كشفت مصادر عسكرية سودانية، أن قوات بورتسودان وحلفاءها يواجهون خطر فقدان السيطرة على مدينة الفاشر. وقالت إن قوات بورتسودان تقترب من فقدان السيطرة على آخر معاقلها في دارفور، بعد التوغل الكبير لقوات الدعم السريع داخلها واقترابها من حسم المعركة ميدانياً. وأكدت أن استعانة البرهان بالزعامات القبلية، وعلى رأسهم موسى هلال تأتي لمحاولة تشجيع بعض القبائل العربية على الانشقاق والانضمام إلى مجلس الصحوة الثوري، بهدف إضعاف صفوف الدعم السريع وتأخير سقوط المدينة. الثقب الأسود وقالت المصادر العسكرية حسب (إرم نيوز) إن الفاشر كانت بمثابة "الثقب الأسود" لقوات الدعم السريع، إذ تكبّدت خلالها خسائر كبيرة واستُهلكت مواردها، ما خفّف من وجودها في مناطق وسط السودان. وأوضحت أن سيطرة الدعم السريع على المدينة ستحرّر وحدات كبيرة من القوات من الضغط، مما يمكّنها لاحقًا من مهاجمة وسط السودان والخرطوم. ومن الناحية السياسية، أكدت المصادر أن تحرير الفاشر سيؤدي إلى توحيد جميع مناطق دارفور، وبسط الدعم السريع سيطرته على الإقليم بالكامل، ما يمنحه شرعية جغرافية كاملة بلا أي وجود لقوات بورتسودان داخلها. وأشارت إلى أن استعانة البرهان بموسى هلال وزعماء آخرين تأتي في إطار محاولات لتعطيل تقدم الدعم السريع، إذ تسعى قوات بورتسودان لكسب الوقت حتى انتهاء موسم الأمطار، ما يمنحها هامش حركة أفضل خلال موسم الجفاف لمهاجمة قوات الدعم السريع في مناطقها. لكنها حذّرت من أنه في حال تحرر الدعم السريع من الضغط وسقوط الفاشر، سيكون أول هدف له بعد ذلك غرفة العمليات الحربية في مدينة الأبيض، تليها العاصمة الخرطوم مرة أخرى. إطالة أمد الحرب من جانبه، قال الدبلوماسي السوداني السابق، صادق المقلي إن قوات الدعم السريع توغلت جداً داخل مدينة الفاشر، ولم يتبقَّ سوى محيطها ليتم تحريرها، بينما لا تزال قوات بورتسودان تحاول الصمود في مواقعها إلى أن ينتهي مخزونها من السلاح، بينما الأنظار في اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك تتجه إلى السودان، وخاصة المناطق الساخنة منها. وأضاف السفير السوداني السابق ل"إرم نيوز" أن استنجاد البرهان بالزعامات القبلية لن يغيّر شيئًا سوى إطالة أمد الحرب، مشيرًا إلى أن السودان تاريخيًا لم تشهد أي صراع يحسم عسكريًا. واعتبر أن هذه الحرب من أشرس الحروب التي مرّ بها السودان، مؤكّدًا أن "حتى اجتماع كل قبائل البلاد مع قوات بورتسودان لن يكفي لحسمها ميدانيًا". وأشار إلى أن اجتماعا واسعا جمع عدداً من الدول الأفريقية المؤثرة إلى جانب الترويكا الأوروبية، بالإضافة إلى اجتماعات الرباعية، ناقش خريطة الطريق ودعم الحل السلمي في السودان. وأضاف أن الرباعية قد تضطر في نهاية المطاف لفرض السلام بالقوة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، خاصة في ظل تورط إيران مع الإسلاميين، الأمر الذي يهدد نفوذ الغرب في البحر الأحمر ويكتسب بعدا استراتيجيا لمصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة. تحرك القبائل بينما