السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام في إثيوبيا (2/3): الوضع الاقتصادي مربط الفرس ..والتحدي الأكبر لحكومة (ابي أحمد) !! .. بقلم: علي عثمان المبارك
نشر في سودانيل يوم 17 - 07 - 2018

ثم ماذا بعد أن نجح رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد أبي أحمد في إرساء دعائم المصالحة في الداخل وخلق جواً من التسامح طغى على جميع القوميات بمختلف انماطها ، ثم انتقل بها إلى الجيران وعقد مصالحة تاريخية مع جارته اريتريا ؟.. ما هو مستقبل الأوضاع في اثيوبيا وهل ستجري الأمور فيها بسهولة بعد كل هذه التطورات ؟ ام أن هناك من العقبات والتحديات التي ستحول دون تحقيق كل تطلعات القيادة ؟ وما هي أهم هذه التحديات التي ستواجه القيادة الجديدة ؟
بعد مرور 100 يوم من الجولات المكوكية قطع فيها أبي أحمد آلاف الكيلومترات ليصل إلى مواطنيه في مناطق النزاع المتفجرة حان الوقت للوقوف برهة ومراجعة ما تم من إنجازات وتحديد خطوات المستقبل وكيفية مواجهة التحديات المطروحة على الساحة؟
لاشك أن أهم التحديات التي ستواجه القيادة الجديدة هي المشكلة الاقتصادية والمشكلة السياسية... فاقتصاد الدولة هو مربط الفرس وهو المحك الذي يحدد مآلات الحكم في الفترة القادمة .. وإلى اين يتجه.
عندما اعتكفت أحزاب الحكومة الفيدرالية في خلوتهم الطويلة التي استمرت شهوراً كان التداول والنقاش يدور حول أسباب وجذور تفجر الصراعات العرقية والطائفية والقبلية في عدد من اقاليم اثيوبيا ، واتضح أن هذه الصدامات ما كان لها أن تحدث لولا تردي الأوضاع الاقتصادية وعدم عدالة التوزيع في الثروة والسلطة.
وبالتالي فإن حل الأزمة الاقتصادية هو أساس الحل لمشكلات إثيوبيا في المرحلة المقبلة. ويجمع المراقبون أن هناك أربعة قضايا رئيسية تواجه الحكومة الجديدة هي مشكلة الديون و(الفقر والبطالة) والموارد البشرية أو ضعف مخرجات التعليم.
أزمة الديون: إن أخطر ما واجهته الحكومة الجديدة ابتداء من يومها الأول هي قنبلة (الديون). لقد نجحت اثيوبيا خلال العشر سنوات الماضية في أن تضع نموذجا فريداً في التنمية السريعة وفرضت نفسها كإحدى الدول العشر الأسرع نموا منذ عشر سنوات بحجم المشاريع الضخمة التي بدأت تنفذها خاصة في مجال مشاريع البنية الأساسية من مشاريع الطاقة وخطوط سكة حديد وشبكة طرق ومجمعات صناعية وفتحت الباب أمام الاستثمارات الأجنبية فتدفقت عليها الأموال والقروض من كل حدب وصوب. لا توجد دولة تتطلع للاستثمار الخارجي والا وقد فتحت لها باباً للاستثمار في إثيوبيا. في خلال الست أشهر الماضية زار اثيوبيا أكثر من 30 وزيراً للخارجية من الشرق والغرب من أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا والسويد وسويسرا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وأندونيسيا وغيرها، أما الوفود الاقتصادية والشركات الدولية فحدث ولاحرج. باتت العاصمة أديس أبابا بوابة أفريقيا والمدخل لكل من يسعى إلى الدخول إلى مجاهلها.
