شاهد بالفيديو.. الشيخ محمد مصطفى يرد على سخرية الجمهور: (نعم بنحب الباسطة والنسوان.. يعني نحب حبوبتك؟ ولا الباسطة حقت أبوك؟)    السيسي يؤكد على موقف مصر الثابت الداعم لليبيا والمؤسسات الوطنية الليبية    الذكاء الاصطناعي يزحف على المكاتب.. نصف الوظائف في خطر!    ما حدث ويحدث في منطقة سوبا شرق نافذة أمل تؤكد أن الشعب السوداني فتح صفحة جديدة في كتاب حياته    شاهد بالفيديو.. الشيخ محمد مصطفى يرد على سخرية الجمهور: (نعم بنحب الباسطة والنسوان.. يعني نحب حبوبتك؟ ولا الباسطة حقت أبوك؟)    طقطقة.. 15 دقيقة مونديالية تثير السخرية من حمدالله    تشيلسي يحفظ ماء الإنجليز.. وبروفة إستيفاو تثير حماسة البلوز    خسر التأهل.. الهلال السعودي يفشل في الثأر من قائد فلومينينسي    نيران بالميراس الصديقة تقود تشيلسي لنصف نهائي المونديال    فورمان طويل كتبه الحلو بعد تعيينه نائبا لحميدتي ( كقائد ثاني الجنجويد)    أول تعليق من ترامب على رد حماس بشأن مقترح غزة    نخبة(الغربال)    إتحاد حلفا الجديدة يهنئ الإتحاد السودانى لكرة القدم    الطاهر ساتي يكتب: لحين النتائج ..!!    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    خطاب من"فيفا" لاتحاد الكرة السوداني بشأن الانتخابات    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    اتّهامات بممارسة السحر تؤدّي لهجوم مميت في بوجمبورا    السودان..الجيش يفرض سيطرته على"المنطقة الاستراتيجية"    مالك عقار: الأرض أرض الله، ولا كأننا سمعنا حاجة    هل يسمع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لصرخة واستغاثة المزارعين والمواطنين؟    الوزارة في بلادنا صارت مغرماً وليست مغنماً    فوجئت حقاً بتعيين د. معز في منصب وزير الصحة    بيان صادر عن الفائزين السودانيين بقرعة الهجرة الأمريكية (اللوتري) لعامي 2025م و2026م    البنك المركزي .. إقالة بُرعي .. أو ( شنق) عبدالقادر محمد أحمد !!    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    مواجهات ملتهبة في دوري النخبة    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    المذيعة الحسناء سالي عثمان تكتب: (شريف الفحيل إلى أين؟!!!)    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    محكمة بحري: الحكم بالإعدام مع مصادرة المعروضات على متعاون مع القوات المتمردة    إدارة تسويق المحاصيل بالنيل الأزرق تشرع في تشغيل الميزان الإلكتروني    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام في إثيوبيا (2/3): الوضع الاقتصادي مربط الفرس ..والتحدي الأكبر لحكومة (ابي أحمد) !! .. بقلم: علي عثمان المبارك
نشر في سودانيل يوم 17 - 07 - 2018

ثم ماذا بعد أن نجح رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد أبي أحمد في إرساء دعائم المصالحة في الداخل وخلق جواً من التسامح طغى على جميع القوميات بمختلف انماطها ، ثم انتقل بها إلى الجيران وعقد مصالحة تاريخية مع جارته اريتريا ؟.. ما هو مستقبل الأوضاع في اثيوبيا وهل ستجري الأمور فيها بسهولة بعد كل هذه التطورات ؟ ام أن هناك من العقبات والتحديات التي ستحول دون تحقيق كل تطلعات القيادة ؟ وما هي أهم هذه التحديات التي ستواجه القيادة الجديدة ؟
بعد مرور 100 يوم من الجولات المكوكية قطع فيها أبي أحمد آلاف الكيلومترات ليصل إلى مواطنيه في مناطق النزاع المتفجرة حان الوقت للوقوف برهة ومراجعة ما تم من إنجازات وتحديد خطوات المستقبل وكيفية مواجهة التحديات المطروحة على الساحة؟
لاشك أن أهم التحديات التي ستواجه القيادة الجديدة هي المشكلة الاقتصادية والمشكلة السياسية... فاقتصاد الدولة هو مربط الفرس وهو المحك الذي يحدد مآلات الحكم في الفترة القادمة .. وإلى اين يتجه.
