بلينكن عن التدقيق في مزاعم انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان: سترون النتائج قريبا    عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    الخطوة التالية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انقلاب في الاندرلاب(1/3) .. بقلم: محمد المبروك

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
(مقتبس من ارشيف منفستو الأشرار)
●محمد المبروك
__________
عتبة__
{2005 بعد الميلاد.
في العام الخامس من قرن الرهانات الخاسرة هَبَّت على الخرطوم النسائم الباردة من جبل السحرة المطل على نيفاشا الكينية حيث وضع المتحاربون السلاح تعبيراً عملياً عن هزيمة الطرفين بإشراف مباشر من قوى الخير تحت قيادة هيلدا جونسون وفريق عملها الماهر.
وهنا ارتخّت القبضة السلطانية فخرج الزرائعيون الجدد من كل فج بعد خمودٍ طويل وتسيدوا المشهد فأنحاز الأشرار لعُزلة طويلة في انتظار ان تُسخَّن الساحة مجدداً..
يختفي اهل الباردة
فيعودون إلى الميدان.
أدناه بعضٌ من حكايات ليالي الأنس في اكروبول الجامعة ..الاندرلاب[1].}
{يا صديقى مبروك لو إنك تركت اميرك الصلصالى هذا، واتجهت صوب امارة سيزار بورجينا،صديق صديقنا صاحب كتاب الامير. لو انك قرأت ماقاله ميكافيلى لتركت تسكعك فى ازقة جيولوجيا بحثا عن نجم سعدك الذى لن ياتى ابدا...}
محمد الفكي سليمان،من مقال كش ملك،صحيفة الاضواء.[2]
{العبها مجددآ يا ود الفكي فأنت بالكاد تعرف نجم سعدي (وجه ضاحك).
اعلم ، يا صديقي اللماح، ان مولود برج الجوزاء شرطه الإنساني الأصيل ان يظل مراوغآ دواما.عليه يستحيل معرفة اي نجم سعدٍ يَنتظِر.
دَعْ عنك أميرى فهو ابنوسى وليس صلصالي ولكنه شبه لك ..
فهو البهاء.. لمع الزهاء..
هو النفور..عطر الزهور..
هو الوفاق..ثم العناق..
هو العنود .. ذاك الودود..
ثم الوفاء في غير إلتقاء..!
دَعْهُ ..
برق توهج ثم غاب فوق السحاب!
دعه وتعال الاندرلاب.
تحرك قيد خطوات من مَكْمَنك فقد آن أوان الحساب..
امضى قدمآ وتعال الاندرلاب، فاليوم ليس مثله يوم ..
اليوم إنقلاب...}
-1-
حدثنا'قَنعان بن مَسْطَبَة' فقال:
بينا كنا جلوسآ فى ذاك المكان،مكاننا المعتاد الأثير في البِنْش/المسطبة الثالث/ة في ظل الاندرلاب..في ذاك المساء اللطيف الساحر من شهر سبتمبر ولا بد ان يكون سبتمبر فقد كانت اوراق الخريف المتناثرة على الأرض تنبهنا بالخشيش اذا اقترب من فوقها احد.
بينا كنا جلوس إذ بدأ لنا مشهد رهيب مثير..
رأينا عيانآ جماعتنا العلماء الذين طالما عَلَمونا فعذبونا وألمونا وفرقونا دمآ بين الدُفَع وفي قاعات الدرس طوال العام وتحت ظلال سقف كهف الرُعب المسمى 'الإكزام-هول' يوم الإمتحان.
ارهقونا بنظرياتهم وقوانينهم العويصة-يا رحمة الله الذي خلق الإنسان في كبد-وها الآن رأيناهم عيانآ ..
فركنا عيوننا اجمعنا ..
وسألنا بعضنا بعضاً..
هل نحن في حلم ام في علم..!
رايناهم يتقافزون من كل صوب وحدب. لا بد انهم خرجوا من اضابير المراجع المصفوفة في المكتبة العتيقة .. تمردوا على الموت سأمآ مستلقينَ بين سطور وصفحات الكتب فتحرروا ليستنشقوا نسيم النهر والشجر العجوز المنتشر في الاكاديمية الاقدم.. عادوا للحياة حين لم يعجبهم الموات.
اصطفوا يتسامرون تحت ضؤ القمر اللاهج المنير في السماوات الدنيا.