نالت اثيوبيا قروضاً من كافة المؤسسات الدولية بأرقام فلكية ثقة في التنمية والتطور الاقتصادي الذي يجري في البلاد .الصين دفعت المليارات والبنك الدولي دفع المليارات وصندوق الدولي دفع والصناديق الأوروبية فتحت ماسورتها التمويلية وضخت قروضاً كبيرة في أثيوبيا ، ودول الخليج دفعت بمشاريعها الاستثمارية في البلاد.
وظفت اثيوبيا هذا الدعم الدولي في مشروعات ضخمة وكبيرة ، بدأت ملامحها تظهر في العاصمة اثيوبيا والمدن الصناعية العشر التي أنشأتها. مشاريع الطاقة والطرق والموانئ ، ولكن حان وقت بدء سداد خدمة الديون وهو الأمر الذي يفرمل كل مشاريع التنمية في الدول النامية حيث تبقى المشكلة في كيفية التوفيق بين البناء والتعمير وسداد خدمة الدين التي تطل قبل أن تقطف هذه الدول ثمار تنميتها بينما ترتفع فوائد الدين كل يوم مما يخل بتلك بالمعادلة!!
ويبرز التحدي الاقتصادي على خلفية زيادة أعباء كلفة الديون الخارجية والارتفاع المضطرد في معدلات التضخم، فضلاً عن النقص في النقد الأجنبي علماً بأن زيادة تكاليف خدمة الدين قد تضعف الاستثمار وتخفض النمو على المدى المتوسط.
، ولهذا واجه ابي احمد أول مشكلة خطيرة وهي مشكلة خدمة الدين التي بلغت (47 مليار دولار )!!. وكان المتوقع أن تسهم الصادرات الأثيوبية التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي في أن تغطي جانباً من هذه المعادلة ، ولكن ضعف التسويق الزراعي أضعف الناتج من حصيلة الصادرات حتى أن العائد من شركة الخطوط الأثيوبية تجاوز العائد من صادرات البن الحبشي الذي كان مصدر الدخل الأول في اثيوبيا.
مشكلة تصاعد الدين دفعت البنك الدولي إلى تصنيف أثيوبيا لأول مرة بأن ضغط الديون علي إثيوبيا تحول من المتوسط الى الاعلى أو المرتفع.
مجلة ( اثيوبيان بيزنس Ethiopian business) في عددها رقم 62 الصادر في شهر يونيو 2018 قالت ( إن الحكومة الإثيوبية انتبهت لهذه المخاطر ولهذا أوقفت الاستعانة بالقروض التجارية ذات الفوائد المرتفعة والقصيرة الأجل ).
فمنذ أن بدأت الحكومة الاثيوبية خطتها الاقتصادية الطموحة في 2010م ، اعتمدت في مجملها على الاستدانة الخارجية لتحقيق التنمية ، وبدأت في إنشاء خطوط السكة الحديد وشبكة الطرق، والمجمعات الصناعية والمشروعات الصناعية الكبرى ومصانع السكر والأسمنت والسماد فارتفع الدين الخارجي من 7,8 مليار دولار في عام 2010م إلى 24 مليار دولار في عام 2017م ، بينما بلغ الدين الداخلي 22,6 مليار دولار ، ليصل مجموع الدين الخارجي والداخلي 47 مليار دولار.
شهوة الحكومة للتنمية دفعها إلى الاقتراض بهذا الحجم مما أدى إلى انتقال اثيوبيا في التصنيف من المتوسط إلى المرتفع بداية العام الحالي 2018م. والبنك الدولي له اربع مستويات لمخاطر الدين الخارجي منخفض ، متوسط ، مرتفع ، خطر. وإذا لم تتخذ الحكومات التي تقوم بمشاريع تنموية ضخمة خطوات للاعتماد على نفسها فإنها لن تستطيع تفادي الوصول إلى مرحلة الخطر بالنسبة للديون الخارجية ، وهذه هي رؤية البنك الدولي.