عندما اعتكفت أحزاب الحكومة الفيدرالية في خلوتهم الطويلة التي استمرت شهوراً كان التداول والنقاش يدور حول أسباب وجذور تفجر الصراعات العرقية والطائفية والقبلية في عدد من اقاليم اثيوبيا ، واتضح أن هذه الصدامات ما كان لها أن تحدث لولا تردي الأوضاع الاقتصادية وعدم عدالة التوزيع في الثروة والسلطة.
وبالتالي فإن حل الأزمة الاقتصادية هو أساس الحل لمشكلات إثيوبيا في المرحلة المقبلة. ويجمع المراقبون أن هناك أربعة قضايا رئيسية تواجه الحكومة الجديدة هي مشكلة الديون و(الفقر والبطالة) والموارد البشرية أو ضعف مخرجات التعليم.
أزمة الديون: إن أخطر ما واجهته الحكومة الجديدة ابتداء من يومها الأول هي قنبلة (الديون). لقد نجحت اثيوبيا خلال العشر سنوات الماضية في أن تضع نموذجا فريداً في التنمية السريعة وفرضت نفسها كإحدى الدول العشر الأسرع نموا منذ عشر سنوات بحجم المشاريع الضخمة التي بدأت تنفذها خاصة في مجال مشاريع البنية الأساسية من مشاريع الطاقة وخطوط سكة حديد وشبكة طرق ومجمعات صناعية وفتحت الباب أمام الاستثمارات الأجنبية فتدفقت عليها الأموال والقروض من كل حدب وصوب. لا توجد دولة تتطلع للاستثمار الخارجي والا وقد فتحت لها باباً للاستثمار في إثيوبيا. في خلال الست أشهر الماضية زار اثيوبيا أكثر من 30 وزيراً للخارجية من الشرق والغرب من أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا والسويد وسويسرا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وأندونيسيا وغيرها، أما الوفود الاقتصادية والشركات الدولية فحدث ولاحرج. باتت العاصمة أديس أبابا بوابة أفريقيا والمدخل لكل من يسعى إلى الدخول إلى مجاهلها.
نالت اثيوبيا قروضاً من كافة المؤسسات الدولية بأرقام فلكية ثقة في التنمية والتطور الاقتصادي الذي يجري في البلاد .الصين دفعت المليارات والبنك الدولي دفع المليارات وصندوق الدولي دفع والصناديق الأوروبية فتحت ماسورتها التمويلية وضخت قروضاً كبيرة في أثيوبيا ، ودول الخليج دفعت بمشاريعها الاستثمارية في البلاد.
وظفت اثيوبيا هذا الدعم الدولي في مشروعات ضخمة وكبيرة ، بدأت ملامحها تظهر في العاصمة اثيوبيا والمدن الصناعية العشر التي أنشأتها. مشاريع الطاقة والطرق والموانئ ، ولكن حان وقت بدء سداد خدمة الديون وهو الأمر الذي يفرمل كل مشاريع التنمية في الدول النامية حيث تبقى المشكلة في كيفية التوفيق بين البناء والتعمير وسداد خدمة الدين التي تطل قبل أن تقطف هذه الدول ثمار تنميتها بينما ترتفع فوائد الدين كل يوم مما يخل بتلك بالمعادلة!!
ويبرز التحدي الاقتصادي على خلفية زيادة أعباء كلفة الديون الخارجية والارتفاع المضطرد في معدلات التضخم، فضلاً عن النقص في النقد الأجنبي علماً بأن زيادة تكاليف خدمة الدين قد تضعف الاستثمار وتخفض النمو على المدى المتوسط.
، ولهذا واجه ابي احمد أول مشكلة خطيرة وهي مشكلة خدمة الدين التي بلغت (47 مليار دولار )!!. وكان المتوقع أن تسهم الصادرات الأثيوبية التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي في أن تغطي جانباً من هذه المعادلة ، ولكن ضعف التسويق الزراعي أضعف الناتج من حصيلة الصادرات حتى أن العائد من شركة الخطوط الأثيوبية تجاوز العائد من صادرات البن الحبشي الذي كان مصدر الدخل الأول في اثيوبيا.
مشكلة تصاعد الدين دفعت البنك الدولي إلى تصنيف أثيوبيا لأول مرة بأن ضغط الديون علي إثيوبيا تحول من المتوسط الى الاعلى أو المرتفع.
