في الجزء الثالث من هذا المقال نواصل مع دكتورة دمبيسا حيث تقول في كتابها مساعدات ميتة.... منذ الأربعينات من القرن الماضي، تم تحويل ما يقرب من تريليون دولار من المساعدات من الدول الغنية إلى أفريقيا. هذا يعادل قرابة 1000 دولار لكل شخص على هذا الكوكب. ولكن، هل المساعدات مجدية؟ في مواجهة الادلة المتزايدة على أن المساعدات لم تنجح، يقول مؤيدو المساعدات إنها ستنجح، وقد نجحت، عند تنفيذها في بيئة سياسات جيدة، أي البلدان ذات السياسات المالية والنقدية والتجارية السليمة. بعبارة أخرى، المساعدات تحقق نتائج مفيدة إذا كانت شؤون الدولة تسير بشكل صحيح. سرعان ما تلقف المانحون وجهة النظر هذه وسارعوا إلى وضعها موضع التنفيذ. ولم يمض وقت طويل قبل أن يخلصوا إلى نتيجة واضحة مفادها أن البلدان التي لديها سياسات جيدة، تميل لإحراز تقدم بدون مساعدات، وأن المستهدف الرئيسي بالمساعدات هي البلدان ذات السياسات السيئة. ولكن، بدون إجراء تحسينات، فإن المساعدات قد تحيل بيئة السياسات الجيدة إلى سيئة، وبيئة السياسات السيئة إلى أسوأ. وجادل مؤيدو المساعدات مرة أخرى بأنها ستجدي نفعاً عندما تستهدف الديمقراطية، لأن البيئة الديمقراطية فقط هي التي يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي. فالديمقراطية تحمي حقوق الملكية، وتضمن الضوابط والتوازنات، وتدافع عن حرية الصحافة. كما أنها تمنح نسبة أكبر من السكان إمكانية الوصول إلى عملية صنع القرار السياسي، وهذا بدوره يضمن إنفاذ العقود من خلال قضاء مستقل. إن الديمقراطية تضمن حماية الأعمال التجارية، مهما كانت صغيرة، في ظل حكم القانون. وأيضاً توفر للفقراء والمحرومين الفرصة لتصحيح أي توزيع غير عادل للسلطة والثروة. في جوهرها، تولد الديمقراطية السلام، وتقدم شكلاً من أشكال الاستقرار السياسي، وهو ما يجعلها مقدمة للنمو الاقتصادي. بناءاً على ذلك، ينظر إلى الديمقراطية على أنها المخلص الاقتصادي لافريقيا: فهي تمحو الفساد، والمحسوبية الاقتصادية وعدم المنافسة العادلة والتكافؤ، وتزيل نهائياً قدرة المسؤولين على الاستيلاء على الثروة بطرق ملتوية. تنتهج الديمقراطيات سياسات اقتصادية أكثر إنصافاً وشفافية، سياسات تفضي إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى البعيد. لكن، على الرغم من أن الجوانب الإيجابية المحتملة للديمقراطية قد هيمنت على الخطاب (وسياسة المساعدات)، فقد اختار المانحون الغربيون وصناع القرار بشكل اساسي تجاهل احتجاجات اولئك الذين يجادلون بأن الديمقراطية، في المراحل الأولى من التنمية، غير ذات صلة، بل قد تكون ضارة. الحقيقة غير المريحة هي أنه يمكن للديمقراطية أن تعرقل التنمية حيث تجد الانظمة الديمقراطية صعوبة في تمرير تشريعات مفيدة اقتصادياً وسط الاحزاب المتنافسة والمصالح المتضاربة. في العالم المثالي، ما تحتاجه البلدان الفقيرة التي تقبع في أدنى درجات التنمية الاقتصادية ليس ديمقراطية متعددة الاحزاب، بل دكتاتور صالح وحاسم يتبنى الاصلاحات المطلوبة لتحريك الاقتصاد. إن العقلية الغربية تساوي بالخطأ بين النظام السياسي للديمقراطية