البروفسور (اتلاو اليمو) رئيس قسم الاقتصاد في جامعة أديس ابابا والخبير الدولي يتفق مع رؤية صندوق النقد الدولي في ذلك ، فكل المشاريع التي نفذت خلال الأربع سنوات الماضية خاصة مشاريع السكك الحديدية وشبكة الطرق والمجمعات الصناعية يحتاج عائدها إلى وقت طويل حتى تجني الحكومة ثماره بينما قروضها قصيرة المدى وفوائدها عالية.
وفي المقابل يقف وزير الدولة في وزارة المالية الاثيوبي (ادماسو نيببي) ضد رأي صندوق النقد الدولي ويقول : ( إنها مشكلة قصيرة المدى ولن يكون لها تأثير على المشروعات القائمة ، وأن الدولة في وضع جيد بكل المقاييس التي تقيس آثار الدين على الدولة فيما عدا مشكلة واحدة وهي مشكلة الصادرات والتصدير)
أيضاً البروفسور (تايلور كاون) الاستاذ في جامعة جورج ماسون بالولايات المتحدة كما جاء في مجلة ( اثيوبيا بيزنس) العدد 62 يقول إنه لا يبدو قلقاٌ من هذا الوضع في أثيوبيا مشيراً إلى تجربة سنغافورة التي صنفها صندوق النقد الدولي بأنها وصلت مرحلة الخطر بالنسبة للديون ، واستطاعت أن تتخطى هذه الأزمة وتسدد ديونها بالرغم من مخاوف الصندوق النقد الدولي.
لقد سعت الحكومة الأثيوبية إلى زيادة عائد الصادرات في الخطة الخمسية التي بدأت عام 2009 /2010 م من 2 بليون دولار إلى 5 بليون دولار ولكنها لم تحقق أكثر من 3 بليون دولار. وبلغ عائد الصادرات في الثلاثة الأشهر الأولى من العام الحالي 2018م 2,1 بليون دولار بزيادة بنسبة 4% من نفس الفترة العام الماضي. وتأتي معظم صادرات أثيوبيا من القطاع الزراعي الذي يواجه تقلبات في السوق العالمي مما قد يؤثر على عائد الصادرات في بعض الأحيان.
ومن المؤشرات التي قادت اليها إدارة السياسات الاقتصادية الخاطئة في الدولة في الفترة السابقة استيراد اثيوبيا العام الماضي بضائع ب 17 بليون دولار بينما بلغت صادراتها في العام نفسه 3 بليون دولار مخلفة عجزاً تجارياً وصل 14 بليون دولار وهو يعادل 17% من الناتج المحلي ، ثم زادت نسبة التضخم التي أثرت على الفقراء وزادت من متاعبهم.
بعض الخبراء الاقتصاديين امثال كاثرين باتيللو وهو أحد خبراء الاستراتيجية في البنك الدولي ودرس تجربة الديون الخارجية في61 دولة نامية أشار إلى أن الدين الخارجي له آثار إيجابية على النمو الاقتصادي حيث أن الدول النامية تمتلك رأسمالا صغيراً واحتياطيات ضعيفة خاصة في مراحل النمو الأولى وبالتالي فان الاستدانة والدين الخارجي يساعدها على سد الفجوة المالية بشرط أن يكون الدين الخارجي موجه للقطاع الانتاجي حتى يكون العائد منه أكثر من تكلفة القرض الخارجي.
دولة الأمارات العربية المتحدة هي أول دولة فطنت لهذه المشكلة التي تواجهها أثيوبيا من أزمة الديون فسارعت إلى تقديم سيولة نقدية بمليار دولار للبنك المركزي الأثيوبي وملياري دولار استثمارات موجه من الحكومة الاثيوبية بعد زيارة ولي عهد الأمارات إلى أديس أبابا الشهر الماضي، ووقعت 7 اتفاقيات تعاون مع أثيوبيا ، واعتقد أن علاقات إثيوبيا مع دول الخليج ستدفع بدول أخرى لتقديم مساهمات أخرى للمساعدة في مواجهة شح النقد الاجنبي في الخزينة الاثيوبية.
