مقالان ممتازان تناولا ما لم يفطن الكتاب والمراقبون لما يتضمناه من مخاطر إقتصادية وسياسية ستكون أكثر إيلاما من كل جرائم القتل والإغتصاب التي إرتكبتها جحافل المرتزقة القتلة المأجورين في ساحة الإعتصام المجيد, لأنها وببساطة ستدمر كل ما إشتعلت ثورة ديسمبر المجيدة من أجل تدميره والقضاء عليه. ولقد كنت وغيري من ما ندعي بعض ثورية ووطنية في أجسادنا وعقولنا الهرمة المعطوبة ننبه له. وما من أذن واحدة كانت تنصت في خضم الهتافات والشعارات العصية على التحقق في أسابيع سيطرت خلالها مليشيات القهر على كل سنتمتر من شوارع وأزقة الخرطوم، تلك المدينة المترهلة والفسيحة والمستباحة دونما سبب، إلا بفعل مليشيات القتل في أطراف البلاد، جنوبها وشمالها وغربها وشرقها. كتبت الصديقة الصحفية الملتزمة درة قمبو مقالا هو في جوهره رصد لإبانة رصيد المؤسسة العسكرية من مصانع وشركات تتعامل في تصنيع والمتاجرة بكل شيئ من السلاح إلى الطعام.وقدمت شهادات دامغة بأيلولة كل مداخيل تلك المؤسسات العملاقة إلى خزينة القوات المسلحة المنوط بها حماية الوطن وليس المتاجرة بثرواته التي تكتنزها كي تتضخم جيوب جنرالاتها وتنكمش جيوب مواطني دولة السودان. وهذا يعني وبصريح العبارة أن المؤسسة الوطنية المسؤؤلة عن رفاهية الشعب والوطن الذي أقسمت على حمايتهما قد تحولت إلى تاجر يبيع ويشتري في موارد الوطن الذي آمنهم عليه. وتختم درة مقالها بعبارة عبقرية يجب أن تجعل كل من يقرأها، لا يبكي على اللبن المسكوب فقط، بل على شهداء ومفقودي ثورة ديسمبر وعلى كل جهد بذله على المستوى الشخصي، إذ تقول " ما تنسوا تتذكروا من يدير المشهد من بعيد ويريد تحويل الثورة لذكرى أليمة ويحولنا لعبرة لأي شعب في المنطقة يفكر يخرج على الدور المرسوم مسبقا" وتلك الفجيعة الكبرى لو تعلمين يا درة. لكنه لن يستطيع يا درة! وفي السياق ذاته يكتب الصديق النور حمد وألخص ما يجري في عبارات قصيرة. إذ يقول "أصبح الفساد نشاطًا مؤسسيًا، بنيويًا، لا انفصام له عن جسد منظومة حكم عمر البشير تملك القوات المسلحة وجهاز الأمن وقوات الدعم السريع، حاليًا، أعمالا تجارية بالغة الضخامة. ولعل كل الصراع الذي جرى لتقوية قبضة العسكريين على مفاصل السلطة، وإضعاف سلطة المدنيين، عبر مسلسل المفاوضات الطويل المرهق، إنما وقف وراءه الخوف على الإمبراطوريات الاقتصادية التي أنشأها العسكريون، وذاقوا ثمارها عقودا. لذلك، لن تكون إعادة الأمور إلى ما كانت عليه الدولة السودانية عقب الاستقلال سهلة وميسورة، أي خضوع ميزانية الجيش لسلطة البرلمان، وخضوع إنفاق الجيش للرقابة من أجهزة الدولة المالية والرقابية. وكذلك، منع من هم في خدمة الدولة، من العسكريين والمدنيين، من مزاولة الأعمال التجارية بأي صيغةٍ، إلا بعد الخروج من خدمة الدولة. وبطبيعة الحال، هناك جيوش كثيرة في العالم تمارس أنشطة اقتصادية؛ منها ما يجري في ظل نظام ديمقراطي شفاف، يضع أنشطة الجيش تحت سمع الدولة وبصرها، ومنها ما يجري في ظل أنظمة شمولية فاسدة، فالمهم هو الشفافية والرقابة ووضع الضوابط المحكمة التي تمنع الانزلاق في دوامات الفساد المؤسسي " ليت هذا يحدث يا صديقي!! أنا لست متفائلا، هل أنت معي؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.