متعددة الأحزاب والمؤسسات عالية الجودة (سيادة حكم القانون، واحترام حقوق الملكية، واستقلال القضاء، إلخ). فالاثنين ليسا مترادفين. على المرء فقط أن ينظر إلى تاريخ الاقتصادات الآسيوية (الصين وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وتايوان وتايلاند) ليرى كيف يتم إثبات ذلك. وحتى خارج آسيا، فإن تشيلي وبيرو هما مثالان للنجاح الاقتصادي في الأراضي المحرومة من الديمقراطية. وسبب هذا النجاح هو أن الطغاة الذين حكموا هذه الدول تمكنوا من ضمان بعض مظاهر حقوق الملكية، ومؤسسات تعمل بشكل جيد وسياسات اقتصادية تعزز النمو، ومناخ استثمار يدعم النمو – إنها الاشياء التي تعد الديمقراطية بفعلها. هذا لا يعني أن تلك الدول كانت في ذاك الوقت مكاناً رائعاً للعيش فيه، ولكنه يثبت أن الديمقراطية ليس الطريق الوحيد للانتصار الاقتصادي. الشيئ الواضح هو أن الديمقراطية ليست شرطاً مسبق لتحقيق النمو الاقتصادي كما ظل يؤكده مؤيدو المساعدات. على العكس من ذلك، فإن النمو الاقتصادي هو الشرط الأساسي للديمقراطية. والشيئ الوحيد الذي لا يحتاجه النمو الاقتصادي هو المساعدات. لا أحد ينكر أن للديمقراطية قيمة حاسمة – ولكنها مسألة توقيت. ففي المراحل الأولى من التنمية، لا يهم الأسرة الأفريقية الجائعة ما إذا كان يمكنها التصويت أم لا. إنها قد تهتم بذلك لاحقاً، لكنها أولاً تحتاج إلى الغذاء اليوم، وهذا يتطلب اقتصاداً ينمو. فاعلية المساعدات: مفارقات الاقتصاد الكلي والجزئي فالنفرض أن هناك صانع ناموسيات، يصنع حوالي 500 ناموسية في الأسبوع، ويعمل معه عشرة اشخاص، كل واحد منهم يعول ما يزيد عن خمسة عشر من الأقارب. ولكن إنتاجهم من الناموسيات لا يكفي لمكافحة البعوض الناقل للملاريا. ثم تدخل نجم صاخب من هوليوود وحشد الجماهير وحث الحكومات الغربية على جمع وإرسال 100 ألف ناموسية إلى المنطقة المنكوبة في أفريقا، بتكلفة مليون دولار. ثم وصلت الناموسيات وتم توزيعها، وإكتمل عمل الخير بنجاح. المشكلة هي أنه مع إغراق السوق بالناموسيات المستوردة، توقف عمل صانع الناموسيات الأفريقي البسيط على الفور. ولم يعد بإمكان عماله العشرة إعالة أقاربائهم البالغ عددهم 150 شخصاً، مما يضطرهم جميعاً الآن للإعتماد على الصدقات. ولا يجب أن ننسى أنه في غضون خمس سنوات كحد أقصى، ستتمزق غالبية الناموسيات المستوردة وتصبح دون فائدة. هذه هي مفارقات الاقتصاد الكلي والجزئي. فالتدخل الهادف قصير الأجل قد تكون له فوائد محدودة. ولكن الشيئ الأسوأ هو أنه يمكن أن يقوض دون قصد أي فرصة للتنمية المستدامة وإن كانت هشة. في جميع الحالات تقريباً، فإن تقييم تأثير المساعدات على المدى القريب، يعطي إنطباعاً خاطئاً على نجاح هذه المساعدات. ولكن هذه التقييمات نادراً ما تكون ذات فائدة عند محاولة معالجة مشاكل أفريقيا طويلة الأجل. لأن فاعلية المساعدات ينبغي قياسها حسب مساهمتها في النمو المستدام بعيد المدى، ومدى إخراجها لأكبر عدد من الناس من دائرة الفقر بطريقة مستدامة. وعند النظر إليها من هذه الزاوية، يتبين أن المساعدات عديمة الجدوى. تشير التقديرات إلى أن المساعدات