مجلة ( اثيوبيان بيزنس Ethiopian business) في عددها رقم 62 الصادر في شهر يونيو 2018 قالت ( إن الحكومة الإثيوبية انتبهت لهذه المخاطر ولهذا أوقفت الاستعانة بالقروض التجارية ذات الفوائد المرتفعة والقصيرة الأجل ).
فمنذ أن بدأت الحكومة الاثيوبية خطتها الاقتصادية الطموحة في 2010م ، اعتمدت في مجملها على الاستدانة الخارجية لتحقيق التنمية ، وبدأت في إنشاء خطوط السكة الحديد وشبكة الطرق، والمجمعات الصناعية والمشروعات الصناعية الكبرى ومصانع السكر والأسمنت والسماد فارتفع الدين الخارجي من 7,8 مليار دولار في عام 2010م إلى 24 مليار دولار في عام 2017م ، بينما بلغ الدين الداخلي 22,6 مليار دولار ، ليصل مجموع الدين الخارجي والداخلي 47 مليار دولار.
شهوة الحكومة للتنمية دفعها إلى الاقتراض بهذا الحجم مما أدى إلى انتقال اثيوبيا في التصنيف من المتوسط إلى المرتفع بداية العام الحالي 2018م. والبنك الدولي له اربع مستويات لمخاطر الدين الخارجي منخفض ، متوسط ، مرتفع ، خطر. وإذا لم تتخذ الحكومات التي تقوم بمشاريع تنموية ضخمة خطوات للاعتماد على نفسها فإنها لن تستطيع تفادي الوصول إلى مرحلة الخطر بالنسبة للديون الخارجية ، وهذه هي رؤية البنك الدولي.
البروفسور (اتلاو اليمو) رئيس قسم الاقتصاد في جامعة أديس ابابا والخبير الدولي يتفق مع رؤية صندوق النقد الدولي في ذلك ، فكل المشاريع التي نفذت خلال الأربع سنوات الماضية خاصة مشاريع السكك الحديدية وشبكة الطرق والمجمعات الصناعية يحتاج عائدها إلى وقت طويل حتى تجني الحكومة ثماره بينما قروضها قصيرة المدى وفوائدها عالية.
وفي المقابل يقف وزير الدولة في وزارة المالية الاثيوبي (ادماسو نيببي) ضد رأي صندوق النقد الدولي ويقول : ( إنها مشكلة قصيرة المدى ولن يكون لها تأثير على المشروعات القائمة ، وأن الدولة في وضع جيد بكل المقاييس التي تقيس آثار الدين على الدولة فيما عدا مشكلة واحدة وهي مشكلة الصادرات والتصدير)
أيضاً البروفسور (تايلور كاون) الاستاذ في جامعة جورج ماسون بالولايات المتحدة كما جاء في مجلة ( اثيوبيا بيزنس) العدد 62 يقول إنه لا يبدو قلقاٌ من هذا الوضع في أثيوبيا مشيراً إلى تجربة سنغافورة التي صنفها صندوق النقد الدولي بأنها وصلت مرحلة الخطر بالنسبة للديون ، واستطاعت أن تتخطى هذه الأزمة وتسدد ديونها بالرغم من مخاوف الصندوق النقد الدولي.
لقد سعت الحكومة الأثيوبية إلى زيادة عائد الصادرات في الخطة الخمسية التي بدأت عام 2009 /2010 م من 2 بليون دولار إلى 5 بليون دولار ولكنها لم تحقق أكثر من 3 بليون دولار. وبلغ عائد الصادرات في الثلاثة الأشهر الأولى من العام الحالي 2018م 2,1 بليون دولار بزيادة بنسبة 4% من نفس الفترة العام الماضي. وتأتي معظم صادرات أثيوبيا من القطاع الزراعي الذي يواجه تقلبات في السوق العالمي مما قد يؤثر على عائد الصادرات في بعض الأحيان.
ومن المؤشرات التي قادت اليها إدارة السياسات الاقتصادية الخاطئة في الدولة في الفترة السابقة استيراد اثيوبيا العام الماضي بضائع ب 17 بليون دولار بينما بلغت صادراتها في العام نفسه 3 بليون دولار مخلفة عجزاً تجارياً وصل 14 بليون دولار وهو يعادل 17% من الناتج المحلي ، ثم زادت نسبة التضخم التي أثرت على الفقراء وزادت من متاعبهم.
