وفد الهلال يزور حسن عبد القادر هلال    المونديال فقد بريقه    أربع مواجهات في الأسبوع السابع للتأهيلي    ما الأهمية الإستراتيجية لمدينة بابنوسة بكردفان؟    الخارجية تستنكر مساعي نظام أبوظبي راعي المليشيا الإرهابية ضد السودان    ضوابط صارمة لإعادة التأهيل في الخرطوم    باريس يكسر عقدة بايرن ويعبر لنصف نهائي المونديال    سان جيرمان يرد اعتباره بإقصاء بايرن من مونديال الأندية    مصر .. فتاة مجهولة ببلوزة حمراء وشاب من الجالية السودانية: تفاصيل جديدة عن ضحايا حادث الجيزة المروع    اداره المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تضبط شبكة إجرامية تنشط في جرائم النهب والسرقة بامبدة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تستعرض جمالها بوصلة رقص فاضحة داخل شقتها بالقاهرة    محلية بحري تبحث عن حلول لقضية الرفاة المدفونة خارج المقابر    حاج ماجد سوار يكتب: العودة إلى الخرطوم بين الواقع و المأمول (3)    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    شاهد بالصور.. السلطانة هدى عربي تعود للظهور على مواقع التواصل وتخطف الأضواء بإطلالة ملفتة    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء الإعلام السوداني شهد المهندس تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل وتستعرض جمالها بإطلالة جريئة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب هندي يفاجئ المتابعين ويثير ضحكاتهم بتحدثه الدارجية السودانية بطلاقة (عندنا في السودان مافي رطوبة وأنا من العيلفون والمسيد)    غرامة ب 110 ملايين دولار.. ماذا سرقت آبل؟    نهر النيل تضبط أدوات منزلية ومتعلقات شخصية مسروقة قادمة من ولاية الخرطوم    السيسي يؤكد على موقف مصر الثابت الداعم لليبيا والمؤسسات الوطنية الليبية    الذكاء الاصطناعي يزحف على المكاتب.. نصف الوظائف في خطر!    فورمان طويل كتبه الحلو بعد تعيينه نائبا لحميدتي ( كقائد ثاني الجنجويد)    طقطقة.. 15 دقيقة مونديالية تثير السخرية من حمدالله    نيران بالميراس الصديقة تقود تشيلسي لنصف نهائي المونديال    الطاهر ساتي يكتب: لحين النتائج ..!!    خطاب من"فيفا" لاتحاد الكرة السوداني بشأن الانتخابات    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    هل يسمع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لصرخة واستغاثة المزارعين والمواطنين؟    البنك المركزي .. إقالة بُرعي .. أو ( شنق) عبدالقادر محمد أحمد !!    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    المذيعة الحسناء سالي عثمان تكتب: (شريف الفحيل إلى أين؟!!!)    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    محكمة بحري: الحكم بالإعدام مع مصادرة المعروضات على متعاون مع القوات المتمردة    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين عميد الأدب العربي طه حسين وعزت السنهوري .. بقلم: عبير المجمر (سويكت)
نشر في سودانيل يوم 06 - 12 - 2017

لن يعيش السودان في جلباب الجرذان التكفيري عزت السنهوري
خفافيش الظلام الفكري ينتشرون في السودان إرهابا و تكفيرا
ظاهرة الإرهاب و التكفير الفكري ما بين الأمس واليوم
إرهاب الخصوم بالالحاد و التكفير ما بين الماضي و الحاضر
كتاب (في الشعر الجاهلي) و معركة عميد الأدب العربي مع الإلحاد و التكفير
بقلم عبير المجمر (سويكت)
مقال عزت السنهوري التكفيري بعنوان:(الأدِلة الشرعية والقانونية على كُفر المُرتدين أعضاء الحركة الشعبية) ما زال صداه يتردد في ذهني فتذكرت معركة عميد الأدب العربي مع حملات التفكير.
ففي 1926 أصدر طه حسين عميد الأدب العربي كتابه (في الشعر الجاهلي)، و بما أنه يعتبر نفسه عالم يبحث بعقله للتوصل إلى الحقيقة الأديبة و التاريخية و لا ينحاز لعواطفه أو ديانته ،و يري أن على العالم أو الباحث التجرد من انتمائاته الدينية و الاثنية و غيرها، حتي يتوصل إلى الحقيقة، و أن يكون محايدا في بحثه غير منحازا أو متأثرا بأي عامل حتي و أن كان الدين.