التي ضختها الولاياتالمتحدة في دولة واحدة فقط، هي كوريا الجنوبية بين عامي 1950-1980، تعادل مجموع المساعدات المقدمة لكل ال53 دولة أفريقية بين عامي 1957-1990. ويقول البعض إن هذا هو نوع المساعدات المالية التي تحتاجها أفريقيا. يجادل المدافعون عن المساعدات بأن المساعدات ستجدي نفعاً، وأن المشكلة تكمن في أن الدول الغنية لم تقدم ما يكفي منها. ويقولون إنه من خلال تقديم حزمة كبيرة من المساعدات الموجهة للاستثمارات الرئيسية، يمكن لأفريقيا أن تخرج من فخ الفقر. وعلى هذا النحو فإن ما تحتاجه أفريقيا هو المزيد من المساعدات، بكميات ضخمة. عندها فقط ستبدأ الأمور بالتحسن حقاً. في عام 2000، وقعت 189 دولة على الأهداف الإنمائية للألفية. ويستهدف البرنامج المكون من ثمانية اهداف الصحة والتعليم والحفاظ على البيئة و الحد من وفيات الأطفال وتخفيف حدة الفقر والجوع. وفي عام 2005، تم تقدير تكلفة البرنامج بقيمة 130 مليار دولار في السنة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في عدد من البلدان. وبعد عامين من التعهد بالأهداف الإنمائية، عقدت الأممالمتحدة مؤتمراً دولياً بشأن توفير التمويل للتنمية، حيث تعهد المانحون بزيادة مساهماتهم بمقدار 200 مليار دولار إضافي سنوياً، اعتقاداً منهم بأن هذا المبلغ سيعالج أخيراً مشاكل أفريقيا المستمرة. ولكن أصحاب نظرية تقديم دفعة ضخمة من المساعدات تجاهلوا إحدى المشكلات الأساسية، فبجانب أن معظم تعهدات المانحين لم يتم الإلتزام بها، هناك أيضاً مشكلة أن المساعدات يمكن تغيير اتجاهها، حيث يمكن بسهولة تحويل الأموال المخصصة لغرض ما إلى هدف آخر، ليس ذلك فحسب، وإنما أيضاً إلى أجندات قد تكون عديمة الجدوى، هذا إن لم تكون ضارة بالنمو. وقد أقر انصار المساعدات أنفسهم بأن أموال المساعدات غير المقيدة تواجه دائماً مخاطر استهلاكها علناً بدلاً عن استثمارها، وتذهب إلى الجيوب الخاصة بدلاً عن الخزانة العامة. وعندما يحدث هذا، وهو الذي ظل يحدث في كثير من الأحيان، لا يتم فرض أي عقوبات حقيقية. لذا، فإن المزيد من المساعدات تعني المزيد من الكسب غير المشروع. احد الجوانب الأكثر إحباطاً لفشل سياسة المساعدات، هو أن المانحين وصانعي السياسات والحكومات والأكاديميين والاقتصاديين والمتخصصين في التنمية يعرفون، في قرارة أنفسهم، أن المساعدات لم تجدي نفعاً، ولن تجدي نفعاً. وكما علق على ذلك كبير الاقتصاديين في وزارة التجارة والصناعة البريطانية "أنهم يعلمون أنها هراء، ولكنها تحقق لهم أهدافهم". أظهرت العديد من الدراسات التي قام بها المانحون أنفسهم، أنه بعد عدة عقود وملايين الدولارات، لم يكن للمساعدات أي تاثير ملموس على التنمية. وتشير البيانات إلى أنه مع زيادة المساعدات بمرور الوقت، انخفض النمو في أفريقيا وصاحبه ارتفاع في معدلات الفقر. وعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية، حققت معظم البلدان التي تعتمد على المساعدات معدلات نمو بلغت في المتوسط سالب 0.2% سنوياً. بالنسبة لمعظم البلدان، كانت النتيجة المباشرة للتدخل بالمساعدات هي الإنحدار الدراماتيكي نحو