(باللوذ بالصمت عن الشر ، بدفنه عميقا في دواخلنا ، بحيث لاتظهر إشارة له على السطح ، فإننا نغرسه فينا وسوف ينهض ألافا مضاعفة في المستقبل وحينما لا يعاقب أو يعنّف الأشرار ، فإننا ببساطة لا نحمي عصرهم القديم الوضيع ، بل نهتك أسس العدالة تحت أجيال جديدة ) – ألكسندر سولنجستين . لا أستطيع أن أفهم أبدا كيف إستطاعت ظاهرة بوكو حرام أن تصل إلى هذا المدى . أحيانا وعندما أقرأ عن أعمالهم الوحشية ، أضغط على نفسي لكي أتأكد من أنني موجود في نيجريا ، ذلك البلد الذي ترعرعت ونشأت فيه . لقد خرجت الأمور عن السيطرة في هذا البلد ، فالاشياء التي كانت لا تصدق بدأت في الحدوث هنا وأحد هذه الأشياء هو قلة الإحترام للكبار. في الأيام التي نشأنا فيها لم يكن أحدا يتجرأ أن يؤذي كبيرا . لقد كان ذلك واضحا في الشمال حيث السلطة الملكية ، الدينية والأبوية غير قابلة للجدل ، لكن كل ذلك تبخر أمام أعيننا تماما . قبل ساعات من كتابتي هذا المقال تم إختطاف رجل تبوأ يوما منصب وزارة الطاقة والمعادن وهو الدكتور / شيتيما علي مونقونو في (مايدوغري) عاصمة ولاية (بورنو) . لقد كان ذلك أمرا غير مصدق وحدثا مثبطا للهمم ، إشارة إلى السرعة التي نمضي بها إلى الهاوية . إن السيد / مونقونو رجل طاعن في السن (يبلغ من العمر 92 عاما) ، كما أن الحدث وقع بعد عودته من أداء صلاة الجمعة . إن هذين سببين لما يجب أن يفكر فيهما المرء بشأن خطف هذا الرجل العجوز ، غير أنني أعتقد أننا نعيش في عصور قديمة فالأمور تتغير بشكل مخيف لدرجة نستطيع فيها بالكاد أن نتعرف على أنفسنا . لقد أزهقت بوكو حرام لعدة سنوات حياة الألاف بمختلف أشكال العنف ، بعضهم من ذبحوا ، أطلق عليهم الرصاص وبعضهم من حرقوا أحياء ، أما الجنس أو العمر فهو ليس بذي أهمية فالقتلة ليس لديهم تمييز لأحد ، يقتلون الرجال والنساء والأطفال . مع أن الإحصائيات تظهر أن المسيحيين والجنوبيين – خاصة الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد – ماتوا على أيدي هؤلاء الكفرة ، فإنهم في أوقات لا يهتمون بالضحايا ، من أين جاءوا وأي ديانة يعتنقون ، فهم يقتلون في الكنائس مثلما يقتلون في المساجد ، يقتلون في المطاعم ، في الأسواق ، في الشوارع ، في كل مكان وكأن تحت يدهم شيطان الدمار . وفقا ل (هيومان رايتس ووتش) فإنه ليس أقل من 3.000 شخص قتلوا على أيدي هؤلاء القتلة . مع ذلك فإنه لم يبذل جهد من قادة الشمال لوضع نهاية لهذا التهديد . إقصد نائب الرئيس ، رئيس مجلس الشيوخ ، المتحدث بإسم مجلس النواب . أقصد الشمال النيجيري الذي تباهي بحب سلطان سوكوتو ، أمير كانو ، أمير بورنو والكثير من القيادات الدينية ذات الوزن الثقيل . إننا نتحدث عن الإقليم الذي أنجب قادة سابقون مثل / يعقوب قاوون ، الحاج شيخو شاجاري ، الجنرال محمدو بخاري ، جنرال أبراهيم بابنجيدا ، عبد السلام أبوبكر وجميعهم على قيد الحياة . كل هؤلاء بما في ذلك الذين في مناصب حكومية لم يفعلوا شيئا سوى دعوة الحكومة لأن تضع حدا لهذه الإغتيالات . لقد توصلت إلى أنه إما أن هناك ثمة مؤامرة أو أن الشمال ليس متحدا او متجانسا كما كنّا نعتقد . لقد كان فشل هؤلاء القادة في التدخل دائما أمرا مزعجا بالنسبة ليّ . لقد تحول هؤلاء المجرمون من قتل عامة الناس إلى تهديد وإختطاف الكبار ، فجأة أصبح ليس هناك مجالا للإختباء ، لا للفقير ، لا للغني ، لا للشاب ، لا للكبير . لقد أصبح كلنا تحت رحمة هؤلاء ، لقد فشل قادتنا بصمتهم ومالم يتدخلوا فإنه ستكون هناك نتائج أليمة لمستقبل هذا البلد . أعتقد أن ذلك ما عناه الكاتب والمؤرخ الروسي في الإقتباس أعلاه . لقد صمت هؤلاء القادة زمنا طويلا وقد حان الوقت الآن في الشمال لكي ننقذ هذا البلد من سفك الدماء . علينا أن نتذكر بأن الحريق إذا ما خرج عن السيطرة فإنه يمكن أن يلتهم الشخص الذي أشعله . _________________ * Punching.com website * مع أن هذا المقال كنت قد نشرته من قبل في هذا الموقع ، إلا أنني رأيت أنه من المناسب إعادة نشره ، نظرا لإستمرار ذات الظروف التي نشأت فيه هذه الحركة وتوسع نشاطها بشكل خطير في كامل المنطقة . المقال بقلم الكاتب النيجيري / نيران أديدوكون . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.