و طه حسين باعتباره متبنيا للفكر العلماني كانت نظرته للدين كنظرته للغة و الفقه و اللبس أي ظاهرة إجتماعية يحدثها وجود الجماعة، و اعتماداً على ذلك فهي قابلة للتطوير حتي تتماشى مع تطورات العصر، و إنطلاقا من هذا المحور فهو يبين العلاقة بين الدين و العلم بأن من الممكن أن يكون الإنسان ذا دين يؤمن بما لم يثبته العلم، أو يكون عالماً لا يقر ما لم يثبته العلم، إذن من حق الجميع البحث و الاجتهاد و النقد الي أن نتوصل إلى حقيقة الأمور أو نقتنع برؤية عقلانية منطقية، و لذلك فقد أكد طه حسين منذ البداية أن هذا منهجه الذي سيبني عليه بحثه قائلاً :( «سأسلك فى هذا النحو من البحث مسلك المحدثين من أصحاب العلم والفلسفة فيما يتناولون من العلم والفلسفة. أريد أن أصطنع فى الأدب هذا المنهج الفلسفى الذى استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء فى أول هذا العصر الحديث. والناس يعلمون أن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هى أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل فيه خلوا تاما. والناس جميعا يعلمون أن هذا المنهج الذى سخط عليه أنصار القديم فى الدين والفلسفة، يوم ظهر، قد كان من أخصب المناهج وأقواها وأحسنها أثراً) .
و اتباعاً لهذا النهج نجد أن في كتابه (في الشعر الجاهلي) يقول عميد الأدب العربي :(" للتوراة أن تحدثنا عن ابراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما ايضاً ، ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة اسماعيل بن ابراهيم الى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون الى أن نرى فى هذه القصة نوعاً من الحيلة فى إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الاسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة اخرى")، لكن مثل هذه الفقرات و أخرى في كتابه كانت سبباً في أن وجد هذا الكتاب نقداً كبيراً، و صدرت آنذاك العديد من الكتب في إنتقاده، و تسبب في ضجة كبيرة أدت إلى مصادرته و سحبه من الأسواق، فقد أعتبره البعض بمثابة التشكيك في الدين، و القدح في رموزه الدينية، و منهم من رأى في أفكاره خروج على ثوابت الأمة و الدين ،و انه تعمد إهانة الدين و الخروج عليه، و أسرف في حرية التعبير إلى أن وصل حد الكفر و الضلال.
و قد خرج طلاب الأزهر الشريف في مظاهرات عارمة كردة فعل ثائرة غضباً و احتجاجاً على كتاب طه حسين (في الشعر الجاهلي)، و توجهت تلك المظاهرة نحو بيت الأمة المقر الرئيسي لسعد زغلول زعيم الأمة آنذاك ، علماً بأنه من خريجي الأزهر، و تلميذ جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده، فما كان من سعد زغلول إلا أن أطل من شرفته ورد على ذاك الحشد العظيم قائلاً :(إن مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر فى هذه الأمة المتمسكة بدينها. هبوا أن رجلاً مجنوناً يهزى فى الطريق فهل يضير العقلاء شىء من ذلك؟ إن هذا الدين متين، وليس الذى شك فيه زعيما ولا إماما حتى نخشى من شكه على العامة، فليشك ما شاء، ماذا علينا إذا لم يفهم البقر؟» ،و جملة (ماذا علينا إذا لم يفهم البقر) يشير هنا الي عميد الأدب العربي طه حسين و يصفه بالبقر بسبب إختلاف الآراء و الأفكار، و نحن نردد دائماً :(إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية).
و لم يتوقف الأمر عند ذلك فقط، فالجدل الذى وقع آنذاك أحدث انقساما في الرأي ما بين مؤيد ومعارض،و صدرت العديدة من الكتب في نقد هذا الكتاب، و لاحق هذا النقد ضجة إعلامية كبيرة على سبيل المثال :مجلة الفتح، الاتحاد، المنار) و غيرها من الصحف التي كانت عناوينها بالخط العريض (طه حسين ينتحر) ،(طه حسين ينكر جود الله تعالي و لا يتفق مع الدين)، (ماذا يريدون من نشر هذا الإلحاد).
إضافة إلى أنه كان هنالك العديد من الكتاب المنتقدين لطه أمثال: الكاتب و الشاعر المعروف صادق الرافعي الذي كان يكتب في جريدة (كوكب الشرق)، الملقبة بجريدة الأمة و التابعة لسعد زغلول (حزب الوفد) الذي كان طه حسين من أشد معارضيه، فكتب الرافعي العديد من المقالات الساخنة التي هاجم فيها طه و اتهمه بأن أراءه عبارة عن نقل بالنص لبعض آراء المستشرقين في الأدب العربي أمثال ديفيد صامويل مارغليون من مقاله الذي تم نشره في الجمعية الآسيوية الملكية، حيث أن بعض المستشرقين كانوا قد اعتبروا قصة بناء الكعبة خرافه ،و إسماعيل و إبراهيم شخصيتان و هميتان ،و جميع هذه القصص شككوا في صحتها التاريخية و اعتبروها مجرد أساطير و خرافات و قصص شبه مسيسة من فقهاء العرب و اليهود، دعت إليها حاجة سياسية و اقتصادية و دينية بهدف دفع الروم عن بيت المقدس و عندما وجد الرسول (ص) فيها مصلحة أقرها و اعتمدها، فأتهم الرافعي طه حسين بأنه أداة أوروبية استعمارية تشويه الإسلام، و أتهمه أيضا بالزندقة و الإلحاد، و أنه متأثر بزوجته الفرنسية سوزان و ناده بي (ابا مارجريت)، و (ابا ألبرت)، و طالب بإبعاد طه حسين من هيئة التدريس بالجامعة قائلاً أنه يعمل على نشر الإلحاد و يعمل على تشويه و تسميم عقول الطلبة و أنه تحول من أديب إلى مبتدع و مضل .