الفقر. فبين عامي 1970-1998، عندما كانت تدفقات المساعدات إلى أفريقيا في ذروتها، إرتفع معدل الفقر في افريقيا من 11% إلى 66%. وهذا يعني أن يما يقرب من 600 مليون من سكان أفريقيا البالغ عدد مليار شخص محاصرون في مستنقع الفقر، إنه رقم صادم حقاً. إذن لدينا: ستون عاماً، وأكثر من تريليون دولار من المساعدات لأفريقيا، وليس هناك الكثير من النتائج الجيدة التي يتم إظهارها مقابل ذلك. المشكلة هي أن المساعدات ليست حميدة، إنها خبيثة، إنها لم تعد جزءاً من الحل، بل صارت جزءاً من المشكلة، في الحقيقة المساعدات هي المشكلة. القاتل الصامت للنمو في عام 2004، إشتكى المبعوث البريطاني إلى كينيا، السير إدوارد كلاي، من الفساد المستشري في كينيا، وعلق قائلاً إن "الوزراء الكينيين الفاسدين يأكلون بشراهة ويتقيأون على أحذية المانحين". وفي فبراير 2005، تم حثه على تقديم إعتذار علني عن تصريحاته نظراً للإضطراب السياسي الذي سببته، فإعتذر قائلاً إنه يأسف للإعتدال في لغته، وللتقليل في حجم النهب، ولفشله في الحديث عن ذلك منذ وقت مبكر. إذا كان في ذهن العالم صورة واحدة لرجال الدولة الأفارقة، فهي صورة فساد هائل واسع النطاق. فلا يكاد يوجد أي قائد أفريقي لم يتوشح بالذهب، ويستولى على الأراضي، ويسلم الشركات الحكومية إلى الأقارب والأصدقاء، ويحول المليارات إلى حسابات في بنوك أجنبية، ويعامل بلاده على أنها ماكينة نقد عملاقة خاصة به. إن قائمة الممارسات الفاسدة في افريقيا تكاد لا تنتهي. ولكن الأمر المهم ليس هو وجود الفساد في أفريقيا، وإنما هو أن المساعدات هي أحد أعظم مسبباتها. وهذا لا يعني عدم وجود أسباب أخرى للفساد. فهناك أيضاً الموارد الطبيعية، حيث كانت المكاسب غير المتوقعة للموارد الطبيعية، مثل النفط، تميل لأن تكون نقمة أكثر منها نعمة. تماماً مثل المساعدات، كانت هذه المكاسب عرضة للسرقة، و وفرت عملياً فرصاً غير محدودة لتراكم ثروات الأشخاص والتعظيم الذاتي. إن الفارق الجوهري بين المساعدات الخارجية والموارد الطبيعية هو، بالطبع، أن المساعدات هي سياسة نشطة ومدروسة تهدف إلى التنمية. وفي حين ليس للبلدان خيار في أن يكون لديهم موارد طبيعية أم لا، إلا أن لهم الخيار بالطبع في كيفية التعامل مع المكاسب غير المتوقعة من الموارد الطبيعية. ومع تزايد الضغط من أجل مزيداً من الشفافية في قطاعات النفط والغاز والتعدين، من منظمات مثل مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، باتت أيام النهب والفساد الصارخ في هذه القطاعات معدودة بالتأكيد. ولكن فيما يتعلق بالمساعدات، لا يزال المانحون يواصلون الجلوس في غرف مكيفة في الغرب ويحددون المصير الماساوي للبلدان التي يسعون ظاهرياً إلى مساعدتها. الحلقة المفرغة للمساعدات بدعم من المساعدات، أدى الفساد إلى تعزيز الفساد، وإنحدرت الدول بسرعة إلى حلقة مفرغة من المساعدات. فالمساعدات الخارجية تدعم الحكومات الفاسدة، وتزودهم بأموال يمكن استخدامها بحرية. حيث تقوم هذه الحكومات الفاسدة بالتدخل في سيادة حكم القانون وعرقلة إنشاء مؤسسات مدنية شفافة وحماية الحريات المدنية، مما يجعل