قال قنعان انه رأي- فيما يرى النائم المسحور-العماليق اياهم في غبش ليل الاندرلاب البهيم، كان اكثرنا بهم معرفة .. فتعرف على صورهم ..
-هذا لا بد ايروين شرودنجر، وذاك لا بد اسحاق نيوتن يرافقه ماكس بلانك الخطير المكير، وذاك لا بد بِسْكانوف.
ثم يبدو في الوسط اينشتاين "بي شّنَبو الما بِغَباك"
واخرون ..
-وشرفي العلمي -يواصل قنعان تأكيد الوقائع الخيالية- نظرناهم جلوساً على مسطبة 'الحيارى' الطويلة امام وجنوب قسم الفيزياء.
(سُمِيت بمسطبة الحيارى لأن ضحايا الكلية العريقة من رمى بهم قدرهم الرمادي إلى هذه الجهة اعتادوا الجلوس عليها مولِّين ظهورهم للإكزام هول-قاعة الامتحانات السداسية الحواف- ومستقبلين مباني قسم الفيزياء. يتبادلون اقداح شاي دينق المعمولة بلا حب ويتلاومون ..
فهم الحيارى إذن.
في البداية يطرأ عليهم السؤال مدفوعآ بإحساسهم ببوادر الضياع في متاهة الفيزياء ..
التخصص اليتيم في موائد اللئام.
- بعد نتخرج حنشتغل شنو؟!
- يا للبراءة.
تهمس قاعة الرعب من خلفهم وتضيف:
-من قال أنكم ستتخرجو اصلآ من متاهة الشيطان هذه؟)
يستطرد 'قنعان' يحكي عن تلك الليلة.
والدنيا فيضان حتى يُسمع هدير النهر من بعيد ونحن في طرب لما نسمع.
-نعود للعماليق الذين خرجوا من اضابير المراجع القديمة وتوهطوا مسطبة 'الحيارى' إنما لم تبدو عليهم الحيرة والضياع كما تقتضى إصول الحيرّة و القَنَع هنا..
كانوا فى شغل عن كل شئ يهمنا بل ربما هم سعداء بما أنزلوه علينا من عذاب...
رأيناهم يغرقون فى الضحك ..
سمعناهم يقهقهون حين اشار 'يونج' إلى قاعة الإكزام-هول ..
همس لهم بشئ اضحكهم ولم نستطع إلتقاطه..
-حركه توافقية يا ابن ال......!
-واسحاق نيوتن -يا لعنة الله عليه- ماله لو كان غسل التفاحة وأكلها!
فضحكنا على التفاحة قرينة اللعنة في جنة عدن وفي جنة نيوتن وفي جنة معسَّل الشيشة.
هنا همست 'شرر' بخفوت خشية أن يسمعها شبح السير 'نيوتن' في الجوار ..
-سأذيع عليكم سرآ.
تلاقت رؤسنا حولها نستمع.
-هل تعلمونَ انه كان لنيوتن كلب اسمه 'ديموند'؟ ..
في احدى الليالي استغل انشغال سيده نيوتن ببراهين قانونه الثاني العويص.. فرمى شمعة أحرقت بحوث انفق فيها نيوتن 20 عامآ ..
هتفنا اجمعنا بصوت واحد:
-يعيش 'ديموند'.. يعيش .. يعيش..
يسقط نيوتن وتسقط بحوثِه ..
ويسقط مقطوع الطارئ شرودنجر.
المجد ل'ديموند' ولأسلافِهِ من جده و حتى ذاك الباسط زراعيه بالوصيد[3]
هتفنا وقد سرى في عروقنا الشر مسرى الدم في الأوردة والشرايين فأضمرنا في انفسنا شراً ..
ان نقوم على هذه النظريات فنعمل فيها شواكيشنا وسواطيرنا وسيخنا ومطاوينا..
ولاعاتنا وما تبقى من تبغ ..
محاليلنا حمضياتٍ وقلوياتٍ..
وقنابلنا المصنعة بأيدينا ..
نُخرِبها..
نفندها ..نعارضها ..
نسقطها من عُلاها الاكاديمي الفوق ..
ثم نرقُص على جثتها المدماة ونحن نغني
"يا سليم الزوق ..
لو تعرف الشوق!
كنت تنزل يوم من علاك الفوق!
تشوف عمايل الحب في الحشا المحروق!"
