لم أرغب في التعليق على محاولة إغتيال رئيس الوزراء دكتور حمدوك لإعتبارات عديدة. . أهمها أن مثل هذه الأحداث التي تنطوي على الكثير من المغالطات لا تستهويني إطلاقاً. . فهناك من سيظل يررد أنها مسرحية سيئة الإخراج. . وهناك من رأَوا أنها وقعت حقيقة، وأن أعداء الوطن والإنسانية هم من دبروا لها. . وما زلت عند رأيي بعدم الإفتاء في أمر ستكشفه الأيام، ويفترض أن توضح كل أبعاده الأجهزة المعنية ولجان تحقيقها إن كان لدينا أجهزة (تعرف شغلها) وترغب في القيام به. . لكن ما دعاني لهذه الإشارات العابرة أمرين إثنين. . الأول هو ذلك التداول الكثيف لخطاب زوجة رئيس الوزراء، والتعليقات العاطفية التي طلعتها أسفل الخطاب. . غض النظر عن صحة المحاولة من عدمها فقد أفرطت الدكتورة زوجة رئيس الوزراء الإطراء على بعلها. . لست ممن يرفضون فكرة أن تقول أي زوجة ما يحلو لها من كلام جميل في حق زوجها. . لكن عندما يكون الزوج رئيساً لوزراء حكومة ثورة تمر بمنعطفات عديدة وتواجه أزمات بالجملة يصبح مثل هذا الخطاب (في نظري على الأقل) اهداراً للوقت والطاقات فيما لا يفيد. . ليس لدينا وقتاً ولا مزاجاً للأحاديث العاطفية في مثل هذا الوقت. . كما أن حديث السيدة منى لم يخل من التناقض. . فهي تارة تقول أنه رفض المنصب بشدة ولم يذعن للطلب إلا تحت الضغط الشديد. . ثم تعود وتقول أن حمدوك ليس أغلى على البلد من الشباب الذين ضحوا بحيواتهم من أجل القضية. . ومن ينظر للأمر من هذه الزواية بالطبع ما كان له أن يرفض التكليف ولو لثانية واحدة. . لن أظلمه وأقول أنه اتخذ هذا الموقف أو ذاك، لكنني فقط أذكر زوجته بالتناقض في كلماتها. . ما أزعجني هو التعامل العاطفي مع الرواية وكأن الناس قد نسوا أن شباباً كالورد قُتلوا بالمئات من أجل أن تتشكل حكومة ثورة يرأسها حمدوك. . أتفهم تعاطف البعض مع رئيس وزراء الحكومة سواءً اتفقنا أو اختلفنا مع ما يقوم به من عمل، لكن الإنشغال المفرط بمثل هذه الأمور يحرفنا عن المسار الصحيح. . وإن سمحنا لعواطفنا أن تقودنا مجدداً فكأنك يا زيد ما غزيت. . سنعود لنفس المربع القديم، وسنمرر الكثير من الأمور التي يمكن أن تخمد جذوة الثورة دون شعور منا. . لاحظوا مثلاً لخبر كالذي يقول أن السفير السعودي إلتقى بمقر إقامته برجال الإدارات الأهلية في شرقنا الحبيب. . لم تستوقفني بالطبع عبارات السفير من شاكلة أن شرق السودان في قلوبهم كسعوديين. . لكن ما وقفت عنده هو السؤال: لماذا يلتقيهم أصلاً؟ . ألا يعتبر مثل هذا التصرف تدخلاً سافراً في شئوننا الداخلية!! . فلماذا تسمح حكومة الثورة لسفراء الدول الأخرى بممارسة أنشطة هي أبعد ما تكون عن مهامهم الدبلوماسية التي أتوا من أجلها!! . هل تتوقع حكومتنا أن يتصرف سفيرها في الرياض على هذا النحو فتقبل حكومة المملكة بكل رحابة صدر وتتداول الصحف (بكل بلاهة) الخبر وكأنه أمر عادي ومُستحب!! . هذا الخنوع والتساهل والتواطؤ من حكومة الثورة لم يعد مقبولاً. . وحتى عندما نتناول محاولة الإغتيال بدلاً من ترديد عبارة " حمدوك في قلوبنا" يفترض أن نسأله: لماذا تساهلتم مع أعداء الوطن بهذا الشكل طوال الأشهر الماضية، وما الذي منعكم من تولي مهامكم في مراجعة عمل وتعيين وزير داخلية يحفظ للبلد أمنها، بالرغم من أن الوثيقة الدستورية منحتكم هذا الحق!! . تعجبت كثيراً لجرأة وزير الإعلام حين قال" طالبنا مراراً بهيكلة القوات الأمنية"!! . وتساءلت في نفسي حينها ( لماذا لم تُهيكل يا فيصل الأجهزة الإعلامية)!! . فلو فعلت منذ يوم توليك الوزارة لما كانت بك حاجة للتعليق على محاولة إغتيال، لأن الفئران كانت ستدخل جحورها منذ أمد بعيد. . لكن تهاونكم في الإعلام والمالية والإقتصاد والأمن هو ما فتح المجال لمثل هذا العبث. . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.