطه فى هذا البلد لاقمت المحاكم لجلد امثال هولاء ومن يتغنون لهم ولكنه التعرى الثقافى فى اوج عظمته فى بلد يتطلع الى قياده الكون او كما قيل او سمعنا!! فاى كون هذا وبمن سنقوده ؟؟ وهل سنستقل العربيه لتقوم بينا وتمشى وين وين وين وانظر لتدحرجنا حيث يختمها للوراء للوراء وهذه قناعه فعلا بواقعنا المتقهقر دوما...... اعزائى الخلص من شعب السودان حقيقه نحن نسرد هذا الواقع المرير والتراجع والتردى المخيف الذى صار ينهش فى قيم ومكتسبات هذه الامه التليده ذات الماضى العريق ولكن كيف هو حاضرنا وكيف سيكون المستقبل اذا استمر الحال هكذا وارتضينا وقبلنا هذا التعرى فى كل جوانبه وكلنا عورات وللعالم أعين وقبل كل ذلك هناك رقيب عتيد........