يقول الأستاذ زين العابدين الركابي في مقدمة كتاب لمؤلفه الباحث عبد الرحمن بن معلا اللويحق بعنوان الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة. إن تاريخ التدين وحاضره أصيبا بآفتين مهلكتين: 1- آفة الإعراض عن هدى الدين، أو التفلت منه. 2- وآفة الإيغال في الدين بغير رفق، ولا سكينة ولا اعتدال ولا لطف، إن كان ذلك في الفهم والاعتقاد أو في العمل والسلوك وهذا هو الغلو. ففي عهد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ظهر الخوارج، وكانوا عبّاداً ومجاهدين في الجملة ولكن غلوهم الاعتقادي والعملي جعلهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وقد حكموا بكفر من خالفهم واستباحوا دماء مخالفيهم. كما تطرف المعتزلة في تنزيه الله تعالى حتى قالوا بنفي الصفات- إلا قليلا- إذ قالوا :( ما قامت به الصفات فهم جسم، لأن الصفات أعراض والأعراض لا تقوم الا بالأجسام). وبالغوا في الربط بين الإيمان والعمل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي والذنوب. وقد اختلف الناس في الموقف من الغلو إلى: 1- اتجاه يدعو للغلو بحسبانه أخذاً بعزائم الدين. 2- اتجاه ينتقد الغلو بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير 3- اتجاه يدعو الى وسطية الإسلام ويدعو لمنهج الاستقامة اعتقاداً وفكراً وسلوكا. إلا أن من مخاطر محاربة الغلو اتخاذه ذريعة لمحاربة الإسلام. لذلك لا بد من التأكيد على أن الإسلام دين الوسطية، قال تعالى" وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيد". وفي التحذير من الغلو أو التقصير، يقول تعالى " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين". ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس اياكم والغلو في الدين، فانه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين". لذلك لا مكان للطرف والغلو في الإسلام. ولكن أخذت بعض الجماعات المتطرفة بتفسير الأحاديث والآيات بفهم متطرف. فالغلو نوعان: اعتقادي وعملي. فالاعتقادي كالغلو في الائمة وادعاء العصمة لهم كما هو عند الشيعة، أو الغلو في البراءة من العصاة والمذنبين وتكفيرهم. وهو أشد خطراً وأعظم ضرراً من الغلو العملي. وسببه عدم فهم القرآن، والاختلاف في تفسير القرآن بين الظاهر والباطن وبين التفسير والتأويل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم". كما أن من أوصاف المتطرفين التكفير واستحلال الدم، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان". عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.