بعض الخبراء الاقتصاديين امثال كاثرين باتيللو وهو أحد خبراء الاستراتيجية في البنك الدولي ودرس تجربة الديون الخارجية في61 دولة نامية أشار إلى أن الدين الخارجي له آثار إيجابية على النمو الاقتصادي حيث أن الدول النامية تمتلك رأسمالا صغيراً واحتياطيات ضعيفة خاصة في مراحل النمو الأولى وبالتالي فان الاستدانة والدين الخارجي يساعدها على سد الفجوة المالية بشرط أن يكون الدين الخارجي موجه للقطاع الانتاجي حتى يكون العائد منه أكثر من تكلفة القرض الخارجي.
دولة الأمارات العربية المتحدة هي أول دولة فطنت لهذه المشكلة التي تواجهها أثيوبيا من أزمة الديون فسارعت إلى تقديم سيولة نقدية بمليار دولار للبنك المركزي الأثيوبي وملياري دولار استثمارات موجه من الحكومة الاثيوبية بعد زيارة ولي عهد الأمارات إلى أديس أبابا الشهر الماضي، ووقعت 7 اتفاقيات تعاون مع أثيوبيا ، واعتقد أن علاقات إثيوبيا مع دول الخليج ستدفع بدول أخرى لتقديم مساهمات أخرى للمساعدة في مواجهة شح النقد الاجنبي في الخزينة الاثيوبية.
وإزاء هذا الوضع المتأزم شعرت الحكومة الاثيوبية بخطر الديون الخارجية واتخذت خطوات فعلية في مواجهتها. قال رئيس الوزراء (آبي أحمد) في البرلمان الاثيوبي إن الحكومة لا تعتزم تنفيذ مشروعات تنموية جديدة في الموازنة الجديدة التي تمت إجازتها وبلغت 346.9 مليار بر إثيوبي (نحو 12.8 مليار دولار) للسنة المالية (2018/ 2019)، التي بدأت في 8 يوليو الجاري وسوف يتم التركيز على تكملة المشروعات التنموية الضخمة الكبيرة التي يجري تنفيذها حالياً والتي تحتاج إلى 7.5 مليار دولار، لتمويلها ، وإكمالها والعمل بجد أكبر لاجتذاب الاستثمار الأجنبي وتعزيز التجارة الدولية، في إطار مساعي إصلاح الاقتصاد.. وأظهرت موازنة الحكومة الإثيوبية الجديدة انخفاضاً بنسبة 4.4% من موازنة العام السابق التي بلغت 13.8 مليار دولار، وترجع الحكومة انخفاض موازنتها للعام الحالي، بسبب تدني القدرة التحصيلية في الإيرادات والاضطرابات التي شهدتها البلاد، خلال العام الماضي، واستمرت حتى فبراير 2018.
إلا أن الحكومة تتوقع نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى أكثر من 9% خلال العام المالي 2018/2019م، مقارنة مع 8.5% خلال العام المالي السابق.
مشكلتي البطالة والفقر: هما قنبلتان موقوتتان يمكن أن تنفجرا في أي وقت فقد بلغ عدد المواطنين في اثيوبيا حسب الأرقام الرسمية الذين يعتبرون تحت مستوى الفقر 23,6 مليون شخص يعيشون على (20 بر) يومي فهل يكفي هذا المبلغ للإثيوبي للعيش يوميا وتغطية الغذاء والسكن والمواصلات والملابس ،انه مبلغ ضعيف جدا. واذا استخدمنا المقاييس الدولية للفقر وهي 1,25 دولار في اليوم يعني 1000 بر شهرياً ، سيعني ذلك أن عدد المواطنين الذين يعيشون تحت مستوى الفقر سيصل مابين 65 – 70 مليون شخص (ثلاثة ارباع) الشعب. وأيضا نسبة البطالة في اثيوبيا بلغت حالياً 25% من عدد السكان وهي نسبة عالية. إن معالجة مشكلات الشباب تبقى هي الأولوية لدى رئيس الوزراء الجديد خاصة مشكلة البطالة التي تدفع بالكثيرين منهم إلى التفكير في الهجرة والهروب من البلاد.
