قال أرسطو ان أعوان السلطان شر لا بد منه، لكن الفساد جرثومة تنتقل من الكبار الي الصغار لأن الصغار يعرفون الكثير عن عورات الكبار والناس علي دين ملوكهم، فقد أصبحت الرشوة حقا معلوما كالسمسرة يعرف بالاكرامية وخارج نفسك، وفي كل مؤسسة مافيا تتكون من وسطاء من داخل الموسسة ومن خارجها والمصالح الخاصة كالتيس يعرف ان الأنثي الشبقة تحرك ذنبها، وشهداء الذور أمام المحاكم في انتظار الزبائن، وكان وزراء الكيزان بالصبح وزراء وبعد الظهر تجار ولكل وزير شركة تعمل في ظل وزارته، واعترف عبد الحليم المتعافي محافظ الخرطوم بأن لديه بزنس، واتضح من قضية رفعها مواطن ضد احدى وكالات التخديم بالخارج أن الوكالة تخص الأمين العام لشئون السودانيين العاملين بالخارج، والوزراء في أميركا يرشحهم الرئيس ويصادق عليهم الكونقرس بعد استجواب علني أمام وسائل الاعلام يتناول ماضيهم وحاضرهم وما يملكون وما يكتنزون، ويعتذر بعض المرشحين اما أن يكون في ماضيهم ما يشين واما لأنهم لا يستطيعون التضحة بمصالحهم الخاصة والتفرغ للعمل العام، وحتي عهد الكيزان كان ولاء الموظف لوظيفته، ولا يحترم الموظف وظيفته ويتمسك بها الا اذا كانت تحقق له حد الكفاية والحياة الكريمة والأمان من ذل الحاجة والخوف من المستقبل، وكان الحد الأدني للأجور في عهد الاستعمار البريطاني تلت للطعام وتلت للسكن وتلت للترفيه والمصروفات غير المنظورة التزاما بقوانين العمل الدولية والحق في العمل حق طبيعي كالحق في الحياة وكان العلاج والتعليم مجانا، وكانت أسرة الموظف طرفا في العلاقة بين الموظف والدولة بدليل أن عقوبة الفصل من الخدمة تعادل عقوبة الاعدام في القانون الجنائي ولا توقعها الا محكمة ادارية كبرى تتكون من ثلاثة أعضاء من القيادات الادارية وتخضع قراراتها للقضاء الطبيعي بعد استنفاد التظلمات الادارية، ولا تكون العلاقة بين الموظف والدولة علاقة طبيعية الا اذا بنيت علي الأجر والامتيازات مقابل العمل بدون أى اعتبارات سياسية. الفوضي المالية والادارية: للمال العام قي لائحة الاجراءات المالية مداخل ومخارج يتتبعها المراجع كما يتتبع القصاص آثار اللص، فالمختلسون لصوص أغبياء لأنهم يتركون خلفهم آثارا تدل عليهم، أما اللصوص الأذكياء أتعابهم مضمنة في الفواتير والشيكات وتصرف لهم خلسة من العميل عدا نقدا، والاختلاسات دليل علي وجود عيوب هيكلية في النظام البيروقراطي، والبيروقراطية لا تروق للسياسيين ويقولون فيها ما قاله مالك ي الخمر وأكثر ويحاولون التحايل عليها والتحرر منها، ولا بديل للنظام سوى الفوضي المالية والادارية. ديوان الحسابات: ألغي الكيزان ديوان الحسابات بوزارة المالية لصالح نقابة المنشأ، فقد كانت وزارة المالية تتولي الرقابة علي المال العام ذاتيا عن طريق ديوان الحسابات الذى كان محاسب الحكومة أينما كانت ميزانية وايرادات ومصروفات منذ التركية الأولي وحكومة غردون والحاكم العام، وكان المراقب المالي مسئولا مسئولية شخصية أمام ديوان الحسابات وديوان المراجع العام عن الالتزام بتفعيل لائحة الاجراءات المالية وقفل الحسابات في التاريخ الذى تحدده اللائحة وتسليم الحساب الختامي لديوان المراجع العام وديوان الحسابات، ويعني ذلك الفصل بين السلطة المالية والسلطة الادارية، وأصبح لكل وحدة حكومية جهازا حسابيا مستقلا عن وزارة المالية، وكان كشف التنقلات الذى يصدره ديوان الحسابات سنويا يساعد علي تفادى العجز والتحجر والجمود والفساد والعلاقات غير المشروعة داخل الوحدة وخارجها، كما كان عشرات المحاسبين المستحقين للترقي في نظام الزون يتنافسون علي وظيفة شاغرة في العاصمة والأقاليم فأصبحت الترقية تلقائية متي ما شغرت وظيفة أعلي بسبب التقاعد أو الاستقالة أو وفاة شاغل الوظيفة. الميزانية المقترحة: كانت ادرة شئون العاملين تتحمل مسئولية اعداد الفصل الأول مرتبات علي أساس جملة الاعتماد المطلوب لكل عامل وموظف زائدا العلاوة السنوية المستحة، وكان كشف الوظائف الذى كان يعرف بالنومرل رو جزءا من الميزانية المقترحة ويثضمن اسم الموظف أو العامل والمرتب الحالي وتاريخ آخر علاوة وتاريخ العلاوة القادمة والزيادة المستحقة بسبب العلاوة السنوية في السنة الجديدة، فلم يكن من الممكن وجود وظائف وهمية لأن كشف الوظائف المصدق في الميزانية يتطابق مع كشوفات الماهيات أمام الصراف، وقد تكون الوظائف الوهمية ممكنة في بند محاربة الجراد بوقاية النباتات، وكانت الادارة المالية مسئولة عن اعداد الفصل الثاني خدمات علي أساس متوسط المنصرف الحقيقي خلال السنوات الثلاثة الأخيرة والفصل الثالث تجديدات والفصل الرابع تنمية علي أساس الفواتير المبدئية، وألغي هذا النظام بسبب ارتفاع معدلات التضخم فقد كانت الأسعار تزيد كل يوم بسبب الزيادة في أسعار الدولار الحر والدولار الجمركي والرسوم الجمركية لتمويل سياسة الحرب والتمكين، فأصبحت الميزانية المقترحة والمصدقة تبني علي تقديرات عشوائية وتتحول الي حبر علي ورق قبل حلول السنة المالية. المحسوبية واستقلال النفوذ: المحسوبية شكل من أشكال اللصوصية تطل برأسها في حافلات النقل الجماعي بالوحدات الحكومية ونشاهدها ونسمعها في السحنات واللهجات فقد تحولت بعض الوحدات الحكومية الي مستعمرات قبلية، والوظيفة العامة أعباء ومسئوليات وتروس في الآلة التي تعرف بالدولة فكيف تقوم الآلة بدورها علي الوجه المطلوب بتروس مغشوشة، فكل وظيفة تحتاج لمؤهلات أكاديمية ومواهب وقدرات طبيعية يحكمها قانون العرض والطلبة والمنافسة الحرة، وكان قانون العمل يحرم علي القطاعين العام والخاص استيعاب أى شخص مالم يكن مسجلا بمكتب العمل ويشمل ذلك خدم المنازل، وجاء في خبر نشرته احدى الصحف ان طاقم المكتب التنفيذى في احدى الوحدات الحكومية كله بنات من قرية الوزير، وكان القانون يسمح للوزير اختيار سكرتيره الخاص أما طاقم مكتبه التنفيذى فيعينه الوكيل من موظفي الوزارة، وفي غياب مكاتب العمل لا يمكن الثقة بنسب البطالة التي تعلنها مصلحة العمل. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. //////////////////// ////////////////////