نُشَرِحَهَا-نظرياتهم-تشريح تلك الضفدعة لتلك الضفدعة .. ذات مساء سبتمبري ضبطنا ضفدعة تلبس نقاب تعمل بمشرطها تشريحآ في ضفدعة لا تلبس نقاب في نواحي قاعة القرشي..
فإلتبس علينا الأمر.
قال قَنَع الاول:
وكمال الخطة ان نضع نظريات مضادة لنظرياتهم التي انهكتنا وجعلتنا الأدنى وهم الأعلى بتعقيداتها التي لا تنتهي إلا لتبدأ ..
ثم نبث نظرياتنا المضادة في العالمين .. ونحن خير أمة أخرِجَت بلا شك..
أمة يعجبها ويسر بالها أن ندحض قوانين وقواميس ونواميس الكون.
صح ذلك ام لا.
المهم أن ندحَض ..
في خضم بحر هلاويسنا الطامي هذا ..
ذِهَاننا..
عدنا لإستراق النظر والسمع لهمسات العلماء.. علماء الكون.. هؤلاء العِلِوج..
فتناهى لنا همسهم بالسُخرية حينما مرٌ بهم من خُيٍل إلينا انه 'ابو الطيب المتنبئ' ..
لا مناص انه هو ..
فهذه المشية الخيلاء لا تليق الا به..
مرِّ امامنا اولآ .. ثم امامهم ثانيآ ..
شرقآ في اتجاه الغرب ..
فى الطريق الى كلية الآداب لا بُد ..
إلى الغرب منا..
والى الغرب من الاندرلاب ومن قاعة الرُعب المسماة الإكزام-هول.
في الطريق الى كلية الآداب.
-"والجامعة آداب وما عداها مِهِن وحِرَف"
ردد قنعان.
فهتفت 'بهجة':
-الجامعة علوم وما عداها فنون.
وأكد 'قيرلي' على قولها:
- وحين تأتي للعلوم فهناك الفيزياء وما عداها جمع طوابع!
فتبسم 'قانِع' الأخر من قولها وناقضَ:
-الجامعة إسكول ..
ويا 'شمبول' حولْنا إسكول.[4]
وشارك البقية في مهرجان التفاضيل هتفو..
-والجامعة اقتصاد وما عداها سندباد..
-والجامعة هندسة وما عداها منتشة..
-والجامعة طِب وما عداها كِضِب ..
وهكذا انحزنا و...
"كل حزبٌ بما لديهم فَرِحون"
تدخل 'حكيم' فهدأ اللغط ثم قال بهدؤ:
-الحق ان الجامعة 'لميس التي بين الدوحتين تميس'.[5]
فهدأنا وعدنا جلوساً على المسطبة الثالثة في الأندرلاب والدنيا ليل أليل.
والحال كذلك مرَّ المتنبئ تائهآ مختالآ غير عابئ بنّا ولا بنيوتن ولا آلموند ورهطه ..
ينشد مدندناً:
"مَن مٌبلِغ الإعرابَ
انى بعدها،
لاقيت رستاليص والاسكندرا،
ولقيت بطليموس دارس كتبه
منهمكاً مبتدئاً متحضرا،
ولقيت كل الفاضلين كأنما رد الإله نفوسهم والاعصُرا"
خمنّا انه فى طريقه لاداء واجب العزاء في رحيل العلامة بروفسور عبدالله الطيب..
لم يكتفي ببرقيته العاجلة
"طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ ..
فَزِعتُ منه بآمالي إلى الكذبِ!".
........................
........................
قطع..
أيها السادة سنذيع عليكم بيانا هامآ بعد قليل فترقبوه....
-2-
واذكُر في الكتاب الاندرلاب..
رحيق زهر الاماكن ..
ذاكرة الكلية العتيقة ..
ظل ظليل وماءُ نمير ووجه صبوح ..
يقف كوحش خرافي على اعمدة صلبة تنتشر على الأرض وفرعها في السماء وفي الأعلى تقبع اللابات/المختبرات.
يؤمها برالمة الدنيا في كل عام.
هناك في الاعلى تتصاعد ارقام التجارب في المختبر وتتصاعد انفاس العاشقين في اللابات وتتسارع التجارب الناجحة حينآ والفاشلة أحايين.
فهو مكان ولكنه حي في ذاكرة كل من مرً ..