وإزاء هذا الوضع المتأزم شعرت الحكومة الاثيوبية بخطر الديون الخارجية واتخذت خطوات فعلية في مواجهتها. قال رئيس الوزراء (آبي أحمد) في البرلمان الاثيوبي إن الحكومة لا تعتزم تنفيذ مشروعات تنموية جديدة في الموازنة الجديدة التي تمت إجازتها وبلغت 346.9 مليار بر إثيوبي (نحو 12.8 مليار دولار) للسنة المالية (2018/ 2019)، التي بدأت في 8 يوليو الجاري وسوف يتم التركيز على تكملة المشروعات التنموية الضخمة الكبيرة التي يجري تنفيذها حالياً والتي تحتاج إلى 7.5 مليار دولار، لتمويلها ، وإكمالها والعمل بجد أكبر لاجتذاب الاستثمار الأجنبي وتعزيز التجارة الدولية، في إطار مساعي إصلاح الاقتصاد.. وأظهرت موازنة الحكومة الإثيوبية الجديدة انخفاضاً بنسبة 4.4% من موازنة العام السابق التي بلغت 13.8 مليار دولار، وترجع الحكومة انخفاض موازنتها للعام الحالي، بسبب تدني القدرة التحصيلية في الإيرادات والاضطرابات التي شهدتها البلاد، خلال العام الماضي، واستمرت حتى فبراير 2018.
إلا أن الحكومة تتوقع نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى أكثر من 9% خلال العام المالي 2018/2019م، مقارنة مع 8.5% خلال العام المالي السابق.
مشكلتي البطالة والفقر: هما قنبلتان موقوتتان يمكن أن تنفجرا في أي وقت فقد بلغ عدد المواطنين في اثيوبيا حسب الأرقام الرسمية الذين يعتبرون تحت مستوى الفقر 23,6 مليون شخص يعيشون على (20 بر) يومي فهل يكفي هذا المبلغ للإثيوبي للعيش يوميا وتغطية الغذاء والسكن والمواصلات والملابس ،انه مبلغ ضعيف جدا. واذا استخدمنا المقاييس الدولية للفقر وهي 1,25 دولار في اليوم يعني 1000 بر شهرياً ، سيعني ذلك أن عدد المواطنين الذين يعيشون تحت مستوى الفقر سيصل مابين 65 – 70 مليون شخص (ثلاثة ارباع) الشعب. وأيضا نسبة البطالة في اثيوبيا بلغت حالياً 25% من عدد السكان وهي نسبة عالية. إن معالجة مشكلات الشباب تبقى هي الأولوية لدى رئيس الوزراء الجديد خاصة مشكلة البطالة التي تدفع بالكثيرين منهم إلى التفكير في الهجرة والهروب من البلاد.
الكوادر المؤهلة ( الموارد البشرية): تواجه إثيوبيا تدنياً كبيراً في مخرجات التعليم وبالتالي تزويد الدولة بكوادر مؤهلة تستطيع المساهمة في تطوير الأداء الحكومي. يقول البروفسور ( اليمايوهو جيدا ) أستاذ الاقتصاد في جامعة أديس أبابا: من خلال تجربتي كأستاذ في جامعة أديس أبابا عرفت مدى تدهور العملية التعليمية ومستوى الطلاب خلال العشر سنوات الماضية وهذا يحدث في جميع المؤسسات التعليمية الأخرى في الدولة. فالعملية التعليمية تحتاج الى اصلاح كبير يبدا بهيكلة الجامعات وبحث وضع الأساتذة ومؤهلاتهم. إن معظم الجامعات تصرف أغلبية ميزانياتها على المنشآت والمباني وتنسى تأهيل الأساتذة. واصلاح التعليم يجب أن يبدأ من الروضة الى الجامعة ، ومراجعة جودة التعليم الثانوي ، وابعاد السياسيين عن المراكز العلمية فتجربة كينيا هي أفضل مثال لنجاحها في ذلك الامر.