يرى مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي، محمد علي الكيلاني أن التسجيلات التي بثها مناوي وجبريل وعبدالله بنده باللغة المحلية لقبيلة الزغاوة هي في محتواها تكشف عن استراتيجية محددة في سياق معارك الفاشر. وأضاف الكيلاني ل "إرم نيوز" أن الأهداف من وراء هذه العملية، تشير بوضوح إلى محاولة لحشد أبناء القبيلة للقتال في صفوف القوة المشتركة التي أصبحت قواتها تخسر الكثير من المعارك وكان آخرها معركة الخوي التي فقدت فيها المشتركة وحدها الآلاف وقائدها عبدالله جنا. أما الهدف الثاني، فوفقًا لما ذكره مدير المركز، فهو تحييد بعض القبائل العربية، في إطار محاولات مكشوفة من مناوي لتسهيل حركة قوات القوة المشتركة في دارفور. وأضاف أن هذه الاستراتيجية تشمل أيضًا الاعتماد على مشاركة المقاتلين التشاديين، حيث كشف عبدالله بنده، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، أن 80% من مقاتلي القوة المشتركة قادمون من تشاد، ما يعني أن مناوي يسعى لتجنيد المزيد من مقاتلي قبيلة الزغاوة بسبب الصعوبات الكبيرة التي تواجهه في الفاشر. وأوضح أن توعد جبريل إبراهيم، بالانتقام لقتلى حركته في معارك الفاشر، إلى جانب اللقاء مع موسى هلال مع قيادات المشتركة يشير إلى محاولة لتحييد القبائل العربية التي تقف سداً لمنع أي تحركات للمشتركة في المناطق الحدودية والصحراء، وأن خطوة التقرب من هلال تأتي في سياق أهداف جديدة للمشاركة في دارفور. الورقة الأخيرة من جانبه، أكد المحلل السياسي عثمان النجيمي، أن قوات التقدم السريع تقدمت في مدينة الفاشر ووصلت إلى تخوم الفرقة السادسة بوسط المدينة، ووصلت إلى مبنى الشرطة وبناء حرم جامعة الفاشر التي تحولت إلى مقر عسكري للمرتزقة العاملة مع تلك القوات. وأضاف النجيمي ل "إرم نيوز" أن السيطرة على هذا القسم هو انتصار استراتيجي جريء جدا، ما يعني أن أياما قليلة تفصل عن تحرير كامل مدينة الفاشر. وحول استنجاد البرهان بزعماء القبائل، أوضح أن هذا الاستنجاد هو محاولة للاستفادة من نفوذ موسى هلال وقوة كلمته على القبائل العربية وجلب مقاتلين منهم لدعم قوات بورتسودان وفك الحصار عن الفاشر، بمساعٍ من جهاز أمن القبائل وهو قسم يتبع لاستخبارات الجيش، مسؤوليته نشر الفتن بين القبائل كما حدث في حرب دارفور في سنوات خلت بين قبائل الزرقة "الزنوج" والعرب. وقال النجيمي إن خطة البرهان فشلت لأن حكومة تأسيس ودارفور تشمل كل قبائل دارفور وغرب السودان بما في ذلك الشرق والشمال والخرطوم نفسها، مشيراً إلى هذا الأمر و"قبلنة" العمل السياسي والحربي أي ما يعرف ب "فزعة القبائل" لن تسير كما السابق لغياب الحاضنة الشعبية سواء في دارفور أو أي منطقة في السودان. وأشار إلى أن الخطاب الذي صدر بلهجة قبيلة الزغاوة بهدف كسب تأييدها وقبائل الفاشر منها غير دقيق، مؤكدًا أن هذه القبيلة تحديدًا تقف إلى جانب الدعم السريع وقواته. وأضاف أن الطاهر حجر، عضو المجلس الرئاسي في حكومة التأسيس، وسليمان صندل، وزير الداخلية، ينتميان أيضا إلى قبيلة الزغاوة.