سحابات واطياف الصبا البارقة..
وأمال وأطياف الفجر والسحر..
وندى الجداول وطل النبات في النجيل..
في اعماق نوم المُجهِد من الوقوف.. بعيدآ من الواقع...
قريبآ من الخيال..
ثمة من يحلم بالجواهر المخبأة وراء اللابكوتات..
وحين يصحو يهمس
"ليت أحلام المنام يقين"..
الروائي العظيم جورج امادو في رائعته 'عودة البحار' تنبأ بأن رياح العالم كلها ستجتمع في جاكييم كلورادو في مؤتمر الرياح ..
ونحن قبيل الأشرار، من تلاقينا كخيول الريح في جوف العتامير تنادينا..
تنادينا ان يكون مؤتمر الرياح هنا حيث نكون.. في الاندرلاب
حتف انف الجغرافيا والتغير المناخي وثقب الاوزون وحديقة اوزون والقبعات الخضراء والزرقاء وبان كي مون وسمراء البنتاغون[6].
فنحن إزاء عامٍ ليس مثله عام.
زحفت الرياح تسوق السحاب إلى نواحينا.. فهتفنا بقول الأول
"إن كان حظ الرياح سوق السحاب،
فنحن اولى بالمطر"
-اولى مِن مَن يا قنعان؟
- اولى من الهندسات.
-أولى لك فأولى.
في سياق ذو صِلة، قيل ان الرياح الهوج غضبة ثائر او غضبة فاجر او غضبة فائر ..
اضحى المعنى سيان الآن.
ردد ماك بصوت تردد صداه في المكان:
ان السحاب فالانسحاب..
والحساب فالعذاب..
والغياب ثم الإياب .. انما بعد فض مغاليق الهجرات البعيدة..
كل ما تفكرون فيه لن يمنع وقوع الكارثة القادمة ..
انه الطوفان ولا نوح في الجوار ..
لا سفينته راسية جهات النيل على شمالنا.
لا مناص، فالتكن هنا مجاميع الرياح من صرصر العاتية فالهبباي ثم الخماسين ..
ولتقلبها عاليآ وسافلا علَّها تنبِت زرعآ نضيد..
علَّها تُزهِرُ فتورِق من جديد.
قال قَنَع الآخر وقد هَوَّدْ الليل البهِيم:
-تدرون ان النظام أسرف في ذر الرماد على عيون العباد وامسك الرزق عن البلاد؟
قلنا:
-وما شأننا.
وضحكنا على قول حاجة حريصة:
- من اشتغل بالنظام مات هماً.
ثم ان ماك ارسل مبرقآ لود الفكي:
-من ذاكرة الرماد صَنَعَ سدنة الصحاري مزيج الحبر الذي سطروا به في لوح قدرك يا نديمي لحين البواح،ولحين الرواح، ولحين الانحلال واضمحلال الامال، سطروا في لوح القدر ما لا محالة واقع..
"ان حتى الشجيرات التي سمدتها بالصبر، لن تؤتي ما أملته في باقي الزمان"
..
قف!
-ثم قلبوا الوجه الآخر للوح وسطروا بحبر ذاكرة الرماد على لوح القدر، مستلفين نبؤة ود تورشين الأب لإبنه عبدالله الناهض في سبيل المجد، سطروا:
"إنك بدأت رحلتك إلى المجد على ظهر رياح هوج، وستقود جيشا لجبا قوامه ثلاث من ذوات الخلاخل وألاف مؤلفة، وستهزم عند منحنى النهر..
في بلاد المناصير..!'
..
قف.
-3-
"ارض المناصير في عُرفِنا سقطت في قبضة أسامة خزانات فويلٌ لأهلها من قسوة اسامة خزانات.
من اين للإنسان كل هذه القسوة ..
وكأن قلبه قد قُد َّمن صخر؟
تدراجيديا ان يُهَجِر أهل الأرض ..! فيفارقوا ذكرياتهم ومواضع حكاياتهم ومسجى أجدادهم ومسرح طفولتهم..
من اجل خزانٍ لعنة ..
حين تمر السنين والدنين فإذا هو صرح يشهد على الغباء الإنساني من عهد هامان..