و في جانب آخر نجد أن هنالك من دافع طه حسين و فكره ،و اعتبروا أن كتابه عباره عن إسلوب جديد لتجديد الأدب العربي و تحرير الفكر، و أن على الأديب و العالم أن يعتمد على دقة البحث و إنكار الذات في عمله حتى يتوصل إلى الحقيقة، و أنتقد بعض الناس الرافعي في أسلوبه النقدي مع طه حسين و أتهموه بأنه لم يتبع أدب المناظرة و المجادلة ،و عجز عن نقد الكتاب نقداً أديبا فخرج عن نطاق الموضوع و حاول جر طه الي معركة دينية و من ثم تحريض الشارع المصري و علماء الدين عليه، بينما دافعت عنه أيضاً جريدة السياسة الناطقة بلسان حزب الأحرار الدستوريين آنذاك و عل رأسهم أحمد لطفي الذي اعتبر آراء طه هي حرية فكر.
و عندما اشتدت الضغوط على طه سليمان صرح مدير الجامعة آنذاك أحمد لطفي السيد الذي كان على صله طيبة به بأن طه حسين كتب له رسالة يوضح فيها أنه يؤمن بالله و رسوله و ملائكته و كتبه السماوية، إلا أن أمثال الرافعي الذين هاجموه بعدة مقالات قال أن طه حسين مسلم لفظا لا معني.
و بعد ذلك أعيد نشر كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي تمت مصادرته و جمعه من الأسواق و منع تداوله، و لكن تم النشر بعد أن حذفت جميع الفقرات التي أثارت جدلا دينياً آنذاك.
فكما تمكن قاهر الظلام طه حسين الذي تمكن أن يقهر الظلام المتمثل في الجهل الذي حرمه من نعمة بصره و هو في الثالثة من عمره عند إصابته بالرمد، و نسبة للجهل و التخلف ذهب به الي حلاق القرية التى كانوا يعيشون فيها بدلاً من الطبيب فتمت معالجته بطريقة خاطئة أدت إلي فقدانه البصر فحرمته من التمتع بطفولته و أصبح أسير الظلام و ولازمته نوبات الاكتئاب من صغره و حتى كبره رغم الإنجازات و النجاح الذي حققه.
و للأسف مجتمعاتنا العربية و الإسلامية قرأت جميع كتب عميد الأدب العربي و استمتعت بها ، و لكن لم يتعظوا من تجربته، و لم يستفيدوا و يتعلموا منها في بسط الحريات و تقبل الآخر بفكره و ديانته و لونه و لغته و ثقافته ،و لم يفصلوا بين الدين و العلم، و الدين و السياسية، و بدل أن يحصروا الدين في أن يكون علاقة بين العبد وربه فقط ، و يكون الدين لله والوطن للجميع ،جعل من الدين أداة للإرهاب و قتل الآخرين، و أستخدموه أسوأ إستخدام حتي صاروا يحكموا الشعوب عنوة بإسم الدين و التضليل ،و صاروا يكفروا و يقيموا الحد علي كل من خالف رأي الجماعة، و ظهرت لنا هيئة علماء السلطان التي باتت تصدر الفتاوى الدينية التضليلة لإطالة عمر الأنظمة الإسلامية الإستبدادية القمعية الديكتاتورية، و أصبح الدين أداة لاغتيال السياسيين أدبياً و سياسياً عن طريق الإتهام زوراً و بهتاناً بالكفر و الردة و الإلحاد و غيرها من التهم، و تتم مطاردة العلماء و المثقفين و المستنرين و كل من يحاول أن يقول لن أعيش في( جلباب أبي)، لن نعيش تحت ظل عادات وتقاليد و مفاهيم خاطئة تخطاها الزمن، فلندعوا للتسامح و السلام و الحوار و الديمقراطية و العدالة و تقبل الآخر ،و لنكون مستقلين، و أصحاب فكر حر ، و لا نقع تحت سطوة الجهلة و المتخلفين و الارهابيين و المتطرفين فكريا و عرقيا و دينياً.
عبير المجمر (سويكت)
5/12/2017
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.