أن تجربة الثورة الاسلامية في ايران لم تبحث حتي الان بعمق وشمول.. ولاتوجد دراسة جادة عن التحولات العميقة التي احدثتها في المجتمع الايراني خلال اربعين عاما..وبالطبع لايجدي مثل هذا العمل الا بدراسة مقارنه تدرس ايران ماقبل الثورة وايران ما بعدها لقد صوب الجميع اهتمامهم علي التجربة في ايران كل حسب زاوية نظره ومايليه من التجربة فهناك من اهتم بالبعد الديني و العقائدي (مع أو ضد)بإعتباره منبع إلهام الثورة وقاعدة انطلاق تصوراتها ومبادئها..وهنالك من صوب اهتمامه علي السياسة الخارجية للثورة الوليدة بأعتبارها ثيرمومتر ترتيب الأوراق في المنطقة المتخمة والمتشابكة بالاجندة والتدخلات.. كل ذلك وضع في الاعتبار..ولكن تم اهمال جانب هام وحيوي يتعلق بالاثر الفكري والثقافي الذي احدثته الثورة علي مدي مايزيد عن اربع عقود في المنطقة وفي داخل إيران أيضا اذا ما اضفنا الأثر الاجتماعي للعاملين السابقين الفكري والثقافي ..وفي هذا التجاهل للتأثير يتساوي المؤيدون و المحتفون بالتجربة غفلة وعدم انتباه مع خصومها الذين يسعون لوأد التجربة ويصرون علي الطرق علي القضايا التي تسقطها وتشوهها حتي لاتصبح تجربة ملهمة و نموذجا يقتدي و يحتذى والمحتفون لاينظرون للتجربة بكلياتها ويجتزئون مايلبي رغباتهم و اهتماماتهم المحدودة و القاصرة..ففي التجربة بخبراتها العملية المتطاولة ومعاركها المتعددة المجالات والاتجاهات اجابات لكل متاهاتنا الفكرية التي تعتقد ان اوكازيون الافكار الالتقاطية المفتوح يمكن ان يكون بديلا عن الفكر الاسلامي الاصيل الرصين..الذي اثبت بالتجربة العملية انه قادر علي الخوض فى منطق الصراع سواء في الافكار المجردة او التجربة العملية...فهو لايحتاج لفسيفساء من شتات أفكار لايجمعها ناظم لتدبر امره وتدير شأنه. جاءت الثورة الإسلامية وإيران الشاه كانت مجرد قاطرة من ضمن قاطرات كثر تجرها عربة الاستكبار والتبعية البغيضة..وجاءت الثورة وقررت أن تنفصل قاطرتها عن بقيه قاطرات التبعية هذه..وان تصبح هي العربة التي تقود وتتقدم الركب ولا تنقاد..وأدركت من الوهلة الأولي إن هذه المفاصلة والمباينة لها ثمنها الذي ينبغي أن تدفعه..وحتي تدفعه ينبغي لها أن تعد لهذا الثمن عدته وادواته..فالمعركة طويلة والطريق وعر و شاق وقاس..فلا ينبغي لها ان تسقط في منتصف الطريق وتكتفي فقط بأجر المحاولة للوقوف عكس تيار الاستسلام والتبعية والخضوع ..وتصبح شهيدة المحاولة للخروج من الطريق المرسوم و المعتاد والمألوف..وتسجل في سجلات التاريخ بهذا الوصف والرسم..لم تفعل ذلك ولا ينبغي لها ذلك..فقد وضعت علي عاتقها أن تكون من صناع التاريخ وتضع بصمتها عليه وأن يتوقف عندها المؤرخون وكتاب السير..فكان لها ما ارادت ..فكل التغيرات والانعطافات الكبري التي حدثت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين كانت للثورة الاسلامية فيها حضورا باذخت واثرا بالغا ..وتحملت في سبيل ذلك ماتنوء به الجبال الراسيات.. حتي أصبحت رقما يعمل له ألف حساب في صراع التحالفات ورسم الخطط الاستراتيجية لحاضر ومستقبل المنطقة . لقد اخذت إيران بالاسباب وجودت صنعتها وحذقتها وادركت منطق عصرها فأو جدت لنفسها مقعدا ماهلا وثيرا في حركة التاريخ وسننه عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.