ايامئذٍ ومن تلك الارض المأساة عاد صديقنا المنصوري ليلحق بآخر امتحان في الكلية. هو امتحان، في الواقع، كيوم الحساب، إذ ينسج فيه دكتور سعد الدين حمد بمهارة السنين مصيدة رهيبة لكل من يغيب عن الدرس.
هرعنا إلى المنصوري نستطلع اثار المعركة مع جماعة السد (سُمي لاحقآ بسد مروي)، وكانت معركة كيوم 'الكربكان'، وجدنا المنصوري يُحضِر لإمتحان الجيولوجياء الكيميائية من شِيِتْ/ورقة مصورة لكورس 'صخور نارية' متداخل بالخطأ مع كورس 'كيمياء حرارية' ..
-هذه ليست ورقة المادة..
نبهناه للخطاء الفادح الذي ارتكبته السلطة ضد اهله فأصر -بعين زائقةَ- ان الشيت صحيح 'مية في المية' لأن دكتور سعد الدين، استاذ 'الجيولوجيا الكيميائية' لا يغير مقرره ابداً .
- ولكن هذه صخور ناريّة وليست جيولوجيا كيميائية.
-انا مُصِر.. ليس هناك خطأ.
وواصل المُذاكرة لا يُبالي.
وهكذا في لحظة مضطربة اكاديميآ لا يفرُز صديقنا بين التخصصات العلمية تائهآ كأنه الناجي الوحيد من محرقة هيروشيما او ناجازاكي او حلبجة وكل المحارق السابقة والآتية في القادم الأسواء.
هل علمت،يا رعاك الله وخفف مصابك، ماذا فعل اسامة خزانات بإهله اهل الأرض؟
قابيل ماذا فعلت بإخيك هابيل!
لعلنا ندرك اخيرآ إجابة سؤال 'سند' على ضؤ هذه الحماقات التاريخية طرفكم على ضفاف النيل:
"ماذا يقول النهر القديم إذ يتمايل النخل العجوز سفاهةً ؟"[5]
-عليه قل سلام للقبيلة شرق اغنيتي.
النهر القديم؛
النهر القديم في جريانه السرمدي نحو الشمال، بضع سنين ويغرق عندكم النهر في دموعه إذا تفارقونه صاعدين إلى الصحاري هروبآ من تداعيات الخزان ومن جاء بالخزان.
والآن ..
هل رأيت كيف السراب، سراب الاحلام المؤودة، يشدًك إلى البدو، و(هي) تشدُكَ نحو الشمال البعيد.
أترانا نأسي لكم جيل المآسي الحاضرة أم نرحب بكم في شاسعات البوادي؟
حيث لا اسامة ولا خزانات.
وحيث لا شئ هنا يثير الحفيظة، بيادق وبيارق منصوبة في صحراء العدم في انتظار القيامة.
النخل؛
نحن قومٌ لم نرى النخل إلا في جوازات العائدين من وراء بحر القلزم ..البحر الاحمر.
ذهبوا رعاة وعادو رعاة ..
آخرين ذهبوا ركاما وعادوا مُزنا..
الذين ذهبوا رعاة وعادوا غانمين وكسروا القاعدة السائدة..
منهم سعيد عشا البايتات الثاني..
له قصة مثيرة في الهجرة والإغتراب .. جمع أموالاً طائلة من ارض الخليج ..
كيف فعل ذلك؟
-يتبع-
فى طريق العودة خطر لي انك صعّدَتَ الحدث كثيفاً بصيحتك الجهورة
"كش ملك.. كش ملك"
في صحف الخرطوم التي تخرج للناس صباحاً دون استحمام.
-يتبع-
محمد المبروك
الاندرلاب
سبتمبر 2005 م
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
هوامش؛
1-الاندرلاب يقع ضمن مباني كلية العلوم وهو مبنى يضم بعض لابات-مختبرات الكلية.
وفي ظله مقيل الغزلان.
2-مقال كش ملك لمحمد الفكي، جزء من سجال بيني وبينه في قضايا ومفاهيم مختلفة.
3-اشارة لكلب اصحاب الكهف والرقيم.
4-مقولة منسوبة لبروفسور عبدالله الطيب عن الجامعة او الكلية.
5-اسكول هي كلية العلوم الرياضية.. وكانت جزء من كلية العلوم ثم انفصلت.
6-كونداليزا رايس، من صقور مجلس الأمن القومي الأمريكي على ايام بوش الإبن.
انقلاب_في_الاندرلاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.