الحكومة الجديدة فطنت لحجم هذه المشكلة فاطلقت برنامجاً شاملا من أجل تطوير وتحسين جودة التعليم ورصدت له 450 مليون دولار منها 350 مليون قرض و منحة من البنك الدولي بالإضافة إلى 100 مليون دولار أمريكي من المملكة المتحدة و النرويج و فنلندا و الولايات المتحدة و منظمة اليونيسف لتنفيذه خلال الفترة من عام 2018 إلى عام 2022م.
قال نائب رئيس الوزراء دمقي مكونن إن البرنامج يهدف إلى تحسين جودة التعليم ، و تعزيز الموارد البشرية بشكل عام داعياً جميع منسوبي التعليم في مختلف المستويات و المعلمين و أولياء الأمور على تحمل مسؤولياتهم في القيام بهذا المسعى لإحداث التغيير. وقال وزير التعليم تيلاي جيتي إن التركيز سيكون
في السنوات الخمس المقبلة على الكيف وليس الكم..
يقول البروفسور اليمايوهو جيدا لقد عبرت عن مخاوفي عن مستقبل اثيوبيا قبل حوالي شهرين إلا أن تولى أبي أحمد السلطة مؤخرا ازال بعض مخاوفي على الأقل في الوقت الحاضر فأبي احمد هو الاختيار الصحيح في هذه الفترة المفصلية من تاريخ أثيوبيا.
فهل يستطيع ابي احمد احداث التغييرات المطلوبة لحل هذه المعضلات؟
إنه أمر ممكن ولكن يعتمد ذلك على القوة السياسية لرئيس الوزراء ابي احمد وفريقه السياسي.
إن رئيس الوزراء الاثيوبي لديه أوراق عديدة في مواجهة المشكلة الاقتصادية
يمكن أن تساعده في تخطي هذه المرحلة منها:
أنه ملم بالسياسات الاقتصادية السابقة فقد كان وزيراً في الحكومة السابقة ، واكتسب من خلال جهوده وتحركاته في المائة يوم التي قضاها في الحكم (كاريزما) قوية ، وكسب ثقة الشعب بجديته في الاصلاح والمصالحة من أجل بناء اثيوبيا المستقبل.
أوقف الصرف على أي مشاريع ضخمة جديدة ودعا إلى التركيز على إكمال المشاريع الحالية.
طرح سياسة التقشف وبدأ بنفسه وأصبحت رحلاته وزياراته تتم عن طريق السفريات التجارية ودعا المسؤولين إلى التقليل من السفريات الخارجية.
دعا إلى التركيز على تطوير التسويق الزراعي والاهتمام بسياس التصدير، والاهتمام بقطاع الزراعة وهو العمود الفقري للاقتصاد الإثيوبي، ودعم هذا القطاع بأحدث تكنولوجيا آليات الزراعة.
ويبقى السؤال الأخير.. هل يساعد المناخ السياسي في المرحلة المقبلة على تحقيق هذه الأهداف والخروج من نفق أزمات الديون والفقر والبطالة وتطوير التعليم؟
وماذا بعد عودة المعارضة بجميع أطيافها حتى أنصار الرئيس الأسبق منقستو هايلي مريام الى البلاد ؟ .. هل ستجلس المعارضة في (الدكة) وتراقب ما يجري من تطورات ؟ أم سيكون لها دور في مجمل الأحداث؟ وهل هناك ملفات جاهزة لفتحها؟ وهل سيفاجئ ابي أحمد الأثيوبيين بإشراك المعارضة في الحكومة بكل ما تحمله المعارضة من أجندات؟ وما هو موقف (قوى الشر) في الداخل والخارج في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اثيوبيا؟
هذا ماسنناقشه في الحلقة القادمة باذن الله.
علي عثمان المبارك / صحفي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.