الكوادر المؤهلة ( الموارد البشرية): تواجه إثيوبيا تدنياً كبيراً في مخرجات التعليم وبالتالي تزويد الدولة بكوادر مؤهلة تستطيع المساهمة في تطوير الأداء الحكومي. يقول البروفسور ( اليمايوهو جيدا ) أستاذ الاقتصاد في جامعة أديس أبابا: من خلال تجربتي كأستاذ في جامعة أديس أبابا عرفت مدى تدهور العملية التعليمية ومستوى الطلاب خلال العشر سنوات الماضية وهذا يحدث في جميع المؤسسات التعليمية الأخرى في الدولة. فالعملية التعليمية تحتاج الى اصلاح كبير يبدا بهيكلة الجامعات وبحث وضع الأساتذة ومؤهلاتهم. إن معظم الجامعات تصرف أغلبية ميزانياتها على المنشآت والمباني وتنسى تأهيل الأساتذة. واصلاح التعليم يجب أن يبدأ من الروضة الى الجامعة ، ومراجعة جودة التعليم الثانوي ، وابعاد السياسيين عن المراكز العلمية فتجربة كينيا هي أفضل مثال لنجاحها في ذلك الامر.
الحكومة الجديدة فطنت لحجم هذه المشكلة فاطلقت برنامجاً شاملا من أجل تطوير وتحسين جودة التعليم ورصدت له 450 مليون دولار منها 350 مليون قرض و منحة من البنك الدولي بالإضافة إلى 100 مليون دولار أمريكي من المملكة المتحدة و النرويج و فنلندا و الولايات المتحدة و منظمة اليونيسف لتنفيذه خلال الفترة من عام 2018 إلى عام 2022م.
قال نائب رئيس الوزراء دمقي مكونن إن البرنامج يهدف إلى تحسين جودة التعليم ، و تعزيز الموارد البشرية بشكل عام داعياً جميع منسوبي التعليم في مختلف المستويات و المعلمين و أولياء الأمور على تحمل مسؤولياتهم في القيام بهذا المسعى لإحداث التغيير. وقال وزير التعليم تيلاي جيتي إن التركيز سيكون
في السنوات الخمس المقبلة على الكيف وليس الكم..
يقول البروفسور اليمايوهو جيدا لقد عبرت عن مخاوفي عن مستقبل اثيوبيا قبل حوالي شهرين إلا أن تولى أبي أحمد السلطة مؤخرا ازال بعض مخاوفي على الأقل في الوقت الحاضر فأبي احمد هو الاختيار الصحيح في هذه الفترة المفصلية من تاريخ أثيوبيا.
فهل يستطيع ابي احمد احداث التغييرات المطلوبة لحل هذه المعضلات؟
إنه أمر ممكن ولكن يعتمد ذلك على القوة السياسية لرئيس الوزراء ابي احمد وفريقه السياسي.
إن رئيس الوزراء الاثيوبي لديه أوراق عديدة في مواجهة المشكلة الاقتصادية
يمكن أن تساعده في تخطي هذه المرحلة منها:
أنه ملم بالسياسات الاقتصادية السابقة فقد كان وزيراً في الحكومة السابقة ، واكتسب من خلال جهوده وتحركاته في المائة يوم التي قضاها في الحكم (كاريزما) قوية ، وكسب ثقة الشعب بجديته في الاصلاح والمصالحة من أجل بناء اثيوبيا المستقبل.
أوقف الصرف على أي مشاريع ضخمة جديدة ودعا إلى التركيز على إكمال المشاريع الحالية.
طرح سياسة التقشف وبدأ بنفسه وأصبحت رحلاته وزياراته تتم عن طريق السفريات التجارية ودعا المسؤولين إلى التقليل من السفريات الخارجية.
دعا إلى التركيز على تطوير التسويق الزراعي والاهتمام بسياس التصدير، والاهتمام بقطاع الزراعة وهو العمود الفقري للاقتصاد الإثيوبي، ودعم هذا القطاع بأحدث تكنولوجيا آليات الزراعة.
ويبقى السؤال الأخير.. هل يساعد المناخ السياسي في المرحلة المقبلة على تحقيق هذه الأهداف والخروج من نفق أزمات الديون والفقر والبطالة وتطوير التعليم؟
وماذا بعد عودة المعارضة بجميع أطيافها حتى أنصار الرئيس الأسبق منقستو هايلي مريام الى البلاد ؟ .. هل ستجلس المعارضة في (الدكة) وتراقب ما يجري من تطورات ؟ أم سيكون لها دور في مجمل الأحداث؟ وهل هناك ملفات جاهزة لفتحها؟ وهل سيفاجئ ابي أحمد الأثيوبيين بإشراك المعارضة في الحكومة بكل ما تحمله المعارضة من أجندات؟ وما هو موقف (قوى الشر) في الداخل والخارج في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اثيوبيا؟
هذا ماسنناقشه في الحلقة القادمة باذن الله.
علي عثمان المبارك / صحفي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.