الاستثمار المحلي والأجنبي في هذه البلدان الفقيرة غير جاذب. ويؤدي زيادة التعتيم وقلة الاستثمار إلى الحد من النمو الاقتصادي، وهو ما يؤدي إلى تقليل فرص العمل وزيادة مستويات الفقر. واستجابة للفقر المتزايد، يقدم المانحون المزيد من المساعدات، الأمر الذي يؤدي إلى استمرار دوامة الفقر. هذه هي الحلقة المفرغة للمساعدات. الحلقة التي تخنق الاستثمارت الضرورية، وتغرس ثقافة التبعية، وتسهل الفساد الممنهج، وكل ذلك له عواقب وخيمة على النمو. هذه الحلقة، في الواقع، تديم التخلف وتضمن الفشل الاقتصادي في البلدان الفقيرة التي تعتمد على المساعدات. الفساد والنمو في نهاية المطاف، يتمثل هدف أفريقيا في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وطويل الأجل، وتخفيف حدة الفقر. ولا يمكن أن يحدث هذا في بيئة ينتشر فيها الفساد. هناك بالطبع عدد من الطرق يمكن من خلالها للفساد إعاقة النمو. في سياق الفساد الهائل وعدم اليقين، سيقل عدد رواد الأعمال (محليين وأجانب) الذين يخاطرون بالاستثمار في البلاد، وقلة الاستثمار تقتل النمو. أيضاً تريدنا وكالات التنمية أن نصدق أن المساعدات تسهم في بناء خدمة مدنية دائمة وقوية وذات مصداقية. ويقول البنك الدولي إن الدول الغنية، ومن خلال تقديم المزيد من المساعدات، فهي تساهم في محاربة الفساد. حيث أنه بفضل المساعدات، يمكن للحكومات الفقيرة دفع تكاليف التدريب على الأخلاقيات، وزيادة رواتب موظفي القطاع العام (الشرطة والقضاة والأطباء والموظفين وغيرهم)، وبالتالي الحد من الحاجة إلى الفساد. علاوة على ذلك، ستجذب زيادة الرواتب موظفين أكفاء ومؤهلين إلى الخدمة المدنية. للأسف، فإن الأموال غير المقيدة (السايبة) تتآكل بسرعة وتؤدي لسوء تخصيص المواهب. في البيئة التي تعتمد على المساعدات، فإن المواهب، وهم الكفاءات الأفضل تعليماً واصحاب المبادئ والذين يجب ان يبنوا أساس الإزدهار الاقتصادي، يصبحون عديمي المبادئ ويتحولون من العمل المثمر إلى أنشطة شائنة تقوض آفاق النمو في البلاد. أما الذين يتمسكون بمبادئهم، فيتم إبعادهم، إما إلى القطاع الخاص أو إلى خارج البلاد، تاركين من خلفهم مناصب شاغرة يشغلها من هم اقل كفاءة، وأكثر قابلية للتماشي مع الفساد. وأيضاً، يستهدف الفساد العقود العامة. حيث أنه في هذه البيئات، فإن العقود التي ينبغي أن تمنح لمن يقدم أفضل الشروط، يتم منحها لأولئك الذين يتمثل هدفهم الرئيسي في تحويل أكبر قدر من الأموال إلى جيوبهم الخاصة. ما يترتب على ذلك هو انخفاض جودة مشاريع البنية التحتية، وضعف الخدمات العامة، وكله على حساب النمو. وبالمثل، فإن تخصيص الإنفاق الحكومي سيتعرض للتلاعب، حيث أن المسؤولين الفاسدين من المرجح أن يختاروا المشاريع ليس بناءاً على مصلحة الشعب وإنما وفقاً لحجم الرشاوى والأموال التي سيحولوها إلى مصلحتهم الشخصية. وكلما كبر المشروع، كلما زادت فرص النهب. وتعتبر المشاريع التي يصعب رصد قيمتها بدقة فرصاً ثمينة للمفسدين، لأنه من السهل عليهم سرقة الأموال منها. نواصل،،، ترجمة معز محمد نور عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.